دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الناس إلى توخي الحذر لدى الالتقاء بأقاربهم وبالأصدقاء في الأيام المقبلة، بعدما نبه كبير المسؤولين الطبيين في البلاد، إلى أنه سيكون هناك "ارتفاع" في حالات الإصابة بفيروس كورونا نتيجة تخفيف القيود الذي دخل حيز التنفيذ مطلع الأسبوع.
وأوضح جونسون في مؤتمر صحافي عقده في "داونينغ ستريت" أن الرسوم البيانية عن الإصابات ما بين الفئات العمرية اليافعة هي أشبه بـ "السندويشات متعددة الطبقات التي كانت تُباع قديماً في محطات القطارات البريطانية" (في إشارة إلى أن الإصابات بين اليافعين شر لا بد منه)، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من إعادة فتح المدارس في إنجلترا في الثامن من مارس (آذار) الجاري.
بيد أن رئيس الوزراء البريطاني حرص على التأكيد أنه لم يلاحظ في تلك البيانات ما يشير إلى أنه يتوجب على الحكومة أن ترجئ خريطة الطريق التي وضعتها، والتي يُفترض أن يتم بموجبها رفع معظم قيود "كوفيد - 19" في الحادي والعشرين من يونيو (حزيران) المقبل.
وفي الوقت الذي استغل آلاف من الناس في مختلف أنحاء إنجلترا، الحريات الجديدة للالتقاء ضمن مجموعات تصل إلى ستة أشخاص أو أسرتين، وكذلك للمشاركة في ممارسة رياضات في الهواء الطلق، رأى جونسون أن وقوع مزيد من حالات الإصابة بالعدوى هو "أمر حتمي"، وكذلك ارتفاع عدد حالات الاستشفاء والوفيات، خصوصاً إذا ما وصلت الموجة الثالثة من الفيروس التي تجتاح دول القارة الأوروبية الآن، إلى المملكة المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي المقابل، أكد رئيس الوزراء البريطاني أنه تم إبرام صفقة تنتظر موافقة الجهات التشريعية، مع شركة الأدوية العملاقة "غلاكسو سميث كلاين" GlaxoSmithKline، تتعلق بـ"تعبئة وتغليف" لقاح "نوفافاكس"Novavax ، في مصنعها في مدينة بارنارد كاسل، بغية تسليم نحو 60 مليون جرعة مصنعة في المملكة المتحدة (إلى الدول الفقيرة).
وعلى الرغم من ارتفاع معدلات التطعيم بين سكان البلاد، مع تلقي أكثر من 30 مليون شخص جرعتهم الأولى، نصح كريس ويتي كبير المسؤولين الطبيين وباتريك فالانس كبير المستشارين العلميين، الأفراد بتجنب المعانقة أثناء لقاءات أعضاء الأسرة في الهواء الطلق خلال عطلة عيد الفصح.
وأوضح العالِمان أنه فيما تلقى معظم الكبار في السن جرعتهم الأولى من اللقاح، إن لم تكن الثانية، فإن التطعيم لن يكون ذا فاعلية بنسبة مئة في المئة لدى الجميع. وما زال من المتوقع أن يتفشى الفيروس بين فئة الشباب الذين لم يتم تلقيحهم، حتى لو لم يسبب لهم أعراضاً أو أدى إلى دخولهم المستشفى والإصابة بمرض خطير.
وأضاف البروفيسور ويتي أنه "في وقت تقدم فيه البلاد على إعادة فتح تدريجية، على النحو الذي وصفه رئيس الوزراء، فمن المحتم أن يكون هناك بعض الارتفاع في حالات الإصابة بالفيروس، لأن الأشخاص الذين من المرجح أن يلتقطوا عدوى كورونا وأن يقوموا بنقلها، ينتمون إلى فئة الشباب الذين لم يتلقوا اللقاح".
وأشار إلى أنه لن يتم تخفيف إرشادات التباعد الاجتماعي بشكل آمن، إلا بعد تلقيح الأفراد المعرضين لخطر العدوى وأولئك المحيطين بهم على حد سواء.
ولفت البروفيسور ويتي إلى أنه بدأت تظهر دلالات على ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس ما بين الأطفال في سن الدراسة، وذلك بعد إعادة فتح المؤسسات التعليمية في إنجلترا في وقت سابق من هذا الشهر. لكنه توقع أن يكون التأثير "محدوداً" إذا ما واصل الناس اتباع توجيهات التباعد الاجتماعي.
وأقر كبير المسؤولين الطبيين بأن "هناك احتمالاً كبيراً بتسجيل بعض الارتفاع في عدد الإصابات، نتيجة تخفيف القيود، وقد كان ذلك متوقعاً منذ بداية محاولة تحديد المنحى الذي ستمضي فيه خريطة الطريق. لكن إذا التزم الناس قواعد التباعد الاجتماعي واللقاءات في أماكن مفتوحة، فإن خطر انتقال العدوى يظل أقل بكثير مما لو كانوا على مسافة قريبة جداً من بعضهم البعض داخل أماكن مغلقة".
وفي الوقت الذي يتم تخفيف إجراءات الإغلاق في البلاد على نحو تدريجي، دعا رئيس الوزراء البريطاني الناس إلى أن يكونوا أكثر "حرصاً" على التزام نصائح الحكومة التي تمت مراجعتها أخيراً، لا سيما منها تلك المتعلقة بتعقيم "اليدين، ووقاية الوجه، والتزام التباعد، واللقاءات في الهواء الطلق" بما يتوافق مع الأدلة العلمية المتزايدة التي أثبتت أن المخالطات في الهواء الطلق هي أكثر أماناً من تلك التي تحدث داخل أماكن مغلقة.
ولدى سؤال جونسون عما إذا كان بإمكانه أن "يستبعد بشكل قاطع فرض إغلاق آخر"، أجاب رئيس الوزراء البريطاني: "نعم، إذا واصل الجميع الامتثال للإرشادات بحذر كاف، وإذا ما استمررنا في العمل معاً لإبقاء الفيروس تحت السيطرة وإبطال مفاعيله بالطريقة التي نقوم بها. ونعم، إذا تواصلت حملات اللقاحات وحافظت على وتيرة فاعليتها كما تبدو في الوقت الراهن. هذان هما الشرطان اللذان يجب توافرهما".
وأضاف: "أنا متفائل. لم أجد في البيانات التي نملكها حتى الآن أي مؤشر يدفعنا إلى أن نحيد عن خريطة الطريق. لكن يتعين علينا أن نبقي على تواضعنا في الخضوع لقوانين الطبيعة، وأن نكون على استعداد لأن نبذل قصارى جهدنا لحماية أرواح مواطنينا، وهي الغاية التي لطالما التزمناها طوال الوقت".
في المقابل، توقع بوريس جونسون أن يكون أبريل (نيسان) المقبل "شهر الجرعة الثانية" من اللقاح، بحيث تركز مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" NHS في إطار حملتها للتلقيح، على تعزيز مناعة الفئات الأكثر عرضةً لخطر الإصابة بالفيروس، التي كان أفرادها قد تلقوا الجرعة الأولى في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط).
وقال إن "ما نحتاج إلى القيام به هو مواصلة تعزيز المناعة لدى مواطنينا، وتعزيز وسائلنا الدفاعية ضد الموجة المرتقبة"، مضيفاً: "لا نزال نجهل تحديداً مستوى حصانتنا في الوقت الراهن، ومدى صلابة دفاعاتنا ضد أي موجة أخرى محتملة".
وختم جونسون بالقول: "لقد رأينا ما يحدث مع أصدقائنا الأوروبيين. فإذا عدنا في الذاكرة قليلاً إلى الوراء، لوجدنا أنه كان أمامنا على الأقل مهلة زمنية قبل أن تطرق موجةٌ وبائية أبوابنا. لهذا السبب أشدد على أن الانضباط هو التزام واجب على جميع مواطنينا، على النحو الذي أظهروه من قبل لفترة طويلة".
© The Independent