Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أنهت "نتفليكس" إقبال المشاهد على القنوات التلفزيونية؟

فيما كان في السابق حب نجوم الشاشة ينضج ببطء محولاً أمثال جيس ماريانو وبيسي ويتر إلى معبودَي أجيال برمتها جاءت "نتفليكس" بتشكيلة من الشخصيات المحبوبة الخيالية التي يتلاشى أثرها في غضون أسابيع.

نجوم "نتفليكس"، من اليسار إلى اليمين: دارين بارنت، ريجيه جين بيج، راهول كوهلي، لوكاس برافو ونوا سينتينيو (عن نتفليكس وغيتي)

لقد أصبحتُ عديمة الحيلة أمام وسامة أبطال مسلسلات "نتفليكس". ففي ديسمبر (كانون الأول)، تمكنت شخصية الدوق سيمون باسيت المغرم بلعق الملاعق التي لعبها الممثل ريجيه جان بيج في مسلسل "بريدجرتون" Bridgerton من كسر الكآبة التي انتابتني في فترة أعياد الميلاد.

والصيف الماضي، كان يسيطر على تفكيري، الشاب اللطيف في المدرسة الثانوية باكستون هول يوشيدا، الذي جسده الممثل دارين بارنيت في مسلسل "لم يسبق لي أبداً" Never Have I Ever. وبعد بضعة أشهر، لم يكن كرهي للبطلة إميلي في مسلسل "إيميلي في باريس" Emily in Paris كافياً للتغلب على الإعجاب بالطاهي الباريسي غابرييل (الممثل لوكاس برافو).

وقبل ذلك، كنت مغرمة بشخصية بيتر كافينسكي الحساس، التي أداها الممثل نوا تشينتينو في ثلاثية "إلى كل الشباب الذين أحببتهم من قبل" To All The Boys I’ve Loved Before  التي وصلت إلى نهايتها هذا الأسبوع.

إن إعجابي بشخصيات الرجال الخيالية بعيد كل البعد من أن يكون فريداً من نوعه. فالتصفح السريع للإنترنت يظهر أن كل الفتيات وأمهاتهنّ ينتابهم الشعور نفسه. على مدى السنوات القليلة الماضية، قدم لنا نموذج خدمات البثّ التدفقي، و"نتفليكس" على وجه الخصوص، تشكيلة من النجوم الذكور الوسيمين لنمتّع أبصارنا بمشاهدتهم. يمر الأبطال الوسيمون مثل عربة حلوى من الماضي، وصار انجذابنا مبنياً على التصميم بدلاً من المصادفة. ومع ذلك، وكما هو الحال مع كيكة الشوكولا بالكرز، قد يكون لشعبية هؤلاء الأبطال تاريخ صلاحية محدودة.

وتتمتع شخصيات الشباب هذه، بصفات متشابهة بشكل لافت للنظر. حيث يؤديها ممثلون يتمتعون بكاريزما وبمظهر حسن وجذاب. ثقتهم بأنفسهم واضحة، أو أنهم مغرورون من دون الوصول إلى درجة عدم الكياسة. والأعمال الدرامية التي يظهرون فيها، لا تنطوي على مخاطر كثيرة، ولا تتمحور بشكل عام حول محبوبة واحدة – وبهذه الطريقة، يمكننا نحن المشاهدات أن نواصل تخيلنا أننا في مكان تلك الحبيبة على الشاشة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإذا أدخلنا علاقة ديناميكية بين الحب والكراهية التي تُنفذ بعناية (مثل علاقة الدوق ودافني في مسلسل بريدجرتون)، أو بعض الحنين وأوجاع الحب الأول (كما هو الحال بين بيتر ولارا في مسلسل ("إلى كل الشباب الذين أحببتهم من قبل")، ستكون لدينا تركيبة درامية ناجحة.

في وقت تغلب عليه سمة الانعزال، هناك شعور مُرض حول القواسم المشتركة للشخصيات التي نعجب بها. من الممتع أن نتجاذب أطراف الحديث حول الشبان اللطيفين، وأن نخوض في خطاب ثقافي حول السلسلة الفضية التي يرتديها كونيل (الممثل بول ميسكال) في مسلسل "أناس عاديون" Normal People، وغرابة عواطفنا تجاه الشخصيات المجتهدة مثل أوين شارما (الممثل راول كوهلي) في مسلسل "منزل بلاي مانور المسكون" The Haunting of Bly Manor، أو سياسات الوقوع في غرام جو غولدبرغ (الممثل بين بادجلي) العاشق الذي يطارد قاتلة متسلسلة في مسلسل "أنت" You.

لكن هناك شيء يجب ذكره حول إمكان القضاء على كل ما سبق، حيث تمكن "نتفليكس" من إشباع رغباتنا الفورية. نشاهد مغازلات عابرة مع رجال جذابين، ثم يُبتر الإعجاب. كيف يمكن لوم المرء على الاستخفاف بقيمة هذا المحبوب عندما يكون وصول العمل التالي الذي لا يمكن تفويته وشيكاً؟ لا يشير هذا إلى مستوى العمل أو جودة سرد القصص، لكن الكمية المطروحة منه هائلة. يمكنكم أن تطلقوا علينا صفة التقلب، لكن التكنولوجيا جعلت انتباهنا لا يدوم. فتعلقنا بأبطال تلك الأفلام، بما في ذلك الشخصيات الحالمة، يبدو أكثر سطحية. 

يتمتع أبطال الأعمال التلفزيونية منذ زمن الأجيال السابقة، بحضور طويل الأمد. كان هناك روبن إليس، الذي لعب الشخصية الأصلية للكابتن بولدارك Poldark في عمل يحمل اسم بطله في السبعينيات، والذي قدم على الشاشة حضوراً ملتهباً لكنه حساس في آن معاً. في التسعينيات، كان كولين فيرث يقدم أداءً مختالاً ومثيراً في سلسلة "كبرياء وغرور" Pride and Prejudice القصيرة التي لقيت ترحيباً شديداً، وشون بين الانفعالي في مسلسل "السيدة تشاترلي" Lady Chatterley. قبل زمن "تويتر"، كان هناك تعطش إلى حد كبير لمناقشة الرجال الجذابين على الشاشة الصغيرة في صفحات المجلات الاجتماعية مثل "وومانز أون" Woman's Own في المملكة المتحدة أو ببساطة في الأحاديث الشفهية.

استُبدلت تلك المحادثات في العقد الأول من الألفية الحالية بمنصات المراسلة الإلكترونية وصفحات المعجبين، ووفّرت مساحة للمغرمين الشباب للتعبير عن حبهم لشخصيات بعينها. تزامن ذلك مع العصر الذهبي لمسلسلات المراهقين الأميركية، حيث كان فتيان الأحلام مثل شخصية سيث كوهين (الممثل آدم برودي) في ملسلسل "ذي أو سي"The OC، وبيسي ويتر (الممثل جوشوا جاكسون) في مسلسل "داوسونز كريك" Dawson’s Creek، أشبه بهدايا مغلفة أجمل تغليف بالنسبة لبنات جيل الألفية من أمثالي.

كان التقاط الشخصيات التكوينية التي أبقتني متسمرة على الشاشة الصغيرة أمراً سهلاً، لكنه تطلب إخلاصاً طويل الأمد. كانت الفروق الدقيقة والعيوب التي ميزت المنحى الذي تتخذه تلك الشخصيات تظهر على مدار أشهر بل سنوات، بسبب وتيرة جداول عرض المسلسلات في زمن ما قبل البثّ التدفقي. كان علينا الالتزام حقاً. الفتى السيء جيس ماريانو (الممثل ميلو فينتيماليا) من مسلسل "فتيات غيلمور" Gilmore Girls كان تلخيصاً لهذه النقطة. اعتمدت جاذبية جيس الفظة بالكامل على سترة جلدية ونسخة من كتاب "على الطريق"، كان يمتلك شعراً رائعاً، وشفتين ممتلئتين، وتشكيلة ممتازة من قمصان الفرق الموسيقية، لكنه كان أيضاً كارهاً للبشر بطريقة كانت مربكة وغامضة في الماضي.

كان جيس حبيباً أفرزه التلفزيون لم يسحر المراهقات فحسب، لكنه لا يزال يحتل مكانة خاصة في قلبي الذي تجاوز الآن الثلاثين من العمر. أجد نفسي "أضغط زر الإعجاب" على كل صورة له تظهر في حسابي على إنستاغرام، كما لو أنني أعيد تأكيد أثر تركته شعلة حب قديمة. ستكون الشخصيات التي رافقتنا في مرحلة البلوغ مرتبطة إلى الأبد بكشف ميولنا الجنسية، ومغروسة في خيالنا بأنها شخصيات بالتأكيد لا يستطيع الفتيان الذين ارتادوا مدرستي الثانوية التنافس معها. لقد كانوا شعيرة من شعائر العبور من مرحلة عمرية إلى أخرى - وافتتاناً تكوينياً خلق النسخة الأولية لرغباتنا عندما أصبحنا بالغين.

على كل حال، استغرق وصولهم إلى هذه المكانة فترة أطول بكثير من عطلة نهاية أسبوع واحدة أمضيناها في المشاهدة المفرطة لمسلسلات نتفليكس. من دون وجود وقت كاف للوقوع في الغرام، من المحتمل أن يفتقد جيل الألفية جزءاً حيوياً من اكتشافهم ذواتهم. هل سيكون بيتر كافينسكي أو الدوق سيمون بديلَين لـ سيث وجيس لدى هذا الجيل؟ من الصعب أن نتخيل أنهما سيحظيان بالتبجيل ذاته خلال مناقشات المعجبات بعد عشرين سنة من الآن. لكن كُرمى للمحبات المراهقات في كل مكان، أتمنى حدوث ذلك.

© The Independent

المزيد من سينما