Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من هم خلفاء ترمب الطموحون في زعامة الحزب الجمهوري؟

إرث الرئيس المنتهية ولايته لا يزال ماثلاً والتحديات كبيرة للتغلب على الماضي

حتى قبل أن يغادر دونالد ترمب البيت الأبيض، بدأ المرشحون المحتملون للانتخابات الرئاسية المقبلة في الحزب الجمهوري النظر إلى ما بعد عهد ترمب وقد أيقنوا أن شعبيته تراجعت، وحظرته وسائل التواصل الاجتماعي، ويواجه إدانة محتملة في مجلس الشيوخ قد تمنعه من الترشح مرة أخرى لأي انتخابات مقبلة. وبعدما كان ترمب هو المسيطر بقوة على مقاليد الحزب الجمهوري على مدى السنوات الأربع الماضية، يحسب الجمهوريون أن الرئيس المنتهية ولايته سيترك فراغاً، وأن هناك مجالاً لملء هذا الفراغ من دون انتظار لمعرفة ما إذا كان ترمب سيعود فعلاً عام  2024 أم أنه انتهى سياسياً. فمن هم خلفاء ترمب الطموحون في زعامة الحزب الجمهوري؟ وكيف بدأوا مبكراً تقديم أنفسهم كقادة مستقبليين للحزب؟ وهل سيسيرون على درب ترمب أم ينفصلون عن الترمبية؟

فرصة ذهبية

وبينما يستعد الرئيس المنهزم سياسياً لترك منصبه في أعقاب أعمال شغب قاتلة مؤيدة له في مبنى الكابيتول، وتصويت لعزله في مجلس النواب بدعم من عشرة أعضاء في حزبه، وجد الجمهوريون الطموحون لخلافته فرصة ذهبية لشغل الفراغ الذي يتركه عبر اتخاذهم خطوات لتلميع صورتهم الشخصية، وتقديم أنفسهم كقادة مستقبليين للحزب.

وفي حين أن بعضهم بدأوا ينفصلون تدريجاً عن الرئيس، ينشر آخرون أفكاراً وخططاً لتعزيز مكانة الحزب مع اقتراب بدء حقبة ما بعد ترمب، بل إن بعضهم بدأوا في انتقاد منافسيهم المحتملين للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2024 على مرأى ومسمع من الجميع، ما يمثل بداية مبكرة للمعارك الانتخابية الرئاسية.

معارك مبكرة

وظهر ذلك بوضوح في تصريحات عدد من أبرز النجوم الصاعدين في الحزب مثل السيناتور بن ساسي، الذي اعتبر اعتراض زميله السيناتور جوش هاولي على أصوات المجمع الانتخابي أمراً غبياً، كما انتقد السيناتور توم كوتون زميليه في مجلس الشيوخ هاولي وتيد كروز بسبب شروعهما في جمع تبرعات مالية في نفس توقيت الهجوم على مبنى الكابيتول، بينما سارع وزير الخارجية مايك بومبيو إلى توبيخ نيكي هايلي سفيرة الولايات المتحدة السابقة في الأمم المتحدة، بسبب انتقادها الرئيس ترمب.

وتشير هذه المواجهات غير المسبوقة في عهد ترمب بين عدد من أبرز المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية المقبلة، إلى أي مدى أصبح المتنافسون على زعامة الحزب الجمهوري توّاقين لملء الفراغ الذي خلفه الرئيس ترمب، بعدما ذهبت ريحه، وتراجعت شعبيته وحظرته وسائل التواصل الاجتماعي عن مخاطبة قاعدته الشعبية الجمهورية، ويواجه إدانة محتملة خلال أيام أو أسابيع في مجلس الشيوخ.

الانفصال عن ترمب

وعلى الرغم من التوقعات بأن ترمب سيظل هو الصوت الأكثر نفوذاً داخل الحزب الجمهوري لفترة من الوقت، فإن أحداث اقتحام مبنى الكونغرس وما أعقبها من تغير في الأجواء السياسية والشعبية، فتحت الباب أمام مزيد من المرشحين الراغبين في خوض انتخابات عام 2024 الرئاسية. فبعد أربع سنوات من السير المنضبط على درب ترمب وطريقته، بدأ الجمهوريون الطموحون في الابتعاد عنه مثل نيكي هايلي، التي ألقت خطاباً الأسبوع الماضي أشادت فيه بأجزاء من أجندة ترمب، لكنها أيضاً اعتبرت أن أفعاله الأخيرة سيحكم عليها التاريخ بقسوة، ومثل السيناتور توك كوتون الذي ظل مؤيداً مخلصاً لترمب على مدى سنوات، لكنه رفض دعم جهوده لقلب نتيجة الانتخابات التي فاز بها بايدن.

كما وبّخ دوغلاس دوسي حاكم ولاية أريزونا الرئيس ترمب بشكل ضمني حين غرد على "تويتر" أنه سيحضر حفل تنصيب بايدن لأنه يؤمن بالانتقال السلمي للسلطة مثل الأميركيين، وأنه بمجرد أن تنتهي الانتخابات يجب أن نضع الوطن أولاً.

وخلال الأيام السابقة على حظر خدمة "تويتر" عنه، هاجم الرئيس ترمب كلاً من السيناتور توم كوتون ودوغلاس دوسي حاكم آريزونا بعنف، ولهذا يعتقد خبراء استراتيجيون جمهوريون أنه من دون تهديد تغريدات ترمب، تمتع المرشحون المحتملون لانتخابات 2024 بحرية أكبر في التخلي عن الرئيس من دون خوف من انتقامه عبر سلاحه القاتل، الذي استخدمه كأداه سياسية لفرض الالتزام والانضباط داخل الحزب، بالتالي لم يعد لديهم ما يخسرونه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وما يعزز استعداد المزيد من المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية المقبلة للانفصال عن ترمب، ظهور مؤشرات على أن قدرة الرئيس المنتهية ولايته على التأثير بشكل أكبر في سياسة الحزب الجمهوري تضاءلت بشدة حتى قبل خروجه من السُلطة، إذ أشارت استطلاعات الرأي إلى أن تأييد ترمب يتراجع بين الجمهوريين، وأن 40 في المئة فقط سوف يؤيدونه إذا ترشح لانتخابات 2024، ما يعني أن 60 في المئة من أعضاء الحزب سوف يفضلون شخصاً آخر.

حرب مفتوحة

ومع عدم وجود تسلسل واضح للخلافة في الحزب الجمهوري، اندلعت حرب مفتوحة بين كبار الشخصيات التي يعتقد الكثير أنهم يرغبون في خلافة ترمب. ففي خطاب ألقاه أمام عدد من المنتمين للتيار المحافظ، رد مايك بومبيو وزير الخارجية ضمنياً على انتقاد هايلي للرئيس، معبراً عن اعتقاده بأن التاريخ سيتذكر ترمب وإدارته جيداً، كما لجأ السيناتور كوتون إلى قناة "فوكس نيوز" ليهاجم أعضاء مجلس الشيوخ، الذين كانوا يشيعون أملاً زائفاً لأنصارهم من أجل المنفعة السياسية، ويضللونهم بأنه يمكن إلغاء نتائج الانتخابات، وأن هؤلاء (في إشارة إلى جوش هاولي وتيد كروز) كانوا يرسلون رسائل بريد إلكتروني لجمع التبرعات، في وقت كان مقتحمو العاصمة يهاجمون مبنى الكابيتول.

بداية صحية

وفيما اعتبر عدد من أعضاء اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري ما يحدث بمثابة بداية صحية، يحاول كل من المرشحين البحث عن مسارات مختلفة. ففي حين ينحاز كروز وهاولي إلى ترمب، ويهاجم السيناتور بن ساسي وحاكم ماريلاند لاري هوجان ونيكي هايلي الرئيس بسبب أعمال الشغب، يتخذ كوتون نهجاً وسطاً يرفض فيه قلب نتيجة الانتخابات وأعمال الشغب، لكنه يحتفظ في الوقت ذاته برفض إدانة ترمب بعد أن عزله مجلس النواب.

وفي المقابل، يحاول ريك سكوت سيناتور ولاية فلوريدا أن يجد طريقاً آخر يميزه عن بقية المرشحين، إذ بدأ في الترويج لنفسه على أنه الرجل الذي سيقود الجمهوريين إلى الخروج من أزمتهم عبر نشر مقطع فيديو وجّه فيه كلمة مباشرة يروّج فيها لمنصبه الجديد كرئيس للجنة الوطنية الجمهورية لمجلس الشيوخ، وهو المنصب الذي سيحاول من خلاله استعادة غالبية الحزب في مجلس الشيوخ عام 2022.

من يرتدي عباءة ترمب؟

ومع اختلاف الرؤى والمسارات لمن يمكن أن يقود الحزب الجمهوري في المستقبل، يظل السؤال الأهم هو: هل يتطلب الأمر ترمب آخر لتكرار ما نجح فيه عام 2016؟ ويستند هذا التساؤل إلى اعتبار أن الحزب الجمهوري كافح كثيراً للفوز بغالبية وطنية على مستوى الولايات المتحدة، ولم يحدث ذلك الفوز إلا مرة واحدة عام 2004 عندما فاز جورج دبليو بوش بدورة رئاسية ثانية في خضم التأثر الوطني بأحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وما تلاها من حروب في أفغانستان والعراق، ولم يفز بعد ذلك بالانتخابات سوى دونالد ترمب بخطابه الملتهب الذي قسّم البلاد وأشعل المعارك الحزبية، فضلاً عن استفادته بعامل الشهرة الذي اكتسبه من موقعه كرجل أعمال وشخصية برامج تلفزيونية معروفة.

وإذا كانت الشهرة هي ما يتطلبه الأمر، فلا يوجد سياسي جمهوري يمكنه أن يحمل عباءة ترامب أو يرتدي قبعته كما يقول محللون، إذ لا توجد لدى تيد كروز ولا جوش هاولي ولا توم كوتون ولا نيكي هالي ولا مايك بومبيو هذه الشهرة التي اكتسبها ترمب على مر السنين، كما قد يصعب على خلفاء ترمب أن يكرروا خطاب الخوف والغضب ويقدموا عرضاً مثيراً جذاباً كما كان يفعل الرئيس المنتهية ولايته أمام شاشات التلفزيون وفي المؤتمرات الانتخابية الشعبوية.

أما أصحاب الشخصيات الوقورة ذات التاريخ السياسي، فسيكون عليهم مواجهة التحديات التي خلفها ترمب في ذهنية من انتخبوه من الجمهوريين العاديين ووقفوا إلى جواره على طول الخط، وهو أمر سوف يخضع للاختبار خلال العامين المقبلين على الأقل، وسيتوقف أيضاً على وجود ترمب في المشهد السياسي الجمهوري من عدمه.

هل انتهى ترمب؟

ولكن حتى لو كان نفوذ ترمب قد تراجع وانكمش، فإنه ما زال يحتفظ بنفوذ داخل الحزب أعلى بكثير من أي جمهوري آخر، فهو يغادر البيت الأبيض مدعوماً من لجنة العمل السياسي في الحزب المكونة من تسع شخصيات، ما يمنحه أموالاً وذخيرة ضخمة للترويج لنفسه ودعم المرشحين الذين يفضلهم والنيل من أعدائه المحتملين، بينما يتوقع مساعدو ترمب توضيح خططهم حول تطوير جهاز سياسي لفترة ما بعد الخروج من البيت الأبيض عقب تنصيب بايدن رئيساً للولايات المتحدة.

وبينما أصبح من المؤكد أن مكانة ترمب ونفوذه تأثرا كثيراً داخل الحزب الجمهوري، إلا أن لا أحد يعلم على وجه اليقين مقدار هذا التضاؤل، فقد كشف استطلاع للرأي أجراه مركز "بيو" للأبحاث عقب أحداث الكابيتول، عن أن 57 في المئة من الجمهوريين ما زالوا يريدون أن يظل ترمب شخصية وطنية رئيسة لسنوات أخرى مقبلة، كما أشار استطلاع آخر أجرته شبكة "آي بي سي نيوز" إلى أن 85 في المئة من الجمهوريين لا يرغبون في حرمان ترمب من أي منصب سياسي مستقبلاً، لكن العديد من المراقبين يعتقدون أن تراجع الاعتقاد في أوساط الجمهوريين بأن الانتخابات قد زوّرت سوف يؤثر سلبياً وبقوة في ترمب، فضلاً عما ستكشف عنه التحقيقات حول اقتحام الكابيتول، ومدى نجاح عملية إدانة ترمب أو فشلها في مجلس الشيوخ خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيكون له أعظم الأثر في تحديد مدى نفوذ ترمب وتأثيره خلال الأشهر والسنوات المقبلة.

المزيد من تقارير