Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مؤتمر المحافظين الأميركيين اختبار للجمهوريين ولزعامة ترمب

غياب بنس وماكونيل وهايلي وتشيني ورومني يثير تساؤلات حول تماسك الحزب

يُنتظر أن يركز خطاب ترمب الأحد على مستقبل الحزب الجمهوري والحركة المحافظة وقد ينتقد بشدة الرئيس بايدن (رويترز)

يعد مؤتمر العمل السياسي للحركة المحافظة الذي بدأ قبل ساعات، وينتهي الأحد المقبل، أول اختبار حقيقي على زعامة الرئيس السابق دونالد ترمب ومدى سيطرته على الحزب الجمهوري في أول ظهور له عقب خروجه من البيت الأبيض، كما يعد اختباراً آخر على تماسك أو تفسخ الحزب الجمهوري بعد انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الأخيرة، بعد ما ظهرت بوادر مقلقة على التباين والاختلاف بين قيادات الحزب، والتي يجسدها غياب قيادات مهمة عن الحضور، وبينهم نائب الرئيس السابق مايك بنس وميتش ماكونيل زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ.

فما السيناريوهات المتوقعة خلال فعاليات هذا المؤتمر، وهل سيتمكن قادة الحزب من تجاوز خلافات الماضي أم ستستمر الخلافات التي تهدد فرص الحزب في استعادة سيطرته على الكونغرس العام المقبل؟

أول ظهور

يظهر أول خطاب سياسي للرئيس الأميركي السابق منذ تركه منصبه والمقرر، الأحد، في مؤتمر العمل السياسي للمحافظين، كيف حافظ ترمب الذي خضع مرتين لمساءلات واتهامات من الكونغرس بغرض العزل من منصبه، على زعامته الحزب الجمهوري، إذ من المتوقع أن يضع المؤتمر السنوي الذي بدأ، الخميس، ترمب وحلفاءه وحركته في المقدمة، بينما يهمش معارضي الترمبية داخل الحزب الجمهوري عبر استطلاع سيجرى في ختام المؤتمر، ومن المرجح بشكل كبير أن يعلن ترمب المرشح الأول للحزب الجمهوري للرئاسة لعام 2024.

وحتى قبل مناقشة إرث ترمب خلال فعاليات المؤتمر، ومدى هيمنته على الحزب الجمهوري، أظهر مقطع فيديو تداوله البعض، تمثالاً ذهبياً ضخماً للرئيس السابق بربطة عنقه الحمراء المميزة وسراويل قصيرة بلون العلم الأميركي، ما اعتبر دليلاً آخر على الدور الذي يلعبه ترمب في مستقبل الحزب.

وعلى الرغم من أن المؤتمر السنوي الذي يمثل الحركة المحافظة تأسس 1973، وظل يعقد في ولاية ميريلاند قرب العاصمة واشنطن بحضور نحو 10 آلاف عضو، فإنه انتقل هذا العام إلى مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا، مقر إقامة ترمب في إشارة أخرى إلى نفوذه، وحيث تسمح قيود كوفيد-19 في الولاية بالتجمع داخل قاعة مغلقة بعد تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي، وعدد من الإجراءات الاحترازية الأخرى، الأمر الذي سمح بمشاركة نحو 3500 شخص، ليصبح أحد أكبر المؤتمرات في الولايات المتحدة منذ بداية جائحة كورونا.

تمزق حزبي

ومع ذلك، فإن أبرز دليل على حالة التمزق في صفوف الحزب وأين توجد الحركة المحافظة الآن، أن منظمي المؤتمر لم يخصصوا مساحة زمنية كي يتحدث أي من قادة الحزب الجمهوري الأكثر اعتدالاً، أو أولئك الذين أبدوا في السابق معارضة للرئيس ترمب، إذ لم توجه لهم دعوات لحضور المؤتمر مثل ميتش ماكونيل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، والسيناتور ميت رومني مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة عام 2012، ونيكي هايلي سفيرة ترمب السابقة لدى الأمم المتحدة، وليز تشيني التي تتولى ثالث أعلى مرتبة للحزب الجمهوري في مجلس النواب، كما سيغيب عن الحضور أيضاً نائب الرئيس السابق مايك بنس الذي رفض تلبية دعوة المؤتمر للتحدث بعد ما ترك الخلاف مع ترمب عقب أحداث اقتحام الكونغرس في السادس من الشهر الماضي، جرحاً غائراً لم يندمل بعد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووجدت هايلي على وجه الخصوص، والتي رفض ترمب لقاءها وجهاً لوجه في منتجعه بولاية فلوريدا، نفسها معزولة عن الرئيس السابق والجناح الشعبوي للحزب الجمهوري الذي يقوده بعد مقابلة أجرتها هايلي مع موقع "بوليتيكو" نددت فيها برئيسها السابق، وقالت إنه خذل الجمهوريين وسيحكم عليه التاريخ، ودعت إلى وقف نفوذه المستقبلي في سياسات الحزب، ما أوضح لكثيرين مخاطر محاولة إقامة أي قيادة جمهورية هوية سياسية منفصلة عن ترمب بينما تحاول في الوقت نفسه جذب قاعدة مؤيديه.

وفي علامة أخرى على التوتر والخلاف بين القيادات الجمهورية، تباينت إجابة كيفين مكارثي زعيم الأقلية في مجلس النواب، وهو حليف لترمب عن رد ليز تشيني، عما إذا كان ينبغي أن يتحدث ترمب في المؤتمر، ففي حين رحب مكارثي بمشاركة الرئيس السابق، قالت تشيني التي صوتت لعزل ترمب مع تسعة نواب جمهوريين آخرين، إن ترمب ينبغي ألا يلعب دوراً في مستقبل الحزب أو مستقبل الولايات المتحدة.

غير أن قيادات جمهورية مثل السيناتور مارك روبيو، يرون أن ترمب قد يترشح للمنصب الرئاسي مرة أخرى، وحتى إذا لم يفعل، فهو يريد التأثير على من سوف يختاره الحزب، وهو يقدر الولاء أكثر من أي شيء آخر، ولهذا من الصعب بناء هوية خاصة منفصلة عنه.

تجدد مزاعم التزوير

وفي حين ينتظر أن يركز خطاب ترمب، الأحد، على مستقبل الحزب الجمهوري والحركة المحافظة، وقد ينتقد بشدة الرئيس جو بايدن، من المتوقع أيضاً أن يركز أكثر من 12 متحدثاً في المؤتمر على نزاهة الانتخابات ومزاعم المخالفات والاحتيال في الولايات التي دفعت بايدن إلى الفوز، وبخاصة في ولايات "بنسلفانيا، وجورجيا، ونيفادا"، ما يوفر منبراً لمزاعم ترمب عن تزوير الانتخابات على نطاق واسع، وادعائه الكاذب بأنه فاز بأغلبية ساحقة في انتخابات نوفمبر الماضي.

غير أن ماتيوس شلاب منظم المؤتمر، يرى أن المؤتمر سيركز أيضاً على التحركات التي جرت في بعض الولايات لتوسيع التصويت عبر البريد أثناء وباء "كوفيد-19"، والذي تم في بعض الحالات في اللحظة الأخيرة، ولم يمر من خلال العملية التشريعية، كما سيتناول المؤتمر مسألة الرقابة، وما تعتبره الحركة المحافظة ثقافة الإلغاء التي يرونها تهديداً متزايداً من قبل شركات التواصل الاجتماعي، وعمالقة التكنولوجيا ووسائل الإعلام الإخبارية والديمقراطيين.

لكن العديد من الجمهوريين يرغبون في تجاوز مزاعم ترمب الانتخابية، والتي يعتبرون أنها كانت السبب في خسائر الحزب الجمهوري خلال انتخابات الإعادة بولاية جورجيا، ما كلف الحزب الأغلبية في مجلس الشيوخ، وهو ما كشفته تصريحات ماكونيل اللاذعة ضد ترمب التي حمله فيها مسؤولية التحريض على أعمال الشغب في الكونغرس، ورد ترمب بسلسلة من الهجمات الشخصية العنيفة على ماكونيل وعائلته، وتعهد بدعم المنافسين الرئيسيين ضد الجمهوريين الذين يعتبرهم غير موالين.

الحرب الأهلية انتهت

ووضع التوتر بين ترمب وماكونيل السيناتور ريك سكوت، المسؤول الأول عن الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري بمجلس الشيوخ في موقف صعب، بينما يسعى لاستعادة الأغلبية الجمهورية في المجلس خلال انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر 2022، وهو ما دفعه إلى نشر مقطع فيديو حث فيه الجمهوريين على نبذ خلافاتهم، مبشراً في الوقت نفسه الحركة المحافظة بأن الحرب الأهلية داخل الحزب الجمهوري قد انتهت.

لكن على الرغم من أن رسالة السيناتور سكوت، أشعلت مارجوري تايلور غرين العضوة الجمهورية في مجلس النواب والمؤيدة الشرسة لترمب، نيران الصراع من جديد حين وصفت زملاءها المعارضين للرئيس السابق مثل ليز تشيني بالحمقى المنفصلين عن قاعدة الحزب.

عباءة ترمب

وفي الوقت الذي يمثل فيه ترمب عامل الجذب الرئيس في المؤتمر، فإن رسالته سيبرزها ويجسدها آخرون من الذين أبدوا ولاءهم الشديد لقيادته مثل كيفين مكارثي زعيم الأقلية في مجلس النواب وعدد من أعضاء المجلس مثل مات غيتز وجيم جوردان ولورين بويبرت التي أبدت في الماضي اهتماماً بنظرية مؤامرة كيو آنون.

وسيبرز المؤتمر أيضاً الجمهوريين الذين يسعون لارتداء عباءة الرئيس السابق، وربما يصبح بعضهم المرشح الجمهوري التالي إذا قرر ترمب عدم الترشح مرة أخرى في انتخابات 2024، بما في ذلك حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتيس وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين مثل "ريك سكوت، وتوم كوتون، وتيد كروز، وجوش هاولي"، وكذلك وزير الخارجية السابق مايك بومبيو.

قبضة ترمب قوية

وعلى الرغم من معارضة قيادات جمهورية لدونالد ترمب، فإن بعضهم يعترفون بقبضته على الحزب، إذ قال ميت رومني قبل أيام، إنه إذا أجريت الانتخابات التمهيدية الرئاسية بين المرشحين الجمهوريين اليوم، فإن ترمب سيفوز بالترشيح بأغلبية ساحقة، كما قال ميتش ماكونيل على قناة "فوكس نيوز" إنه سيدعم ترمب إذا فاز بترشيح الحزب للرئاسة عام 2024، ما يمثل تحولاً ملحوظاً من ماكونيل الذي أشار بعد محاكمة ترمب الثانية إلى أنه يريد أن يبتعد حزبه بشدة عن ترمب.

لكن ماكونيل يرى الآن أن ما حدث في الماضي لا صلة له بما يجري الآن، حيث يجب أن يتقدم الحزب إلى الأمام، مؤكداً ضرورة السعي لتوحيد الحزب المتجه نحو الانتخابات النصفية العام المقبل في محاولة لاستعادة الأغلبية في مجلس الشيوخ رغم كونهم في موقف الدفاع نظراً لأنهم سوف ينافسون على مقاعد مجلس الشيوخ في 20 ولاية عام 2022.

زعيم بلا منازع

وهكذا، سيظل ترمب هو زعيم الحزب بلا منازع في الوقت الحالي وفي المستقبل المنظور، وسواء اختار الترشح مرة أخرى لانتخابات عام 2024 أم لا، فمن المرجح أن يحدد حضوره شكل الانتخابات التمهيدية بين المرشحين الجمهوريين.

ويؤكد العديد من المستشارين والاستراتيجيين والمسؤولين الجمهوريين أن ترمب يمارس على الحزب جاذبية لا تقاوم، بسبب قوته المستمرة في استطلاعات الرأي، والطاقة التي يولدها بين القاعدة الشعبية في الحزب الجمهوري، ولهذا تبدو قبضة ترمب على القاعدة الجمهورية وتأثيره على أذهان الطامحين إلى البيت الأبيض شاملة للغاية، لدرجة أن الطريق إلى ترشيح الحزب الجمهوري يتم تحديده على أفضل وجه من خلال درجة الولاء لترمب، ويعكس ذلك بوضوح الزيارات المستمرة التي يقوم بها قادة الحزب والطامحون في نيل دعم الرئيس السابق إلى نادي ترمب بالم بيتش حيث يقيم من أجل مقابلته.

ويتوقع كثيرون أن المرشحين الذين يفشلون في تبني إرث ترمب بالكامل لن يتبقى لديهم سوى سراب من الدعم الذي تمثله وسائل الإعلام في العاصمة واشنطن، والتي تمنحهم ظهوراً على شاشاتها، لكنهم سيفتقرون إلى دعمهم بنقاط مئوية في استطلاعات رأي الناخبين.

مستقبل غامض

لكن، على الرغم من سطوة ونفوذ ترمب التي تعكسها استطلاعات الرأي، تظل الحركة المعارضة المحدودة من بعض قيادات الحزب وقطاع من المؤيدين خصوصاً من الشباب في المناطق الحضرية تشكل شريحة صغيرة ولكنها مهمة، عندما يتعلق الأمر بالتصويت في الانتخابات، وهو ما قد يهدد استعادة فوز مرشحي الحزب في الولايات المتأرجحة مرة أخرى.

كما أن غموض نتيجة الملاحقات القضائية التي تطارد ترمب في نيويورك وواشنطن وربما جورجيا، يجعل من السابق لأوانه الحكم على استمرار نفوذ ترمب مستقبلاً إذا ما انتهت المحاكمات إلى تأثير سلبي أخلاقي أو جنائي على الرئيس السابق.

المزيد من تقارير