على ما يبدو أن توغل السوشيال ميديا وسيطرتها على يوميات الناس قضت على "شهر العسل" بين مشاهير الفن وبين الجمهور، ففي الوقت الذي كان يحرص الفنان على علاقته بالمتابعين، بل وتدليلهم واعتبارهم "عائلته"، تدريجاً أصبحت العلاقة شائكة، وتحمل كثيراً من المنغصات ولم يعد كل المتابعين في سلة واحدة، كما لم تعد كلمات مثل "الحب والتقدير والمثل الأعلى" حاضرة في قاموس التعامل بكثرة، بل إنه لم يعد يمر يوم إلا وتكون هناك قصة اشتباك عاصف بين أحد مشاهير الوسط الفني وبعض من متابعيه، فهل فعلاً بات بعض محترفي التنمر بالنسبة للنجوم وكأنهم "غابة وحوش غامضة مختبئة خلف الأجهزة الإلكترونية؟!"، ولفظ التوحش استخدمه بالفعل عدد من المشاهير لوصف ما يتعرضون له.
هيفاء وهبي تطالب بعقاب رادع
وفي حين أن بعض النجوم لا يلتفتون إلى هجوم وقسوة التعليقات التي تصلهم من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي ويفضلون تجاهلها تماماً خصوصاً أن هذا الباب لا ينغلق البتة، إلا أن هناك من يقف بالمرصاد لأي رأي يجده عبر صفحاته الرسمية يسبب له الأذى، وقد تكون المغنية والممثلة هيفاء وهبي، من أكثر الفنانات اللاتي يحرصن على رفض أي تعليقات من تلك النوعية، وكتبت مراراً تعليقات ردت فيها الصاع صاعين وأكثر لأشخاص حاولوا النيل منها وإهانتها بتعليقاتهم الصدامية والمسيئة، ومؤخراً قامت النجمة اللبنانية بكتابة تعليقات وصفها البعض بالهجومية، ورأى آخرون أنها غير لائقة، ولكن في النهاية كانت مجرد رد على إحدى المتابعات التي تمنت لها الموت وقالت إنها مثل الشيطان، ولم تصمت هيفا بدورها أمام التعليق الذي استفزها، وطالبت الدول بتجريم قانوني لمثل هذه الأفعال والتعليقات الوحشية، من وجهة نظرها، وعلى الرغم من النصائح التي جاءتها من قبل متابعين آخرين بالتجاهل لكنها تمادت في إظهار غضبها.
ابحث عن الترند
ساحة السوشيال ميديا باتت بالفعل مسرحاً لاستفزاز النجوم، ويبدو أن الأمر مقصود، فحينما يقوم متابع ما بسبّ فنان خصوصاً ممن عرف عنهم الحمية والعصبية في الرد، يكون على يقين بأنه سوف يتلقى رداً على هجومه وبالتالي تبدأ دائرة الترند التي قد يحقق منها المتابع شهرة أيضاً حتى لو كانت بالسلب.
لم يختلف أمر هيفاء كثيراً عن الفنانة راينا يوسف، أكثر نجمات الفن اشتباكاً مع المتابعين، خصوصاً أنها غالباً ما تكون مصدراً دائماً للجدل بسبب ملابسها، وتتصدر التريند بملابس يصفها البعض بالجريئة، وتتلقى تعليقات سلبية تصل إلى التحرش بها، وفق ما أكدت في فيديوهات وتدوينات سابقة لها، الأمر الذي جعلها ذات مرة تهدد أحد المتحرشين بها على السوشيال ميديا باللجوء إلى الشرطة وتقديم بلاغ به مستندة إلى صورة من تعليقه لديها، وبالفعل قامت بنشر بياناته إلى أن عاد واعتذر لها، واعتبرت ما حدث منها مجرد درس مجاني قدمته له ولمن يفعل مثله.
ومع أن الفنانة سوسن بدر، كانت بعيدة لبعض الوقت عن اشتباكات مواقع التواصل الاجتماعي لكن نشاطها مؤخراً عبر حسابها الرسمي في موقع إنستغرام جعلها هدفاً أيضاً. ففي نهاية العام الماضي كتبت نعياً للمخرج السوري الراحل حاتم علي، لتفاجأ بأحدهم يتمنى الموت لها قائلاً، "عقبالك"، واللافت أنها لم تتجاهل تلك الدعوة، فعلّقت، "الموت رحمة ولطف من ربنا سبحانه للطيبين لأنهم يتمنون لقاءه، أشكرك على دعائك"، وهو ما اعتبره المتابعون رداً مفحماً أحرج مهاجمها، وحصدت بعده موجة تعاطف ومساندة من زملائها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ما التصرف القانوني؟
الفنانة يسرا اللوزي واجهت أيضاً موقفاً عصيباً نجحت في أن تحوله إلى حملة للوعي وتعاملت معه بشكل مثالي، فقبل أسابيع نشرت فيديو تتحدث فيه عن ابنتها الكبرى التي تعاني مشكلات في السمع، لكن أحد المعلقين عبر حسابها في موقع إنستغرام كتب تعليقاً وصفها فيه بـ "أم الطرشة"، فكتبت بدورها تعليقاً مطولاً أوضحت من خلاله أن حالة ابنتها تسببت في وعي كبير وأنقذت أطفالاً كثراً من خلال تبني مبادرة للتعريف بأزمات السمع للأطفال الرضع في مصر، وأفحمت مهاجمها.
من جانبها ترى المحامية دعاء عباس، أن ما فعلته اللوزي يعتبر تصرفاً سليماً جداً في ما يتعلق بطريقة ردها على "المتنمر" بحق طفلتها، إذ حولت الأمر إلى قضية أكبر ونأت بنفسها عن محاولات إهانته أو الإساءة له، وكان تعاملها ذكياً، على الرغم من تعرضها لما يسمى في الثقافة الشعبية بـ"المعايرة".
لكن بشكل عام، تشير المحامية ورئيس الجمعية القانونية لحقوق الطفل والأسرة، إلى أن التصرف الأمثل إزاء أي مواجهات من هذا النوع هو اتخاذ الإجراء القانوني، المندرج تحت مسمى الجرائم الإلكترونية المختصة بها مباحث الإنترنت، من خلال تقديم بلاغ بصورة من التعليق ويتم التوصل إلى الشخص المسيء عن طريق حسابه عبر السوشيال ميديا والموثق برقم هاتفه وبالتالي رقمه القومي.
ولفتت المحامية، إلى أن هناك مواد في القانون منذ سنوات طويلة مختصة بمواجهة المسيئين ومن يضطهدون الآخرين ويتسببون لهم بالإهانة، ولكن تمت إضافة مواد جديدة خاصة بموضوع التنمر الإلكتروني مؤخراً، وشددت أيضاً على أن الضغوط على تلك الجهات بسبب تزايد عدد البلاغات جعل الأمر صعباً للغاية.
وتابعت، "يجب أن تكون هناك إدارات تابعة لمباحث الإنترنت في مناطق ومحافظات مختلفة في أنحاء الجمهورية؛ لأن عدد البلاغات اليومي كبير جداً وبالتالي تتعطل القضايا ويتأخر المبلِغ في أخذ حقه، لأن عدم العقاب وتأخره سوف يزيدان من مساحة التنمر والتقليل من شأن الغير عبر التعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي، وسوف يجعل هؤلاء يتمادون ويفتحون باب الابتزاز، والأمر هنا لا يتعلق بالمشاهير فحسب بل بكل مواطن يتعرض لهذا النوع من الإساءة، كما أنه يجب أن تكون هناك توعية بما أن هذه النوعية من التعليقات هي جرائم يعاقب عليها القانون خصوصاً أن كثيرين يجهلون هذا التوصيف".
موجات متتالية من الاشتباكات مع الجماهير
أيضاً الفنان السعودي فايز المالكي دأب على تلقين المتابعين المهاجمين له دروساً عبر تعليقات "تويتر"، حيث تلقى تعليقاً ساخراً قبل شهرين تقريباً، حينما سأله أحدهم بطريقة تهكمية حول مؤهله التعليمي والشهادات العليا التي حصل عليها، فجاء رد المالكي سريعاً، "معي شهادة أخلاقي التي لم تحصل أنت عليها"، كما تعرض لهجوم آخر من أحد متابعيه في "تويتر"، الذي سخر من مرضه بالبهاق فاشتبك معه برد بسيط أحرجه بقوله، "البهاق نعمة من ربي اللهم لك الحمد عليها"، وحظي رده بإشادة كبيرة من الجميع.
أيضاً واجهت الفنانة السعودية ريم عبد الله قبل أيام دعوة بحرقة القلب من قبل إحدى المتابعات، ومن أكثر النجوم الذين يشتبكون مع الجمهور أيضاً شريف منير ونجلاء بدر ولقاء الخميسي وأحمد فهمي، وغيرهم، إذ يرفضون الصمت وتجاهل أي إساءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
عالمياً أيضاً لم يعد يصمت النجوم على الانتقادات والتنمر والهجوم المتوالي من قبل المتابعين الكارهين، ويتصدرهم المطرب الكندي الشهير جاستن بيبر، فمنذ شهور قليلة وجد نفسه أمام فيديو متداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي لامرأة تحث المتابعين على مهاجمة زوجته عارضة الأزياء هايلي بالدوين والتنمر عليها، ووصف جاستن الفيديو بأنه مجرد نموذج بسيط لما يواجهه نجوم الفن، ولفت إلى أن مطاردته وزوجته والتنمر عليهما شيء بغيض، وكتب أيضاً أن من يحث الناس على فعل كهذا، ويقضي حياته في محاولة السخرية منه، هو شخص بائس بالأساس، ويعيش حياة فارغة وبلا أصدقاء.
