Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريوهات حسم ملف سد النهضة

يعول مراقبون على التحركات الدبلوماسية لمصر والسودان والتدخل الأميركي مجدداً لإنهاء الأزمة

تحشد مصر والسودان الرأي العالمي والإقليمي لضرورة مواصلة التفاوض الجاد للتوصل لاتفاق قانوني ملزم لإثيوبيا (أ ف ب)

في ظل تأكيد إثيوبيا شروعها في الملء الثاني لسد النهضة خلال يوليو (تموز) وأغسطس (آب) المقبلين، ورفض رئيس وزرائها آبي أحمد القمة الثلاثية لرؤساء حكومات مصر، والسودان، وإثيوبيا، دخلت أزمة السد منعطفاً حرجاً، مما ينبأ بحدوث سيناريوهات عدة قد تؤثر سلباً في المنطقة بأثرها.

فما السيناريوهات المتوقعة والخيارات المناسبة لحسم هذا الملف؟ وما الأثر الذي يمكن أن تحدثه الجولة الأفريقية التي قام بها وزير الخارجية المصري سامح شكري في ست دول هي (كينيا، وجزر القمر، وجنوب أفريقيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والسنغال، وتونس)، فضلاً عن إعلان وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي نيتها بدء جولة أفريقية في الأيام المقبلة، لإطلاع تلك الدول على آخر تطورات هذا الملف، والجهود التي بذلها الجانبان المصري والسوداني لبلوغ اتفاق عادل ومنصف وقانوني، بالتالي كسب ود ومواقف دول القارة الأفريقية، فضلاً عن تضييق الخناق على إثيوبيا.

حلقة مفرغة

يعلق المحلل السياسي السوداني السفير الصادق المقلي، على تطورات هذا الملف، "أعتقد أن هناك تطورين مهمين في هذا الملف، هما تصريح السفير الإثيوبي لدى الخرطوم بتأكيده أن بلاده مستعدة للتوصل إلى حل توافقي مع دولتي المصب (السودان، ومصر) في شأن السد، ودعوة مستشار الأمن القومي الأميركي الأطراف الثلاثة للجلوس في مائدة مفاوضات للتوصل إلى حل مرضٍ لهذه الأزمة، ما يعني أن واشنطن قلقة جداً بأن يؤدي استمرار الأزمة إلى عدم الاستقرار في القرن الأفريقي، فضلاً عن أمن البحر الأحمر الذي تمر عبره معظم التجارة العالمية، بالتالي فإن حرص وموقف أميركا سيؤثران على الجانب الإثيوبي بتخفيف تعنته وتشدده من خلال تقديم تنازلات ومرونة في التفاوض".

ويرى المقلي أن "الجهود الدبلوماسية المتمثلة في الجولة الأفريقية التي قام بها وزير الخارجية المصري، وإعلان وزير الخارجية السودانية قيامها بجولة أوروبية وأفريقية في مقبل الأيام، وإحاطة السودان مجلس الأمن الدولي بآخر التطورات في هذا الملف، من شأنها أن تقلل التعنت الإثيوبي لما فيها من بعد إقليمي ودولي، لأنه لا يمكن أن تخطو أديس أبابا خطوة أحادية دون التوصل إلى اتفاق، خصوصاً أن إعلان المبادئ الموقع بين البلدان الثلاثة في الخرطوم 2015، يتضمن ضرورة اصطحاب البعد البيئي والاقتصادي للسد، فإثيوبيا لم تلتزم بما جاء في الإعلان، لكن في اعتقادي أن واشنطن تضغط في اتجاه حل توافقي، لأن التصعيد ليس في مصلحة الأطراف الثلاثة، وهي الرسالة التي تؤكدها مصر والسودان".

ويعتقد أن المياه بالنسبة إلى مصر حياة أو موت، كما أن سد النهضة على بعد 15 كيلومتراً من سد الروصيرص السوداني، بالتالي إن مسألة تبادل المعلومات على ضوء اتفاق ملزم مهم جداً، وخلاف ذلك فإن أمن سد الروصيرص سيكون مهدداً، فإما أن يؤدي إلى إغراقه في حالة حدوث فيضان كبير جداً، أو إلى حدوث عطش ودمار في حال الجفاف، لكنه أكد أن هناك اتفاقات دولية تمنح حقوقاً لدول المصب والمنبع.

وأشار المحلل السياسي إلى أن الاتحاد الأفريقي فشل في إيجاد أي حل لهذا الملف، وأصبح يدور في حلقة مفرغة، لذلك تدخله في هذا الملف لن يفيد شيئاً، لأن المسألة متعلقة بجوانب فنية، وليس قضية نزاع حدودي، فلا بد أن يكلف الاتحاد الأفريقي متخصصين في هذا الشأن لكي يسهلوا ويقدموا مقترحات مرضية وتوافقية لأطراف النزاع.

تطويق إثيوبيا

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم عبدالوهاب الطيب البشير، أن "تحرك مصر والسودان دبلوماسياً لحل مشكلة سد النهضة وتغيير الموقف الإثيوبي المتعنت، هو ليس بجديد فقد سعت الدولتان في هذا المسعى من قبل، في خطوة لتدويل الملف، وكان آخرها الجلوس في واشنطن على مائدة مفاوضات تمخضت عن اتفاق، لكن لم يتم التوقيع عليه من قبل أديس أبابا، حيث كان أهم تحرك دبلوماسي للدولتين في هذا الشأن. أما ما يجري الآن يمكن أن يكون توجه لتطويق إثيوبيا دبلوماسياً، في محاولة إشراك دول ذات وزن وثقل سياسي في المحيط الدولي والإقليمي".

وأضاف البشير، "هناك عاملان مهمان يجب توافرهما لنجاح هذا العمل، هما شرط المصلحة وفاعلية الدول التي جرى اختيارها، وبالتأكيد أن هذا التحرك قد يؤثر في علاقات إثيوبيا الخارجية، إذ يمكن أن تمارس الدول الكبرى كأميركا شكلاً من أشكال العقوبات على أديس أبابا، مثل إيقاف المنح السنوية، فضلاً عن تأثير واشنطن على المؤسسات المالية الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكذلك تأثيرها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وهي طرق إذا جرى تفعيلها قد تؤثر على أوضاع إثيوبيا الداخلية، خصوصاً في ظل أزماتها المتعددة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع، "أعتقد أن أفضل الخيارات التي يمكن أن تكون مناسبة لحسم هذا الملف هو خيار الحوار، لكن بأسس جديدة، وأن تكون هناك رغبة بقبول المنطق لحل هذه الأزمة، المتعلقة بالسد ومسألة المياه بشكل عام بالنسبة لمصر والسودان على الرغم من اختلاف التأثير والمصالح الإثيوبية مع الدولتين، ويمكن لأديس أبابا أن تفعل ذلك بالرجوع للتفاوض، وإحداث تقدم لا يؤثر في وسائل الملء والتشغيل، لأن أس القضية هو التوصل إلى اتفاق ملزم بشكل قانوني، وهذا مربط الفرس، بأن تقبل إثيوبيا بإطار قانوني واتفاقية قانونية إقليمية دولية. أما الخيار الثاني هو أن تلجأ إلى حلول جزئية مرضية للطرفين في ظاهرها، لكن أن تكون هناك أشياء مستبطنة بأن تقبل أديس أبابا بعض الشروط من الجانب السوداني قد لا توافق الجانب المصري، والعكس، لأن اللعبة هنا لعبة مصالح فيها تقاطعات مع الدول الثلاثة، وسبق أن لمحت إثيوبيا لهذا الخيار، لكن مصر والسودان أصرا على أن يكون الحل ثنائياً. هناك أيضاً خيار الحرب، التي قد تكون شاملة أو محدودة أو في شكل توترات، وهو غالباً ما يكون خياراً أخيراً في حال رفضت إثيوبيا التوقيع على اتفاق قانوني يحفظ حقوق دولتي المصب".

كسب الوقت

وعزا تمسك إثيوبيا بالاتحاد الأفريقي كمنصة لحل هذه المشكلة، بأنه قد يكون له أسباب، لكن للعلم أن الاتحاد الأفريقي وحده لا يمكن أن يحل هذه القضية، فأديس أبابا تريد كسب زمن للمضي قدماً لحين الانتهاء من الملء الثاني للسد، بالتالي وضع مصر والسودان أمام سياسة الأمر الواقع، على الرغم من أن أديس أبابا تعلم تماماً أن طبيعة هذه المشكلة ليس طبيعة ذات قرارات ملزمة، لذلك فهي تراهن على الاتحاد الأفريقي لوحده، لأنها تدرك أن الاتحاد مثقل بمشكلات عديدة، ولن يستطيع بمفرده حلها بما فيها قضية هذا السد.

ولفت أستاذ العلوم السياسية في جامعة أفريقيا العالمية إلى أن "السيناريوهات المتوقعة للسد هي كثيرة، لكن أبرزها أن تواصل كل من مصر والسودان تحركاتها الدبلوماسية المكثفة مع دول إقليمية في حوض النيل ما يمكن أن يحدث تأثيراً على إثيوبيا، وتحول موقفها بإحداث نوع من المساومات التي قد ترضي الأطراف الثلاثة، وأيضاً على المستوى الدولي قد تتحرك دول كبيرة مثل أميركا، وقد تدخل إسرائيل في هذا الملف سواء بشكل علني أو سري، بما يخدم مصالحها، وفي ظل العلاقات الإسرائيلية - السودانية المستجدة، والعلاقات الإسرائيلية - المصرية العميقة، وأهمية ملف المياه لإسرائيل أعتقد أن من الزوايا غير المنظورة في هذه القضية الدور الإسرائيلي، وهو دور لم يتم الحديث عنه على الرغم تأثيره على هذا الملف، فضلاً عن دور واشنطن، ودخول أطراف خليجية ذات تأثير على إثيوبيا لها إسهامات وشراكات في تمويل السد، ما قد تؤثر على مسارات الملف، كذلك من السيناريوهات حدوث تحول مفاجئ في الموقف الإثيوبي بأن تعيد أديس أبابا حساباتها خوفاً من تحرك مصر والسودان نحو سيناريو الحرب وإعلان حالة التوتر وقطع العلاقات الدبلوماسية الثنائية".

جولة واتهامات

وكان وزير الخارجية المصري قد زار عدداً من الدول الأفريقية، حاملاً رسائل من الرئيس عبدالفتاح السيسي حول تطورات ملف سد النهضة.

وبحسب متحدث الخارجية المصرية، أحمد حافظ، فإن تلك الجولة تأتي انطلاقاً من حرص مصر على اطلاع دول القارة الأفريقية على حقيقة وضع المفاوضات حول ملف السد، ودعم مسار التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد على نحو يراعي مصالح الدول الثلاث (مصر، والسودان، وإثيوبيا)، وذلك قبل الشروع في عملية الملء الثاني واتخاذ أي خطوات أحادية.

وأكد أن هذه الجولة التي شملت كينيا، وجزر القمر، وجنوب أفريقيا، والكونغو، والسنغال، وتونس، ستؤكد ثوابت الموقف المصري الداعي لإطلاق عملية تفاوضية جادة وفعالة تسفر عن التوصل إلى الاتفاق المنشود.

وبدوره أشار وزير الري السوداني ياسر عباس إلى أن الملء الثاني لسد النهضة دون اتفاق أو أخطار كانت خطوة مفاجئة جعلتنا نشك في النوايا الإثيوبية، متهماً إثيوبيا بأنها تماطل في الوصول إلى اتفاق لتجعل ملء السد أمراً واقعاً.

وزاد، "لا نتوقع نشوب حرب بين الدول الثلاث بسبب هذه الأزمة، لكننا سنعمل على حشد الرأي العالمي والإقليمي لضرورة مواصلة التفاوض الجاد للتوصل لاتفاق قانوني ملزم في شأن السد".

اتهامات إثيوبية

واتهم رئيس وزراء إثيوبيا جهات خارجية وأخرى داخلية لم يسمها، بإحداث فوضى وزعزعة، لكنه أشار إلى أنه على الرغم المؤامرات والضغوط التي تمارس على بلاده، ستقوم أديس أبابا بعملية الملء الثاني للسد في الموعد المقرر، وإجراء الانتخابات.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير