Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بايدن وبكين... صدام متعمد أم محتوم؟

استغل منتقدو الرئيس الأميركي الصين باعتبارها منطقة ضعف له

هناك تضارب في الروايتين الأميركية والصينية عن الاتصال الأول بين الرئيسين جو بايدن وشي جين بينغ (رويترز)

بينما توقع المراقبون أن يمنح انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة فرصة لالتقاط الأنفاس في بكين بعد أربع سنوات من السياسات الصدامية لإدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، وبعد حرب تجارية لا هوادة فيها، لكن يبدو أن الرئيس الأميركي الجديد يرغب في توجيه رسالة أخرى إلى الصينيين، وهو ما بدا في خطاب دبلوماسي تنافسي ومواجهات بدأت تلوح بوادرها في تايوان وميانمار، وكذلك على صعيد ملف فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).

وعندما تحدث بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ، الأسبوع الماضي، وهي المرة الأولى منذ تولي الأول منصبه، بدا أن هناك تضارباً في روايتي الطرفين في شأن ما جاء في المكالمة الهاتفية. فبحسب البيت الأبيض، فإن المكالمة كانت قوية وشاملة، إذ أكد بايدن قلقه في شأن الممارسات الاقتصادية القسرية وغير العادلة في بكين، والقمع في هونغ كونغ والانتهاكات الحقوقية في شينغيانغ، والإجراءات الحازمة المتزايدة في المنطقة، بما في ذلك ضد تايوان.

وعلى الجانب الآخر، قالت وسائل الإعلام الصينية إن المكالمة تبعث بإشارات إيجابية إلى العالم، وإن بايدن تعهد بالتواصل "بروح الاحترام المتبادل وتحسين التفاهم المتبادل وتجنب سوء الفهم وسوء التقدير". وفي حين جاءت تفاصيل المكالمة من الجانب الصيني أوسع مما قدمه البيت الأبيض، فإن الأولى أشارت إلى رفض جين بينغ مخاوف بايدن، وأن الأمر يتعلق بشؤون داخلية للصين وسيادتها وسلامة أراضيها.

صعوبات

وفي حين لم يكن هناك تسجيل معلن للاتصال، فإن كليهما قدم روايته من منظور يرضي جمهوره الداخلي. فقد سعى بايدن لتقديم نفسه باعتباره كان صارماً في قضايا حقوق الإنسان، بينما بدا شي قاسياً بالقدر نفسه في الرد عليه. وبحسب شبكة "سي أن أن"، فإن هذه الاختلافات الظاهرة تكشف عن بعض الصعوبات التي يواجهها بايدن في التعامل مع الصين، الدولة التي وصفها أخيراً بأنها "أخطر منافس لأميركا".

وعلى الرغم من أن بايدن قد يرغب في الظهور بمظهر صارم مع الصين، ويتجه إلى انتهاج سياسات تتخذ هذا الموقف، فإنه يتعامل مع دولة أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى، دولة نجت من إدارة ترمب العدائية بشدة، وخرجت إلى حد كبير من جائحة فيروس كورونا أقوى وأكثر أماناً، في حين أن الولايات المتحدة لا تزال غارقة في درجات متفاوتة من الصراع السياسي والاجتماعي.

واستغل منتقدو بايدن الصين مراراً وتكراراً باعتبارها منطقة ضعف للرئيس الجديد، وخلال الحملة الرئاسية الأميركية، عزفوا بصوتٍ عالٍ على ما وصفوه بعدم قدرته على مواجهة بكين. فمنذ إدارة بيل كلينتون، تعرضت واشنطن في ظل حكم الديمقراطيين، لانتقادات من قبل الصقور، لكونها متساهلة للغاية مع بكين، ولأنها لم تستخدم النفوذ الذي كانت تتمتع به عندما كانت القوتان غير متساويتين.

وفي حين لا ينوي بايدن السير على نهج سلفه الذي بدا على استعداد للإضرار بالعلاقات الأميركية - الصينية بشكل صريح، لكنه سيستغل ما اتخذه ترمب من قرارات وخطوات اعتبرتها بكين عدائية، إذ سيبقي على التعريفات الجمركية التي كانت سبباً في حرب تجارية بين البلدين، وكذلك العقوبات الخاصة بقضية الإيغور، باعتبارهما من الأدوات التفاوضية مع التنين الصيني.

استعداد للصدام

وبالأمس، بدت إدارة بايدن أكثر استعداداً للصدام مع بكين، بل ومنظمة الصحة العالمية، في شأن التحقيقات الخاصة بمنشأ فيروس كورونا المستجد، إذ طالب البيت الأبيض الصين بإتاحة بيانات عن الأيام الأولى لتفشي فيروس كورونا، قائلاً إنه يشعر بـ"قلق بالغ" إزاء طريقة نقل نتائج تقرير منظمة الصحة العالمية بخصوص منشأ الفيروس.

وشدد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، في بيان، على ضرورة أن يكون التقرير مستقلاً وخالياً من أي "تغيير تجريه الحكومة الصينية"، مردداً مخاوف أثارتها إدارة ترمب الذي قرر الانسحاب من منظمة الصحة العالمية بسبب هذا الأمر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورد متحدث باسم السفارة الصينية ببيان شديد اللهجة قائلاً إن الولايات المتحدة أضرت بالتعاون متعدد الأطراف وبالمنظمة خلال السنوات الماضية، وينبغي لها ألا "توجه أصابع الاتهام" إلى الصين وغيرها من الدول التي دعمت منظمة الصحة خلال الجائحة. وأضاف أن الصين رحبت بقرار واشنطن العودة إلى منظمة الصحة، داعياً واشنطن إلى التصرف على النحو الملائم وعدم توجيه اللوم إلى دول أخرى.

وكانت تعليقات المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، على نتائج التحقيق، سبباً لصدام مع منظمة الصحة العالمية نفسها. فقبل أيام قال برايس إن الولايات المتحدة لن تقبل باستنتاجات تحقيق وفد المنظمة، ما لم يتم التحقق من صحتها بشكل مستقل من خلال أجهزة الاستخبارات الأميركية.

وهو ما استدعى بيتر داسزاك، أحد أعضاء فريق متخصصي منظمة الصحة العالمية، أن يقول إن الرئيس بايدن مضطر إلى أن يبدو صارماً تجاه الصين. وأضاف في تغريدة على "تويتر": "الرجاء لا تعولوا على بيانات الاستخبارات الأميركية التي ازدادت تشتتاً في عهد ترمب، وكانت خاطئة في كثير من النواحي".

ليس ذلك فحسب، فتعليقات مسؤولي الإدارة الأميركية الجديدة حيال الصين يبدو فيها تعمد الصرامة. فالخميس الماضي، قالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض جين ساكي، إن بايدن يدرك التهديد التنافسي الذي تشكله الصين، مضيفة "أعتقد أن وجهة نظر الرئيس هي أننا في منافسة مع الصين، وهو واضح في شأن مدى عمق هذا التحدي".

فرقة عمل خاصة

وبعث الرئيس الأميركي بإشارات في شأن استعداده لمواجهة عسكرية مع الصين، عند الضرورة. واستغل بايدن زيارته الأولى للبنتاغون كقائد أعلى للقوات المسلحة، الأربعاء الماضي، للإعلان عن تشكيل فرقة عمل جديدة حول الصين، مكلفة إعادة دراسة نهج الولايات المتحدة في مجالات تراوح من المقاربة الاستراتيجية العسكرية والقوة إلى التكنولوجيا والاستخبارات.

وقال بايدن إن فرقة العمل "ستعمل بسرعة، بالاعتماد على المتخصصين المدنيين والعسكريين في جميع أنحاء الوزارة لتقديم توصيات في غضون الأشهر القليلة المقبلة إلى (وزير الدفاع) لويد أوستن في شأن الأولويات الرئيسة ونقاط القرار كي نتمكن من رسم مسار قوي إلى الأمام في شأن الأمور المتعلقة بالصين". وأضاف أن الأمر سيتطلب جهوداً حكومية كاملة وتعاوناً من الحزبين في الكونغرس وتحالفات وشراكات قوية، و"هذه هي الطريقة التي سنواجه بها تحدي الصين ونضمن للشعب الأميركي الفوز في منافسة المستقبل".

وعندما وقع الانقلاب العسكري في ميانمار، حيث تتمتع بكين بنفوذ متزايد من خلال علاقات أوسع مع الجيش، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في اتصال هاتفي مع نظيره الصيني، يانغ جيتشي، إلى إدانة الانقلاب صراحة والمطالبة بإطلاق سراح الزعيمة المنتخبة والحائزة جائزة نوبل، أونغ سان سو تشي، إذ تجنبت بكين إدانة الانقلاب، ودعت بدلاً من ذلك إلى حل الأزمة بموجب دستور البلاد.

وتتزايد التوترات بين واشنطن وبكين أيضاً في تايوان، حيث تدعي بكين السيادة على الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي تحت مظلة الضمانات الأمنية الأميركية. وبعد أيام من تنصيب بايدن، أرسلت الصين طائرات حربية إلى مضيق تايوان، ما أثار إدانة من واشنطن، التي أرسلت أيضاً سفينة حربية عبر المضيق.

ووجه بلينكن تحذيراً إلى نظيره الصيني في هذا الصدد. فبحسب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فإن "الوزير أكد مجدداً أن الولايات المتحدة ستعمل مع حلفائها وشركائها للدفاع عن قيمنا ومصالحنا المشتركة لمحاسبة جمهورية الصين الشعبية على جهودها لتهديد الاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادي، بما في ذلك عبر مضيق تايوان، وتقويضه".

المزيد من تقارير