Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تعيد "قضية الرشى" المشهد الليبي إلى المربع الأول؟

يرى مراقبون أنه في حال إثبات هذه المسألة فإن قائمة عقيلة صالح وفتحي باشاغا قد يعلن فوزها بالمناصب التنفيذية

رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد دبيبة يلقي كلمة عبر فيديو خلال اجتماع منتدى الحوار السياسي (أ ف ب)

باتت خريطة الطريق الأممية لحل الأزمة الليبية مهددةً بالتعثر، أو تعديل الجدول الزمني الخاص بها، وتمديد الفترة الانتقالية، في أقل تقدير، بعد الزوبعة التي ثارت على خلفية إعادة فتح ملف قضية الرشى، التي قيل إن أعضاء في لجنة الحوار السياسي تلقوها من مرشحين لرئاسة الحكومة، لترجيح كفتهم على حساب المنافسين الآخرين.

ومع ظهور تفاصيل جديدة تدعم مصداقية التسريبات التي نشرت من قبل تقرير فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة، في مزاعم الرشى في الحوار السياسي في تونس، قبل أشهر قليلة، تزايدت المطالبات الشعبية والرسمية في ليبيا، بتأجيل منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية، إلى حين نشر التفاصيل الكاملة لهذا التقرير.

كما أثارت هذه التطورات الجديدة في الساحة السياسية، التي تؤكد كلها أن مسألة منح الثقة للحكومة الجديدة باتت معقدةً فعلاً، نقاشات حول البدائل التي ستطرح في حال تأكدت دعاوى الرشى، وأدت إلى إبطال العملية الانتخابية التي أفرزت السلطات التنفيذية في ليبيا.

تفاصيل جديدة لواقعة الرشى

ونشرت "وكالة الصحافة الفرنسية"، التفاصيل الكاملة لواقعة الرشى، التي كانت مصادر من داخل جلسات الحوار السياسي الليبي في تونس، قد أثارتها وقت انعقاده في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقالت الوكالة إن "تقريراً اطلعت عليه، لخبراء من الأمم المتحدة رفع إلى مجلس الأمن، أكد شراء أصوات ثلاثة مشاركين على الأقل في ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي ترعاه الأمم المتحدة".

وذكر التقرير وفقاً للوكالة، أنه "خلال محادثات تونس عرض اثنان من المشاركين رشى تتراوح بين 150 ألفاً و200 ألف دولار لثلاثة أعضاء في الأقل في منتدى الحوار السياسي الليبي، إذا ما صوتوا لصالح قائمة المرشح لرئاسة الوزراء عبد الحميد الدبيبة".

وأفاد التقرير السري، الذي ستعلن نتائجه في 15 مارس (آذار) الحالي، أن "أحد أعضاء الحوار انفجر غضباً عند سماعه أن بعض المشاركين ربما حصلوا على ما يصل إلى 500 ألف دولار مقابل منح أصواتهم إلى الدبيبة، بينما حصل هو فقط على 200 ألف دولار".

البعثة الأممية ترفض التعليق

 في أول تعليق لها على التسريبات التي نشرت حول هذه الواقعة، قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إنه "لا يمكنها التعليق على تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة حول مزاعم الرشى خلال انعقاد ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت في بيان لها أنه "يجب توجيه أي استفسارات في هذا الصدد إلى لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن"، مشيرةً إلى أن "فريق خبراء الأمم المتحدة هو كيان مستقل ومنفصل تماماً عن بعثة الأمم المتحدة، يقدم تقاريره إلى لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، وأنها لا تتلقى تقارير فريق الخبراء، بما في ذلك التقرير الأخير، حول مزاعم الرشى".

السلطات التنفيذية تطالب بنشر الحقائق

 في بيان مشترك، طالب المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، لجنة خبراء الأمم المتحدة بسرعة الكشف عن نتائج التحريات والتحقيق اللحظي، الذي أجرته بشأن قضية الرشى، على هامش ملتقى الحوار السياسي الليبي.

وقالا إنهما "يتابعان ما يتداول في وسائل الإعلام عن تقرير للجنة خبراء الأمم المتحدة، حول شبهات فساد في المراحل الأولى للحوار، وقبل اعتماد الآليات النهائية لانتخاب السلطة التنفيذية، ويطالبان بسرعة الكشف عن نتائج التحقيق في الواقعة".

وأكد الطرفان "التزامهما المطلق ما ورد في تعهداتهما المكتوبة والشفوية، بشأن مكافحة الفساد ومنع الفاسدين ومحاربتهم بكل الوسائل القانونية والقضائية".

وجدد البيان اتهام جهات لم يسمها بمحاولة عرقلة جهود الخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد، وهي الاتهامات نفسها التي وردت في بيان منفرد لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة تعليقاً على هذه المزاعم، وطالب البيان المشترك للرئاسي والحكومة، بـ"عدم السماح للمعرقلين باستغلال الظروف الراهنة لإفشال نتائج الحوار السياسي، وتعطيل مسيرة المصالحة وإحباط تطلعات الشعب في حياة كريمة، يعمها الأمن والاستقرار والرخاء".

عقيلة صالح يؤيد تأجيل منح الثقة

أما رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، فانضم إلى سرب المطالبين بتأجيل مناقشة التشكيلة الحكومية الجديدة ومنح الثقة لها حتى تنجلي الحقائق الخاصة بهذه القضية، قائلاً "إذا ثبت شراء الأصوات في ملتقى الحوار السياسي فهذه جريمة لا يمكن تجاهلها".

وتابع في تصريحات صحافية "أعتقد أنه من المناسب تأجيل الجلسة حتى يتم نشر التقرير على الملأ، وإذا أكد وقوع حالات رشى، فيجب استبعاد من ارتكبها".

وكان 24 عضواً في مجلس النواب، تقدموا بعريضة لرئاسة المجلس يطالبون فيها بتأجيل جلسة منح الثقة، التي دعت إليها الأسبوع المقبل، حتى تظهر النتائج الكاملة للتحقيق الأممي في هذه القضية إلى العلن .

ماذا لو صدقت الأقاويل؟

مع تراكم القرائن التي تزيد من احتمال ثبوت واقعة الرشى، بدأ مراقبون في ليبيا يطرحون الأسئلة عن الخيارات البديلة، التي سيتم اللجوء إليها في حال تأكدت هذه المزاعم، التي تمس بشكل مباشر رئيس الحكومة الجديدة، وتنسف العملية التي انتخب بموجبها في جنيف في يناير (كانون الثاني) الماضي.

ويرى الصحافي الليبي محمد يسري، أن "الخيار البديل الطبيعي هو اعتبار القائمة التي دخلت المرحلة الحاسمة من العملية الانتخابية في مواجهة قائمة رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد دبيبة هي الفائزة، باعتبار أنه لا الوقت يسمح، ولا المنطق يقبل بدء العملية الانتخابية من الصفر".

لكنه يتخوف من تداعيات محتملة للذهاب لهذا الخيار الوحيد الممكن، بقوله "القائمة التي ستعد فائزةً في حال تأكدت مزاعم الرشى، هي قائمة عقيلة صالح رئيساً للمجلس الرئاسي وفتحي باشاغا رئيساً للوزراء، وهذه القائمة أعلنت قوى عسكرية وسياسية فاعلة في الغرب الليبي رفضها، قبل يوم واحد من العملية الانتخابية الحاسمة، التي أدت إلى فوز قائمة المنفي والدبيبة، بسبب وجود اسم عقيلة صالح فيها، الذي حملته هذه القوى مسؤولية الحرب على العاصمة".

وأضاف يسري "هذا التشدد الذي يواجه به عقيلة صالح في غرب البلاد، قد يعيدنا إلى المربع الأول، بعودة الانقسام والخلافات السياسية والنزاعات القانونية التي لا تنتهي".

في المقابل يرى الصحافي الناشط السياسي محمد الصريط، أنه "في حال أكد التقرير الأممي واقعة الرشى كما يثار حالياً، فإن المصاب جلل والطامة ستكون آثارها أكبر مما يعتقد البعض".

ويقترح أن "يتم اللجوء في هذه الحال إلى استمرار الأجسام الحالية في قيادة البلاد والترتيب للانتخابات نهاية العام، كون القائمة التي تضم اسمين خلافيين مثل عقيلة صالح وفتحي باشاغا، لن تجد وفاقاً عليها لا في الشرق ولا في الغرب، وستحدث حالةً من الانقسام ستنسف كل ما تم التوصل إليه عبر الحوارات المضنية على مدار السنوات الماضية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات