في المملكة المتحدة، يؤمل في أن تتمكن المئات من طيور سنونو الرمل sand martins من التعشيش قريباً في محمية طبيعية في مقاطعة سري Surrey للمرة الأولى منذ 25 عاماً، وذلك بعد أن صمم عدد من حماة البيئة "قلعة رملية" ضخمة بحجم 400 طن بغية جذب تلك الطيور.
في العادة، تزور تلك الطيور الصغيرة الأراضي الرطبة في المحمية الطبيعية "نوتفيلد مارشيس" Nutfield Marshes بين مارس (آذار) وسبتمبر (أيلول) من كل سنة، بعد أن تكون قد قطعت آلاف الأميال مهاجرةً من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بيد أن الطيور التي تزور المحمية في الصيف لم تعشش فيها منذ ربع قرن، ويحذر عدد من أنصار حماية البيئة من أن المواقع الطبيعية الداخلية لتعشيش الطيور في المملكة المتحدة قد تناقصت في السنوات الأخيرة.
يبلغ طول البناء الرملي 20 متراً، وقد استعين في تصميمه بـ"قالب عملاق على شكل دلو" (عبارة عن ألواح خشبية أزيلت بعد تنفيذ التصميم)، وتعقد "سري وايلد لايف ترست"Surrey Wildlife Trust (سري للحياة البرية) الآمال على أن يشكل مكاناً معروفاً - وأكثر سلامة من المقالع الرملية العاملة التي تفضلها سنونو الرمل - لمئات الطيور، حيث تبني أعشاشها وتعتني بصغارها كل عام.
معلوم أن طيور سنونو الرمل تتوسل مخالبها الصغيرة كي تحفر أوكارها في الرمال، يتراوح طولها بين 50 و90 سنتيمتراً، وعادة ما تصنع جحراً صغيراً في نهاية المطاف حيث تضع بيضها.
وطيور سنونو الرمل مخلوقات اجتماعية في طبيعتها، لذا، من المأمول أن تكون قادرة، بفضل الضفة الرملية العملاقة - التي يبلغ عمقها خمسة أمتار، وارتفاعها 1.8 متر - على البقاء سويةً، ذلك أن سطح الضفة الرملي صمم على شكل جدار عمودي معقوف، ما يسمح لها بالخروج من فتحات الأعشاش بحثاً عن أزواج.
وفق جيمس هيرد، مدير المشروع في "سري وايلد لايف ترست": "تراجعت أعداد سنونو الرمل بمقدار الضعفين في الأعوام الخمسين الماضية نتيجة الجفاف الذي طال مناطقها الشتوية في أفريقيا".
وفي المملكة المتحدة، بحسب ما قال هيرد "تناقصت أعداد موائل التعشش الطبيعية على طول ضفاف الأنهار، ذلك أن الأنهار تمر عبر مناطق مأهولة أكثر بالسكان وتحت الطرقات، كذلك توقفت الطيور عن بناء الأوكار. لذا فإن إنشاء تلك المنطقة الرملية، حيث ستبني الطيور أعشاشها، تعد خطوة مهمة كي تسلم سنونو الرمل من حال عدم الاستقرار التي تشوب مواقع تعشيشها التي تدور في حلقة من الازدياد والتناقص، من ثم توفير مزيد من الأمان من أجل زيادة أعدادها."
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
شيد البناء الرملي في "سبينز مير" Spynes Mere - وهي محمية من الأراضي الرطبة تابعة لـ"نوتفيلد مارشيس" أنشئت في الأصل من موقع مستصلح لاستخراج الرمال - وأسهم في تشييده نحاتو رمل محترفون استخدموا "قالباً ضخماً على شكل دلو" مصنوع من ألواح خشبية، بالإضافة إلى حفارات وشاحنات تفريغ.
بغية بناء منطقة التعشيش، بطريقة مشابهة لاستخدام دلو ومجرفة على الشاطئ إنما على "مقياس كبير"، عملت "سري وايلد لايف ترست" مع نحاتي رمل من المجموعة الفنية البريطانية "ساند أن يور آي" Sand in Your Eye لبناء عدد من الهياكل على سبيل التجربة بطول 1.8 متر في منتصف شهر يناير (كانون الثاني) قبل أن تشرع في تشييد البناء الرئيس في فبراير (شباط) الماضي.
قال جيمي واردلي، وهو نحات رمل ومدير "ساند أن يور آي": "استخدمنا رمالاً من الموقع عينه فقط بغية تشييد بناء يبلغ طوله 20 متراً، وعرضه خمسة أمتار، وارتفاعه 1.8 متر بالاستعانة بقالب ضخم على شكل دلو مصنوع من ألواح خشبية".
"أضفنا الماء لإعداد المزيج الصحيح، وضغطنا الرمال، ثم بعد مرور ثلاثة إلى أربعة أسابيع نزعنا الألواح. هكذا، أصبح (البيت المنشود) الجديد جاهزاً الآن لانتقال سنونو الرمل إليه، فيما يترك للطبيعة وتلك الطيور نحت مئات من الأوكار حيث ستبني أعشاشها"، وفق ما قال واردلي.
مدير الموقع، نيك ألمان، قال إن سنونو الرمل تحب أن تعشش في المقالع العاملة، وذلك مرده إلى أنه بعد القيام بأعمال الحفر والجرف تظهر جدران عمودية مغطاة بالرمال، حيث تفضل تلك الطيور بناء أوكارها، ولكن عند العثور على أعشاش الطيور، تضطر المقالع إلى التوقف عن العمل.
"منطقة التعشيش الرملية الخاصة بسنونو الرمل وسيلة لجذب الطيور بشكل طبيعي بعيداً عن المواقع النشطة إلى ملجأ أكثر سلامة لها".
وذكرت "سري وايلد لايف ترست" أن الأسطح العمودية الحديثة المتشكلة في المواقع الطبيعية، إلى جانب منطقة التعشيش الرملية، توفر مئة متر مربع حيث يمكن للسنونو الرمل بناء أوكارها، بالإضافة إلى موطن لحشرات مثل الدبابير الانفرادية (التي تفضل العيش وحدها بعيداً عن المستعمرات) والنحل.
يبقى أنه سيزال حتى متر من قمم الهضاب الرملية سنوياً بغية الحد من أي طفيليات موجودة في الأعشاش، وبعد خمس أو ست سنوات، سيعاد تدوير الرمال من أجل إعادة بناء الضفة الرملية الضخمة كي توفر مأوى للطيور على نحو دائم.
© The Independent