Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جمعة الجزائر التاسعة... "قوى غير دستورية" تؤجج الوضع والشرطة في دائرة الاتهام!

الجيش يؤكد أن قرار حماية الشعب بمختلف مكوناته لا رجوع عنه مهما كانت الظروف والأحوال

عشية انطلاق المسيرات الشعبية التاسعة المطالبة بتغيير جذري للنظام ورموزه، وجّه ناشطون سياسيون اتهامات عدة للشرطة الجزائرية، بدءاً من استعمال عنف غير مبرر الجمعة الماضية، ثم حادثة "تعرية" ناشطات في مقر أمني، وصولاً إلى اتهامات باستهداف "العلم الأمازيغي"، بيد أن هذا الجهاز الأمني، أصدر عشرات التكذيبات على مدار الأسبوع، وأعطى انطباعاً بأن محاولات "لإفساد" الوضع تقودها "قوى غير دستورية". ونفت المديرية العامة للأمن الوطني، مساء أمس الأربعاء 18 أبريل (نيسان) 2019، أخباراً تزعم أن الأمن سيمنع رفع رايات غير الراية الوطنية في مسيرات الجمعة المقبلة، على غرار الراية الأمازيغية، وقالت المديرية على صفحتها الرسمية على "فيسبوك" "كلها أخبار مغلوطة لا أساس لها من الصحة".

وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخبار منسوبة إلى الأمن الوطني، تتحدث عن منع رفع الرايات غير العلم الوطني، وأنها ستصادرها، في سياق تفسير يقدمه نشطاء في الحركة "الأمازيغية" لخطاب رئيس الأركان، الفريق أحمد قايد صالح، الثلثاء 17 أبريل 2019، حينما دعا إلى احترام "العلم الوطني". وقال قايد صالح في ذلك الخطاب من محافظة ورقلة، إن "قرار حماية الشعب بمختلف مكوناته قرار لا رجعة فيه، ولن نحيد عنه مهما كانت الظروف والأحوال"، وتابع "انطلاقاً من متانة الثقة التي تربط الشعب بجيشه، وجّهنا تعليمات واضحة لا لبس فيها لحماية المواطنين، لاسيما أثناء المسيرات، لكن في المقابل ننتظر من شعبنا أن يتفادى اللجوء إلى العنف وأن يحافظ على الممتلكات العامة والخاصة، ويتجنب عرقلة مصالح المواطنين"، مشدداً على ضرورة الاحترام التام لرموز الدولة وعلى رأسها العلم الوطني، لما يمثله من رمزية مقدسة لوحدة الوطن والشعب وتضحيات الأجيال عبر التاريخ، نحن على يقين تام بأن "شعبنا سيكون في مستوى الصورة الحضارية الراقية التي سجلها له التاريخ، ونقلتها مختلف وسائل الإعلام عبر العالم". ويقول نشطاء يدافعون عن وجهة نظر رئيس أركان الجيش، إن "قوى غير دستورية" تدفع إلى "إفساد الوضع" تحسباً لسيناريو "التأزيم".

أحداث الجمعة و"تعرية" ناشطات

أصدرت الشرطة الجزائرية، بيانات متعددة غالبها يقع في إطار الدفاع عن الجهاز ضد اتهامات تتكرر، لكنها اتهامات تجد تأسيساً، وفق تعبير حقوقيين. ومنذ البيان الشهير، مساء الجمعة الماضية، والذي تحدث عن اعتقال "عناصر أجنبية" ضمن المتظاهرين، وإحباط عمل "إرهابي"، أصدرت الشرطة نفياً حول ما يتعلق بـ "ممارسة غير قانونية" ضد ناشطات اعتقلنَ السبت الماضي. واتهمت، هانية شعبان، وهي شابة من ناشطي الحراك، شرطية من أمن "براقي" في الضاحية الجنوبية للعاصمة، بـ"تعريتها" من قبل شرطية بعد اعتقالها وناشطين آخرين، ما أثار موجة انتقادات.

ولاحقا نفت الشرطة نفياً قاطعاً "الادعاءات التي تضمنها تسجيل فيديو متداول عبر بعض صفحات التواصل الاجتماعي، مفاده تعرض أربع مواطنات، السبت الماضي، بعد توقيفهم خلال تجمع على مستوى البريد المركزي، إلى سوء المعاملة، بعد تحويلهنّ إلى أمن المقاطعة الإدارية لبراقي، بأمن ولاية الجزائر". وذكر البيان أن "المواطنات الأربع برفقة ستة رجال، تم تحويلهم إلى أحد مقرات الأمن الوطني ببراقي، لإجراء أمني وقائي متمثل في التلمّس الجسدي للمعنيين، بإشراف شرطية برتبة ملازم أول بالنسبة إلى المواطنات، وهذا الإجراء الشرطي التحفظي، يهدف إلى تجريد الشخص من أي مواد أو أدوات، قد يستعملها ضد نفسه أو ضد غيره، ليتم إخلاء سبيل الجميع في ما بعد، في ظروف عادية". وتابع البيان "تؤكد مصالح أمن ولاية الجزائر أن ما تداول في هذا الشأن لا أساس له من الصحة، بل هو مجرد ادعاءات مُغرضة، تهدف إلى تشويه صورة جهاز الأمن الوطني، الذي تحرص دوماً مصالحه على ضمان الاحترام الصارم لقوانين الجمهورية، ومبادئ حقوق الإنسان وصون كرامة المواطن".

حادثة الجامعة تعيد الوضع إلى الصفر

لم تكن "زوبعة" أمن براقي لتهدأ، لتجد مصالح الأمن نفسها، أمام انتقادات جديدة، بعد اقتحام "قوة أمنية" مجهولة، الحرم الجامعي في كلية الحقوق، الأربعاء، بينما كان طلاب يتظاهرون داخل أقسام الكلية. وأعلنت كلية الحقوق في الجزائر العاصمة، أنها لم تسلّم أي ترخيص لأي جهة أمنية كانت، بالدخول إلى الحرم الجامعي. وقالت الإدارة في بيان لها، "نظراً للأحداث المؤسفة التي شهدتها جامعة الجزائر الأربعاء، فإن الإدارة توجهت بتبليغ الجهات الوصيّة، باتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، في إشارة إلى حادثة دخول قوة أمنية إلى الحرم الجامعي". وفي تطور سريع للمواقف، ندّدت نقابة المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي، بما سمته محاولة "إدخال الجامعة الجزائرية في أي تجاذبات سياسية وأي محاولات لتحريف الحراك عن طابعه السلمي".

وقال بيان، وقّعه المنسق الوطني للنقابة ميلاط عبد الحفيظ، "ندين بقوة ما حدث في كلية الحقوق في جامعة الجزائر وبعض الجامعات الأخرى، التي عرفت انتهاكات للحرم الجامعي من قبل قوات أمنية معلومة أو مجهولة"، وتابعت "نؤكد أن كل القوانين والتشريعات والأنظمة والأعراف الوطنية والدولية، تمنع مثل هذه التصرفات التي تمسّ حرمة الجامعة، وندعو الجهات الدستورية والقضائية لفتح تحقيق فوري في هذه التجاوزات". وأضاف البيان "ندين سعي بعض الجهات التي لا ترتبط وظيفياً بالجامعة إلى محاولة التأثير في موقف الطلاب وحتى الأساتذة، ودفع الجامعة إلى تبني أفكارهم وأهدافهم، من خلال تنظيم اجتماعات غير مرخصة، داخل الجامعة الجزائرية". ومنعت بعض الجامعات، ناشطين من إلقاء محاضرات أمام الطلاب داخل الحرم، وطاول المنع المحامي البارز مصطفى بوشاشي، منتصف الأسبوع، في جامعة البليدة (50 كلم جنوب العاصمة)، لكنه في المقابل تمكن من إلقاء محاضرة الأربعاء في جامعة البويرة (120 كلم شرق العاصمة)، حض فيها الطلاب على مواصلة الحراك الشعبي.

هل هي "القوى غير الدستورية"

وبنفي وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، وجود أية تعليمات من الحكومة، إلى أي جهة أمنية سواء مدنية أو عسكرية، لقمع التظاهرات أو المسيرات، يتفاعل جزائريون مع تساؤل لافت، من هي الجهة التي تأمر بالتضييق على ناشطي الحراك إذاً؟ هل هي "قوى غير دستورية"، يشير إليها أنصار رئيس أركان الجيش، بعد خطابه الأخير، حينما وصفهم كالتالي "أطراف تعقد اجتماعات مشبوهة في الخفاء من أجل التآمر على مطالب الشعب"، متهماً مسؤول الاستخبارات السابق الجنرال محمد مدين (توفيق).

وبالتالي، تتجه الأنظار إلى شعارات الجمعة التاسعة التي يستعد لها الجزائريون بقوة، بعد سقوط أول "الباءات" الطيب بلعيز، رئيس المجلس الدستوري، وإعلان انسحاب معاذ بوشارب، من الهيئة القيادية لجبهة التحرير الوطني، ما يرجح فرضية إسقاط اسمه، ربما، من رئاسة البرلمان. وقد يكون ثاني "الباءات" من الأربعة، بإضافة نور الدين بدوي، الوزير الأول، وعبد القادر بن صالح، رئيس الدولة.

المزيد من العالم العربي