Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوريا تستعد لخوض انتخابات رئاسية بلا معارضة

شروط الترشح تقفل الباب أمام المعارضين في الخارج

صورة الرئيس السوري بشار الأسد على إحدى البنايات المدمرة (رويترز)

 

يذهب الإقليم نحو تغييرات مصيرية سيكون لها أثر لعقود عدة مقبلة. المنطقة التي عانت حروباً وانقسامات على صعيد التحالفات والمحاور، تتوجه إلى تبريد الجبهات بعدما بدر عن بداية لمحادثات بين السعودية وإيران، وبدء انفتاح خليجي على سوريا. أيضاً تستعد المنطقة لانتخابات رئاسية في إيران 16 يونيو (حزيران) المقبل، وأخرى في سوريا في 26 مايو (أيار) الجاري، بعد أن حدد البرلمان السوري، موعد الاقتراع للسوريين "في السفارات بالخارج" في العشرين منه. وفي هذا الإطار تتركز أنظار المجتمع الدولي على الانتخابات السورية لما لهذه الانتخابات من خصوصية في بلد يعاني حرباً دامية للسنة الحادية عشر على التوالي.

النظام الانتخابي في سوريا

في أعقاب الاستفتاء الدستوري السوري عام 2012، غيّر الدستور الجديد طبيعة الانتخابات الرئاسية من استفتاء إلى اقتراع متعدد المرشحين، وتنص شروط الترشح بحسب قانون 2014  أن تتوافر في المرشح إلى منصب رئيس الجمهورية العربية السورية أن يكون متمماً الأربعين عاماً من عمره، ومتمتعاً بالجنسية من أبوين سوريين بالولادة، ومتمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية وغير محكوم بجرم شائن ولو رد إليه اعتباره، وألا يكون متزوجاً من غير سورية. وأن يكون مقيماً في البلاد مدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشيح، وألا يحمل أي جنسية أخرى غير الجنسية السورية، وألا يكون محروماً من ممارسة حق الانتخاب.

انتقادات طالت الانتخابات

ونصت المادة 88 من دستور 2012، على أن الرئيس لا يمكن أن ينتخب لأكثر من ولايتين كل منهما من سبع سنوات. لكن المادة 155 توضح أن هذه المواد لا تنطبق على الرئيس الحالي إلا اعتباراً من انتخابات 2014.  وتغلق هذه الشروط الباب أمام ترشح المعارضين في الخارج.

الجدير ذكره أنه لن تجرى الانتخابات الرئاسية سوى في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية. وفي المناطق الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية (شمال شرق)، وقد توضع صناديق اقتراع (كما حصل خلال انتخابات 2014 ) في أحياء قليلة لا تزال توجد فيها قوات النظام كمدينتي الحسكة والقامشلي، فيما ستغيب الانتخابات عن المناطق الأخرى. ولكن قالت معلومات إن هناك احتمالات ضئيلة يجري العمل عليها  للتوصل إلى صيغة تفاهم ما، بين دمشق والإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، كي تتم الانتخابات الرئاسية في تلك المناطق أيضاً، وهي مناطق واسعة تقدر بنحو ربع مساحة البلاد، ويقطنها ملايين المواطنين. كما تغيب الانتخابات عن نحو نصف أراضي محافظة إدلب ومناطق محدودة محاذية لها (شمال غرب)، وتسيطر عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، فضلاً عن منطقة حدودية واسعة تسيطر عليها قوات تركية وفصائل سورية موالية لها. وبلغ عدد المرشحين لانتخابات الرئاسة في الداخل 18 مرشحاً.

وكان القياديان في المعارضة السورية، رئيس "الائتلاف السوري" نصر الحريري ورئيس "الحكومة السورية المؤقتة" (شكّلها معارضون) عبد الرحمن مصطفى، وصفا الانتخابات بأنها غير شرعية ومسرحية هزلية، داعيين المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته بدفع النظام للانخراط بالحل السياسي، وخصصت "اندبندنت عربية" التقرير الحالي للحديث عن الداخل السوري وكيفية تحضيره للانتخابات، وسيكون هناك موضوع لاحق للحديث عن مقاربة المعارضة السورية لهذا الاستحقاق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الإعلام السوري الذي كان قد تحدث عن ورشة إصلاحية تقوم بها السلطات السورية الحالية، تدفع للتساؤل هل هي حقيقية أم أنها مرتبطة بالانتخابات الرئاسية؟ كيف يتحضر الداخل السوري لخوض الانتخابات وماذا عن مطالبات بعض الجهات بإسقاط مفاعيل قانون قيصر ورفع الحصار عن سوريا؟ هناك من يقول إن الانتخابات السورية صورية بغياب مرشحين جديين؟ كيف ستتعامل السلطات مع المعارضة السورية خلال الانتخابات، أي اقتراع... الخ؟ كيف تنظر سوريا أو تقيم بداية الانفتاح العربي عليها؟ وما هي الخطوات المقبلة؟ وهل ستضع دمشق حدوداً أمام النفوذ الإيراني في الداخل السوري؟ إضافة إلى أسئلة توجهت "اندبندنت عربية" بطرحها على باحثين سياسيين من الداخل السوري.

مع الانفراج الخارجي ستتم ورشة الإصلاح

يقول عضو المكتب السياسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي طارق الأحمد، إن الورشة الإصلاحية التي يتحدث عنها الإعلام السوري ليس تهويلاً ولا شعارات، بل يتعلق بمفاعيل انتهاء الحرب أو "الهجمة الكبرى" على سوريا. ومن المعروف تماماً من خلال العديد من عمليات التصويت في الأمم المتحدة الدول التي انخرطت بإرسال السلاح والإرهاب إلى سوريا، وهي أكثر من 80 دولة. تلك الحرب بدأت تنتهي بشكل واضح عام 2021 من خلال فتح السفارات التي يتم الحديث عنها، وهذا يدل على التالي: إمكانية وضع ورشة الإصلاح على السكة تصبح واقعية أكثر، لأن الرئيس بشار الأسد قبل توليه سدة الرئاسة عام 2000 أي قبل رحيل الرئيس حافظ الأسد، تحدث في لقاءات مع صحف غربية عن مشاريعه الإصلاحية. ويقتبس الأحمد من أحد لقاءات الأسد التي يتحدث فيها عن عصر جديد والحرس القديم.

يتابع، أن الأسد "بدأ فعلاً بورشة إصلاحية منها حركات المجتمع المدني إلخ. لكن حرب العراق 2003 ومن ثم اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري 2005 ثم حرب تموز 2006، ثم مباشرة ما سمي بالربيع العربي 2011، هذه الأحداث تلاحقت بحيث أصبحت عملية الإصلاح في الداخل مرتبطة بالخارج بشكل وثيق. أما اليوم ومع بداية عملية الإصلاح ومحاولة الرئيس الأسد أن يكون هناك تناغم مع مطالب الناس، من شهادات في الإعلام نفسه حيث تم إنشاء المجلس الوطني للإعلام، وثم بعد ذلك بسنوات ألغي ذلك المجلس بموجب مرسوم. كانت هناك نية في الإصلاح لكن الهجوم على الإعلام السوري ومنها محطات تابعة لفضائيات عربية، كانت جزءاً من أدوات الحرب بشكل غير ديمقراطي. هذا كان دليلاً على أن الدولة في ذلك الوقت أصبحت في حالة حرب، بالتالي من الطبيعي أن تنحو نحو التشدد، كما في كل دولة وهذا ما حصل خلال الحرب العالمية الثانية، حيث ذهبت دول أوروبية نحو التشدد وليس نحو الانفتاح أو الإصلاح. ومع الانفراج الخارجي ستتم ورشة الإصلاح في الداخل وهذه مسألة مهمة جداً".

وعن تحضيرات الداخل لخوض الانتخابات، يشير الأحمد إلى أنه "من المعلوم أن هناك وضعاً عالمياً ضاغطاً بسبب تفشي كوفيد 19، لذا ستراعي التحضيرات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات. إذاً لن تكون هذه الانتخابات مشابهة للانتخابات الماضية. ويتحدث عن المنتدى العربي الذي شارك بفعاليته الذي طالب بإسقاط مفاعيل قانون قيصر. وهذا ما يعتبره الباحث السياسي مهماً جداً في عملية الضغط على الحكومات، لأنه أصبح يؤذي الشعب السوري وشعوب الدول المجاورة لسوريا، حيث يعاني الناس الجوع بسبب قانون قيصر والحصار المفروض. ويشبّه القانون بالقنبلة النووية التي أسقطت على هيروشيما لأن القانون يصيب كل شعوب المنطقة.

تسويات لتبريد الجبهات

وعن جدية المرشحين و"صورية" الانتخابات، يقول طارق الأحمد، "إنه من الصعب على الدول التي تعاني الحروب أن يطلب منها التمتع بمعايير طموحة. الديمقراطية ليست سحر ساحر، وعند تعرض أي دولة في العالم لحرب تذهب نحو التشدد". ويعطي مثالاً عن انتخابات السلطة الفلسطينية التي يرعاها الغرب لكنها لم تجر منذ سنوات عدة، ولا أحد يتحدث عنها. ويضيف أن "بناء الحالة الديمقراطية هو عمل تراكمي تسلسلي طويل الأجل، ويحتاج إلى استقرار". ويضيف: "إسبانيا التي كانت تحت حكم فرانسيسكو فرانكو، ليست إسبانيا الحالية، لكن هذا تطلب استقراراً، وبعد دخولها إلى الاتحاد الأوروبي أصبحت تنحو أكثر نحو الديمقراطية والحريات. الديمقراطية والحرية ليست صندوق اقتراع بل حالة تراكمية حضارية لها علاقة بالاستقرار وبناء الدولة". ويرى أن الانفتاح العربي على سوريا له علاقة بنهاية الحرب. هناك تسويات ليست فقط في سوريا، ويشبه الوضع بـ"الأواني المستطرقة". ويقول إن، "الوضع في اليمن مثل الخزانات المتصلة له علاقة بالسعودية وسوريا وتركيا حتى في أذربيجان وأرمينيا وأوكرانيا، المنطقة كلها تغلي إما ستنفجر أو تذهب إلى تسوية. وسوريا قد تكون من أولى بوادر التسويات، وقد لا تكون تسويات نهائية إنما تبريد الجبهات، تمهيداً لتسوية دائمة".

استقرار أمني وسياسي

ويرى كمال الجفا، المتخصص بالشؤون العسكرية والباحث السياسي، أنه ومن بعد حرب متواصلة لعشر سنوات ما زال أبناء البلد يعيشون في الداخل يعملون وينتجون ويمارسون حياتهم ربما بشكل طبيعي. يضيف، أن الهدف من وراء الحرب كان تدمير مؤسسات الدولة الرسمية وإيجاد بدائل محلية بدعم خارجي، وتقديم المساعدات للمجتمع المدني في المناطق التي يتم السيطرة عليها. لكن تحت قيادة وإشراف المؤسسات الأمنية التابعة للفصائل العسكرية التي توالت على السيطرة على المناطق الخارجة عن سلطة الدولة. وفي ظل ظروف كهذه كانت المؤسسات الرسمية الحاكمة في المحافظات أو في العاصمة، تعمل بمبدأ خدمات الطوارئ وإدارة مؤسسات، وتقدم حلولاً إسعافية وإدارية ليوميات حرب. ويصف هذه الانتخابات بأنها تجرى ضمن أكثر فترة يسود فيها الاستقرار الأمني، والحكومي والاتفاق الشعبي حول خيارات القيادة، وهدوءاً عسكرياً على جبهات القتال منذ عام 2011.

ويعتقد الباحث السياسي أن المطالبات بإلغاء بعض بنود قانون قيصر مرتبط بالجو الإيجابي الدولي المرافق لهذه الانتخابات، الذي مهدت له الدبلوماسية الروسية خلال الأشهر الماضية، الذي أثمر عن رضا دولي نوعاً ما على إجراء الانتخابات. وربما دفعت هذه الأجواء، برفع العقوبات عن سوريا وشعبها، لتخفيف بعض بنود قيصر، بخاصة في ما يتعلق بالجانب الإنساني والصحي وزيادة حجم المساعدات، لتجاوز مفاعيل جائحة كورونا.

"لا يوجد مرشح ينافس بشار الأسد"

ويعتبر أن عدم وجود مرشحين يعود إلى أن لا يمكن لأي شخصية معارضة وطنية أو مدعومة من الخارج أن تقدم مرشحاً ينافس رئيس (النظام السوري بشار) الأسد في هذه الفترة، لأسباب كثيرة وعديدة، بالتالي فإن إجراء الانتخابات وفتح باب الترشيح وتقدم أكثر من 51 مرشحاً، وحصول مرشحين على تزكية من 35 نائباً لكل منهم، هو فعلاً إنجاز وخطوة أولية في هذه الظروف، لكي يبدأ السوريون تلمس طرق ممارسة الانتخابات وطرق المنافسة ووضع أنظمة وقوانين في المستقبل، تسمح بحرية عمل أكثر للأحزاب وإيجاد أرضيات منافسة حادة بين المرشحين تنقل سوريا إلى مستوى متطور من الممارسات الديمقراطية غير المعهودة في تاريخها.

ويعتبر أن الحرب على سوريا ارتبط اسمها أولاً وأخيراً بالحرب على الرئيس وهذا ما جعل منه بطلاً قومياً، بالتالي ترسخت قناعة بعدم إمكانية إسقاط الرئيس الأسد في صناديق الاقتراع حتى لو أجريت انتخابات لكل السوريين في كل مناطق البلاد.

وعن إجراء الانتخابات في مناطق خارج سيطرة النظام، يقول لن تكون هناك انتخابات في المناطق الخارجة عن سلطة الدولة السورية ولن تسمح الجهات المسيطرة ميدانياً بوضع أي صناديق. وحتى الدولة السورية لا تريد أن تدخل في هذه المناكفات مع المعارضة المتشددة أو المعتدلة وحتى مناطق قسد. وفي بعض مناطق المصالحات مثل درعا وجنوب شرقي السويداء فقد تعمد الدولة إلى إلغاء صناديق الاقتراع في بعض القطاعات الساخنه بخاصة في درعا درءاً لأي أعمال انتقامية أو اغتيالات تقوم بها بعض الخلايا النائمة أو المجموعات المسلحة المتمردة. أيضاً بالنسبة للمناطق التي تخضع لسيطرة النصرة والفصائل التي تعمل تحت قيادة تركيا لأنها تسعى لترسيخ أمر واقع ضمن سياسة التتريك التي يتم تطبيقها، وضمن السياسات التركية التي تسعى لفرض أمر واقع طويل الأمد ويكون مصير تلك المناطق كمصير لواء اسكندرون، أو قبرص تركية أخرى.

العلاقات الإيرانية - السورية ثابتة وراسخة

وعن بداية الانفتاح العربي على سوريا، يقول حتى الآن لم يتم ترجمة اللقاءات الأمنية والسياسية بين سوريا والسعودية ضمن خطوات ميدانية على الأرض أو ضمن تطورات حقيقية. كل الملفات مرتبطة ببعضها البعض أي الملف النووي الإيراني مع حرب اليمن مع الوضع في لبنان ولا يمكن التوصل إلى خطوات إيجابية سورية- سعودية على حساب العلاقات السورية- الإيرانية لأن التحالف السوري- الإيراني لن يتأثر بأي مقاربات أخرى. وسبق أن مارست روسيا ضغوطات على سورية لتحجيم الدور الإيراني أو إضعافه، بالتالي العلاقات الإيرانية- السورية ثابتة وراسخة ولن تتأثر بأي انفتاح خليجي على سوريا أو أي مغريات يمكن أن تقدم لسوريا مقابل تحجيم أو تقزيم الدور الإيراني.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير