Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توقيت اغتيال أبرز موقعي اتفاق "سلام مالي" يثير مخاوف الجزائر والجوار

المفاوضات قطعت أشواطاً ولا يمكن أن تعود لنقطة الصفر نظراً إلى الرغبة المشتركة بين أطراف الأزمة في التوصل إلى حل عادل

صورة من الأرشيف لسيدي إبراهيم ولد سيداتي (أ ف ي)

أثارت عملية اغتيال أحد أبرز موقعي اتفاق السلم والمصالحة المنبثق من مسار الجزائر سيدي إبراهيم ولد سيداتي، رمياً بالرصاص أمام منزله في العاصمة باماكو، مخاوف مالي ودول الجوار وبشكل خاص الجزائر التي رعت الاتفاق، خصوصاً لجهة عودة الأمور إلى المربع الأول، على الرغم من تداول أخبار حول اعتقال مشتبه به في هذه القضية.

اغتيال وإدانة وتخوف

وأطلق مسلح مجهول كان على متن دراجة نارية، النار على الرئيس الدوري لتنسيقية الحركات الأزوادية، الذي نقل على الفور إلى المستشفى، لكنه توفي داخل غرفة العمليات بحسب ما ذكرت مصادر مالية، وأشارت إلى أنه لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاغتيال.

وأكد المتحدث باسم التنسيقية، ألمو أغ محمد، خبر الوفاة، عبر صفحته على "فيسبوك"، حين كتب "فقدنا للتو الرئيس سيدي إبراهيم ولد سيداتي هذا الصباح في باماكو"، واصفاً العملية بـ"العمل الجبان"، وطالب بضرورة إجراء تحقيق مستقل وشفاف يحظى بالتزام قوي من طرف السلطات الانتقالية، وأصحاب المصلحة في عملية السلام، وأضاف أنه "لا يمكن حالياً التفكير سوى في حقيقة أن تنسيقية حركات الأزواد قد استهدفت مباشرة عبر أبرز شخصية فيها".

كما دانت الحكومة المالية مقتل القيادي الأزوادي، مشيرة إلى أنه أحد الفاعلين الرئيسيين في مسار السلام بمالي، وكشفت أن ولد سيداتي، اغتيل نتيجة هجوم شنه مسلحان مجهولان في باماكو، معلنة فتحها تحقيقاً في ملابسات الحادثة.

وتكمن خطورة العملية في أهمية القيادي المغتال كونه يرأس وفد لجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة الموقع في الجزائر بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية المسلحة التي تنشط من أجل استقلال إقليم "أزواد"، حيث تضم التنسيقية ثلاث حركات هي "الحركة العربية الأزوادية" و"الحركة الوطنية لتحرير أزواد" و"المجلس الأعلى لوحدة أزواد".

تصحيح لمسار خاطئ؟

ويقول الباحث في الشؤون المغاربية، سعيد هادف، إن "ما يحدث هو تصحيح لمسار خاطئ بدأ منذ عام 1958 وفق رؤية العديد، عندما صنع المستعمر الفرنسي فيدرالية مالي والسنغال وضم أزواد قسراً إليها، بالتالي فما يدور حالياً له جذور مع الماضي الكولونيالي"، مشيراً إلى أنه "مع تمرد 2012، تكاثرت الحركات السياسية والجماعات المسلحة، وكثرت معها الوساطات من ضمنها الجزائرية والمغربية والبوركنابية والتدخل الفرنسي"، وأضاف أن وساطات السلام كانت تنجح بشكل مؤقت، مشدداً على أن "المسؤول الأول عن فشل المصالحة هم الماليون وبالتحديد النخبة المالية، وبعد ذلك يأتي الخارج"، وختم أن هناك "أطرافاً خارجية تسهر على الصلح، وهي نفسها في حاجة إلى سلام ومصالحة في ما بينها، فالأمر بالغ التعقيد وقد يستغرق وقتاً طويلاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الجزائر تشير إلى الخارج

وتعتبر الجزائر الخاسر الأكبر والمستهدف الأول من العملية الإجرامية، بحسب الشارع الجزائري، على اعتبار أنها ترتبط مع مالي بحدود برية تتجاوز 1000 كيلومتر، ما يجعلها عرضة لتهديدات في حال توترت الأوضاع في الجار الجنوبي. كما أنها قامت بمجهودات جبّارة في دفع الإخوة الفرقاء الماليين للجلوس إلى طاولة الحوار وفسح المجال أمام الحل السياسي السلمي عبر التوقيع على اتفاق السلم والمصالحة، الذي أعادت إحياءه في فبراير (شباط) الماضي بقيادة وزيرها للخارجية صبري بوقادوم، من خلال ترؤسه اجتماعاً في مدينة "كيدال" شمال مالي، جمع مختلف الأطراف الموقعة على اتفاق الجزائر، الأمر الذي جعل توقيت اغتيال أحد الأرقام المهمة في العملية السلمية في مالي ومنطقة الساحل، يطرح التساؤلات، ويثير المخاوف ويزرع الشكوك.

ودانت الجزائر بشدة ما وصفتها بـ"الجريمة الشنعاء" التي راح ضحيتها رجل الإجماع سيدي إبراهيم ولد سيداتي، الذي أدى دوراً رئيساً وحاسماً في المفاوضات وفي تنفيذ اتفاق السلام والمصالحة المنبثق من مسار الجزائر. وقالت وزارة الخارجية في بيان، إن اغتيال أحد أبرز قادة الحركات الأزوادية، يمثل استهدافاً لمسار السلام في المنطقة، مشيرة إلى أن "هذه الجريمة بمثابة محاولة لإفشال مسار تعزيز مؤسسات مالي خلال هذه الفترة الانتقالية، والجهود المبذولة في سبيل تنفيذ اتفاق السلام والحفاظ على وحدة هذا البلد الشقيق".

ودعت الجزائر إلى "تجنيد كل الوسائل الضرورية من أجل توقيف مرتكبي هذه الجريمة التي لا تُغتفر، وتقديمهم أمام العدالة، مع كشف كل من يدعمهم من الخارج والذين أُحبِطَت مخططاتهم بفضل جهود الاستقرار في مالي الشقيق وإرادته في تحقيق انتقال هادئ وحامل لآفاق واعدة". وأضاف أنه "في هذه الظروف الأليمة تتقدم الجزائر بتعازيها الخالصة إلى عائلته وتجدد دعمها الثابت لتنفيذ اتفاق السلام والمصالحة الذي يبقى الإطار الأمثل لتعزيز العودة النهائية والدائمة للاستقرار في مالي، هذا البلد الجار الذي تربطه مع بلدنا علاقات عريقة من التضامن وحسن الجوار".

سيناريوهات

ويعتبر أستاذ العلاقات الدولية، مبروك كاهي، أن العمل يمكن وصفه بـ"الجبان لتوقيته، واستفزازه لانتهاكه حرمة رمضان الشهر الفضيل"، وقال إن "اغتيال سيدي إبراهيم ولد سيداتي، هو خسارة للماليين ككل وللأزواديين بشكل خاص، وكل أنصار السلام في المنطقة، مشيراً إلى أن مفاوضات السلام قطعت أشواط بعيدة ولا يمكن أن تعود لنقطة الصفر لأسباب عدة، أهمها الرغبة المشتركة بين أطراف الأزمة المالية في ضرورة إيجاد حل عادل وسلام قائم على احترام كل مكونات الشعب المالي، والعنصر الثاني والأهم هو أن الجزائر من ترعى وتضمن احترام اتفاق السلام، وهي موضع ثقة الماليين".

ويواصل كاهي، بخصوص من يستهدف إفشال اتفاق السلام، أن هناك العديد من السيناريوهات، لكن كلها تجتمع في أن من يقف وراء ذلك هي أطراف لا يساعدها أن يعود الأمن والاستقرار لدولة مالي، لأن ذلك يضر بمصالحها، وقال إنه "لا يستبعد أن تكون وراء هذا العمل استخبارات دول أجنبية تريد تعكير الوضع والإضرار بمصالح الجزائر وإجهاد جيشها عبر فتح بؤرة توتر جديدة".

مشتبه فيه

في السياق، أفادت وسائل إعلام مالية بأنه تم اعتقال "مشتبه فيه" في اغتيال رئيس تنسيقية حركات الأزواد سيدي إبراهيم ولد سيداتي، بمطار "باماكو"، من بين ركاب متوجهين إلى مدينة "تمبكتو" شمال غربي مالي، مضيفة أن "المشتبه فيه يخضع لتحقيق قضائي، وهو شاب مالي الجنسية يدير شركة مملوكة لوالده المتوفى"، وشددت في تقاريرها على أن "أعداء السلام هم من ارتكبوا أو أمروا بعملية اغتيال رئيس تنسيقية حركات الأزواد".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات