Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الآن وقد حُظر ترمب على وسائل التواصل أن تذهب أبعد من ذلك

لا يمكن لـ"تويتر" ووسائط أخرى التوقف عند حظر ترمب فحسب. لقد فتحوا الآن الصندوق، وسواء أحببنا ذلك أم لا، يجب على الناس، وليس فقط الخوارزميات، التعامل بحزم مع مسألة شائكة

أقصت وسائل التواصل الاجتماعي دونالد ترمب عن منصاتها وارتضت خسارة شطر من أرباحها، ولكن ماذا بعد؟ (أ ب)

هناك ظاهرة غريبة تتمثل في اتخاذ شركتيْن قرارات تسبّبت في انخفاض قيمة أسهمهما ومحو المليارات من قيمهما السوقية ـ وسط ابتهاج موظفيهما.

يبدو الأمر غريباً، لكن هذا ما حدث عندما قام "تويتر" و"فيسبوك" بحظر دونالد ترمب بعد غزوة الكابيتول. لقد انخفض سهم تويتر بنسبة 4.5 في المئة، وخسرت الشركة 5 مليارات دولار فور ورود الأخبار. كما انهارت أسهم فيسبوك بنسبة 4.5 في المئة، ما أدى إلى شطب 33.6 مليار دولار من قيمته السوقية.

في غضون ذلك، احتفل الموظفون في كلتا الشبكتين الاجتماعيتين. لم يكن ترمب يتوافق بشكل مريح مع قيمهم الليبرالية والتقنية في الساحل الغربي، لذا فإنهم تخلصوا منه - ويمكنهم رفع رؤوسهم عالياً بين أقرانهم. لكنه لأمر مضحك أن تقوم شركة ما، بحظر أحد أكبر عملائها، الذي يجذب لها عملاء آخرين ويمنح المؤسسة لدى شريحة من المجتمع صدقية قد لا تمتلكها بخلاف ذلك.

بدلاً من تبادل التهاني، كان من الأفضل للموظفين هناك أن يتساءلوا عما فعلوه، وما أطلقوه بفعلتهم تلك؟ لأن نماذج أنشطتهم التجارية ليست مهيأة للتصرف بهذه الطريقة، وهي منصات مفتوحة للجميع، تعمل وفقاً لخوارزميات وآليات. إنها تريد أن يبقى المتصفحون أطول فترة ممكنة على صفحاتها وأن يستهلكوا الإعلانات المدفوعة الثمن، المصاحبة، التي تولد لهم عائدات هائلة.

نعم، إنهم قادرون على استخدام البشر لإصدار الأحكام. وفي رد على الاحتجاجات قاموا هم وغيرهم من مشغلي وسائل التواصل الاجتماعي بوضع بروتوكولات وقواعد ولجان لفرض ما هو مقبول وما هو غير مقبول. لكن في الواقع، كانوا حتى الآن يتخذون فقط إجراءات ترقيعية. وكل يوم، كانت تُنشر على مواقعهم آلاف المواد التي يعتبرها كثير من الناس مسيئة وضارة ولا تراعي الذوق العام بتاتاً. والسبب هو أنّ الإرهابي في نظر البعض يُعتبر مناضلاً  – حاول أن تناقش، وإذا كنت خوارزمياً، فحظ سعيد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مع ذلك، فإن تدخلهم كان موضع ترحيب من نواح كثيرة. وفي هذا الصدد، ينبغي عليّ أن أفصح عن مصلحة ذاتية باعتباري عضواً في المجلس الاستشاري لحملة "تنظيف الإنترنت" (Clean Up the Internet)، وهي مؤسسة خيرية تعمل على زيادة مستوى التحضر والاحترام على الإنترنت، والحد من التنمر والتصيُّد والتخويف والتضليل. لطالما حذرت من الخطر الذي يمثله تويتر وفيسبوك والبقية لأنهم يتنصلون من المسؤولية، ويقولون إن هذا ليس من شأنهم ولا من اهتمامهم ولا يتوافق مع طريقة عملهم وكيفية جنيهم الأموال.

لكن من خلال التحرك ضد ترمب، أكدوا نقاط ضعفهم وليس قوتهم. إنهم على منحدر زلق للغاية، والمشكلة هي أنهم يفتقرون إلى إمكانات التفاوض على خروج آمن – وباتوا مثل متزلجين بلا خبرة ومعدات مناسبة.

بعدما قرروا حظر ترمب، أين سيتوقفون؟ هل يحظرون أنصاره، وهل يلاحقون مثيري الشغب الآخرين والمُحرضين على العنف؟ ماذا عن منكري التغير المناخي ومنظري المؤامرة ومناهضي التطعيم والمؤيدين للحياة، هل سيتم طردهم جميعاً؟ ومن خلال وضع العلامة السوداء على ترمب، ألا يكشفون عن صلة ضيقة - إنه أميركي، إنه رئيسهم، ولكن ماذا عن القادة الآخرين في العالم الذين يتفوهون أيضاً بالأكاذيب والإساءات، ألا يهمونهم أيضاً؟

ولماذا الآن؟ في النهاية لا يبدو أنّ ترمب قال شيئاً كبيرا وجديداً يستدعي منعه. لقد كان يقول الأشياء ذاتها سنوات، وبينما حاولوا تحييد أكاذيبه بشأن نتيجة الانتخابات الأخيرة، كان هناك الكثير مما نُشر من قبل. كانت تلك هي الطريقة التي جذب بها العديد من متابعيه البالغ عددهم 88 مليوناً، من خلال الترويج لشعارات رنانة. كما وجّه الكثير من نيرانه نحو منابر "الأخبار الزائفة". لكن دعونا نواجه الحقيقة، كم منّا من الذين يعتزّون بالمؤسسات الإخبارية نفسها التي هاجمها، يقرؤون تغريداته الهائجة؟ أعلم أنني كنت أفعل ذلك بشكل روتيني. عندما أتصفح تويتر أول ما أستيقظ (أعلم أن هذا محزن) هناك وابل من تغريدات الرئيس، وفي كثير من الأحيان كنت أحرك رأسي وأبتسم.

كان ذلك يروق لتويتر وفيسبوك، اللذين استمتعا بأعداد جمهوره، وأحبّا استخدامهما من قبل رئيس الولايات المتحدة للتواصل مع العالم. كان ترمب يُنظر إليه كرائد في هذا المجال. فقد اكتشف سياسيون محافظون آخرون ورجال أعمال جديون- الذين كانوا يرفضون في السابق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التعبير عن أفكارهم من خلال رسائل قصيرة وسريعة – مدى النجاح الذي حققه ترمب، فحذوا حذوه.

ومع ذلك، قالت شركات وسائل التواصل الاجتماعي الآن وبشكل تعسفي: "كفى". هذا رائع، كما قلت. إنني أؤيد تحليهم بالمسؤولية جميعاً. لكن عليهم أن يتصرفوا بجدية. والمنطق يقول إنهم لا يستطيعون مجرد التفرد بترمب، بل عليهم أن يذهبوا إلى أبعد من ذلك. هذا رائع، لكن في هذه الحالة عليهم أن يخضعوا لتحول ثقافي، أي الاعتماد بشكل أكبر على البشر وبشكل أقل على الخوارزميات. لكن هذا يُخالف طبيعة تكوينهما وإدارتهما وحمضهما النووي التشغيلي. لذا من المؤكد أنّ المستثمرين لن يُعجبهم انخفاض شعبية تويتر وفيسبوك بسبب إلغاء حسابات بعض أكثر المستخدمين شهرة.

أعتقد أنهم بعد القيام بما بدا صحيحاً في أعقاب الهجوم على الكابيتول، يأسفون الآن على تلك الخطوة التحيزية، وبالتأكيد في المستويات العليا. لم يتم التفكير ملياً في الأمر، ولم يتم استشراف العواقب من الناحية التجارية. لكنهم فعلوا ذلك، وباتوا يعانون من صداع شديد. ليس لهم أن يلوموا سوى أنفسهم، وهذا كان متوقعاً منذ وقت طويل.

© The Independent

المزيد من آراء