بعد مخاض طويل ومفاوضات شاقة بين العراق والشركات العالمية لتزويد الحكومة باللقاحات المضادة لفيروس كورونا، يبدو أن مطلع شهر مارس (آذار) المقبل، سيكون موعداً رسمياً لوصول أولى الشحنات إلى البلاد، لتلتحق بمعظم دول العالم التي حققت شوطاً كبيراً في هذا المجال خلال الأسابيع الماضية.
وأثرت الأزمة المالية التي شهدها العراق عام 2020 في تأخر بغداد في إبرام صفقات لجلب لقاحات مضادة للفيروس تزامناً مع بقية دول العالم، وكان ذلك واضحاً في اعتماد الحكومة على قرض من البنك الدولي لشراء الجرعات الأولية التي تشمل شرائح محددة من المجتمع العراقي، هي على تماس يومي سواء مع المصابين أو في الحركة العامة، ومنها الكوادر الصحية والعاملين في الأجهزة الأمنية وبعض دوائر الدولة الأخرى وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة.
وعلى الرغم من تأكيد الحكومة العراقية لأكثر من مرة على التعاقد مع شركات عالمية لتوريد اللقاح، سواء مباشرةً كما حصل في اتفاق بغداد مع بكين على توريد اللقاح الصيني أو عبر منظمة الصحة العالمية لتوريد اللقاحات الأخرى ضمن جدول زمني محدد، إلا أنها تأخرت في البدء بالتطعيم قياساً بدول أخرى تعيش أوضاعاً مالية أسوأ من العراق في منطقة الشرق الأوسط.
الشركات تطالب بقانون يحميها
وحسم وزير الصحة العراقي حسن التميمي الجدل والمواقف المختلفة بشأن اللقاح، بالإعلان عن أن أولى الشحنات ستصل الأسبوع المقبل، لافتاً إلى أن الأولوية ستكون لمنتسبي وزارة الصحة وقوى الأمن وكبار السن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف الوزير مفصلا: "الوزارة ستتسلّم دفعة من الصين خلال أسبوع، و3.4 مليون جرعة من منصة كوفاكس الدولية دُفِعت مبالغها من قبل البنك المركزي."
وعزا التميمي سبب تأخر وصول اللقاحات من شركة "فايزر" إلى الحاجة لتشريع قانون من البرلمان العراقي يمنح حصانة للشركة المصنِّعة ويستحدث صندوق تعويضات للمتضررين من اللقاح.
وعن الفئات المستهدفة في التطعيم، أشار التميمي إلى أنها تشمل "كل العراقيين فوق الـ16 سنة، إلا أن الأولوية ستكون لمنتسبي وزارة الصحة والأجهزة الأمنية وللأفراد الذين يبلغون أكثر من 50 سنة والذين يعانون اعتلالا في الصحة ودور العجزة والكوادر التدريسية والصحافيين".
العراق سيحصل على 20 مليون جرعة
ويعمل العراق على إيجاد مصادر متعددة للحصول على اللقاحات في ضوء المعروض من الشركات المصنِّعة وشروطها بشأن تشريع قوانين تحميها من الملاحقة إذا ما أظهرت منتجاتها آثاراً جانبية.
مقرر خلية الأزمة النيابية، عضو لجنة الصحة والبيئة، النائب جواد الموسوي قال إن "العراق سيحصل على 16 مليون جرعة عبر تجمّع كوفاكس، دُفعت أموالها بالكامل وستصل تباعاً خلال الأشهر الثلاثة المقبلة."
وذكر البرلماني العراقي أن "البرلمان سيشرّع قانون حماية الملقّحين من فيروس كورونا في الجلسة المقبلة". وأضاف موضحا: "العراق دخل في تعاقدات رسمية مع تجمّع كوفاكس الذي أنشأته منظمة الصحة العالمية ويشمل 160 دولة لضمان عدالة توزيع اللقاحات بين كل الدول بشكلٍ متساوٍ، ودفعنا المستحقات المالية التي بلغت 169 مليون دولار والتي على أساسها ستزوَّد البلاد بـ16 مليون جرعة عبر منظمة الصحة".
مصادر متعددة
وبيّن الموسوي أن "العراق وقّع عقداً للحصول على مليون ونصف المليون جرعة من شركة "فايزر" الأميركية وثلاثة ملايين جرعة أخرى من شركة "أسترازينيكا"، وهذه ستصل بدءًا من الأول من مارس (آذار) المقبل، ليكون المجموع 20 مليون جرعة".
وأشار إلى "وجود تفاهمات مع شركة سينوفاك الصينية، التي تبرعت بـ50 ألف جرعة مجانية، وإلى الآن لم يتم تحديد السعر وآلية التعاقد بالنسبة إلى الكمية المتبقية".
"فايزر" تريد قانوناً يحميها
ويتجه مجلس النواب العراقي إلى تشريع "قانون حماية الملقّحين من الفيروس" الذي سعرض لقراءة أولى في جلسة البرلمان المقبلة وبطلب من الشركات العالمية المصنِّعة للقاحات التي تتخوف من الأعراض الجانبية والمحاسبة الدولية في حال حدوث أي اضرار.
وكشف الموسوي عن أن "شركة فايزر أخّرت الكمية التي يُفترض أن تزوّد العراق بها بسبب هذا القانون"، مؤكداً "عدم وجود مشكلات مع الشركة سوى تشريع القانون".
ووفق آخر إحصاء أعلنته وزارة الصحة العراقية، فإن مجمل الإصابات بفيروس كورونا بلغ 684 ألفاً و362 إصابة، و13351 وفاة.
خطة متكاملة لتوزيع اللقاحات
عضو الفريق الطبي في وزارة الصحة العراقية الدكتور منهل وعد الرديني تحدث عن وجود خطة لتوزيع اللقاحات ستبدأ خلال أيام وستعلن قريباً، مؤكداً إكمال كل الأمور اللوجستية من أجل البدء بعملية التطعيم. وقال إن "الوزارة درّبت الملاكات الصحية على عملية التطعيم باللقاح وطريقة حفظه من قبل الملاكات الصحية"، مبيّناً أن الوزارة تنتظر المباشرة بالتطعيم المقرر الأسبوع المقبل".
وأكد الرديني: "عدم وجود تأخير في وصول اللقاح إلى العراق، إنما الشركات المصنِّعة أعطت أولوية لدولها وتلك التي تمرّ بحالة طوارئ"، لافتاً إلى "إكمال جميع الأمور القانونية والمالية للحصول على اللقاح الذي تصنّعه شركة فايزر".