Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحركات "الدستوري الحر" تخلط الأوراق على الساحة السياسية في تونس

توجس من توجهات الحزب الذي تتزعمه عبير موسي وخشية لدى الإسلاميين

تظاهرة شعبية أمام مقر البرلمان في العاصمة التونسية في 26 يناير الماضي (أ ف ب)

تقدم "الحزب الدستوري الحر" في أحدث استطلاع للرأي أُجري في تونس، بفارق 25 نقطة عن "حركة النهضة" الإسلامية، وفسّر مهتمون بالشأن العام في تونس ذلك بأن الحزب الدستوري استفاد من تمسك موقف رئيسته عبير موسي المناهض للحركة الإسلامية، باعتبارها الجهة التي تحملها مسؤولية فشل الحكومات المتعاقبة وسياسات البلاد منذ العام 2011.

ولم يقتصر تقدم الحزب الدستوري الحر على تصدره استطلاعات الرأي، بل تُرجم أيضاً بالتجمعات الشعبية الواسعة التي قام بها الحزب في مختلف المناطق التونسية، كان آخرها اجتماع صفاقس (جنوب)، الذي أظهر شعبية الدستوري الحر ورئيسته عبير موسي، لكن على الرغم من توسع شعبية الحزب لا تزال فئة مهمة من التونسيين لا تثق بوريث حزب "التجمع الدستوري" المنحل، ولا يثقون بزعيمته موسي، التي كانت محسوبة على الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، الذي حكم البلاد قبل الثورة بقبضة من حديد.

موسي تطالب بدستور جديد

وكانت موسي قالت السبت الماضي في ذكرى استقلال تونس، خلال تجمّع شعبي بمحافظة صفاقس جنوب تونس، إنه "لا حل إلا بوضع دستور جديد للبلاد". واعتبرت موسي أن ذكرى الاستقلال "فرصة لتوحيد الصف الوطني الشعبي التونسي ضد الإخوان وهيمنتهم". وأضافت أن "افتقار القوى الديمقراطية في تونس لقوة الصبر والمحبة مع قواعدها وخضوعها لتهديدات رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وجماعته، أفقدها الثقة بانتصار هذه القوى للتونسيين".

ودعت موسي التونسيين إلى "الوقوف بقوة إلى جانب وطنهم وإنقاذه من السماسرة السياسيين والمدسوسين في الشعب، ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني".

الوجه الاستبدادي

في السياق، يقول الصحافي التونسي صبري الزغيدي إنه "من الطبيعي أن تبرز تخوفات حول إمكان أن يُظهر حزب عبير موسي الوجه الاستبدادي القديم لحزب التجمع المنحل"، معبراً عن اعتقاده أن "هناك مؤشرات واقعية لذلك، أهمها موقف الحزب الدستوري من التحركات الاحتجاجية الشبابية الأخيرة المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية والاجتماعية، والتي على أثرها سُجن آلاف الشباب والأطفال". وذكّر الزغيدي بموقف "الدستوري الحر" حينها الذي "ندد بتلك التحركات ووصفها بالتخريبية، زيادة على موقفه المساند للنقابات الأمنية خلال الاحتجاجات التي اندلعت بعد ذلك، للمطالبة بإطلاق المساجين وموقوفي التحركات الاحتجاجية". وأضاف الزغيدي "أما من المسائل القاتلة لهذا الحزب، والتي لا يخجل من إخفائها، السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي يؤمن بها والتي سينفّذها إن تسلم السلطة، وهي السياسات والرؤى ذاتها التي أثبتت فشلها سابقاً، والمرتبطة بالقوى المالية العالمية التي ضربت اقتصادات بلدان عدة ومنها تونس".

واستنتج الزغيدي أنه "إذا تسلّمت موسي الحكم وطبقت رؤيتها الاقتصادية التي لا تختلف عن رؤية الإخوان المسلمين أو حتى بن علي، والتي ستكون لها تداعيات من الفقر والتهميش والبطالة والارتفاع المهول في الأسعار واهتراء قدرة المواطنين الشرائية، حينها سيخرج الشباب للاحتجاج كما خرج أخيراً للاحتجاج على الأخوان المسلمين. أتصور وقتها أن الدستوري الحر سيزج بالشباب المحتج في السجون، وسيمنع على الناس حقها في التظاهر السلمي مثلما فعل الإخوان أخيراً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


دفن جوهر المعارك

من جهة أخرى، رأى الباحث السياسي خليل الرقيق أن "عبير موسي وحزبها لم يتصدرا استطلاعات الرأي المسبقة وحسب، بل جرى تطبيق ميداني لهذه الاستطلاعات على أرض الواقع"، موضحاً أن "هناك ثلاث محطات أساسية، وهي اجتماع سوسة ثم اجتماع باحة بالشمال الغربي وأخيراً اجتماع صفاقس الذي أثبت شعبية جارفة للدستوري الحر، حيث كان الحضور غير مسبوق".

واعتبر الرقيق أن "كل ذلك من شأنه أن يحرك داخل الممسكين بالسلطة وخاصة حركة النهضة، رغبة في محاولة الحد من توسع عبير موسي وحزبها، إذ هناك توجس من انتصارها في انتخابات سواء مبكرة أو في وقتها"، موضحاً أن "الذي يجري الآن من تفاصيل ومعارك محاولة من حركة النهضة عبر أذرعتها التكفيرية أو المتنكرة بالصبغة المدنية، لدفن جوهر المعركة في التفاصيل، أي بالمعارك الصغيرة المتمثلة فيمن عنّف من؟ ومن انتزع هاتف من؟ ومن اشتبك مع الصحافيين؟ وغيرها من التفاصيل".

وتابع الرقيق المقرب من "الدستوري الحر" قائلاً إن "هذه كلها محاولات لدفن المعركة الجوهرية التي خسرتها حركة النهضة بامتياز، ونذكر مثلاً ظهور حركة النهضة في اللحظة الأخيرة قبل حل اعتصام الدستوري الحر أمام مقر اتحاد علماء المسلمين، مما يثبت أن النهضة أعلنت انحيازها إلى هذه الجمعية الإخوانية".

وقال، "ثبت أن الإسلاميين والخط المتطرف في تونس يتحركون ضد الأجهزة السيادية إذا تعلّق الأمر بمصالح حلفائهم من حركة الإخوان المسلمين، وكل هذا التوجس من أن حزب الدستوري الحر تحول من مجرد حزب يسترجع أنفاسه إلى ظاهرة شعبية ممتدة أفقياً من خلال الاجتماعات الشعبية. هناك حال شعبية اليوم منفصلة عما يُظهر في الساحة السياسية بأن عبير موسي خسرت المعركة".

نكسة حقيقية

في المقابل، تطرقت النائبة عن "حركة النهضة" يامينة الزغلامي إلى وضع "الحزب الدستوري الحر"، من دون أن تسميه، فرأت أنه يعيش "نكسة حقيقية"، معتبرة أنه "في القانون الانتخابي الحالي يمكن أن يحكم تونس في انتخابات عام 2024، الشعبويين في البرلمان أو في رئاسة الجمهورية وبالتالي سنرجع خطوات إلى الوراء".

إلا أن الزغلامي رأت في الوقت ذاته أن هناك قدرة على "تجاوز كل هذا من خلال التوافق حول تنصيب المحكمة الدستورية، وتحمل رئيس الجمهورية مسؤوليته في تقديم مقترحاته لأعضاء المحكمة"، مواصلة "لا بد أيضاً من تعديل القانون الانتخابي الذي سيحدد شروط الترشح للانتخابات". وأضافت "غايتنا ليست الإقصاء بقدر تنقية الساحة السياسية، وأن نثبّت الديمقراطية في الانتخابات المقبلة".

المزيد من العالم العربي