Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إشكالية قانونية في سعي جونسون إلى زيادة الأسلحة النووية

خططه بشأن مخزوناتها تهدد بانتهاك القانون الدولي

تصريحات جونسون بشأن زيادة المخزون النووي البريطاني تركت أصداء متنوعة (غيتي)

حذّر ناشطون وخبراء من أن خطة بوريس جونسون بشأن زيادة حجم مخزون المملكة المتحدة من الأسلحة النووية، قد تشكل انتهاكاً للقانون الدولي.

إذ أفادت مراجعة دفاعية متكاملة أجرتها الحكومة أن المملكة المتحدة سترفع سقف ترسانتها النووية بـ40 في المئة لتصل إلى 260 رأساً حربية.

وفي وقت سابق، تعهدت المملكة المتحدة خفض مخزونها [النووي] إلى 180 مع حلول منتصف عشرينيات القرن الحادي والعشرين. في المقابل، لفتت المراجعة الحكومية إلى أن تلك السياسة ستتغير "اعترافاً بالبيئة الأمنية المتطورة، بما في ذلك تنامي نطاق التهديدات التكنولوجية والعقائدية".

واستطراداً، يأتي الإعلان على الرغم من أن المملكة المتحدة وقّعت معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي تلزم الحكومة بنزع السلاح النووي تدريجاً بموجب القانون الدولي، وقد التزمت الإدارات الحكومية المتعاقبة بتلك السياسة. وتضيف المراجعة أيضاً أن المملكة المتحدة تحتفظ بالحق في سحب الضمانات التي تؤكد أنها لن تستخدم الأسلحة النووية ضد دولة غير مسلحة نووياً "إذا جعل التهديد المستقبلي لأسلحة الدمار الشامل كالقدرات الكيماوية والبيولوجية، أو التكنولوجيات الصاعدة التي قد تخلف أثراً مماثلاً، [جعل] تلك الخطوة ضرورية".

وتستند معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إلى وعد من الدول المسلحة نووياً بعدم استخدامها البتة، ضد دول غير مسلحة نووياً، ما يعتبر حافزاً هدفه دفع تلك الأخيرة إلى عدم السعي إلى امتلاك ترسانة نووية خاصة بها.

في ذلك الصدد، انتقد حزب العمال البريطاني خطط زيادة حجم المخزون [النووي]، على الرغم من تأييد الحزب تجديد غواصات "ترايدنت" Trident (المحملة بصواريخ باليستية نووية تشكل قوة الردع البريطانية) في شكل عام. إذ أوضح (زعيم حزب العمال) السير كير ستارمر في مجلس العموم، لقد "صوتت لمصلحة تجديد" (غواصات) ترايدنت، وإن دعم حزب العمال للردع النووي أمر غير قابل للتفاوض، لكن هذه المراجعة [الحكومية] تكسر هدف رؤساء الوزراء المتعاقبين والجهود التي تبذلها الأطراف في خفض مخزوننا النووي. وكذلك فإنها لا تفسر التوقيت أو السبب أو الغرض الاستراتيجي [من تلك الخطوة]". وأضاف زعيم حزب العمال، "من أوروبا إلى المحيط الهندي، تتمتع هذه الحكومة الآن بسمعة خرق القانون الدولي وليس الدفاع عنه".

وعلى نحو مماثل، وصف هانس كريستنسن مدير "مشروع المعلومات النووية" Nuclear Information Project (منظمة غير حكومية)، إعلان المملكة المتحدة بأنه "مخيب للآمال إلى حد عميق". وأضاف، "من شأن ذلك أن يجعل بريطانيا دولة منتهكة التزاماتها بموجب المادة السادسة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية". وأشار إلى أن حكومة المملكة المتحدة أقرّت علناً في 2015 بأن خفض حجم الترسانة النووية يشكل جزءاً من التزامات المملكة المتحدة بموجب المعاهدة.

وتذكيراً، فقد ورد في خطاب ألقته وزيرة الدولة في وزارة الخارجية البريطانية البارونة أنيلاي أمام الأمم المتحدة في 27 أبريل (نيسان) 2015، إن المملكة المتحدة "تظل ملتزمة التزاماً راسخاً بنزع السلاح خطوة خطوة، وكذلك الحال بالنسبة إلى التزاماتنا بموجب المادة السادسة [من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية]". وكذلك اقترحت البارونة اتخاذ إجراءات بهدف الوفاء بتلك الالتزامات، بما في ذلك خفض "العدد الإجمالي للرؤوس الحربية المتاحة تشغيلياً إلى ما لا يزيد على 120"، وخفض "إجمالي مخزوننا إلى ما لا يزيد على 180 مع حلول منتصف عشرينيات القرن الحادي والعشرين".

وردّاً على السياسة الجديدة، ذكرت المديرة التنفيذية لـ"الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية" International Campaign to Abolish Nuclear Weapons ICAN (منظمة غير حكومية)، بياتريس فين، "إن قراراً تتخذه المملكة المتحدة بشأن زيادة مخزونها من أسلحة الدمار الشامل في خضم جائحة، يشكل قراراً غير مسؤول وخطير وينتهك القانون الدولي. وفي حين يعاني الشعب البريطاني في التكيّف مع الجائحة، وأزمة اقتصادية، والعنف ضد النساء، والعنصرية، تختار الحكومة زيادة غياب الأمن والتهديدات في العالم. ما يشكل ذلك ذكورة سامة واضحة" toxic masculinity. وأضافت، "في حين تقود أغلب بلدان العالم الطريق إلى مستقبل أكثر أمناً من دون امتلاك أسلحة نووية بالانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية، تسعى المملكة المتحدة إلى سباق جديد خطير في هذا المجال".

وفي بيان آخر، اقترحت المنظمة توجيه اللوم إلى المملكة المتحدة خلال المؤتمر المقبل لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، المقرر عقده في أغسطس (آب) في الأمم المتحدة. وأضاف البيان، "إن المملكة المتحدة ملزمة قانوناً بالسعي إلى نزع السلاح، بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وستجتمع الدول قريباً لمراجعة نجاح المعاهدة، وعندما تفعل، سيكون لزاماً على المملكة المتحدة أن تتحمل مسؤولية تصرفاتها". وتذكيراً، فازت "الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية" بجائزة نوبل للسلام في 2017 عن "جهودها الرائدة الرامية إلى تحقيق حظرها المستند إلى معاهدة". وتوضيحاً، تُلزِمْ المادة السادسة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي وقعتها بريطانيا، البلدان بـ"السعي بنية حسنة إلى مفاوضات في شأن التدابير الفاعلة المتصلة بوقف سباق التسلح النووي في وقت مبكر، ونزعه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي سياق متصل، وفق كايت هدسون الأمينة العامة لـ"حملة نزع السلاح النووي" (منظمة غير حكومية) في المملكة المتحدة، "يتعارض قرار زيادة الترسانة النووية البريطانية تماماً، مع التزاماتنا القانونية بموجب معاهدة عدم انتشارها. إذ لم تفشل المملكة المتحدة في اتخاذ الخطوات المطلوبة نحو نزع السلاح فحسب، بل تشرع عمداً بشكل نشط، للانخراط في سباق تسلح جديد، فيما جدد الرئيسان بايدن وبوتين خفضها في المعاهدة التي تربط بلديهما". وأضافت، "على بريطانيا ألا تتحمل مسؤولية دفع العالم إلى حرب نووية. فهذا التحرك خطير وغير مسؤول، ولا بد من عكس اتجاهه".

وفي حديث جرى قبل نشر هذه المراجعة، وصف (وزير الخارجية) دومينيك راب زيادة مخزون الأسلحة النووية بأنه "بوليصة تأمين قصوى" ضد تهديدات الدول المعادية.

وعندما سُئِلَ عن السبب الذي جعل الحكومة راغبة في إنهاء ثلاثين سنة من النزع التدريجي للأسلحة، أشار السيد راب في برنامج "توداي" الذي تبثه القناة الإذاعية الرابعة التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إلى إنه "بمرور الوقت، ومع تغير الظروف والتهديدات، يتعيّن علينا أن نحافظ على الحد الأدنى من مستوى جدير بالثقة للردع. لماذا؟ لأن ذلك يشكل الضمانة المطلقة، أو بوليصة التأمين القصوى، ضد أسوأ تهديد قد تفرضه دول معادية".

في المقابل، لقيتْ تلك الخطط انتقاداً من قِبَل الحزب القومي الإسكتلندي، الذي يحكم إسكتلندا، حيث توجد الترسانة النووية بالفعل.

إذ أعرب الناطق باسم الحزب في مجال الدفاع، ستيوارت ماكدونالد، عن قناعته بإن "تجديد الأسلحة النووية في "ترايدنت" قرار مخزٍ ورجعي بالفعل، لكن زيادة الحد الأقصى في عدد الأسلحة التي تستطيع المملكة المتحدة أن تخزنها ضمن "ترايدنت"، بأكثر من 40 في المئة، لا يمكن وصفها بأقل من بغيضة. إذ تشير إلى أولويات الإنفاق لدى حكومة المحافظين، وتؤكد أنها [الحكومة] عازمة على زيادة مجموعتها من أسلحة الدمار الشامل، التي ستُخزَّن ويتراكم عليها الغبار ما لم تكن لدى المملكة المتحدة خطط لإبادة شعوب بأكملها من دون تمييز، بدلاً من معالجة التحديات والتفاوتات الخطيرة في مجتمعنا الذي أصبح أكثر عُرضة إلى الخطر بسبب هذه الجائحة".

وعندما سُئِل الناطق الرسمي باسم بوريس جونسون عن السبب الذي تريد المملكة المتحدة أن ترفع سقف مخزونها من الأسلحة النووية، ردّ مشيراً إلى إنه "في السنوات الأخيرة، شهدنا دولاً مسلحة نووياً تتجاهل المعايير الدولية. ولا زالنا نعتقد أن أفضل وسيلة لحماية أنفسنا وحلفائنا في حلف شمال الأطلسي يتمثّل في أن نضمن توفر الردع النووي الجدير بالثقة".

وأضاف، "إن الرقم 260 يمثل سقفاً وليس هدفاً. وسنواصل إبقاءه قيد المراجعة في ضوء مناخ الأمن الدولي وإجراء التعديلات اللازمة".

وكذلك لاحظ الناطق نفسه إن التكلفة المتوقعة للقدرات النووية الإضافية ستكون علنية "في الوقت المناسب"، لكنه أشار أيضاً إلى أن الحكومة ملتزمة بالحفاظ على "الحد الأدنى من الردع المستقل الجدير بالثقة".

وأضاف، "لا تطلب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية منا أن نخفض عدد الرؤوس الحربية. وما رأيتموه في المراجعة المتكاملة يتفق مع التزاماتنا بموجب المعاهدة".

وفي صورة عامة، لا يزال امتلاك الأسلحة النووية منحصراً في تسعة بلدان في العالم، ما من شأنه أن يجعل المملكة المتحدة متخلفة عن أغلب جيرانها الأوروبيين.

ويشار إلى أن فرنسا تمثّل الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تملك أسلحة نووية. وتضم قائمة الدول النووية الأخرى المعترف بها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، الولايات المتحدة وروسيا والصين.

كذلك تملك الهند وباكستان وكوريا الشمالية هذه الأسلحة، ومن المفهوم عموماً أن إسرائيل تملكها لكنها لا تعترف علناً بوجودها.

ويأتي الادعاء بأن المملكة المتحدة تنتهك القانون الدولي في شأن التزاماتها نزع السلاح النووي، بعد سابقة اعتراف الحكومة بخرق هذا القانون في سياق بريكست. وكانت الحكومة  قد بررت ذلك (الانتهاك) بأنه مقبول لأن القانون لم يُخالَف إلا على نحو "محدود ومحدّد".

© The Independent

المزيد من دوليات