Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الباليه من بلاط الارستقراطية إلى جدة الساحلية

الفن الذي يحتوي على خمس مدارس فلسفية وجد طريقه أخيراً إلى السعودية

اللغات ليست تلك المنطوقة فقط. محبو الرقص يرون في الأداء الحركي معبراً مكافئاً للحروف عن الصراعات الداخلية والأفكار المعقدة والمشاعر المختلفة، وهو ما ينطبق على راقصات الباليه.

فالفن الذي نشأ في صالات الارستقراطيين وبين حفلاتهم، وجد له طريقاً أكاديمياً إلى السعودية عبر مدينة جدة الساحلية.

إلا أن رحلة الرقصة التي بدأت في إيطاليا جنوب القارة الأوروبية لم تكن سهلة، فبعد أن انتقلت إلى غربها في فرنسا بصحبة زوجة الملك هنري الثاني، الإيطالية كاثرين دي ميديشي، واجهت عقبات كبيرة في ترسيخها داخل البلد العصي ثقافياً.

الوجه الأصلي للباليه

الفن الذي حاول الصمود في إيطاليا لم يجد اهتماماً وتقديراً كافياً، ليبدأ فصلاً جديداً في فرنسا التي بدأت بتقبله في فترة حكم الملك لويس الرابع خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر.

أحد أوجه الاستحواذ الفرنسي عليه كان في موسيقاه، إذ سيطرت الموسيقى الفرنسية الأخاذة على العرض بعد أن كان يركز على الأداء الجسدي بموسيقى هامشية، كما يقول محمد حنانا في كتابه المترجم "من قصص الباليهات"، الذي أضاف "عادة يستخدم الإيماء في الباليه للتعبير عن العواطف والأحاسيس".

 

وما بين هذا وذاك، صال الباليه وجال في العالم بحثاً عن مكانة مرموقة، لتؤدي الباليهات أخيراً على "بلاط الملك لويس بملابس رسمية ثقيلة وشعور مستعارة وأحذية عالية"، كما يشير حنانا.

قبل أن يأخذه راقصان لا علاقة لهما بروما وباريس إلى بعد آخر في القرن العشرين، على يد الراقصة الأميركية إيزادورا دانكان، والراقص الروسي ميخائيل فوكين، لرسم قواعد الفن الراقص.

ولم يتوقف القرن العشرين عند تحديد هوية الباليه، بل امتد إلى تأسيس أول فرقة باليه سويدية في باريس على يد منظم العروض السويدي رولف دوماريه، وانتشرت بعدها في إنجلترا وأميركا ووضِعت أهم المقطوعات الخاصة بها في ذات الفترة.

الباليه والفلسفة لا يفترقان

وعن فلسفيات الباليه تشير مدربة الباليه سارة مكناس إلى أن "غالبية مصطلحات الباليه فرنسية نظراً لانتقاله في عهد الملك لويس إلى هناك، إلا أن هذا لم يمنعه من التنقل حول العالم لتظهر خمس مدارس أساسية في تفسير الحركات".

ورومانسية الفلسفة الفرنسية هي ما يميزها كما توضح مكناس، وتضيف "المدرسة الروسية سياسياً هي أكبر المدارس، وتتشارك في الشق الرومنسي من الفرنسية والرياضي من الإيطالية، ويوجد لديهم الحس الفني العالي الذي يميز الروس".

وتكمل مكناس "ولدينا المدرسة الأميركية، فضلاً عن الإيطالية التي تعد من أهم المدارس كونها تركز على التشريح العضلي للجسم، وعند العمل على حركات في المدرسة الإيطالية يركز فيها المدرب على كيفية إطالة وتحريك العضلة".

من إيطاليا إلى جدة

وفي المدينة السعودية الساحلية، وجدت فتياتها تنامياً كبيراً في الاهتمام بالباليه على غير عادة، إذ افتتح أول مركز أكاديمي لتعليم الباليه بشكل تأسيسي في جدة، وهو ما تشير له المدربة مكناس "في (موشن فتنس سنتر) قررنا أن نكون المركز الأول الأكاديمي، ونتبع مدرسة راد الملكية البريطانية للرقص".

 

وشح التدريب وعدم التأهيل دفعا المركز لاختيار النوع الأشمل، إذ توضح المدربة "تخصصنا أكثر في الباليه، لكن هذا لا يمنع أن نعلم أنواع الرقص الأخرى، وسبب اختيارنا للمدرسة الملكية البريطانية هو كونها خليط بين المدارس الخمس الأساسية".

وأضافت "نحاول أن نقدم للتلميذات من كل بستان وردة، فالمدرسة تأخذ الرومنسية من الفرنسي والقوة من الأميركي والحس الفني العالي من الروسي، وهذا سيفتح لهن مجالاً عند الرغبة في التخصص في أي من المدارس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتكمن أهمية الباليه من وجهة نظر مكناس في أنه "أساس الحركة الفنية، ويجب على كل من يريد دخول مجال الرقص أن يبدأ من الباليه لينطلق لغيره، وقد لا يروق للكثيرين كونه كلاسيكي ويحتوي على عديد من القواعد".

العودة بالذاكرة إلى الوراء

الطريق لم يكن معبداً لشغف سارة مكناس التي تقول "بدأت الباليه من سن السابعة كهواية، وكانت تجدني عائلتي أسير على أطراف أصابعي من دون معرفة مني أو منهم بأن هذا هو الباليه، حتى أنهم أخذوني إلى الطبيب خوفاً من أن يكون مرضاً".

إلا أن الشغف والرغبة استمرا مع سارة على مدى السنوات "كنت أحاول أن أتطور أكثر من خلال المخيمات الصيفية أو عند السفر من بيروت إلى الدول الأخرى، ولم أبدأ مباشرة في الباليه بل جربت أكثر من نوع بحسب المدارس المتوفرة في مكان تواجدي مع عائلتي، حتى احترفت المجال في سن الـ 20".

 

وعن بداية مسيرة مكناس المهنية "في آخر أربع إلى خمس سنوات كانت هناك قفزة نوعية في المجال، وتغيير المفاهيم من رغبة في تسلية للأطفال إلى اكتشاف الأهالي أن الباليه أكثر من ذلك، كونه يحتوي على شق رياضي قاس، وجانب فني عال وانضباط".

التجربة خير برهان

هذا الفن الذي لا يحظى بشعبية كبيرة في السعودية مقارنة بأنواع أخرى، دفع كثيرات إلى تجربة الفنون والرياضات الأخرى قبل تذوقه، إذ تروي متدربة الباليه بسمة العتيبي "بدأت في الرياضة واللياقة منذ عامين، ولكنني بدأت في تعلم الباليه منذ سنة، وأواجه بعض الصعوبات لأنني أتعلمه في سن كبيرة وهو مختلف عن من يتعلمه عند الطفولة في ما يتعلق بالمرونة والعضلات".

وعن أسباب اختيارها للباليه كأساس لرياضتها، توضح العتيبي "اختياري للباليه لأنه مختلف عن الرياضات الروتينية والرقص، وهو أنثوي و يتطلب مرونة في الجسم، واخترته أيضاً كدافع لتقوية جسمي ومرونته".

وفي تجربة مختلفة، تروي المتدربة في "موشن فتنس سنتر" مي قاضي "أحب ممارسة الرياضة منذ الصغر، وجربت عديداً من الرياضات المختلفة، وبدأت علاقتي مع الباليه منذ ثلاث سنوات عندما أخذت أول حصة تدريبية وجربته وتفاجأت بأنه يمكن لمن في عمري تجربة الباليه لأول مرة والتطور فيه، ومن هنا وقعت في حبه".

وعن أسباب مفاجأة قاضي من تجربتها الأولى تشير "مفاهيم المجتمع تقولب راقصات الباليه بعمر معين من ثلاث إلى أربع سنوات، وشكل جسم معين ومرونة عالية، وهذا خاطئ".

وتشير العتيبي إلى أن "الصعوبات تتلاشى مع كل منهج تعليمي، وأتقنت حركات الباليه، والصعوبة الأخرى، في لغة الباليه، إذ غالبية مصطلحاته فرنسية ويتطلب مني تدريباً لمعرفتها وإتقانها".

وفوائد الباليه تخطت التعبير والمرونة في رأي المتدربات، إذ توضح قاضي "الباليه ليس للأداء المسرحي فقط، بل هو رياضة رائعة للعضلات والمفاصل والرئتين ويعطي الجسم شكلاً جميلاً جداً".

وفي تجربة مختلفة، تصف جنان كمال طموحها في ممارسة الباليه "بدأت الباليه من ست سنوات في عمر العاشرة بشكل رسمي أكاديمي، بعد سلسلة من شغف الطفولة في المجال ومتابعتي لكل مايخص الباليه منذ الصغر".

وتضيف كمال "أنا أعمل الآن لأكون مؤهله لتدريب الفئات العمرية الصغيرة من ثلاث إلى أربع سنوات، وسأتمكن من ذلك قريباً".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات