باشر التشيليون التصويت، السبت، 15 مايو (أيار)، لاختيار أعضاء جمعية تأسيسية يتساوى فيها عدد النساء والرجال، مهمتها صوغ دستور جديد للبلاد بدلاً من القانون الأساسي الموروث من عهد النظام العسكري لأوغستو بينوشيه بين عامي 1973 و1990.
وقال كلاوديو فوينتيس، الأستاذ في كلية العلوم السياسية في جامعة "دييغو بورتاليس"، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "هذه الانتخابات ستحدد الدستور الذي سيرشدنا خلال السنوات الـ40 أو الـ50 المقبلة"، مشيراً إلى أن هذه الانتخابات هي "بالتأكيد" الأهم خلال 31 عاماً من الديمقراطية لأن "الرهان يتعلق بتشيلي جديدة".
التخلص من إرث "بينوكو"
ويفترض أن يختار الناخبون الذين يناهز عددهم 14 مليوناً، 155 من أصل 1373 مرشحاً لصوغ دستور جديد بدلاً من النص الذي أقر عام 1980، تلبيةً لأحد مطالب انتفاضة اجتماعية بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 من أجل مجتمع أكثر مساواة.
ويرى كثيرون أن تغيير القانون الأساسي الحالي الذي يحد بشدة من عمل الدولة ويعزز النشاط الخاص في جميع القطاعات، بما في ذلك التعليم والصحة وأنظمة التقاعد، يزيل عقبة أساسية أمام إصلاحات اجتماعية عميقة في بلد يعاني تفاوتاً اجتماعياً هو الأكبر بين دول أميركا اللاتينية.
وتفيد استطلاعات للرأي بأن أكثر من 60 في المئة من السكان يرون أن هذا الدستور أرسى نظاماً تستفيد منه قلة مختارة.
وقالت الموظفة كارميلا أوركويزا (62 عاماً)، التي تعيش في العاصمة سانتياغو، "يبدو الأمر كأننا بدأنا فعلاً التخلص من "بينوكو" (اللقب الذي يطلقه منتقدو بينوشيه عليه) وظله وإرثه... كل شيء".
انتخابات محلية
ورأى مارسيلو ميلا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة "سانتياغو"، أن "لدى تشيلي فرصة لتحقيق انتقالها (السياسي) الثاني"، موضحاً أن "الأمر استغرق ثلاثة عقود بسبب الميل بشدة إلى إبقاء الوضع القائم لنظام الأحزاب" التقليدية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويفترض أن يتم صوغ الدستور الجديد خلال تسعة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة فقط لمدة ثلاثة أشهر إضافية. ويفترض أن تتم الموافقة عليه أو رفضه في استفتاء التصويت فيه إلزامي عام 2022.
ويجري الاقتراع الذي تم تأجيله قبل ثلاثة أسابيع، على مدى يومين للحد من إمكان انتشار فيروس كورونا، ويشمل أيضاً انتخابات محلية لاختيار رؤساء وأعضاء بلديات، وللمرة الأولى حكام مناطق.
وتشيلي واحدة من الدول القليلة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي لم يكن لديها سلطات منتخبة للمناطق.
ويرى محللون أن هذه الانتخابات تشكل اختباراً حاسماً قبل الاقتراع الرئاسي الذي سيجري في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وهذه العملية الانتخابية هي الأولى في العالم لاختيار جمعية تأسيسية على أساس المساواة بين عدد الرجال والنساء. وهي تاريخية للبلاد أيضاً، لأنها ستشمل 17 مقعداً خصصت للشعوب الأصلية الـ10 في البلاد.
التوقعات ضبابية
والتقديرات المتعلقة بالقوى السياسية التي ستشكل الجمعية التأسيسية غير واضحة، لكن الصعوبة التي يواجهها المرشحون المستقلون في التعريف بأنفسهم ستصب على الأرجح في مصلحة الأحزاب التقليدية.
وقال ملاوديو فوينتس، إن "الرهان يتعلق بكثير من المتغيرات الجديدة؛ فهذه انتخابات غير مسبوقة تجري في أجواء وباء وتشمل نظام مساواة (بين الرجال والنساء) ومقاعد مخصصة (للشعوب الأصلية) ولوائح مستقلين".
وأضاف أن "كل هذا جديد لذلك من الصعب جداً إطلاق توقعات، ونحن لا نعرف بالتأكيد عدد الأشخاص الذين سيصوتون".
وتنوي المعارضة اليسارية الموزعة في 69 من 70 لائحة متنافسة، اقتراح نموذج جديد للبلاد، مع ضمان مختلف الحقوق الاجتماعية مثل التعليم أو الصحة أو الإسكان.
أما مرشحو اليمين في السلطة، المجتمعون في قائمة واحدة كبيرة متحالفة مع اليمين المتطرف، فيدافعون عن النظام الحالي الذي يرون أنه عزز النمو الاقتصادي للبلاد.
ويستمر الاقتراع، السبت، حتى الساعة 18:00 بالتوقيت المحلي (22:00 بتوقيت غرينتش)، على أن يستأنف الأحد. ويتوقع إعلان التقديرات الأولية في وقت مبكر من ليل الأحد.