وصف مسؤولون أميركيون التقارير التي تحدثت عن نية الرئيس الأميركي جو بايدن سحب بعض القوات العسكرية من منطقة الخليج بأنها تمثل "المراحل الأولى من جهوده الرامية إلى تقليص الوجود الأميركي في الشرق الأوسط، بعد عقود من الحضور العسكري في المنطقة"، والبحث عن تعزيز ثقل بلاده في أماكن أخرى من العالم.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن مصدر مسؤول، أن بايدن أعطى توجيهاته ببدء سحب أنظمة دفاعية، بما فيها "ثلاث بطاريات باتريوت على الأقل، من منطقة الخليج، منها واحدة في قاعدة الأمير سلطان الجوية في السعودية، والتي وضعت قبل سنوات عدة لحماية القوات الأميركية الموجودة هناك".
معارك في مناطق أخرى
وفسّر المسؤولون الذين نقلت عنهم الصحيفة نية واشنطن الجديدة، أنها تأتي "لتعزيز قدرات الولايات المتحدة الأميركية في أماكن أخرى من العالم"، مرجحين احتمال نشرها في مناطق أخرى ضمن المنافسة العسكرية النامية في آسيا ضد الصين، أو مناطق تهددها روسيا في أوروبا الشرقية.
ويأتي القرار الأميركي في وقت تتزايد فيه الهجمات الصاروخية والمسيرات على منشآت نفطية سعودية من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
الصحيفة اعتبرت أن إزالة بطاريات "باتريوت" وإنهاء الوجود الدائم لحاملات الطائرات في الخليج، وتخفيف حضور المعدات العسكرية الأخرى، يعني أن عدة آلاف من القوات قد تغادر المنطقة بمرور الوقت.
وقُدر حجم الحضور العسكري الأميركي بحوالى 50 ألف جندي في منطقة الخليج مع نهاية العام الماضي، وذلك بعد تقليص العدد من 90 ألفاً، كانوا حاضرين في ذروة الخلاف بين إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والإيرانيين.
ورفضت مصادر "وول ستريت جورنال" تقديم أية تفاصيل أخرى بخصوص تقليص القدرات العسكرية أو القوات، فيما رفض مسؤولون سعوديون التعليق على الخطط الأميركية.
وفي الوقت الذي شرعت فيه الولايات المتحدة بتقليص قدراتها العسكرية في الخليج، شكّل البنتاغون مجموعة من الخبراء بهدف بناء خطط لمساعدة السعودية في حماية منشآتها وتطوير قدراتها في التصدي للهجمات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما كانت الإدارة الأميركية عزمت على إزالة نظام "ثاد" المكلّف باعتراض الصواريخ الباليستية المتنوعة التي تطلقها أطراف على الأراضي السعودية، إلا أن مسؤولين قالوا إنها ربما تبقي عليها في الوقت الحالي.
وذكرت "وول ستريت" أنه في مقابل تقليص الوجود العسكري، فإن هناك بدائل أخرى مطروحة على الطاولة في شأن السعودية، مثل بيع أسلحة دفاعية مثل الصواريخ الاعتراضية، وتوسيع نطاق تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريب الإضافي وبرامج التبادل العسكري.
"أنظمة الدفاع السعودية تتحسن"
في غضون ذلك، اعتبر مسؤولون أميركيون أن الدفاعات السعودية "آخذة في التحسن، وأن الرياض تبذل جهوداً كبيرة في تعزيز دفاعاتها، بما في ذلك أنظمة صواريخ الباتريوت". ويأتي تقرير الصحيفة في الوقت تمكنت فيه الرياض من إحباط استهداف عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة لأراضيها ومنشآتها الحيوية النفطية. وحول ذلك، أضاف المسؤولون أن السعوديين "فعالون للغاية في مواجهة الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقتها الميليشيات الحوثية اليمنية".
وأكدت التقرير أن الأميركيين لا زالوا ملتزمين بالوقوف إلى جانب السعودية ومواصلة دعمها، بحسب ما أكده مسؤولون عسكريون للرياض.
قواعد ذات مرونة
وكانت تقارير صحافية كشفت مطلع العام الحالي قيام واشنطن بتوسيع انتشار قواتها وتطوير قواعد للاستخدام المزدوج في السعودية، أحد أكبر حلفائها العسكريين والاقتصاديين في المنطقة، تزامناً مع التهديدات الإيرانية المتزايدة، وهو ما لم تنفه تصريحات رسمية.
وذكرت التقارير ذاتها أن واشنطن تعمل بالتعاون مع الرياض على تطوير خيارات الموانئ والقواعد الجوية في الصحراء الغربية للسعودية، لاستخدامها في حال نشوب صراع مع إيران.
وحول ذلك، قال قائد القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط، فرانك ماكنزي، إن "خطة إنشاء القواعد الجديدة ستمنح الولايات المتحدة مرونة إضافية في المنطقة من خلال تعقيد خيارات الخصم". وأضاف، "لن تستخدم القواعد العسكرية لإذكاء حرب مع إيران"، مؤكداً أنها ستكون "ذات استخدام مزدوج وليس للأغراض العسكرية وحسب".
وأوضح ماكنزي أن الخطة ستفتح المجال أمام الولايات المتحدة والسعودية للتفاوض على خطط للاستثمار في البنية التحتية لكل الموانئ التجارية والصناعية في ينبع الساحلية، وقاعدتين جويتين في تبوك والطائف، لجعلها أكثر قابلية لاستخدام الجيش الأميركي، إضافة إلى مواقع أخرى قيد الدرس رُفض تحديدها.
يذكر أن واشنطن أرسلت تعزيزات عسكرية إلى السعودية العام 2019، بعد الهجمات التي تعرضت لها منشآت نفطية تابعة لشركة "أرامكو"، واتهم الحليفان على إثرها إيران بالوقوف خلفها.