Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسعى في الأمم المتحدة لتحويل اغتيال لقمان سليم إلى العدالة الدولية

ضغوط لإعداد ملف مفصل لغوتيريش وشقيقته تطالب بمحاكمات شبيهة بنورنبيرغ

طالب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي الرئيس بايدن بمحاسبة قتلة لقمان سليم بموجب قانون "ماغنيتسكي" (رويترز)

منذ اليوم الأول لاغتيال الباحث الناشر اللبناني المعارض لـ"حزب الله" لقمان سليم، في الرابع من فبراير (شباط) الماضي، تخوف اللبنانيون من أن تكون عملية الاغتيال حلقة في إطار العودة إلى "مسلسل الاغتيالات" الذي طالما عانى منه ذلك البلد، بعد سلسلة اعتداءات قمعية طالت ناشطين ومعارضين للسلطة، بخاصة بعد "انتفاضة 17 أكتوبر" (تشرين الأول) 2019. ومنها ما حدث في تظاهرة الثامن من أغسطس (آب) 2020 التي خرجت حداداً على ضحايا تفجير مرفأ بيروت (في 4 أغسطس)، وقالت حينها منظمة "هيومن رايتس ووتش" في بيان، "إن القوات الأمنية اللبنانية استعملت قوة مفرطة، وفي بعض الأحيان فتاكة، ضد متظاهرين سلميين في أغلبهم في وسط بيروت، فتسببت بمئات الإصابات"، وذلك بعد أن أطلقت القوات الأمنية الذخيرة الحية، والكريات المعدنية (الخردق)، والمقذوفات ذات التأثير الحركي مثل الرصاص المطاط، على أشخاص، منهم موظفون طبيون، وأطلقت كميات مفرطة من الغاز المسيل للدموع، طالت بعضها محطات الإسعافات الأولية. وشملت هذه العناصر الأمنية بحسب بيان "هيومن رايتس ووتش"، شرطة مجلس النواب وقوى الأمن الداخلي والجيش وقوى غير محددة بملابس مدنية.

مطالبة بتحقيق معمق

وتوالت الإدانات منذ اليوم الأول للاغتيال وعلى لسان أكثر من مسؤول أممي ودبلوماسي. وأرسل رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي غريغوري ميكس، وعضو اللجنة مايكل مكول، مذكرةً في فبراير الماضي، إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، طالباه بموجبها بمحاسبة قتلة لقمان سليم بموجب قانون "ماغنيتسكي". وجاء في نص الرسالة، إن "قانون المحاسبة العالمي لحقوق الإنسان (ماغنيتسكي) قادر على أن يشكل الأداة المناسبة لمحاسبة المسؤولين عن قتل لقمان سليم. نحن نؤمن أن مقتله يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان المتعارف عليها عالمياً، وتمت ممارسته ضد شخص أجنبي سعى إلى ممارسة وترويج الحرية وسيادة القانون، وهو أمر يتطلب فرض عقوبات. نحثك على النظر في استعمال سلطة ماغنيتسكي لتحديد رد مناسب على مقتل سليم. كما ونحثك على النظر في أي معلومات ذات صلة، بما فيها تلك المتعلقة بحكومتَي إيران ولبنان، إذا كان الأمر مناسباً في تحديد هذا الرد". كما دعا خبراء أمميون  ينشطون في مجال حقوق الإنسان، الحكومة اللبنانية في مارس (آذار) الماضي، إلى "ضمان إجراء تحقيق موثوق وفعال في القتل الوحشي للمفكر البارز، السيد لقمان سليم، وتقديم الجناة إلى العدالة".
لكن الجديد في هذا الملف، وفي خطوة متقدمة، هي الأولى من نوعها منذ إنشاء المحكمة الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، هو ما تردد عن تبنى ثلاثة مقررين من الأمم المتحدة، فرع حقوق الإنسان، قضية لقمان سليم، وهم دياغو غارسيا، وسايان وإيرين خان، وموريس تيدبال بينز، وتكمن مهمتهم في "الضغط على المحققين المحليين للقبض على القتلة المأجورين وأسيادهم، وإعداد ملف مفصل يضم ما توافر لهم من معلومات وأدلة، ثم يُرفع إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قبل تعميمه".

ولم يصدر عن الحكومة اللبنانية، أو وزارة العدل، أو الجهات القضائية المعنية، أي تعليق حول هذا الأمر بعد.

عائلة سليم

من جهتها، تخاف رشا الأمير، شقيقة لقمان سليم على كل حامل رأي وفكرة وقضية، وتقول في دردشة مع "اندبندنت عربية" إن "لقمان العملاق حي ولم يرحل". ولطالما حاولت رشا الأمير جاهدة تحذير شقيقها من مخاطر المجاهرة بآرائه المناهِضة لـ "حزب الله" وإيران، وكانت تتصل به مرات عدة للاطمئنان في كل مرة يغادر المنزل، إلا أنه كان يجيبها أن "الحرب سجال". وتقول رشا الأمير إن "السفيه الذي أمر بقتله لم يكن يعرف مَن هو لقمان، وكم يحبه الناس، والذي أرسل مأجوريه لتنفيذ عملية القتل معروف". حزينة هي ليس فقط بسبب ما حل بعائلتها ولفقدانها أخ ورفيق، بل "لأن المنطقة كلها مشتعلة وتعاني من بؤس ودمار وخراب". وعن رأيها بخطوة المقررين الأمميين، تقول، إنها منذ 20 سنة فقدت الثقة بلبنان وبعدالته، وتطالب بمحاكمة "مَن أوصل الناس إلى هذه الحال، في محاكمات شبيهة بمحاكمات نورنبيرغ"، وهي المحكمة العسكرية الدولية التي مثل أمامها مَن تبقى من كبار قادة النازية بعد الحرب العالمية الثانية بتهم ارتكاب جرائم ضد السلام وضد الإنسانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


فقدان الثقة بالقضاء اللبناني

وفي شأن أهمية خطوة المقررين الأمميين، وهل من الممكن أن تصل إلى نتيجة؟ وهل هي من باب فقدان الثقة بالقضاء اللبناني؟ رأى أستاذ مواد القانون الدولي والقانون الدستوري والسياسي، أنطوان سعد، أنه "من الممكن أن تؤدي هذه الخطوة في مرحلة لاحقة إلى إنشاء لجنة تحقيق دولية، وذلك في حال توافر عناصر الجريمة الدولية في عملية الاغتيال، وهي غير متوفرة حتى الآن". وأضاف أن "الجريمة الدولية هي جريمة إبادة أو ضد الإنسانية أو جريمة حرب أو جرائم العدوان والإرهاب".
واعتبر سعد أنه "من الممكن أن هذه الخطوة جاءت في سياق وضع حد لاغتيالات جديدة، وفقدان الثقة بالعدالة"، مضيفاً أن "بعض الدول تملك تقارير، وقد تكون هذه التقارير وردت إلى منظمات دولية، وفي حال التأكد من صحتها وجديتها قد تدعو إلى تحرك دولي".

"حزب الله" ينفي الاتهامات

وكان "حزب الله" رفض على لسان أمينه العام حسن نصرالله، الاتهامات بمقتل لقمان سليم، نافياً أي صلة له بذلك. وقال نصرالله في 16 فبراير الماضي، إن "أي حادثة تقع في منطقتك فأنت المدان حتى تثبت العكس؟ هل من أمر كهذا في الدنيا؟". كما اعتبر الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام للحزب، أن الاتهامات التي وجِهت إلى "حزب الله" باطلة، على قاعدة أن "الحزب لا يمكنه معرفة كل شيء في الجنوب" اللبناني. وقال قاسم في حديث إعلامي، "كانت مفاجأة بالنسبة إلينا كحزب، ونحن لا معلومات لدينا عمن اغتاله وعن سبب الاغتيال"، مضيفاً أنه "قبل نشر أي معلومات عن الاغتيال لاحظنا أن الاتهام ذاهب نحو حزب الله بمبررات غير منطقية. ومبررهم أن الجريمة حدثت في منطقة حزب الله، علماً أن العدو تسلل سابقاً إلى مناطقنا... لم نكن نعرف حينها مسبقاً أن العدو الإسرائيلي سيأتي من خلال استخباراته وينفذ عمليات أمنية". وتابع قاسم قائلاً إن "هناك أجهزة معنية من أمن وقضاء تكشف الحقيقة وليس دورنا أن نكون شرطياً في المنطقة". وتساءل "علام يعتمدون في التهمة التي يرمونها على الحزب؟ إذا كانت لدينا معلومات تفيد التحقيق باغتيال لقمان سليم فسنعطيها للمحققين". ولفت إلى أن "كل اتهام هو اتهام سياسي له علاقة بتعليمات أميركية من أجل تشويه صورة حزب الله".

المزيد من العالم العربي