Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عزل إمام وموظف يفجر نقاشا حول حرية التعبير في الجزائر

تضامن واسع من قبل فئات مختلفة في المجتمع ودعوات لإنصافهما

قيود كورونا حرمت الكثير من الجزائريين من دخول المساجد (رويترز)

فجّر قرار توقيف إمام مسجد وموظف في مركز البريد عن العمل نقاشاً واسعاً حول "حرية التعبير" في الجزائر، ورأى ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن عزلهما من منصبهما يعد سلوكاً مجحفاً ودليلاً على "مصادرة الرأي الآخر"، في حين أدرجته الحكومة ممثلة بوزيري القطاع في خانة "خرق واجب التحفظ" و"التهجم غير المبرر".

وجاء قرار توقيف إمام مسجد التوبة في ضاحية بوزريعة بالجزائر العاصمة، ياسين لراري، على خلفية انتقاده البروتوكول الصحي المتعلق بمكافحة فيروس كورونا المتبع في المساجد، وخلال صلاة التراويح، وهو البروتوكول الذي يثير الكثير من الجدل منذ اعتماده، لكونه يستبعد النساء من الصلاة، ويمنع لمس المصاحف، ويشدد على ضرورة غلق الأماكن المخصصة للوضوء وتخصيص مدة نصف ساعة فقط لأداء "التراويح".

وقال الإمام لراري: "يظهر أن الفيروس مسلم وقلبه معلق بالمساجد، إذ يأتي إلى المساجد فقط، ولا يذهب إلى المقاهي والأسواق"، معتبراً أن قرار اللجنة العلمية الحكومية المكلفة متابعة فيروس كورونا بتحديد مدة صلاة التراويح لمدة نصف ساعة، يؤدي إلى التضييق على المساجد مقابل غض الطرف عن فضاءات عامة أخرى يقصدها الناس بكثرة.

تضامن شعبي وحقوقي

وانتشر فيديو خطبة الإمام بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، مع تفاعل كبير من قبل نشطاء عبروا عن تأييدهم لما قاله، واعتبروه رأياً صائباً، لا سيما أن الجزائريين حرموا لمدة عام كامل من دخول المساجد عقب إجراءات الإغلاق التي فرضتها الجائحة.

على الجهة المقابلة، لم تهضم وزارة الشؤون الدينية ما صدر عن الإمام، وسارعت إلى فصله من منصبه، لأنه "خرج عن دائرة التحفظ في أمر أقرّته الحكومة"، ما أدى إلى حملة تضامن معه تطالب بإعادته إلى المنبر، مع العلم بأنه من النادر خروج إمام في الجزائر عن الإطار المرسوم من طرف الوزارة.

وإضافة إلى التضامن الشعبي، أصدرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان بياناً جاء فيه أن الإمام ياسين لراري قال كلمة الحق، معتبرة أن "مناقشة الأفكار والدين ومواضيع المجتمع بكل حرية في المساجد لا أحد يقيدها".

ودافعت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، عن لراري، وقالت على صفحتها في "فيسبوك"، إنه "من خيرة الشباب الدعاة والأئمة، وممن له جهد كبير في تصحيح المفاهيم وإنقاذ أجيال من الشباب من شراك الغلو والتطرف وفتن المدخلية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قضية رأي عام

سياسياً، تفاعلت أحزاب مع هذه المسألة التي تحولت إلى قضية رأي عام، حيث أعلنت جبهة العدالة والتنمية (إسلامية)، تضامنها مع لراري، وطالبت السلطة بإعادة الاعتبار له كإمام خطيب وإلغاء ما وصفته "بالقرار التعسفي". ودانت التشكيلة الحزبية ما وصفته بـ"سياسة التضييق المنتهجة من قبل السلطة تجاه المساجد منذ أكثر من سنة، بحيث لم يعد هناك ما يبرر استمرار التعامل المتحيز ضد بيوت الله وروادها، خاصة وقد عادت الحياة إلى طبيعتها في كل مكان غيرها". وأضافت في بيان لها "منطق السلطة في بسط سيطرتها وهيمنتها على المساجد وروادها والتحكم في عباداتهم يستدعي وقفة من الجميع، لرفض هذه السياسة إلى أن تعود الحياة إلى طبيعتها في بيوت الله وجميع مرافقها". 

وأمام الجدل الذي أثاره التوقيف التحفظي للإمام، نفى وزير الشؤون الدينية يوسف بلمهدي "توقيف المعني" عن العمل، مبرزاً بأنه "سيبقى يعمل (بشكل) عادي ويؤم الناس في كافة الصلوات ما عدا الخطبة حتى يتم الاستيضاح من الإمام حول موقفه ورأيه المخالف للجنة العلمية وللجنة الفتوى"، وفق ما نقله عضو مجلس الأمة عبدالوهاب بن زعيم على حسابه بموقع "فيسبوك" بعد اتصال هاتفي مع وزير الشؤون الدينية، الذي أكد له أنه "لن تكون هناك أي عقوبة في حق الإمام لراري".

في السياق ذاته، دعا عضو اللجنة العلمية لمتابعة فيروس كورونا بالجزائر، رياض مهياوي، في تصريحات للإذاعة الحكومية، إلى التقيد بالتدابير الوقائية لتجنيب البلاد الموجة الثالثة التي تهدد العالم، مشيراً إلى أن أرقام الإصابات بالوباء "مقلقة قليلاً".

على الجانب الآخر، أثار موظف في قطاع البريد ضجة كبيرة عقب ظهوره في فيديو انتقد فيه وزير البريد بالتزامن مع إضراب شنه العمال منذ أيام، إذ رفض الموظف الاعتراف بكل الوعود التي أعلن عنها الوزير خلال زيارته الميدانية، مخاطباً إياه "أنت لست ابن القطاع، ولا يمكنك حل مشاكله". وأضاف في فيديو نشره على "فيسبوك"، أنه قال كلمة الحق، ودافع عن كرامة الموظفين، معتبراً أن موظف البريد صار متسولاً. وعلق قائلًا: "بريد الجزائر أصبح ملكية خاصة استفاد منها بعض الناس".

وصدر قرار توقيف الموظف من العمل عقب انتشار الفيديو، في حين أصدرت النقابة الوطنية المستقلة لعمال البريد "السناب" بياناً شجبت فيه قرار توقيف الموظف، واصفة قرار فصله من عمله بـ"الخطوة الانتقامية".

تجدر الإشارة إلى أن عمال بريد الجزائر شنوا إضراباً لمدة خمسة أيام انتهى باتفاق عقدته المديرية مع ممثلين عن العمال، وقد أسفر عن عودة المضربين للعمل، واستئناف النشاط في مراكز البريد.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير