Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحقوق الرقمية للفلسطينيين بين التهديد بالحظر أو الإغلاق

أكثر من 1200 انتهاك ضد المحتوى وخطاب العنصرية يرتفع سبعة في المئة

تزايد عدد الفلسطينيين الذين يشكون من منصات التواصل الاجتماعي المهيمنة وعلى رأسها "فيسبوك" و"واتسآب" و"تويتر" و"يوتيوب" (اندبندنت عربية)

خمس سنوات مرت منذ أن قام الناشط والصحافي الفلسطيني معاذ حامد (35 سنة) بنشر إحدى قصصه الإخبارية المعتادة عن الفلسطينيين على "يوتيوب"، ليتفاجأ أن إدارة الموقع قامت بحذف الفيديو بحجة "احتوائه على مواد تحرّض على العنف والإرهاب"، بل عاقبته بحرمانه من العائد المادي الذي تجنيه القناة بسبب الفيديو الذي تضمّن صوراً لبعض الأعلام الحزبية والسياسية الفلسطينية لا أكثر، حامد الذي تعرّض سابقاً لإغلاق صفحته الشخصية من "فيسبوك" شهراً للأسباب ذاتها، يحاول جاهداً الالتزام بسياسات تلك المواقع، لضمان استمرار محتواه الرقمي الذي يتحدث عن فلسطين وتاريخها.

يقول إن ما تعرّض له من ملاحقة وحظر وإغلاق من إدارة بعض المواقع مثل "فيسبوك" و"يوتيوب" هو نتيجة رضوخ هذه الإدارات لسياسة الإملاءات التي يقوم بها الإسرائيليون في محاربة ومواجهة أي محتوى فلسطيني هادف، فالقناة تقدم محتوى يعنى بالشأن التاريخي للقضية الفلسطينية، ومشاهدة أعلام حزبية هو جزء طبيعي من البيئة الفلسطينية اليومية، لافتاً إلى أن هذه المواقع الشهيرة ربما تخلّت عن الفكرة الأساسية التي وجدت من أجلها وهي حرية التعبير، "فأصبحنا كفلسطينيين محاصرين في العالم الرقمي أيضاً وممنوعين عن بثّ روايتنا".

انتهاكات متصاعدة

خلال السنوات الأخيرة، تزايد عدد الفلسطينيين الذين يشكون من منصات التواصل الاجتماعي المهيمنة وعلى رأسها "فيسبوك"، و"واتسآب"، و"تويتر"، و"يوتيوب"، بسبب قمعها حريتهم في التعبير، ووثق مركز "صدى سوشال" (مركز متخصص في رصد الانتهاكات الرقمية) خلال العام الماضي أكثر من 1200 انتهاك ضد المحتوى الرقمي الفلسطيني بزيادة وصلت إلى 20 في المئة عن العام 2019، تربعت على عرشها شركة "فيسبوك" بأكثر من 800 انتهاك كحظر النشر والبث المباشر، وإغلاق وحذف حسابات وصفحات، وحظر أرقام عبر مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى، مع التضييق في الوصول والمتابعة وقيود على  النشر، وأكدت النتائج تصاعـد دور الخوارزميات والقوائمِ الاصطلاحية المرتبطة بها فـي ملاحقة المحتوى الفلسطيني وحجبه ومنع الوصول إليه على الشبكة.

مدير مركز "صدى سوشال" في الضفة الغربية إياد الرفاعي يقول، "كان هذا العام مـن أصعب المراحل التـي مرت، على المحتوى الفلسـطيني، إذ إن السياسات الهجومية نحو المحتوى الفلسطيني من قبل إدارات منصات التواصل الاجتماعي ازدادت حدتها خلال هـذا العام، فدخلت على خط الانتهاك معايير جديدة وضعتها كبرى المنصات مثـل "فيسـبوك" و"تويتر"، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، سياسات "فيسبوك" الجديدة المتعلقة بمعـاداة السـامية، وسياسات "تويتر" المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وكانت الاستجابة مـع المطالب الفلسطينية فــي أدنى مستوياتها منـذ سنوات من قبـل إدارات المنصات، وتأخيراً متعمّداً في تصويـب أوضاع الكثير مــن الحسـابات والصفحات التي تعرّضت لانتهاكات على مدار العام".

خوارزميات

أضاف الرفاعي، "لاحظنا أن الشـركات وإدارات المنصات الرئيسـة، عمدت إلى تزويدِ منصاتها بعدد من الكلمات المفتاحية التي يتم حذف المحتـوى الذي وردت فيه فـوراً ومن دون مراجعة المحتوى وسياقه، وقـد يصل الأمر إلى معاقبة صاحب الحساب، بمنعه من النشر على المنصة أياماً أو إغلاق الحساب بالكامل في حال استخدم بعض الكلمات، وسجل المركز فــي هـذا الجانب وجود انحياز واضح على مستوى طبيعة ومحتوى هذه القوائم الاصطلاحية والكلمات المفتاحيـة، باتجاه تبنّ ضمني للرؤية والمطالب الإسـرائيلية، وتشكل هذه القوائم تهديداً واضحاً لحرية النشـر والوصول إلى المعلومات، من خلال منعها وملاحقتها مصطلحات أساسية للصيغ الخبرية والمعلوماتية في البيئة الفلسطينية، في حين أن الشـركات الرقمية وتحديداً "فيســبوك" بكل منصاتها، لا تتعامل مــع المحتوى الإسرائيلي بالكيفية ذاتها، فقد سجل عدد من العبارات العنصرية والمحرضة على العنف وأحياناً القتل صراحة بحق الفلسطينيين من دون التعامل معها أو حظر ناشريها، مثل عبارات "الموت لفلسطين"، و"يجب إبادة الناس في غزة بالمبيدات".

حملات معارضة

المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي "حملة"، وقبل أيام عدة، أعلن عن مؤشر العنصرية والتحريض في شبكات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية خلال العام 2020، والذي أوضح ازدياداً في الخطاب العنيف تجاه العرب بنسبة 16 في المئة عن العام 2019، وأشارت النتائج إلى أنه، وبسبب كورونا، ازداد الخطاب العنصري تجاه الفلسطينيين والعرب بما نسبته 21 في المئة، في وقت شكلت الشتائم ما نسبته 29 في المئة، أما خطاب التحريض فقد شكل ما نسبته سبعة في المئة.

وقال مدير مركز "حملة" نديم الناشف، "يجب أن تتخذ شركات التواصل الاجتماعي، ومن بينها "فيسبوك" (الأكثر انتشاراً بين الفلسطينيين)، موقفاً حاسماً تجاه المنظّمات والحكومات التي تسعى لمنع الأفراد من التعبير عن آرائهم بحريّة، فمن المهم مواجهة ورفض خطاب الكراهية، بما في ذلك خطاب اللاساميّة في "فيسبوك" وفي مختلف المنصات الرقمية، والتي يجب أن تتبع سياسة إدارة مضمون واضحة وشفافة تحارب كل أنواعِ العنصريّة، بما فيها اللاسامية، والإسلاموفوبيا، والهوموفوبيا وغيرها".

فرض الرقابة

مجلس الإشراف الذي انشأه "فيسبوك" بغرض الرقابة على المحتوى، والذي يعمل كمحكمة عليا داخلية بشأن النزاعات أو الخلافات التي قد تحدث، كان قد أعلن أن إيمي بالمور (المديرة العامّة السابقة لوزارة القضاء الإسرائيليّة)، ستكون من بين أوّل 20 عضواً في المجلس، وإحدى الممثّلين عن منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما أثار قلقاً شديداً لدى الفلسطينيين.

وقال الناشف "أطلقنا حملة رقمية لمطالبة شركة "فيسبوك" بتركيز سياساتها على محاربة خطاب الكراهية، وتجنب دعم الجهود الإسرائيلية في فرض الرقابة على الخطاب الفلسطيني المشروع للفلسطينيين والمناصر للحقوق الفلسطينية، وتنحية بالمور من منصبها في مجلس الإشراف، فخلال إدارتها تقدّمت وحدة "السايبر" الإسرائيليّة، بالتماس لـ "فيسبوك"، لحظر الخطاب الشرعي للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين، استهدف عن قصد عشرات آلاف المحتويات الفلسطينية وأدت إلى إزالتها، وفرضت تقييدات بالغة على حرية التعبير عبر الإنترنت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الوقت الذي تعمل جهات فلسطينية محدودة (داخل إسرائيل والضفة الغربية) لإطلاق حملات وتغريدات مكثفة بين الحين والأخر للمطالبة بوقف الرقابةِ المبالغة على الفلسطينيين، تحاول وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الضفة الغربية، وعبر اللجنة الوطنية للحقوق الرقمية، رفع شكاوى رسمية إلى إدارة المواقع العالمية المختلفة التي تَحرم الفلسطينيين من الوصول إلى حقوقهم الرقمية.

تعهّد بالتغيير

في المقابل، تعهدت إيمي بالمور بأنها ستسعى لتغيير سياسات "فيسبوك" من الداخل، بحسب ما نقلت عنها صحيفة "غلوبوس"، وقالت مور في تصريحات سابقة للصحافة الاسرائيلية حول سياسات الحذف ضد الناشطين الفلسطينيين، "عندما تَعرف أن هناك أشخاصا في الـ 17 من عمرهم قرأوا مواد تحريضية على الإرهاب على صفحات "فيسبوك"، ثم قاموا بطعن طفلة في الخليل مثلاً، فإن الحديث هنا ليس مسألة حقوق إنسان وإنما أيضاً إمكانية إزهاق حياة (تقصد المستوطنين)".

وكانت الحكومة الإسرائيلية، بين عامي 2016-2018، قدمت أكثر من 113 لائحة اتهام رسمية ضد ناشطين فلسطينيين، لمجرد كتابتهم منشورات تؤيد حق المقاومة وتندد بتل ابيب وسياساتها.

إجابات واضحة وصريحة

وقال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إسحق سدر لـ "اندبندنت عربية"، "إدارة المواقع تتلكأ في إرسال إجابات واضحة وصريحة حول أسباب منع أو حظر الفلسطينيين من الاستخدام الحر، وبعيداً عن الحظر والحذف وإغلاق عشرات الصفحات للناشطين والصحافيين والحقوقيين وقطع البث المباشر، هناك استمرار في حرمانهم من الوصول إلى العديد من المنصات المالية ومنصات التجارة الإلكترونية الرئيسة، لا سيما "باي بال"، التي تواصلُ منع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزّة، من التمتع بخدماتها، كما أنّ شركة خرائط غوغل لا تزال تميّز ضدّ الفلسطينيين بتسمياتها وبشمل مسحها الجغرافي للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية، وحذفها أسماء القرى الفلسطينيّة غير المعترف بها في النقب والقرى في منطقة ج".

المزيد من تحقيقات ومطولات