Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انسحاب أميركا من أفغانستان قبل إرساء السلام يثير الذعر على الأرض

ارتفعت وتيرة العنف أخيرا في البلاد كما يكتب بورزو درغاهي والمدنيون هم من يدفعون الثمن الأكبر

حاجز للجيش الأفغاني على مشارف كابول (أ ب)

يأتي قرار الولايات المتحدة بسحب قواتها من أفغانستان قبل إرساء أي شكل من أشكال السلام في البلاد. فالمدنيون يتعرضون للقتل والإصابة بمعدلات مخيفة جراء الحرب المتواصلة، فيما تتضاءل فرص التوصل إلى اتفاق بين الأحزاب المتناحرة داخل البلاد.

فقد أعلن الرئيس جو بايدن بنبرة جدية، الأربعاء، أن الولايات المتحدة تنوي سحب كل قواتها من البلد الجبلي الذي تمزقه الحروب بعد مرور 20 عاماً تقريباً، بحلول تاريخ 11 سبتمبر (أيلول)، مما يضع نهاية لأطول الحروب التي خاضتها أميركا على الإطلاق.

وقال في خطاب وجهه للأمة "مع انتشار خطر الإرهاب في مناطق عديدة حالياً، ما عاد إبقاء آلاف القوات مجموعة في الميدان في بلد واحد مقابل تكلفة تبلغ مليارات الدولارات سنوياً أمراً منطقياً بالنسبة لي، أو لزعمائنا".

"لا يمكننا مواصلة التمديد لوجودنا العسكري في أفغانستان أو توسيعه أملاً في استحداث الظروف المثالية للانسحاب وتوقع نتيجة مختلفة".

يزيد الإعلان عن الانسحاب الضغط على الحكومة الأفغانية وبشكل أقل، على مقاتلي "طالبان" الذين يحاربونها، من أجل التوصل إلى اتفاق سلام قابل للتطبيق.

لكن على الأرض في أفغانستان يبدو أن البلد يغرق أكثر فأكثر في الحرب، فيما تأجلت محادثات السلام التي كان من المزمع عقدها في إسطنبول. ويشعر بعض الأفغان بالقلق حتى في ما يقرون بأن وجود القوات الأجنبية على أراضيهم قد لا يؤثر كثيراً في نهاية المطاف في إرساء السلام.

ونقلت محطة تلفزيون "تولو" الإخبارية عن رئيس مجلس النواب الأفغاني مير رحمن رحماني قوله "إن انسحاب هذه القوات هو رغبة الشعب الأفغاني لكن في الوقت الحالي، لا تزال ظروف حدوثه غير مناسبة. هناك احتمال عودة الحرب الأهلية وهذا سيحول أفغانستان إلى مركز للإرهاب الدولي". 

بعد إعلان السيد بايدن بقليل، هاجم متمردو "طالبان" قاعدة عسكرية أفغانية في مقاطعة زابول الجنوبية واستمرت الاشتباكات حتى وقت مبكر من يوم الخميس، كما نقلت محطة "تولو". وقُتل 10 عناصر على الأقل من القوات الأمنية الأفغانية التي دربتها الولايات المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحصل الهجوم، إضافة إلى اعتداءات أخرى وقعت خلال النهار، على الرغم من النداء الذي أطلقه الرئيس الأفغاني أشرف غني لوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان، وهو عرض رفضته "طالبان". وعوضاً عن ذلك، حذر مسؤولون في "طالبان" من أن مقاتليهم سوف يهاجمون كل القوات الأجنبية داخل أفغانستان بدءاً من 1 مايو (أيار) وهو التاريخ الذي حدده الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب باعتباره المهلة النهائية لسحب قوات بلاده. 

يرغب الأفغان في حلول السلام كثيراً، لكنهم يقلقون من احتمال تفاقم الصراع في البلاد سواء خرجت الولايات المتحدة منه أم لم تخرج. 

خلال الأشهر الماضية، ما عاد البلد آمناً. وفقاً لتقرير أصدرته الأمم المتحدة، الأربعاء، تعرض 1783 مدنياً أفغانياً للقتل أو الإصابة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021، أي بزيادة 29 في المئة مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي. ومنذ انطلاق محادثات السلام بين الفرقاء الأفغان من ستة أشهر، ارتفع عدد الضحايا المدنيين بمعدل 38 في المئة، استناداً لمعلومات الأمم المتحدة.

في 6 أبريل (نيسان)، قُتل أربعة مدنيين وأصيب 13 آخرون بعبوة ناسفة وُضعت على جانب الطريق وأصابت باصاً على الطريق السريع الذي يربط محافظتي قندهار وهيرات. وفي اليوم التالي، جُرحت سيدة وطفل بسقوط صاروخ في مدينة قندهار فيما قُتل مدنيان وجُرح 27 آخرون في انفجارات عبوات ناسفة زرعت على جوانب الطريق في مدينة جلال آباد، وفقاً لموجز الأمم المتحدة.

وقالت ديبورا ليونز المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لأفغانستان في بيان أصدرته 14 أبريل "إن عدد المدنيين الأفغان الذين قُتلوا وشوهوا، لا سيما النساء والأطفال منهم، مقلق للغاية. أناشد الأطراف المعنية أن تجد فوراً طريقة لوقف هذا العنف".

يقلق البعض من أن انسحاب الولايات المتحدة سيفاقم العنف. يتذكر بارويز أحمدي، أحد سكان هيرات الذي اقتبست الوكالة الإخبارية "باجووك نيوز" كلامه، إن المشاكل زادت سوءاً في البلاد على إثر انسحاب القوات السوفياتية في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. 

ونقلت الوكالة عنه قوله "قتل آلاف الأفغان ودُمرت قوة الأفغان العسكرية وأطيحت كرامتهم".

وأورد التقرير الإخباري نفسه اقتباساً عن محمد علم علمي، أحد سكان محافظة بغلان، الذي قال "إن مغادرة الولايات المتحدة غير المسؤولة ستؤدي إلى اندلاع الحرب. إن هذا الانسحاب غير مسؤول وغير شريف". 

تتفاقم مآسي أفغانستان. فالبلد يعد أساساً أحد أفقر بلدان العالم، وقد بدأت الشركات والمستثمرون المحتملون بالانسحاب منه استباقاً لانسحاب الولايات المتحدة.

وإضافة إلى أعمال العنف، تعاني السلطات من أجل احتواء انتشار الحصبة، فيما تسعى للتصدي لآثار جائحة فيروس كورونا.

ويبدو اتفاق السلام بعيد المنال. أعدت الحكومة الأفغانية مسودة خطة سلام لم تحظَ حتى بموافقة كلية من الحكومة في كابول، فما بالك بحركة "طالبان". ومن المتوقع طرحها خلال قمة تعقد في إسطنبول، عاصمة تركيا التجارية، في وقت لاحق من الشهر الحالي، لكن حكومة كابول لم تتوصل حتى بعد إلى اتفاق على اسم من سيمثل أفغانستان في اجتماع القمة.  

ولم تطرح حركة "طالبان" بعد خطتها للسلام حتى فيما تزعم أنها تعد واحدة، ويخشى أفغان كثيرون أنها تخطط لاجتياح البلاد مجدداً فور انسحاب القوات الأميركية كما فعلت في أواخر تسعينيات القرن الماضي. وقد تضمنت مطالبها استقالة حكومة غني التي تعتبرها "طالبان" دمية تحركها الولايات المتحدة وإقامة "نظام إسلامي".

تعتبر أفغانستان بالفعل من البلدان الأكثر تديناً في العالم الإسلامي، وهي تسمى رسمياً جمهورية أفغانستان الإسلامية.

ونشرت الصحيفة الأفغانية هشت صبح مقالاً تحليلياً جاء فيه "تؤيد كافة المؤسسات والأحزاب كما الناشطون السياسيون عقد سلام مع حركة "طالبان" وإنهاء الصراع في البلاد عبر الحوار. لكن السلام الدائم والعادل ليس على أجندة "طالبان" ويميل تفكير هذا الفريق أكثر نحو الخيار العسكري من أجل انتزاع السلطة كاملة". 

وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن مباحثات السلام المؤجلة ستعقد في إسطنبول يوم 24 أبريل مع أن "طالبان" أشارت إلى أنها لن تشارك في "أي مؤتمر" قبل مغادرة كل القوات الدولية أفغانستان. 

وتستضيف هذه المحادثات تركيا والأمم المتحدة وقطر التي غالباً ما تقوم مقام الوسيط مع حركة "طالبان"، وهي مجموعة من الفرق المسلحة تتحدر من قبائل البشتون التي تحارب حكومة كابول منذ سنوات.

وأعلنت المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول الحليفة ضمن الناتو أنها ستنسق عمليات انسحابها من أفغانستان مع واشنطن.

وعلى الرغم من أن وقوع الضحايا المدنيين جراء الغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة وغيرها من دول الناتو يتصدر العناوين، فإن "طالبان" والذراع المحلية لـ"داعش" مسؤولان عن 61 في المئة من الضحايا المدنيين في البلاد، فيما تتحمل القوات الموالية للحكومة مسؤولية سقوط 27 في المئة من الضحايا على وجه التقريب. وأسهم ظهور "داعش" في أفغانستان من وقت لآخر في تعقيد أي حسابات سلام، فيما يحارب هذا التنظيم الحكومة و"طالبان" على حد سواء.

وقبل أيام، صدرت مذكرة عن مجموعة صوفان، المجموعة الاستشارية الأمنية التي أسسها علي صوفان، العميل السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي قضى سنوات في مطاردة "القاعدة"، وجاء فيها "أن الانسحاب لن يبقي أي قدرات أميركية لمكافحة الإرهاب على الأرض، ما يزيد اعتماد الولايات المتحدة على شركائها الأفغان من أجل التصدي للتهديدات الناشئة".

"إضافة إلى احتمال عودة ظهور "القاعدة" في أفغانستان، يتحرك تنظيم "داعش"- ولاية خراسان كذلك على الحدود الباكستانية الأفغانية، وقد يسعى لاستغلال حالة عدم اليقين والثغرات الأمنية التي يخلفها الانسحاب".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات