Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السباق نحو البرلمان يحدث هزات داخل أقدم أحزاب الجزائر

صراع على مستوى القيادة في "جبهة التحرير الوطني" و"حزب العمال" يقاطع

يبدو أن السباق نحو البرلمان الجزائري الذي انطلق باكراً على غير العادة، سيُحدِث هزات داخل الأحزاب ستكون نتائجها غير متوقعة، كما سيكشف عن مفاجآت، برز أولها من خلال إعلان حزب العمال اليساري مقاطعة الانتخابات المفترض إجراؤها في 12 يونيو (حزيران) المقبل.

تصدعات حزبية

ويعيش حزب "جبهة التحرير الوطني" الذي حكم البلاد منذ الاستقلال إلى حين سقوط نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، على وقع احتجاجات رافضة لاستمرار الأمين العام، أبو الفضل بعجي في منصبه، يقودها قياديون وأعضاء من اللجنة المركزية للحزب، صعّدوا معارضتهم ووجهوا رسالة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يطالبونه فيها بـ"التدخل ووضع حد لتجاوزات رئيس الحزب أبو الفضل بعجي، التي راح ضحيتها مناضلون من الأسرة الثورية وغيرهم ممَن صنعوا الانتصار في الانتخابات الرئاسية المنصرمة". وبحسب ما جاء في الرسالة، فإن "عملية إفراغ الحزب من المناضلين واستبدالهم بدخلاء، خلقت فتنة وصراعات، وتسببت بموجة استقالات جماعية زادت عزلة الحزب وتقزيم دوره والحد من فعاليته، ما يحتم الانتفاضة لتصويب الوضع القانوني والخط النضالي". وهدد القياديون المعارضون باللجوء إلى القضاء لنزع الصفة عن الأمين العام الحالي، ووقف تمثيله للحزب ومنع إصدار القرارات باسمه وصرف الأموال، وإلغاء قرارات العزل التي طاولت مسؤولين حزبيين محليين.
لكن بعجي، رد في مؤتمر صحافي على معارضيه، متهماً إياهم بمحاولة الضغط عليه لإرغامه على القبول بتقديم قوائم محددة في الانتخابات التشريعية المقبلة. واتهم بعجي معارضيه بالانتماء "إلى جماعات المال السياسي التي كانت تسيطر على الحزب". وقال "مَن استفاد من الحزب سابقاً يريد أن يواصل الضغط اليوم من خلال محاولة التحكم بالأمين العام وممارسة الضغوط، وهو ما لن نقبل به"، مضيفاً أن "هؤلاء يريدون التموقع في الاستحقاقات المقبلة ليس إلا، والبعض منهم تاجر بأموال الحزب".

مقاطعة للمرة الأولى منذ 30 سنة

من جهة أخرى، قرر "حزب العمال" للمرة الأولى منذ 30 سنة، عدم المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، وبررت زعيمته لويزة حنون في ندوة صحافية، القرار بعدم "قدرة الانتخابات على تصحيح القرارات غير الاجتماعية المتخذة من طرف الحكومة"، معتبرةً أن "هذه الانتخابات لن تخفف من معاناة غالبية الشعب المرهقة، وهي ليست مطلباً شعبياً". وأكدت حنون أن قرار الحزب استراتيجي وليس تكتيكياً، مضيفة أن "نتائج الانتخابات محسومة مسبقاً، والمنافسة مغلقة من طرف النظام".
ويتجه "حزب العمال" من خلال قراره مقاطعة الانتخابات، إلى قيادة المعارضة، مستغلاً التقارب اللافت بين تشكيلات سياسية كانت حتى وقت قريب محسوبة على المعارضة، مع السلطة الحالية. كما يحاول الحزب استثمار سَجن أمينته العامة في إطار ما يُعرف بـ"التآمر على الدولة وسلطة الجيش".

تحالف انتخابي وحكومي؟

في السياق، دعا حزب "حركة البناء" الإسلامي، القوى السياسية المشارِكة في الانتخابات البرلمانية المبكرة، إلى إقرار "ميثاق الشرف الانتخابي" للحفاظ على نزاهة الاستحقاق وضمان التنافسية الشريفة، وإلى تشكيل تحالف انتخابي يمتد إلى ائتلاف حكومي لمرحلة ما بعد الانتخابات المقبلة. وأوضح رئيس حزب "حركة البناء" عبد القادر بن قرينة، أن "الحركة تدرس مبادرة إنشاء تحالف يسبق إجراء انتخابات 12 يونيو المقبل، مع جميع القوى النزيهة التي اختارت الحل الدستوري، وبالتنسيق مع مؤسسات الدولة لإنجاز الاستحقاق الانتخابي وحمايته من أي استهداف أو إجهاض أو أي محاولات لتشويهه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إنجازات الحراك

من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إدريس عطية أن "سباق البرلمان انطلق فعلياً، ومعركة إعداد القوائم بدأت، وما على الشباب إلا التجند بقوة للاستحقاقات المقبلة سواء عبر الترشح ضمن قوائم حزبية ومستقلة، أو كناخبين، من أجل بناء مرحلة سياسية جديدة في تاريخ الجزائر"، مشيراً إلى أن "حزب العمال اتخذ قرار المقاطعة بعدما تأكد من نهاية زمن الريع السياسي، وأن الانتخابات المقبلة يضبطها الصندوق الانتخابي". وأوضح أن "الجزائر قطعت العهد مع التزوير ولا يمكن للصندوق إلا أن يكون شاهد حق يعكس الإرادة الشعبية ويحترم حق الاختيار".

ورأى عطية أن "امتناع حزب العمال عن دخول الاستحقاقات المقبلة هو إنجاز كبير من إنجازات الحراك السليم الذي قطع الطريق على أحزاب الابتزاز السياسي والمساومات، وأتمنى أن تنسحب الأحزاب المرفوضة شعبياً من ساحة المنافسة السياسية، لإعطاء الفرصة للأحزاب الحيوية التي يختارها الشعب ويزكيها الشباب وتحتضنها الكفاءات".

أما بخصوص حزب "جبهة التحرير"، فقال عطية إن "هذا الحزب يختلف عن بقية التشكيلات، كونه يملك رصيداً تاريخياً وسياسياً، إلا أنه لا يستطيع أن ينشط بطريقة مضمونة كما في استحقاقات سابقة". وأضاف أن "حزب جبهة التحرير لم ينجح في تجديد واجهته السياسية بصورة تحاكي تطلعات الأجيال الجديدة، وبطريقة تعطيه صورةً عصرية، لذلك لا يمكنه استراتيجياً أن يحقق ما كان يحققه في السابق".

مراجعة القوائم الانتخابية

وانطلقت الثلاثاء 16 مارس (آذار) الحالي، عملية المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية تمهيداً للانتخابات التشريعية المبكرة، التي تبدأ في 12 يونيو المقبل، وتستمر حتى الـ23 من الشهر ذاته، وفق ما أعلنت "السلطة المستقلة للانتخابات" التي دعت المواطنين والمواطنات غير المسجلين في القوائم الانتخابية، لا سيما الذين بلغوا الـ18 من العمر، إلى تسجيل أسمائهم، كي يتمكنوا من ممارسة حقهم بالتصويت.

المزيد من العالم العربي