Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسقاط نحو ثلث الملاحقات القضائية المرتبطة بـ "كورونا" في بريطانيا

حصري: ناشطون يرون أن "التطبيق التعسفي وغير المشروع" للقوانين سيضر بثقة الناس في القضاء

يرى نواب بريطانيون أن بعض ضباط الشرطة يطبقون التوجيه الحكومي وليس مقتضيات القانون (غيتي)

كشف تحليل للوضع القضائي في المملكة المتحدة أن نحو ثلث الملاحقات العدلية المتصلة بقوانين مواجهة فيروس "كورونا"، قد تمت معالجتها بشكل غير صحيح، الأمر الذي أدى إلى إسقاط مئات الدعاوى.

وتبين من خلال مراجعة أجرتها النيابة العامة البريطانية (دائرة الادعاء الملكية) Crown Prosecution Service، أنه تم سحب 359 تهمة من نحو 1252 العام الماضي، بموجب قوانين صيغت للمساعدة في إجراءات الصحة العامة، سُحبت أو تم إلغاؤها في وقت لاحق في المحكمة.

وحذر ناشطون من اللجوء إلى "تطبيق تعسفي وخاطئ" لقانون فيروس "كورونا" الذي يمنح قوى الشرطة سلطات لاحتجاز "أفراد يُحتمل أن يكونوا أصيبوا بالعدوى" من جهة، ومن جهة أخرى "لقوانين الحماية الصحية" Health Protection Regulations، التي تشمل إجراءات الإغلاق وقيوداً أخرى مرتبطة بمواجهة الوباء.

وكانت كل محاكمة للقضايا الـ 232 التي رُفعت بموجب قانون فيروس "كورونا" غير صحيحة، ووُصف سوء استخدامه بأنه "إحراج" للنظام القضائي في المملكة المتحدة.

إضافة إلى ذلك، تم توجيه 127 تهمة خاطئة أخرى، بموجب "قوانين الحماية الصحية" التي وُضعت لتطبيق الإغلاق الأول على مستوى البلاد في مارس (آذار) من العام 2020، وتم تغييرها مرات عدة في إطار تطبيق قيود مختلفة.

وتمثل هذه المحاكمات نحو 12 في المئة من الملاحقات القضائية بموجب القانون الذي تعمل الشرطة عادة على تنفيذه باستخدام الغرامات.

وتشير المحامية المرافعة في مجال حقوق الإنسان، كيرستي بريميلو، في تصريح لصحيفة "اندبندنت"، إلى أن "قادة الشرطة ألقوا باللوم على عدد صغير من عناصرهم الذين بالغوا في إجراء اعتقالات غير مشروعة"، لكنها رأت أن "هذه الممارسات ما زالت قائمة، وليس من المنطقي أن نتوقع من الناس التقيد بقوانين كوفيد عندما لا تقوم الشرطة بالامتثال لها".

منظمة "ليبرتي" Liberty المدافعة عن حقوق الإنسان والحريات المدنية، طالبت الحكومة البريطانية بدعم الناس في مجال اتباع التوجيهات الصحية بدلاً من "التركيز المستمر على طريقة تطبيقها"، ورأت مديرة المنظمة غرايسي برادلي أن "كل من يقول إننا بتنا جميعاً نعرف القواعد الآن، ربما يكون قد نسي طرق التواصل المشوبة بالارتباك من جانب الحكومة، في ما يتعلق بالقوانين والتوجيهات دائمة التغير".

وأشارت برادلي إلى أنه "من المستحيل كذلك معرفة عدد الغرامات غير القانونية التي دفعها حتى الآن أشخاص يخشون بشكل كبير الطعن فيها، وبالتالي يتعين على الحكومة أن تعمل بسرعة على تأكيد حق الأفراد في تقديم استئناف للغرامات، فقد أسهمت حالات الإنفاذ التعسفي وغير المشروع المتكررة واللافتة، في إذكاء نار انعدام الثقة لدى الناس".

وفي تحليل أجرته صحيفة "اندبندنت"، تبيّن أن نسبة التهم المجحفة الموجهة بموجب "قوانين الحماية الصحية"، بلغت ذروتها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، في حين سُجل أعلى عدد من الاتهامات الخاطئة بموجب قانون فيروس "كورونا" في شهر يونيو (حزيران).

ولا تغطي أرقام "دائرة النيابة العامة" سوى القضايا التي تم البت في أمرها في إنجلترا وويلز، وما زال هناك مزيد من الدعاوى القضائية التي يُنظر فيها الآن أمام المحاكم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان تقريران صادران عن "لجنة الشؤون الداخلية" Home Affairs Committee و"اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان" Joint Committee on Human Rights في البرلمان البريطاني، طالبا في نيسان (أبريل) الماضي الشرطة بوضع حد للأخطاء التي يرتكبها عناصرها، محذرَين من احتمال إجهاض العدالة وتنفيذ إجراءات عقابية "من دون أي سند قانوني".

وتحدث نواب في مجلس العموم عن أن بعض أفراد الشرطة بدَوا وكأنهم يطبقون توجيهات الحكومة وليس موجبات القانون، بحيث تسببت الخلافات بين الأمرين في وقوع ارتباك بين الناس وأجهزة إنفاذ القانون.

وكانت الغالبية العظمى من الملاحقات القضائية الجائرة قدمتها الشرطة، وسحبتها "دائرة النيابة العامة" قبل إدانة الأفراد، لكن كان لا بد من إعادة 56 قضية إلى المحكمة لإلغائها.

ومن بين تلك القضايا دعوى تتعلق بامرأة غُرمت 660 جنيهاً استرلينياً (حوالى 900 دولار أميركي) على جريمة لم ترتكبها، وذلك بعد خمسة أيام من صدور قانون فيروس "كورونا" في مارس (آذار) الماضي، فهذا القانون يمنح الشرطة البريطانية سلطة توجيه "الأشخاص الذين من المحتمل إصابتهم بالعدوى"، إلى مكان لإجراء الفحص والخضوع للتقويم، كما يسمح بأخذهم بالقوة إذا ما رفضوا ذلك، بحيث يُعتبر ذلك من الجرائم الجنائية التي يُعاقب عليها بغرامة تصل إلى 1000 جنيه استرليني (حوالى 1370 دولار أميركي) لرفضهم تلقي التوجيهات أو الفرار أو تقديم معلومات كاذبة.

وحُرر القانون في وقت كان يُعتقد فيه أن خطر عدوى "كورونا" يأتي بشكل أساس من خارج البلاد، لكن لم تنقضِ أيام قليلة حتى تم الإعلان عن أول إغلاق وطني، وحظرت "قوانين الحماية الصحية" على الأفراد مغادرة منازلهم من دون "عذر معقول".

ودعت منظمة "ليبرتي" إلى إلغاء قانون فيروس "كورونا"، شأنها شأن منظمة "بيغ براذر ووتش" Big Brother Watch (مؤسسة غير ربحية غير حزبية بريطانية، تدافع عن الحريات المدنية وعن الخصوصية)، واصفة إياه بأنه "إحراج وظلم جسيم".

وحذرت السيدة كيرستي بريميلو من أن أخطاء في تطبيق العدالة ستستمر طالما بقيت الجرائم الجنائية التي يشملها القانون موجودة في سجل النظام التشريعي. وقالت لصحيفة "اندبندنت" إن "القانون الذي تم فقط استخدامه بشكل غير قانوني ليس قانوناً عادلاً، ويُعد هذا سبباً قوياً لإلغائه".

غير أن الحكومة أشارت إلى أنها لا تعتزم إلغاء القانون، فيما قال رئيس النيابة العامة إن أية توصيات رسمية لن تُقدم على الرغم من نتائج المراجعة التي أجرتها دائرته.

وقال مدير النيابات العامة، ماكس هيل، لصحيفة "اندبندنت"، إن "القانون له هدف، فمن الصواب أن نشير إلى الأخطاء التي تحدث، وسنواصل القيام بذلك، لكن مهمة التوصية بإجراء تغييرات يتعين إجراؤها أو تطبيقها، لا تقع على عاتقنا".

متحدث باسم "المجلس الوطني لقادة الشرطة" NPCC أوضح أن اللجوء إلى تطبيق قوانين فيروس "كورونا" كان "الملاذ الأخير"، وأن نسبة قليلة جداً من القضايا أحيلت إلى المحاكمة القضائية.

وأضاف، "إننا نحرص عند القيام بإصدار قوانين جديدة، على أن يكون لدى عناصر الشرطة الوعي الكافي بالإرشادات ذات الصلة، وسنواصل تقديم الدعم اللازم لهم للحد من أية أخطاء محتملة في مرحلة التطبيق، الأمر الذي عادة ما تتكيف معه الشرطة بسرعة في ظل ظروف غير مسبوقة تعيشها البلاد".

وأشار إلى أنه "عندما كنا نلحظ وجود أي خطأ كنا نعمد إلى إخطار قوات الشرطة بسرعة للعمل على تصحيحه، ونتعاون مع شركائنا في العدالة الجنائية من أجل تحقيق ذلك".

أما المتحدث باسم الحكومة البريطانية فقال، "نحن نعمل جنباً إلى جنب مع المجلس الوطني لقادة الشرطة وكلية الشرطة لضمان حصولهما على التوجيهات المناسبة. إن عناصر الشرطة أصبحوا مجهزين كلياً لجهة توجيه تهم ارتكاب الجرائم والتعامل معها بشكل صحيح، وهم يتمتعون بالقدرات والكفاءات اللازمة لأداء واجبهم على أفضل مستوى، من أجل ضمان الحماية لمجتمعنا".

© The Independent

المزيد من سياسة