صرح مسؤولون في حكومة الوفاق الليبية في طرابلس، في مقدمهم نائب الرئيس أحمد معيتيق، أكثر من مرة، أن الحرب الدائرة في طرابلس منذ أسابيع ستكون ذات آثار مدمرة على الاقتصاد الليبي وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أعلنته الحكومة برعاية دولية من بعثة الأمم المتحدة للدعم التي يترأسها غسان سلامة.
فما حقيقة هذه الادعاءات في بلد ذي اقتصاد ريعي يعتمد على انتاج النفط.
سير الانتاج النفطي
لم تتأثر عمليات انتاج النفط الليبي بالحرب الدائرة في العاصمة لسبب بسيط هو أن الحقول التي تنتج النفط والموانئ التي تصدره بعيدة عن طرابلس وما يدور فيها باستثناء ميناء الزاوية القريب نوعاً ما من محيط الاشتباكات، فالزاوية لا تبعد عن عاصمة ليبيا سوى أربعين كيلومتراً في اتجاه الغرب.
ويستشهد معارضو حكومة الوفاق المعترضون على تصريحات مسؤوليها بشأن الحرب في طرابلس وآثارها على الاقتصاد الليبي، بأن انتاج حقل الشرارة النفطي تجاوز ربع المليون برميل يومياً (285 ألف برميل يومياً).
ويسيطر على حقل الشرارة الجيش الوطني الليبي.
وتسير عمليات تصدير النفط بشكل طبيعي من موانئ الهلال النفطي، وهي السدرة الزويتينة والبريقة، التي تعد الأكبر في البلاد. وكذلك الأمر في ميناء الحريقة في مدينة طبرق القريبة من حدود مصر على بعد أكثر من 1500 كيلو متر من طرابلس. فالحقول النفطية تقع في وسط ليبيا وجنوبها بعيداً من جبهات المعارك العسكرية. وكلها تحت سيطرة الجيش الليبي.
وتشير الأرقام إلى زيادة انتاج ليبيا النفط إلى أكثر من مليون برميل يومياً بعد سيطرة الجيش عليه، وهو ما لم يحدث منذ سنوات.
يُذكر أن عمليات البيع وتوريد الأموال الخاصة بعمليات النفط تدار خارج العاصمة وخارج البلاد، فعمليات انتاج وتصدير وبيع النفط تدور عجلتها كما كانت قبل بدء معركة طرابلس وهي المغذي الرئيس للاقتصاد الليبي.
تناقض المواقف
يتهم مراقبون حكومة الوفاق بالتناقض ونشر دعاية سلبية لا أساس لها. ومنها ما أعلن الثلثاء 23 مايو (أيار) عن تخصيص مبلغ مليار دينار ليبي لتأمين السلع الأساسية في شهر رمضان. فمبلغ كهذا لا تستطيع حكومة تخنقها أزمة أن تخصص مصروفات لشهر واحد.
وقالت حكومة الوفاق في بيان الثلثاء إن رئيس مجلسها الرئاسي فائز السراج عقد اجتماعاً مع وزير الاقتصاد والصناعة علي العيساوي لبحث تأمين السلع الغذائية خلال شهر رمضان، بالتزامن مع التوترات الأمنيّة التي تشهدها الضواحي الجنوبية للعاصمة بعدما أعلنت قبل أيام تخصيص مبلغ مليار دينار لهذا الغرض.
الانعاكاسات السلبية للحرب
على الرغم مما سبق وما يعيشه الاقتصاد الليبي من استقرار إلى حد ما بسبب تواصل انتاج النفط وتصديره، فبالتأكيد الحرب الدائرة في العاصمة ذات آثار سلبية على بلد ذي نظام مركزي إذ تتمركز المؤسسات والإدارات والشركات الفاعلة في العاصمة طرابلس. وهذا ما أثر سلباً في النشاط الاقتصادي والخدمي. فقد أسهم في تأخر صرف رواتب المواطنين خارج العاصمة التي يصرف معظمها من طرابلس في وقت حرج وشهر رمضان على الأبواب.
وتؤكد مصادر في مصرف ليبيا المركزي بالبيضاء، وهو المصرف الموازي لمركزي طرابلس، أن المراجعة الدولية لأعمال المصرف بقطبيه كانت ستنطلق في أبريل (نيسان) 2019، إلا أن الحرب الدائرة جعلت الظروف غير ملائمة للبدء بأعمال المراجعة التي كانت تهدف إلى توحيد أعمال المصرف المركزي بعد سنوات من الانقسام.