Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اللبنانيون يصارعون "جائحة الدولار" والتظاهرات تستعيد زخمها

انخفاض قياسي لليرة في السوق السوداء والاحتجاجات تعم مناطق البلاد مطالبةً بتشكيل حكومة إنقاذية

وسط مشهد سياسي قاتم وأزمة اقتصادية غير مسبوقة، شهد لبنان، السبت، 14 مارس (آذار)، انخفاضاً قياسياً جديداً لليرة، إذ تجاوز سعر صرف الدولار الواحد في السوق السوداء 12 ألف ليرة لبنانية، فيما تقاطر المحتجون إلى العاصمة وقطعوا الطرقات في مناطق عدة، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية وللمطالبة بتأليف حكومة إنقاذية.

وبعدما كان الدولار يتداول بسعر يتراوح بين 10200 ليرة و10800 ليرة، الجمعة، قفز سعره بسرعة فائقة إلى أكثر من 12 ألف ليرة، السبت، ما دفع بعض التطبيقات والمنصات الإلكترونية المخصصة لتحديد سعر الصرف، إلى التوقف عن عرض بياناتها، مشيرةً إلى تلاعب بقيمة العملة.

إقفال المنصات والفوضى

وجاء الانخفاض القياسي الجديد لليرة، بعد أقل من أسبوع على تجاوز الدولار عتبة 10 آلاف ليرة. ولم تفلح مقررات الاجتماع "الأمني الاقتصادي المالي"، الذي عُقد الاثنين في بعبدا، في لجم ارتفاع سعر صرف الدولار. وشملت مقررات الاجتماع تكليف الأجهزة الأمنية ضبط مخالفي قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة، وإقفال "المنصات والمجموعات الإلكترونية غير الشرعية المحلية التي تحدد أسعار الدولار تجاه الليرة".

ورأى البعض في قرار إقفال منصات تحديد سعر صرف الدولار، خطوةً تزيد الفوضى والمزايدات في السوق السوداء للعملة. ومن هؤلاء النائب اللبناني ميشال ضاهر، الذي غرد، السبت، على "تويتر" قائلاً، "قلتها أمس وأكررها اليوم، إن إلغاء المنصات لتسعير الدولار سوف يحدث فوضى وارتفاعات جنونية في الأسواق وهذا ما حصل اليوم"، مضيفاً "لا يمكن معالجة هذه الأزمة بهذه الطريقة البوليسية، فقد تحول تسعير الدولار من المنصات إلى مزادات علنية للذين يدفعون أكثر، وإذا استمرت المعالجات بهذه العقلية فالله يستر".

 

 

الاحتجاجات في الشارع

ومع تحليق سعر صرف الدولار وتردي الأوضاع المعيشية، في ظل جمود سياسي، شهدت مناطق لبنانية عدة تحركات احتجاجية وقطع للطرقات، من طرابلس شمالاً إلى بيروت وصيدا جنوباً والبقاع داخلاً، فيما أقفلت محلات تجارية كثيرة أبوابها.

وتوافد متظاهرون إلى ساحة الشهداء في وسط بيروت، حيث نُصبت خيم ورُفعت الأعلام اللبنانية وبُثت الأغاني والأناشيد الوطنية والثورية. وقال المحتجون في بيان، "لا تستطيع السلطة الحاكمة وميليشياتها التي تتناتش حصصها في إدارات الدولة الاستمرار في حكمها الفئوي والتسلط على الشعب ومنع لقمة العيش عنه وعن الجيش". وأضافوا أن "حكم الميليشيات المنظمة التي استباحت الدولة لا تزال تُراوغ وتحتال على المجتمعين العربي والدولي من أجل إعادة إنتاج سلطتها".

كما توجه عدد من المحتجين إلى محيط مجلس النواب في العاصمة، حيث رموا الحجارة وحاولوا إزالة العوائق المثبتة في الطرق المؤدية إلى المجلس.

وعلى موقع "تويتر"، تصدّر وسم "لبنان ينهار" قائمة الترند، يليه وسم "الدولار".

وكان لبنان شهد يومي الاثنين والثلاثاء تحركات احتجاجية في مختلف المناطق، قُطعت خلالها الطرقات وشُلت الحركة في البلاد. وبعد هدوء ليومين، شارك الآلاف في تظاهرة في العاصمة بيروت، الجمعة، للمطالبة بحكومة مستقلة لإخراج لبنان من أزمته المتفاقمة.

الجمود السياسي

وفي الأسبوع الماضي، أدلى عدد من وزراء حكومة تصريف الأعمال بتصريحات علنية مثيرة للقلق، عن الوضع الأمني والمالي في لبنان. وقال وزير الداخلية محمد فهمي، "منذ ثلاثة أشهر كنت ممكن أن أقول (الوضع الأمني) بدأ في التلاشي، لكن الآن الأمن تلاشى، كل الاحتمالات مفتوحة". وحذر وزير الطاقة ريمون غجر من جهته، من أن الأموال اللازمة للكهرباء تنفد ولبنان قد يشهد انقطاعاً كاملاً للكهرباء بحلول نهاية شهر مارس الجاري.

ومنذ اندلاع احتجاجات 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 ضد الفساد وتردي الأوضاع المعيشية في البلاد، لم تنجح القوى السياسية اللبنانية في وضع خريطة طريق للخروج من الأزمة المستشرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وجاء انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) 2020، ليفاقم الأوضاع سوءاً، إذ أوقع أكثر من 200 قتيل وآلاف الجرحى، وتسبب بدمار هائل في العاصمة. وعلى الرغم من استقالة حكومة رئيس الوزراء حسان دياب عقب الانفجار، ومرور نحو خمسة أشهر على تكليف سعد الحريري تشكيل حكومة جديدة، إلا أنه لم يفلح بعد بالاتفاق مع رئيس الجمهورية ميشال عون على تشكيلة وزارية تبصر النور.

الضغوط الخارجية

وفيما تتفاقم الأزمة اللبنانية، اتهم وزير الخارجية الفرنسي، جان-إيف لودريان، الخميس، السياسيين اللبنانيين "بعدم تقديم المساعدة" لبلدهم الذي يواجه مخاطر "الانهيار"، علماً أن فرنسا تقود منذ أشهر مساعي للضغط من أجل تشكيل حكومة تطبق إصلاحات هيكلية طلبتها مجموعة الدعم الدولية للبنان، لكنها لم تنجح في ذلك حتى الآن.

كما عبر الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، عن "قلق" واشنطن من "التقاعس الواضح" للزعماء اللبنانيين في التعامل مع الأزمات المتعددة التي تواجه بلدهم، مطالباً إياهم بالتخلي عن "سياسة حافة الهاوية" وتشكيل حكومة تنفذ الإصلاحات اللازمة "بشكل عاجل".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي