Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عجز الميزانية الإيرانية يتفاقم مع استمرار سياسة "الضغط القصوى"

شهدت صادرات طهران النفطية نمواً ملحوظاً مع الحديث عن احتمال إطلاق حوار مع إدارة بايدن

قوارب من الحرس الثوري الإيراني ترافق ناقلة النفط الكورية التي أطلقت طهران سراحها أخيراً (أ ب)

كشفت دراسة حديثة أعدها مركز "المستقبل" للأبحاث والدراسات المتقدمة، مقره أبو ظبي أن سياسة "الضغوط القصوى" التي تبنتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تجاه إيران طيلة السنوات الثلاث الماضية، تسببت في تفاقم سوء أداء الاقتصاد الإيراني، تزامناً مع حظر تصدير نفط إيران إلى الأسواق الدولية، الذي يُعد أهم مصادر دخلها.

وتنتظر طهران وفق الترجيحات، أن تخفف الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وتقدم إعفاءات لمشتري الخام الإيراني تسمح لهم باستيراده في أقرب وقت ممكن، وذلك كبادرة إيجابية من جانب واشنطن لتقليص حدة التصعيد بين البلدين، ودفع طهران إلى خفض مستوى تخصيب اليورانيوم الذي تصاعد أثناء ولاية ترمب، وعلى نحو قد يمهد لإبرام اتفاق شامل بشأن البرنامج النووي في غضون سنتين على الأكثر.

ومع تنصيب بايدن رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2021، انتعشت الآمال الإيرانية بإمكانية رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة ترمب، والتي أدت إلى تراجع شديد لإنتاج الخام الإيراني إلى نحو مليوني برميل شهرياً، مقارنةً مع أكثر من 4.5 مليون برميل يومياً قبل العقوبات.

خسائر حادة للموازنة الإيرانية
كما أشارت الدراسة إلى تقلص الصادرات النفطية الإيرانية إلى مستوى يتراوح بين 300 ألف و500 ألف برميل يومياً، مقارنة مع نحو 2.5 مليون برميل يومياً قبل العقوبات، ما يشير إلى تكبد الموازنة الإيرانية خسائر حادة وعنيفة خلال الفترة الماضية وزيادة مستويات العجز في وقت لا تملك فيه الحكومة الإيرانية خيار اللجوء إلى أسواق الدَين الدولية مع استمرار العقوبات الأميركية.

وعلى هذا النحو، أبدت وزارة النفط الإيرانية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استعدادها لزيادة إنتاجها النفطي إلى مستويات ما قبل العقوبات الاقتصادية الأميركية، تزامناً مع بدء إيران مفاوضات مع شركات أوروبية وآسيوية لتعزيز صادراتها من النفط الخام، وتنفيذ مشاريع في تنقيب وإنتاج النفط الخام وفق تصريحات سابقة لنائب وزير النفط الإيراني أمير حسين زماني.

وإلى حين رفع الحظر الأميركي على الاستثمارات في قطاع النفط الإيراني، تبنت شركة النفط الوطنية الإيرانية خطة استثمارية تستهدف الاعتماد على الشركات المحلية لتسريع وتيرة الإنتاج في غضون الأشهر القليلة المقبلة. وعقدت الشركة الإيرانية في يناير الحالي، صفقات مع مقاولين محليين بقيمة 1.2 مليار دولار، لزيادة إنتاج النفط الخام في الحقول البرية في مقاطعتَي بوشهر وخوزستان وغيرهما. كما اتفقت الشركة ذاتها على عقود محلية مماثلة بقيمة 1.8 مليار دولار في أغسطس (آب) 2020، بغرض زيادة الإنتاج في حقول برية وبحرية في مختلف أنحاء إيران.

ومع ذلك، لا تزال العقوبات الاقتصادية الأميركية سارية على طهران في الوقت الحالي، بالتالي سيواجه أي مشترٍ للخام الإيراني عقوبات بموجب التشريعات الأميركية. لذلك، سيُحجِم معظم عملاء النفط الإيراني على الأرجح، لا سيما اليابان و كوريا الجنوبية وهما حليفين رئيسين للولايات المتحدة، إلى جانب الدول الأوروبية، عن شراء الخام الإيراني في الفترة الحالية، إلى حين بداية إعادة التفاوض حول البرنامج النووي، وتقديم إعفاءات استيراد لهم كما كان معمولاً به في السابق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رسائل مباشرة إلى إيران

يأتي هذا في وقت وجّهت فيه الإدارة الأميركية رسائل مباشرة إلى طهران، عبر وزارتَي الخزانة والخارجية، تؤكد فيها أنها لن تخفف العقوبات الاقتصادية إلا إذا التزمت إيران خفض تخصيب اليورانيوم. ويضاف إلى السابق، أن إدارة بايدن تبدو منشغلة حالياً بقضية احتواء تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد الأميركي، وترسيخ دورها في النظام الدولي بعد انسحاب ترمب في الفترة الماضية من اتفاقيات دولية عدة، أبرزها اتفاقية باريس للمناخ.

ومعنى ذلك أن عملية التفاوض بين الجانبين الأميركي والإيراني، إضافةً إلى أطراف خطة العمل المشتركة الآخرين، قد تستغرق وقتاً طويلاً، وسيتم على الأرجح التوصل إلى صفقة جديدة بشأن البرنامج النووي الإيراني بحلول عام 2022 أو 2023 على الأكثر.

وربما ترى إيران، على الرغم من سريان العقوبات الاقتصادية الأميركية، أن إدارة "بايدن" لن تضغط بشدة على مخالفي تلك العقوبات، وفق ترجيحات عدة، على نحو ربما تبدأ معه بزيادة إنتاجها وصادراتها من النفط، حتى قبل أي مفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد.

وبالفعل، شهدت الصادرات الإيرانية نمواً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، ووصلت إلى نحو 710 ألف برميل يومياً في ديسمبر2020، من 490 ألف برميل يومياً في أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته، وفق شركة "إس في بي انترناشيونال"، وهو مستوى قياسي بعد انخفاض الصادرات إلى ما يتراوح بين 100 ألف و200 ألف برميل يومياً في النصف الأول من العام الماضي.


إلى أين تتجه الصادرات خلال 2021؟

ويُرجح أن تتجاوز صادرات الخام الإيرانية نحو 600 ألف برميل يومياً في يناير الحالي، وفق شركة "بترو لوجيستيكس"، ومقرها جنيف. وقد تتخطى الصادرات الإيرانية في الأشهر المقبلة، هذا الرقم لتصل في المتوسط خلال العام الحالي إلى نحو 700 ألف برميل يومياً وفق تقديرات أخرى.

وقد تتخذ واشنطن قراراً بتخفيف العقوبات الاقتصادية على طهران عبر تقديم إعفاءات لتصدير النفط لعدد محدود من المشترين، على أن يُسمَح باستخدام العائدات في مقايضتها باستيراد السلع الحيوية كما كان معمولاً به في السابق، وعلى نحو سيساعد في تمهيد الطريق للمحادثات بين الطرفين بشأن خطوات التوصل إلى اتفاق نووي جديد في العامين المقبلين.

وأبدى عدد من المشترين التاريخيين للنفط الإيراني، في مقدمهم الهند، استعداداً لاستقبال شحنات الخام من إيران سريعاً، بسبب المزايا التي تقدمها لعملائها على غرار تحديد خصم على سعر البرميل، وتقديم تسهيلات في نقل النفط إلى المصافي.

ومن شأن جولة جديدة من إعفاءات تصدير النفط أن تساعد على تنشيط الاقتصاد الإيراني الذي عانى من ركود حاد في الفترة الماضية، لا سيما مع التأثيرات السلبية لجائحة كورونا على النشاط غير النفطي، بالإضافة إلى تضخم مفرط وارتفاع أرقام البطالة. ومع ذلك، يبدو من الصعب أن تستعيد طهران كامل حصتها السوقية في ظل ضعف الطلب العالمي على الخام بسبب جائحة كورونا.

المزيد من اقتصاد