Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متظاهرو تونس يكسرون الطوق الأمني ويهتفون لإسقاط النظام

بعد 8 سنوات على اغتيال شكري بلعيد ما زال شباب البلاد في حالة غضب

تحوّل شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية والشوارع المحيطة به إلى ثكنة عسكرية مغلقة صباح يوم السادس من فبراير (شباط) الحالي، في الذكرى الثامنة لاغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد في أول عملية اغتيال سياسي تشهدها تونس بعد الثورة في عام 2011.

وشغل شكري بلعيد منصب الأمين العام لـ"حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد" واغتيل أمام منزله في العاصمة بخمس رصاصات في 6 فبراير 2013، إبان عهد حكومة "حركة النهضة" برئاسة حمادي الجبالي.

وفي حين أن ملف اغتيال بلعيد لم يُحسَم قضائياً بعد، إلا أن فريق الدفاع في القضية اتهم ما سماه "الجهاز السري لحركة النهضة" بارتكاب الجريمة، مشيراً إلى وجود "غرفة سرية في وزارة الداخلية" حُجزت فيها كميات كبيرة من الوثائق الخاصة بجهاز أمن الدولة، وتحديداً لدى أحد عناصر "الجهاز السري للنهضة" مصطفى خذر، المحكوم بالسجن 8 سنوات ووجّه القضاء له رسمياً تهمة التورط في جريمة اغتيال المعارض محمد البراهمي.

وصرحت عضو فريق الدفاع في ملف اغتيال بلعيد والبراهمي، المحامية إيمان قزارة إن "فريق الدفاع سيعقد في 10 فبراير ندوة صحافية يُطلع فيها الرأي العام على آخر تطورات الملف". وأشارت إلى "وجود محاولات لتعطيل التحقيق في القضية بغية عدم كشف كل الجوانب المتعلقة بالمتورطين في الجهاز السري".

الشباب يقود التظاهر

ميدانياً، برز الحضور الشبابي بشكل كبير وفاعل. ونجح المتظاهرون الشباب في الوصول إلى وسط شارع الحبيب بورقيبة على الرغم من كل الإجراءات الأمنية، حيث تجمع أكثر من 2000 شخص رافعين شعارات تطالب بـ"إسقاط النظام". وهاجم المتظاهرون رئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي الذي يشغل منصب رئيس البرلمان، بينما وصفت الشابة جمان الشنا، شكري بلعيد بأنه "رمز للشباب"، وقالت إن مشاركتها اليوم مع رفاقها في إحياء هذه الذكرى هي "استمرار للوفاء لنهجه"، مضيفة أنهم سيواصلون "النضال من أجل تونس وكرامة شعبها".

من جهة أخرى، عكست المشاركة الواسعة للشباب الغاضب في المسيرة التي جابت شوارع فرعية عدة قبل أن تتمكن من الوصول إلى وسط العاصمة، تلاحماً بين إحياء ذكرى اغتيال بلعيد وتصاعد الاحتجاجات الشعبية جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعجز الحكومة عن القيام بواجباتها تجاه الشعب واحتياجاته وتحوّلها لخدمة مناصريها وتنفيذ رغباتهم.

ذكرى وطنية وليست احتجاجية

الأمين العام لحركة الشعب، عضو مجلس النواب زهير المغزاوي الذي كان في طليعة المشاركين في التظاهرة، قال إن "ممارسات رئيس الحكومة (هشام المشيشي) ومحاولته إخافة المتظاهرين فشلت وكان عليه أن يعرف أن إحياء الذكرى اليوم هي مناسبة وطنية وتذكير بضرورة مكافحة الإرهاب. ولا بد هنا من ذكر الجهود التي تقوم بها المؤسستان العسكرية والأمنية في الحرب ضد الإرهاب والتضحيات الجسام التي قُدِمت في هذه المعارك وآخرها استشهاد أربعة جنود قبل أيام بتفجير إرهابي في جبل المغيلة بولاية القصرين". وأضاف المغزاوي إن "حق التظاهر وحق التعبير يُعدّان من المكاسب الكبيرة التي نالها الشعب التونسي بنضاله ضد الاستبداد، وواهم مَن يعتقد أنه قادر بكل ما يملك من قوة، على إخافة الشعب أو إعادته إلى مرحلة الخنوع"، معتبراً أن "مشاركة الشباب في المسيرة، وبهذا العدد، دليل على حقيقة الواقع الذي وصلت إليه الأوضاع في تونس".

الرسالة وصلت

القيادية في "حزب الوطن الموحد" سلمى شقرون اعتبرت أن "المشاركة الكبيرة والمهمة لأبناء الشعب في إحياء هذه الذكرى رسالة واضحة ضد الإرهاب وتذكير للحكومة ورئيسها بمسؤولياته، فليس بين هؤلاء الشباب مَن يفجّر نفسه أو يزرع الألغام ضد قوات الجيش والأمن، بل هدفهم أن يكون لهم الحق بالحياة الكريمة في وطنهم بخاصة أنهم صاروا فاقدين الحلم والأمل بغد أفضل"، داعية "مَن هم في سدّة المسؤولية إلى الاستماع إلى صوت الشعب وليس تكرار ممارسات استبدادية لن تحقق لهم الأمان والبقاء في السلطة".

قوى الأمن تعاملت بحرفية

من جهة أخرى، شكّل العدد الكبير من رجال الأمن وسياراتهم التي نُشرت في محيط شارع الحبيب بورقيبة، رسالة استفزاز مجانية للمتظاهرين. وأطلق الشباب الذي استفزّه الطوق الأمني الكبير شعارات ضد نقابات رجال الأمن، الذين تحلوا بضبط النفس على الرغم من بعض المشاحنات الصغيرة التي لم تتحوّل إلى مواجهات.

توقيف محتجين

إلا أنه ومع انتهاء التظاهرة عمدت قوات الأمن إلى توقيف بعض الشباب ونقلهم إلى أحد مراكز الأمن وسط العاصمة، ولحق بهم عدد من المحامين بينهم ياسين عزارة وعبد الناصر العويني ورحّال الجلالي، وتمّ الاعتداء عليهم. ونُقل المحامي ياسين عزارة إلى أحد المستشفيات للعلاج بحسب الإعلامية التونسية وفاء الهمامي. ولم يتسنّ التأكد من أي طرف رسمي.

دعوة للرئيس

أما الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، فدعت رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى النزول إلى الشارع والالتحام بالشعب ومساندته في التعبير بحرية عن رأيه، رداً على إغلاق كل المنافذ المؤدية إلى وسط العاصمة من قوات الأمن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ماذا تقول النهضة؟

يُذكر أن حركة النهضة أبدت على لسان نائب رئيسها، عبد اللطيف المكي، في تصريح سابق، استعدادها "للمصالحة الوطنية الشاملة، والجلوس مع جميع الأطراف السياسية". وأقرّ المكي بصعوبات الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس، إلا أنه أكد أن الحركة "منكبة على خدمة قضايا الشعب بروح التعاون والمصلحة الوطنية العليا"، مضيفاً أن "الحركة لها ثقة كاملة في مؤسسات الدولة وفي القوات الأمنية والعسكرية".

كما دعا المتحدث باسم الحركة، فتحي العيادي في وقت سابق، إلى "وضع حد للتجاذبات السياسية، والتعايش بين كل التونسيين"، مشيراً إلى أن "الشعب عبّر عن قلقه من هذه التجاذبات، من خلال تحركاته الأخيرة"، معرباً عن استعداد حركة النهضة "لتقديم تنازلات من أجل المصلحة الوطنية، ومن أجل خدمة الشعب التونسي".

المزيد من العالم العربي