Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بالأرقام كيف تغذي مصارف المملكة المتحدة أزمة المناخ

تنهض بدور بارز في استمرار دعم الوقود الأحفوري

أصبحت المصارف البريطانية هدفاً يتكرر الهجوم عليه من نشطاء البيئة (رويترز)

تتعرض المصارف البريطانية إلى قدر متزايد من التدقيق في شأن دورها في توجيه أزمة المناخ. وطوال عقود عدة، أدت كبرى المصارف في المملكة المتحدة دوراً رائداً في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة، من خلال توفير التمويل لمشاريع الوقود الأحفوري في مختلف أنحاء العالم.

وعلى الرغم من أن بعض المصارف بدأت في وضع سياسات ترمي إلى الحد من الآثار المناخية المترتبة على أنشطتها المالية، تؤكد أرقام حديثة أن أكبر الجهات المقرضة الرئيسة لا تزال تقدم مئات المليارات في دعم مشاريع الفحم والنفط والغاز، التي يخلف عدد منها أثراً مدمراً في المجتمعات المحلية والمنظومات البيئية.

وإضافة إلى تقديم الدعم المالي لمشاريع الوقود الأحفوري، تستمر المصارف في الحفاظ على علاقات وثيقة مع بعض الشركات الأكثر تلويثاً للبيئة على مستوى العالم، وفق تحذيرات أطلقها ناشطون. وتوصل تحقيق حديث إلى أن أغلب المديرين المصرفيين في أكبر خمسة مصارف في المملكة المتحدة يحتفظون بروابط مع شركات شديدة التلويث.

وتسلط حملة "وقف تغذية أزمة المناخ" التي تنفذها "اندبندنت"، الضوء على دعم الوقود الأحفوري، بما في ذلك كيفية استمرار المصارف في دعم مشاريع خارج البلاد. وفي ما يلي، نستكشف بعض الأرقام التي توضح حجم الدعم المالي الذي تقدمه المصارف للوقود الأحفوري، والروابط الواسعة النطاق بين المديرين المصرفيين وقطاع الوقود الأحفوري.

واستطراداً، يلفت تقرير تاريخي صدر أخيراً عن تحالف منظمات غير حكومية إلى أن أكبر خمسة مصارف في المملكة المتحدة قدمت حوالى 220 مليار جنيه استرليني (304 مليارات دولار) لتمويل مشاريع الوقود الأحفوري بين عامي 2016 و2020.

ويشيرالتقرير وعنوانه "الاعتماد على فوضى المناخ عام 2021"، إلى أن مصرف "باركليز" البريطاني أكبر ممول للوقود الأحفوري في أوروبا. فهذا المصرف قدم " تمويلاً بـ 105 مليارات جنيه إلى مشاريع في الوقود الأحفوري بين عامي 2016 و2020، وفق التقرير نفسه، بما في ذلك 20 مليار جنيه عام 2020 وحده.

وعلى نحو مماثل، يُعد "إتش إس بي سي" ثاني أسوأ المصارف المخالفة في المملكة المتحدة، في ما يتعلق بتمويل مشاريع الوقود الأحفوري. فوفق التقرير قدم المصرف 80 مليار جنيه لتمويل الوقود الأحفوري بين عامي 2016 و2020. وبالمقارنة قدم "نات ويست" 10 مليارات جنيه خلال الفترة نفسها، و"ستاندرد تشارترد" 23 مليار جنيه، و"لويدز" 2.5 مليار جنيه.

وفي قراءة تلك الأرقام، نقلت أليسون كيرش، المشاركة في تأليف التقرير والباحثة الرائدة في مجال المناخ والطاقة في "شبكة الغابات المطيرة"، إلى "اندبندنت"، أن "مصارف المملكة المتحدة تشكل حقاً جزءاً كبيراً من المشكلة، إذ يمثل "باركليز" أكبر ممول في أوروبا للوقود الأحفوري، وعلى الرغم من أنه اتخذ بعض الخطوات الواعدة في تعهداته، يتعين علينا أن نشهد التزامات حقيقية في الأجل القريب في ما يتصل بتمويل الوقود الأحفوري، ونحن لا نرى ذلك بالقدر الذي نحتاج إليه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي منحى متصل، احتسب التقرير الذي أعدته ست منظمات غير حكومية وأيدته أكثر من 300 منظمة، المبلغ الإجمالي الذي أنفقته المصارف الـ 60 الأكبر في العالم على الوقود الأحفوري من خلال دراسة التمويل المباشر للمشاريع والطرق غير المباشرة في الدعم المالي.

ووجد التقرير مثلاً أن "باركليز" دعم في شكل غير مباشر مشروعاً مثيراً للجدال في تعدين الفحم بأستراليا عام 2020 من خلال توفير التمويل لشركة مرتبطة بالمشروع. ويهدد منجم الفحم "كارمايكل"، المخطط أن يعمل في منطقة "كوينزلاند"، بتثبيت اعتماد أستراليا على الوقود الأحفوري في شكل أكبر، وإبعاد شعوب أصلية عن أراضيها، وزيادة حركة المرور فوق الحاجز المرجاني العظيم الذي يشكل منظومة بيئية معرضة إلى الخطر بسبب ازدياد درجات حرارة المحيطات.

وإضافة إلى توفير التمويل اللازم لتعدين الفحم في أستراليا، قدم "باركليز" أيضاً أموالاً لدعم التنقيب عن النفط والغاز في القطب الشمالي، فضلاً عن مشروع للتكسير الهيدروليكي [تقنية مؤذية للبيئة تستعمل في استخراج الغاز الطبيعي] بمنطقة "باتاغونيا" الأرجنتينية، وفق التقرير.

والواقع أن الدعم المستمر الذي يقدمه "باركليز" للوقود الأحفوري جعله هدفاً لحملة رفيعة المستوى يقودها نشطاء في مجال المناخ.

"تضارب مصالح مناخي" لدى 78 في المئة من المديرين

توصل تحقيق حديث أجرته مؤسسة "ديسموغ" للتحقيقات البيئية إلى أن 78 في المئة من المديرين في المصارف الخمس الكبرى بالمملكة المتحدة يرتبطون بجهات شديدة التلويث، وبالتالي قد يكونوا عرضة إلى "تضارب مصالح مناخي" عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرارات في شأن الاستثمارات في الوقود الأحفوري.

ووجد محققون في "ديسموغ" أن 50 من أصل 64 مديراً حالياً لدى "باركليز"، و"إتش إس بي سي"، و"نات ويست"، و"لويدز"، و"ستاندرد تشارترد" لهم صلة سابقة أو حالية بقطاع شديد التلويث.

مثلاً، أصبح توشار مورزاريا، مدير التمويل لدى مجموعة "باركليز" حالياً مديراً غير تنفيذي لدى شركة "بريتيش بتروليوم" الكبرى للنفط، في حين تعمل المديرة في "إتش إس بي سي" بولين فان دير مير موهر مع شركة "شل"، بحسب التحقيق.

وكذلك تشمل القطاعات المعتبرة "شديدة التلويث" في التحقيق، إنتاج الطاقة باستخدام الوقود الأحفوري، والزراعة، والطيران، والنقل البري، والتعدين، واللدائن، وقطاع الغابات وإنتاج الورق، والبناء، والشحن.

وفي سياق متصل، أعربت جين مارتن، المديرة الكبيرة للحملات في مؤسسة "شير أكشن" الخيرية للاستثمار المسؤول، عن رأي مفاده إن التحقيق أنتج "أدلة مذهلة على تضارب للمصالح مثير للقلق داخل مجالس إدارة المصارف".

وأضافت، "كيف لنا أن نتوقع من أولئك القابعين على رأس مصارف مثل "باركليز" و"إتش إس بي سي"، أن يتخذوا قرارات صعبة لكن ضرورية، في شأن الوقود الأحفوري، نظراً إلى ارتباطاتهم الوثيقة بالقطاعات المعتمدة على الوقود الأحفوري؟".

65 ألف شخص يرغبون في إجراءات

تواجه المصارف البريطانية ضغوطاً متزايدة بسبب دعمها مشاريع الوقود الأحفوري. وأخيراً، أعلنت منظمة "التمرد على الانقراض" أنها تصعد إجراءاتها ضد مصارف المملكة المتحدة. وفي هذا الأسبوع، حطمت المنظمة نوافذ مقر "إتش إس بي سي" في لندن احتجاجاً على دعمه المستمر لمشاريع الوقود الأحفوري.

ومن المرجح أن يشكل حمل المصارف على تبني أهداف أكثر صرامة وفورية في إنهاء دعمها للوقود الأحفوري، موضوعاً رئيساً في مؤتمر المناخ "كوب 26" الذي يمثل جولة حاسمة من محادثات الأمم المتحدة في شأن المناخ، وتستضيفه المملكة المتحدة في وقت لاحق هذا العام.

وعشية قمة "يوم الأرض" هذا الأسبوع، وقعت 43 من أكبر المصارف في العالم التزاماً بخفض الأثر المناخي المترتب على إقراضاتها مع حلول عام 2030، بما يتفق مع الهدف الإجمالي المتمثل في بلوغ الصفر الصافي للانبعاثات مع حلول عام 2050.

في المقابل، وصف ناشطون الاتفاق بأنه "فرصة ضائعة".

وقد ذكرت السيدة مارتن أن "عدداً من المصارف الأوروبية تجهد بالفعل لتحقيق القسم الأعظم من المبادئ التوجيهية الإلزامية التي حددها التحالف. ولا يمكن اعتبار خطط "الصفر الصافي" ذات مصداقية من دون معالجة مسألة ضمان التمويل وتحديد تواريخ للتخلص التدريجي من تمويل الوقود الأحفوري وإزالة الغابات".

كذلك يتعرض "بنك إنجلترا" إلى تدقيق بسبب دوره في تنظيم كيفية إنفاق المصارف أموالها على الوقود الأحفوري.

ففي فبراير (شباط)، وقع ما يقرب من 65 ألف شخص عريضة تطالب "بنك إنجلترا" ببذل مزيد من الجهد بهدف إنهاء إنفاق المصارف على الوقود الأحفوري. وبعد فترة وجيزة من إعلانه عن الموازنة في مارس (آذار)، غير وزير المالية ريتشي سوناك تفويض "بنك إنجلترا"، فضمنه واجباً يقضي بدعم الحكومة في تحقيق هدفها المتمثل في الوصول إلى انبعاثات صفرية تماماً بحلول عام 2050.

وأشارت كاتي كيدوارد، وهي خبيرة اقتصادية وزميلة في سياسات التمويل المستدام في "جامعة لندن"، إلى أن تغيير التفويض يمثل خطوة "قوية" إلى الأمام في الجهود الرامية إلى جعل النظام المالي أكثر ملاءمة للبيئة.

وقد جاء في حديث أدلت به إلى "اندبندنت"، "أعتقد بأن تغيير التفويض أمر بالغ الأهمية، ويشير إلى أن مزيداً من السياسات ستصدر من "بنك إنجلترا" على مدى العام المقبل".

وأضافت، "إن الطريقة التي ينظر بها بنك إنجلترا إلى أزمة المناخ في الوقت الحالي تركز في الأساس على المخاطر التي يفرضها تغير المناخ على النظام المالي. وفي المقابل، إن ما لا يفعله بالقدر الكافي يتمثل في التفكير بالكيفية التي يعمل فيها النظام المالي على تعزيز انهيار المناخ. ويشكل ذلك الخطوة التالية، وفي سياقها قد يحدث تغيير التفويض فارقاً حقيقياً".

© The Independent