Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القضاء العسكري ونظيره المدني في تونس بين مخالب التجاذبات السياسية 

لا تزال تتفاعل قضية اتهامات النائب راشد الخياري ضد رئيس الجمهورية

 

وقفة احتجاجية أمام المحكمة الإبتدائية (الصفحة الرسمية لجمعية القضاة التونسيين)

فتحت بطاقة الجلب التي أصدرتها المحكمة العسكرية في تونس ضد النائب راشد الخياري الذي اتهم رئيس الجمهورية بالخيانة، الباب أمام صراع جديد بين المحاكم المدنية ونظيرتها العسكرية. صراع، بين من يراه امتداداً لنزاع سياسي بين رأسَي السلطة التنفيذية ومن يعتقد أنه ناجم عن عدم استقلالية القضاء العدلي، مما أجبر القضاء العسكري على الإمساك بزمام الأمور. 

وكانت النيابة العسكرية فتحت قبل أسبوع، تحقيقاً في تصريحات الخياري اتهم فيها رئيس الجمهورية بتلقّي دعم وتمويل خارجي لتعزيز حظوظ وصوله إلى قصر قرطاج في انتخابات 2019.

تنازع على الصلاحيات

واتهم البعض القضاء المدني أنه لم يقُم بواجبه وفتح تحقيق في الغرض، لكن وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية نائب وكيل الجمهورية محسن الدالي في ما يتعلق بالتصريحات التي أدلى بها الخياري عبر مقطع فيديو "فإن النيابة العامة اطلعت على محتوى الفيديو وقدمت تقريراً إلى الفرقة المختصة المتعهدة بالبحث في الجرائم الانتخابية".  

وتصاعد الجدل حول دور القضاء العسكري بعد أن تجاهل وزير الدفاع الوطني إبراهيم البرتاجي الدعوة التي وجّهها إليه رئيس البرلمان راشد الغنوشي لحضور جلسة مساءلة لاستجوابه حول حياد القضاء العسكري.

وفي السياق ذاته، دعا حزب قلب تونس، في بيان إلى النأي بالمؤسستين العسكرية والأمنية عن التجاذبات السياسية والتوظيف لتحافظا على طبيعتهما الجمهورية، وفق تعبيره.

وعبّر المكتب السياسي للحزب عن "انشغاله العميق إزاء استمرار الوضع السياسي القائم على الخصومات والمناكفات والتنازع على الصلاحيات والسلطة بينما يعيش الشعب التونسي تحت وطأة الأزمة الوبائية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة وتجابه الدولة تحدياً غير مسبوق في المالية العامة".

خطر على الديمقراطية

من جهة أخرى، دعت النائب سامية عبو عن التيار الديمقراطي الداعم لرئيس الجمهورية قيس سعيد، إلى تطبيق قانون حالة الطوارئ واستعمال الجيش والقضاء العسكري لحماية المؤسسات وإيقاف الفاسدين.

إلا أن أمين عام الحزب الدستوري عصام الشابي يرى عكس ذلك، معتقداً أن "هذا التداخل في صلاحيات المحكمتين المدنية والعسكرية يهدد استقلاليتهما"، معتبراً في تصريح خاص أن "تدخل القضاء العسكري في محاكمة مدنيين خطر على الديمقراطية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول إقحام القضاء بنوعَيه في الصراع السياسي، يقول الشابي إنه "لم تبقَ مؤسسة من مؤسسات الدولة ولا جهاز من الأجهزة الحساسة فيها، إلا وتم إقحامها في صراع النفوذ المدمّر الذي نشهده اليوم بين الرئاسات الثلاث بخاصة بين رأسَي السلطة التنفيذية"، مضيفاً "اليوم وصلنا إلى مرحلة انقطاع التواصل بين الرئاسات في حادثة فريدة من نوعها في العالم في وضع اقتصادي وصحي كارثي يفترض فيه المزيد من العمل في تجانس تام بين كل السلطات".  

الخاسر الأكبر

من جهته، يعتقد الكاتب الصحافي المتخصص في الشأن السياسي حيدر الصغير أن "التلويح من قبل جهات عدة باللجوء إلى القضاء العسكري ليس امتداداً لصراع الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث بقدر ما يعكس فقدان ثقة بالقضاء العدلي الذي نجحت حركة النهضة في اختراقه"، معللاً موقفه بتصريح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي حول حليفه الأبرز نبيل القروي عندما قال إنه سيخرج معززاً مكرّماً".

ويواصل الحيدري "الانتقال الديمقراطي من أهم ركائزه استقلالية القضاء وهذا ما لم يحصل في تونس للأسف شأنه في ذلك شأن العدالة الانتقالية التي في النهاية كانت عدالة مشوهة بسبب النزعة الانتقامية"، بحسب تعبيره. 

ويرى أن "القضاء العدلي بات شبه عاجز عن القيام بمهماته وهناك آلاف القضايا لإرهابيين لم يتم الحسم فيها، وثمة رجال أعمال أيضاً لم يتم بت قضاياهم، ما فتح الباب أمام ابتزازهم سياسياً".

كما يعتقد الحيدري أن "الخاسر الأكبر من قضية القضاء ليست الديمقراطية التي هي أصلاً تحتضر، بل تونس"، ويستبعد أن تكون البلاد "ما زالت تعيش ديمقراطية بقدر ما هي تعيش فوضى غير مسبوقة"، موضحاً أن "الفوضى لا تعني الحرب فقط، بل قد تكون على شاكلة تشتت الصلاحيات وتعطل دواليب الدولة والدوس على القانون وهو ما يحدث الآن".

من جانبه، ينفي القيادي في حركة النهضة فتحي العيادي أن يكون القضاء العدلي غير مستقل وتابع لهم، مبيّناً أنه قد مرت سنوات على توزير القيادي نور الدين البحيري على رأس وزارة العدل، الأمر الذي فتح عليهم باب الاتهامات بأنهم تمكّنوا من القضاء، معتبراً أن كل هذه الاتهامات تأتي في خانة التشويه والادعاءات الباطلة.

وفي السياق ذاته، يعرب العيادي عن اعتقاده بأن ما يحصل بين القضاء العسكري والقضاء المدني لا يمكن اعتباره فصلاً من فصول الصراع السياسي، بل يندرج ضمن محاولة انسجام جميع مؤسسات الدولة مع الدستور الجديد، موضحاً أن المرحلة لم تكتمل بعد، بخاصة أن بعض التشريعات القديمة لم تتغير.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي