Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما نجاحات وإخفاقات بايدن بعد شهرين من تسلمه البيت الأبيض؟

تحديات كثيرة تنتظره والانتصار على كورونا هدفه الأول

قد يكون بايدن تعمد استخدام الحيلة القديمة التي تنصح بخفض سقف الوعود والإفراط في التنفيذ لبلوغ هدفه (رويترز)

بعد مرور شهرين على توليه السلطة في البيت الأبيض، نجح الرئيس الأميركي جو بايدن في تنفيذ عدد من تعهداته الانتخابية الداخلية والخارجية، لكنه أيضاً أخفق في تحقيق أهداف أخرى بينما يواجه عقبات وتحديات محلية ودولية ربما لم تكن في حسبانه، فما أهم إنجازات وإخفاقات الرئيس الـ46 للولايات المتحدة خلال الـ60 يوماً الماضية، وما أبرز التحديات الماثلة أمامه قبل موعد الـ100 يوم الأولى من تسلمه سدة الحكم في الولايات المتحدة؟

هدفه الأول

في سعيه لمحاكاة المعيار الذي وضعه الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت خلال فترة الكساد الكبير، كان القضاء على وباء كورونا، ولا يزال، الهدف الأول لبايدن، فمن دون وجود هذا الوباء ربما لم يكن له أن يصل إلى السلطة ويهزم خصمه دونالد ترمب، وبفضل التأثير الكبير الذي ينتظره بايدن سيرى الأميركيون الضوء في نهاية النفق بعد عام تقريباً من بدء عمليات الإغلاق لأول مرة.

وقد يكون بايدن تعمد استخدام الحيلة القديمة التي تنصح بخفض سقف الوعود، والإفراط في التنفيذ لبلوغ هدفه، فقد استغرق الأمر نحو 50 يوماً فقط للوفاء بوعده بتوفير 100 مليون لقاح للأميركيين قبل مرور 100 يوم من حكمه، والآن تجاوز الهدف إلى 124 مليون لقاح بعد 60 يوماً فقط من قيادته البلاد، في حين تعهد بتلقيح جميع الأميركيين البالغين قبل عيد استقلال الولايات المتحدة في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، وهو ما سيعد نقطة تحول في حرب أميركا ضد الفيروس وإنجازاً آخر يحسب لبايدن إذا استكملت خطته بحسب الجدول المحدد.

نقطة انطلاق

صحيح أن الرئيس الأميركي ورث وباء "كوفيد-19" بعد ما نجح ترمب في تمويل عملية إنتاج اللقاحات والبدء في توزيعها بعد شهر من موعد الانتخابات، إلا أن الإصابات بالمرض كانت في ذروتها خلال يناير (كانون الثاني)، وأتاح له ذلك فرصة لا تتكرر إلا نادراً لإظهار قوة خطة الإنقاذ الاقتصادية التي اعتمدها الكونغرس وتصل قيمتها إلى 1.9 تريليون دولار للمساهمة بشكل فعال وسريع بتلاشي الفيروس في الولايات المتحدة بحلول الصيف، وفي الوقت نفسه، فإن الطفرة الاقتصادية الناتجة عن هذه الخطة ستمنح بايدن نقطة انطلاق للقيام بكل الأشياء التي لم يكن من الممكن تصورها في السابق.

شعبية تتزايد

ولا شك أن هذه الحزمة الاقتصادية الضخمة التي تعد من بين الإنجازات التشريعية الأكثر أهمية لأي رئيس حديث في الأيام الـ100 الأولى، ساعدت الطبقتين الوسطى والفقيرة في تجاوز محنتها والارتقاء بأحوالها المعيشية وإعفائها من أعباء وعثرات مالية، وهو ما أكسب الرئيس الأميركي شعبية تجاوزت 53 في المئة بين الأميركيين حتى قبل البدء في ضخ الأموال في جيوب الأميركيين، وهو رقم لم يحققه كثيرون من الرؤساء السابقين خلال شهرين من الحكم ويعد نجاحاً تاريخياً، كما كشف استطلاع أجراه مركز "بيو" للأبحاث أن 70 في المئة من البالغين في الولايات المتحدة يفضلون حزمة الإنقاذ التشريعية لتحفيز الاقتصاد بما في ذلك 41 في المئة من الجمهوريين، وأشار استطلاع منفصل أن 70 في المئة من الأميركيين يوافقون على تعامل الرئيس مع كورونا.

فشل داخلي

ومع ذلك، لم ينجح بايدن، الذي كان عضواً في مجلس الشيوخ لنحو أربعة عقود قبل أن يصبح نائباً للرئيس في إدارة باراك أوباما ثم رئيساً في نهاية المطاف، في تحقيق تعهده بإعادة توحيد الأمة الأميركية أو تحقيق التوافق بين الديمقراطيين والجمهوريين في مبنى الـ"كابيتول هيل"، فقد فشل فشلاً ذريعاً على تلك الجبهة حتى الآن، ولم يصوت عضو جمهوري واحد لصالح خطة الإنقاذ الاقتصادي التحفيزية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وما يزيد من حالة الجفاء مع الجمهوريين، أن الرئيس بايدن بدأ يتخذ مواقف أكثر تشدداً حيال ملف التوافق، فقد صرح قبل أيام مطالباً بتعديل آلية التعطيل في مجلس الشيوخ لتكون شفهية بدلاً من كونها مكتوبة، وهي آلية تسري منذ عقود في مجلس الشيوخ لإقرار غالبية القوانين بأغلبية 60 صوتاً من مجموع 100 صوت، وإذا شرع الديمقراطيون في تعديل أو إلغاء آلية التعديل والعودة إلى مبدأ الأغلبية النسبية، فإن ذلك ينذر بتعزيز حالة الاستقطاب والتباعد بين الحزبين الكبيرين.

وعلى الجانب الآخر، واجه الرئيس بايدن انتقادات من التقدميين في الحزب الديمقراطي لعدم قيامه بالقتال بجدية للحفاظ على بند في مشروع خطة الإنقاذ لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 دولاراً.

وفي الوقت نفسه، فإن ارتفاع عدد المهاجرين القادمين من المكسيك على الحدود واحتمالات إغلاق المعابر الحدودية، يعقد تعهد بايدن باتباع نهج أكثر إنسانية تجاه الهجرة من سلفه.

تحديات خارجية

وما زال بايدن يواجه عدداً كبيراً من التحديات المعقدة على جبهة السياسة الخارجية، فهناك عقبات أمام خطته لاستعادة الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مع تعنت إيران ورفضها التفاوض مع إدارته إلا بعد رفع العقوبات التي فرضتها إدارة ترمب، بل ومهاجمة الجماعات الوكيلة لإيران عدداً من القواعد الأميركية في العراق كنوع من الضغط على إدارة بايدن.

 كما واجه الرئيس الأميركي انتقادات من الحزبين في الكونغرس بشأن أول عمل عسكري كبير خلال رئاسته، والذي تمثل في الضربات الجوية التي استهدفت الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا في أواخر فبراير (شباط) الماضي.

منافسة مريرة

ومن الواضح أن الرئيس جو بايدن يتوقع حقبة جديدة من المنافسة المريرة بين القوى العظمى، والتي ربما تميزت بأسوأ علاقة تربط واشنطن بروسيا منذ سقوط جدار برلين ومعها الصين منذ أن فتحت العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة.

ولا يخفى أن المعركة كانت تختمر منذ سنوات، حين اتخذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ توجهات حادة نحو الاستبداد، لكن ضجيج المعركة المكتوم نسبياً، خرج إلى العلن قبل أيام حين وافق بايدن على وصف بوتين بأنه قاتل، وحينما ألقى الصينيون محاضرات على الأميركيين الذين اجتمعوا معهم لأول مرة في ألاسكا، حول خطأ غطرستهم بأن العالم يريد نسخة طبق الأصل من نموذجهم في الحرية.

لكن يبدو أن الجانبين كانا يستعرضان مواقفهما أمام الكاميرات لمخاطبة جمهورهما المحلي أكثر من كونهما في معركة حقيقية، فقد أعادت هذه المشاهد إلى الذاكرة أيام الأداء الدبلوماسي المسرحي للزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف، عندما تصدر عناوين الصحف حول العالم قبل 60 عاماً بعد ما طرق بحذائه على مكتب في الأمم المتحدة معترضاً على الإمبريالية الأميركية.

 ولا يبدو أن الحرب الباردة قد استؤنفت في ظل قليل من المخاطر النووية في الوقت الراهن، وانحسار المنافسة الحالية حول التكنولوجيا والصراع السيبراني وعمليات التأثير، غير أن النهج الذي تتبعه إدارة بايدن بالاعتماد على التحالف الغربي والآسيوي في مواجهة الصين، يحتاج إلى التريث وضبط حسابات الولايات المتحدة وإيقاعات تحركها في المستقبل.

عامل الخبرة

ومع ذلك، تظل لدى بايدن مجموعة من العوامل الإيجابية التي قد تساعده في تنفيذ أجندته السياسية، لعل أحد أهمها حتى الآن في السياسة الداخلية، يعود إلى خبرته الطويلة داخل المطبخ السياسي الأميركي، فمن بين نواب الرئيس الذين تولوا الرئاسة في الولايات المتحدة، يمكن فقط مقارنة جورج بوش الأب بفترة ولاية بايدن، ومع ذلك تظل خبرة بايدن الممتدة على مدى 44 عاماً كنائب للرئيس وعضو في مجلس الشيوخ لا تضاهيها خبرة سواء كان ذلك بالنسبة لبوش الأب أو ريتشارد نيكسون أو ليندون جونسون.

وعلى الرغم من أن قواعد السياسة الأميركية، تشير إلى أن خبرة ممارسة العمل السياسي لفترة طويلة في واشنطن قد يكون لها تأثير كبير ضد المرشح في ذهن الجمهور، إلا أنه في الممارسة العملية، تعد الخبرة مهمة للغاية، ذلك أن المعرفة والثقة مع اللاعبين الرئيسيين في مبنى الـ"كابيتول هيل"، يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً في إبرام الصفقات السياسية داخل الكونغرس.

وينطبق الأمر نفسه على فريق بايدن، فعلى سبيل المثال، تعد جانيت يلين هي الشخصية الأكثر تأهيلاً لمنصب وزيرة الخزانة الأميركية، بعد أن أدارت مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) ومجلس كلينتون للمستشارين الاقتصاديين، كما لعب رون كلاين، رئيس موظفي البيت الأبيض، دوره الحالي مع اثنين من نائبي الرئيس وترأس استجابة أميركا لوباء فيروس الـ"إيبولا" في السابق.

شخصية بايدن

بمعايير معظم رؤساء الولايات المتحدة، فإن شخصية بايدن المتواضعة وكونه في الـ78 من العمر وعدم عقد مؤتمر صحافي له حتى الآن، ربما كانت من أسباب زيادة حجم الانتقادات الموجهة إليه، لكن هناك من يرى أن أفضل أنواع السياسة هو أن تحكم وتحقق أهدافك التي حددتها وتعهدت بها أمام الشعب، لا أن تقلق بشأن ما يعتقده الناس في قائد البلاد، وليس من الضروري أن يكون الرئيس نجماً ليحكم أميركا، ولكن من الضروري التحرر من القيود التي تحول دون القيام بالمهمة الرئاسية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل