Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يمتد الدور الروسي الفاعل في سوريا ليشمل لبنان المأزوم؟

السفير الروسي لـ "اندبندنت عربية": "النقاشات التي تجري في موسكو مع مسؤولين لبنانيين تهدف إلى المساعدة على تشكيل حكومة جديدة في إطار المبادرة الفرنسية"

لافروف مستقبلاً الحريري في موسكو في 16 أبريل الحالي (دالاتي ونهرا)

تحت جناح الأزمة المتفاقمة في لبنان، يتسلل الدور الروسي بهدوء إلى الساحة الداخلية في ذلك البلد، لا سيما بعدما تمكنت موسكو من تثبيت حضورها الفاعل والمؤثر في سوريا، محققةً حلمها التاريخي بالوصول إلى المياه الدافئة على الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط. كما وردت بعض الأنباء عن وجود اهتمام روسي بإعادة إعمار مرفأ بيروت والمناطق المتضررة من الانفجار الكبير الذي دمّر قسماً كبيراً من العاصمة اللبنانية في 4 أغسطس (آب) 2020.
وتشير معلومات إلى أن اهتمام روسيا بالشأن اللبناني مرتبط بعوامل استراتيجية عدة، أبرزها قضية النزاع الحدودي بين لبنان وسوريا، حيث تعتزم شركات التنقيب الروسية العمل في المنطقة الاقتصادية البحرية السورية المقابلة لشواطئ طرطوس، حيث برز النزاع مع الجانب اللبناني على مساحة تُقدَّر بـ 750 كيلومتراً مربعاً، إضافة إلى قضية التوغل التركي باتجاه الشمال اللبناني، لا سيما مرفأ طرابلس (عاصمة الشمال)، حيث فازت روسيا بعقد لتطوير منشآت النفط في المدينة واستثمارها لمدة 20 سنة، في حين يستمر التنافس مع شركات تركية على منشآت أخرى في عاصمة الشمال، إضافة إلى قضية النازحين السوريين في لبنان، الذين تعتبرهم موسكو جزءاً من دورها في سوريا.
وعلى الرغم من نفي الأوساط الروسية والإيرانية وجود تنافس في لبنان، رأت مصادر ديبلوماسية غربية أن النفوذ الروسي يزاحم في الدرجة الأولى النفوذ الإيراني. واعتبرت أن "الأمر في لبنان كما في سوريا، ففي بداية الأزمة السورية كان الإيرانيون يمسكون بزمام الأمور في مناطق سيطرة النظام إلا أنه بعد الدخول الروسي في عام 2014 إلى سوريا تراجع الدور الإيراني".
وعبّرت المصادر ذاتها عن اعتقادها بأنه "على الرغم من تمسك روسيا بالدور الميداني لحزب الله والميليشيات المدعومة من إيران في الميدان السوري كونها تصب بنهاية المطاف في المصلحة الروسية، إلا أن الافتراق سيد الموقف بالنسبة للدخول إلى ملف التنقيب عن النفط والغاز في البحر الأبيض المتوسط، لأن ذلك قد يتناقض مع مشاريعها الأوروبية، بالتالي تتلاقى روسيا مع الغرب على منع إيران من أن تكون أحد اللاعبين الدوليين على شواطئ المتوسط".

واتجهت أنظار اللبنانيين في الأسابيع الأخيرة إلى موسكو، التي استقبلت الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري، بعد استقبالها وفداً من "حزب الله". ويُتوقَع أن تستقبل روسيا خلال الأسابيع المقبلة كل من رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، ورئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط على أن تليها سلسلة زيارات لرؤساء أحزاب ومسؤولين آخرين، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان ذلك يعني أن موسكو باتت مقصداً للساسة اللبنانيين.

خلف الفرنسيين

في هذا السياق، قال السفير الروسي في بيروت ألكسندر روداكوف لـ "اندبندت عربية"، إن "أولوية موسكو بالنسبة إلى لبنان هي الحفاظ على الاستقرار"، وأن "النقاشات التي تجرى بين مسؤولين روس والمسؤولين اللبنانيين تهدف إلى المساعدة على تشكيل حكومة جديدة".
وأكد روداكوف أن "روسيا تأمل بإيجاد حل للأزمة اللبنانية، ولا تحمل أي مبادرة حكومية تجاه لبنان، بل عملية حثّ على تشكيل حكومة سريعاً برئاسة سعد الحريري بصفته مكلفاً بموجب الاستشارات النيابية"، مشدداً على أن "روسيا تقف خلف المبادرة الفرنسية ولا تعتبر نفسها خصماً لأي جهة محلية أو دولية على الساحة اللبنانية".
وحول نية روسيا مساعدة لبنان على إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، أشار روداكوف إلى أن بلاده حريصة على التعاون مع كل الدول التي لجأ إليها السوريون، "من أجل إعادتهم بالتنسيق مع الدولة السورية لتسهيل عودتهم الآمنة"، موضحاً أنه "يُحتمَل أن تدعو موسكو إلى عقد مؤتمر دولي لإعادة اللاجئين بعد تشكيل حكومة جديدة في لبنان"، متخوفاً من أن "تكون بعض الدول تريد استخدام ملف النازحين بغير طبيعته الإنسانية وتحويله إلى ورقة ضغط لتحقيق أهداف سياسية".
وتشير مصادر ديبلوماسية روسية إلى تخوف كبير من انهيار الوضع في لبنان، لا سيما على الصعيد الاقتصادي وما لذلك من انعكاسات على المستوى الأمني، لذلك ستكون لروسيا خطوات عملية واضحة في اتجاه الضغط لتشكيل الحكومة تتضح طبيعتها في الفترة المقبلة، مع استمرار التواصل مع مختلف القوى اللبنانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


قرار سياسي

من جهة أخرى، اعتبر مستشار رئيس الجمهورية اللبنانية للشؤون الروسية أمل أبو زيد، أن هناك موقفاً جديداً من قبل الدولة الروسية تجاه لبنان. وقال إن "هناك قراراً سياسياً بتواجد الشركات الروسية في لبنان، وحتماً يصب هذا الأمر في خانة تطور العلاقات اللبنانية- الروسية"، مضيفاً أن "الأمر لا يقتصر فقط على الصعيد الدبلوماسي، وإنما الأمور متجهة إلى مرحلة متقدمة من العلاقات".
واعتبر أبو زيد في حديث لـ "اندبندنت عربية"، أنه "منذ إطلاق المبادرة الفرنسية الإنقاذية للبنان، رحبت روسيا بها وجرى اتصال بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، للتأكيد على أهمية دعم تلك المبادرة بتشكيل حكومة من الاختصاصيين والمستقلين برئيسها وأعضائها". ولفت إلى أنه "من الواضح أن المبادرة الفرنسية، التي مرّ عليها أكثر من ستة أشهر، لم يُكتب لها النجاح، ما دفع موسكو إلى التواصل مع المسؤولين اللبنانيين".
وأشار مستشار الرئيس ميشال عون للشؤون الروسية إلى أن الهدف من الحراك الروسي في لبنان هو "تلمّس إمكانية التوصل إلى أرضية ومفهوم مشتركَين لتشكيل حكومة قادرة على التصدي لكل الأوضاع الاقتصادية والسياسية وإعادة إعمار ما تدمّر في بيروت والمرفأ والمناطق المحيطة به، وإبداء نية التعاون ضمن إطار الاتفاق على برنامج واضح للحكومة، إصلاحي وأساسي، يطالب به المجتمع الدولي لمساعدة لبنان".
وأكد أبو زيد أن "روسيا لا تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، بل تستمع وتنصح وتحاول إزالة العقبات الممكنة، ولعب دور إعادة الثقة بين المسؤولين المعنيين بتشكيل الحكومة".

إعادة النازحين

وتعليقاً على إعلان الحكومة اللبنانية استعدادها لتطبيق خطة إعادة اللاجئين السوريين التي أقرتها في يوليو (تموز) الماضي، قال أبو زيد إن "هناك محاولة لإحصاء عدد النازحين في لبنان، لأن هذا الموضوع في النهاية، سيتم البحث فيه وبوقت قريب جداً، انطلاقاً من المبادرة الروسية لإعادة النازحين"، مشيراً إلى أن "الأمر لا يزال ضبابياً بشأن إمكانية انعقاد مؤتمر في بيروت، لأن قيام مثل هذا المؤتمر، برعاية روسية، تقابله حتى الآن عقبات غربية"، مشدداً على أن "روسيا تسعى بكل قوتها إلى إعادة النازحين السوريين، إذ تعتبر أن تلك العودة تؤكد الخطة التي رسمتها وتصبّ في مصلحة عدم تقسيم سوريا مجتمعياً وجغرافياً".
وفي وقت يتخوف النازحون السوريون في لبنان من تفعيل السلطات اللبنانية خطة العودة إلى سوريا، تطمئن مصادر في المفوضية العليا لحقوق الإنسان، أن المجتمع الدولي لن يسمح بعودة "محفوفة بالمخاطر للاجئين في لبنان"، معتبرةً أن "أي خطة من جانب واحد ولا تحظى بغطاء الأمم المتحدة ستكون مغامرة كبيرة".
وحول الإحصاءات التي تستعد السلطات اللبنانية لإجرائها، أكد مراقبون أن الشروع بها "حق سيادي للبنان"، كاشفين أن المفوضية العليا لحقوق الإنسان تزود السلطات اللبنانية بالتحديثات المستمرة لأعداد ، بالتالي تعتبر أن الإحصاء الذي يتم الحديث عنه سيأتي بذات النتائج إذا ما أُجري بطريقة شفافة.

وكان المشرف العام على الخطة اللبنانية لإعادة اللاجئين السوريين عاصم أبي علي، قال إن "تعداد النازحين الذي يتم العمل عليه لا يجب أن يخيفهم (اللاجئين) من الترحيل دفعةً واحدة، باعتبار أن ما يحصل هو مسعى لتنظيم الملف الذي كان يُدار من قبل الدولة منذ اندلاع الأزمة في سوريا وبدء توافد النازحين". وأضاف أنه "ليس لدى الدولة اللبنانية منذ 10 سنوات أي إحصاء للنازحين والأماكن التي نزحوا منها وإليها، وحدها المفوضية تمتلك داتا لـ940 ألف نازح تقريباً، علماً بأن هذا ليس العدد الإجمالي للاجئين السوريين الذين يعيشون في لبنان".
وتشير الأرقام إلى أنه بحلول نهاية عام 2020 بلغ عدد النازحين السوريين في لبنان المسجلين لدى المفوضية 865331 لاجئاً، في وقت تُقدّر بعض الجهات عددهم بنحو 1.5 مليون لاجئ.

المزيد من العالم العربي