Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المؤسسات الفنية تستبق القضاء وتهز عروش نجوم السينما العالمية

بعد حذف "ذهب مع الريح" استبعاد الممثل شيا لابوف من ترشيحات الجوائز لاتهامه بالعنف لينضم إلى جوني ديب وكيفن سبيسي

كيفن سبيسي (غيتي)

أدت دعوى قضائية لم يُبَت فيها بعد بالتأثير إلى حد كبير في حياة الممثل الأميركي شيا لابوف، إذ خرج فجأة من قائمة ترشيحات نتفليكس للجوائز، ومن حملاتها الدعائية لفيلم "بيسس أوف وومان"، وبات منبوذاً ومحط شهادات مروعة تتعلق بقيامه باعتدءات بالضرب وأخرى جنسية.

كما أن النجمة سيا وصفته بأنه مريض بالكذب وتحدثت بالتفصيل عن معاناتها معه. وكانت صديقته السابقة المغنية الإنجليزية إف كي إيه تويجز قد قامت بمقاضاته الشهر الماضي، متهمة إياه بتعنيفها ومحاولة خنقها، ونقل مرض جنسي عن عمد لها، وتعريض حياتها للخطر.

على خطى جوني ديب

قصة شيا لابوف (34 سنة) مع العقاب الهوليوودي الفوري لا تختلف كثيراً عما جرى مع زميله الأكبر سناً وتاريخاً جوني ديب (57 سنة)، سوى أن الأخير كان قد صدر ضده حكم بالإدانة في قضيته مع زوجته السابقة آمبر هيرد في المحكمة العليا بلندن، وانتهت بتثبيت تهمة ضربها، وإثر ذلك تم استبعاده من فيلم "وحوش رائعة"، وأصدر هو بياناً رسمياً أعلن من خلاله النبأ بنفسه، كما استُبعد كذلك من الموسم الجديد من فيلمه الأشهر "قراصنة الكاريبي" الذي طالما ارتبط باسمه، حيث تخشى ديزني، المؤسسة التي صنعت شهرتها من الأفلام العائلية، من ارتباط اسمها بنجم تمت إدانته بتعنيف النساء.

وسارعت أيضاً منصة نتفليكس من جهتها إلى حذف أفلامه من قائمة عروضها في الولايات المتحدة الأميركية. أما قرارها مع شيا لابوف فجاء استباقياً وقبل أن يتم البت في الدعوى القضائية التي لاحقته بها المغنية الشابة تويجز بعد علاقة دامت بينهما عاماً كاملاً، اعتبرتها من أسوأ ما حدث لها في حياتها وخرجت منها خائفة ومضطربة عاطفياً، ليفاجأ الجمهور بعدم وجود اسم لابوف ضمن الحملات الدعائية لفيلمه الجديد الذي بدأ عرضه مؤخراً ويتوقع كثيرون أن ترشح بطلته فانيسا كيربي لأوسكار أفضل ممثلة، كما حذف أيضاً من البرومو الدعائي للعمل.

ويبدو أن هذه مجرد بداية، خصوصاً مع توالي الشهادات التي تصف لابوف بأنه يسيء معاملة النساء، إذ كتبت المطربة الأسترالية سيا تعليقاً على ما يجري قائلة "أنا أيضاً تأذيت عاطفياً من شيا الكاذب المحترف"، ثم تابعت عبر حسابها الرسمي في موقع "تويتر" محذرة النساء من الدخول في علاقة معه "أظنه مريضاً جداً وأتعاطف معه ومع ضحاياه. إن أحببتِ نفسك فعلاً، ابقِ بعيدة وآمنة". هذه الكلمات كتبتها سيا على "تويتر" بعدما تشاركت الأخبار التي تتحدث عن الاتهامات الموجهة إلى صديقها السابق شيا لابوف، وتداولتها مواقع عالمية عدة، لكن اللافت أن سيا حذفت تغريداتها في ما بعد.

هل تتحكم السياسة بهوليوود؟

عقاب مشابه حدث مع كيفن سبيسي (61 سنة) حينما استبعدته نتفليكس من الموسم السادس من مسلسل "هاوس أوف كاردز" بعد اتهامات باعتداءات جنسية على قاصرين، ومن فيلم "كل المال في العالم"، والاستعانة بممثل بديل هو كريستوفر بلامر الذي أعاد تصوير مشاهده. وشهد الصيف الماضي سحب فيلم "ذهب مع الريح" من العرض على منصة HBO Max، بسبب مشاهد العنصرية واتهم من قبل رواد "تويتر" بمحاولة إضفاء طابع رومانسي على فكرة العبودية، وذلك على خلفية الغضب الشعبي مع تصاعد قضية جورج فلويد الذي توفي على يد شرطي أميركي، كما أوقفت شركة باراماونت مسلسل "كوبس" بعدما استمر عقوداً بسبب تزايد الدعوات المناوئة لتعاملات رجال الشرطة في الولايات المتحدة.

وعلّق الناقد إيهاب التركي قائلاً "ما يجري هو تدخل في أعمال فنية أصبحت بحكم الزمن مثل الأثر الفني لا يُمكن تعديله، فتوجيه الاتهامات بالترويج للعنصرية لفيلم مثل "ذهب مع الريح" أنتج 1939 فتح المجال للتفتيش في الأعمال الفنية وربما تعديلها مستقبلاً لتلائم أفكاراً معاصرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفسّر التركي الأمر بأنه يأتي بعد تأثر هوليوود بجماعات الصوابية السياسية، وصل التعامل بسببها إلى "مرحلة متطرفة للغاية، فمن المفهوم أن الأستديوهات تتحفظ على العمل مع ممثلين وصناع سينما اتُهموا بجرائم مخلة بالشرف، ولكن هوليوود أصبحت تطبق الصوابية السياسية أكتر من الجماعات الصوابية نفسها، فوجدنا مثلاً لجنة الأوسكار تضع قواعد وشروطاً في الأفلام التي تترشح لأوسكار؛ ظاهرها دعم الأقليات والأعراق المتنوعة والمثليين وذوي الاحتياجات الخاصة، لكنها من زاوية أخرى تُزايد على صُناع الأفلام وتضع لهم مواصفات خاصة لتليق أعمالهم بجوائزها".

المنصات تحاسب النجوم قبل المحاكم

ويبدو أن الأمور باتت أكثر حساسية مع تصاعد حملة "أنا أيضاً" التي انطلقت قبل ثلاث سنوات، وتسببت في كشف فضائح كثيرة في هوليوود، دين إثرها كثير من العاملين في الحقل الفني وخسر عشرات من المتهمين وظائفهم، ولعل أبرزهم المنتج هارفي واينستين (69 سنة) الذي طرد من أكاديمية أوسكار بعدما اتهمته أكثر من 80 امرأة بالاغتصاب والتحرش والاستغلال الجنسي بحكم سلطته عليهنّ، ومن بينهنّ نجمات شهيرات مثل سلمى حايك وأنجلينا جولي وحكم عليه بالسجن 23 عاماً، ولكن في النهاية أفلامه التي شارك في صنعها ليست ملكه وهي متاحة للمشاهدة، فقد ساهمت في تشكيل مسيرة وتاريخ بقية نجومها، وبينها "Shakespeare in Love" الحائز على جوائز "بافتا وأوسكار وغولدن غلوب".

لكن مؤخراً أصبح الحساب يأتي سريعاً وربما يحمل شيئاً من التطرف، فلم يعد الأمر مجرد آراء فردية للجمهور على السوشيال ميديا ولا حتى مجرد حملات يطلقها النشطاء، بل يأتي من المؤسسات الفنية نفسها من دون انتظار قرارات مؤسسات القضاء، خوفاً من اتهامات بتشجيع الأفعال المتطرفة، إذ يحكم على فنان ما بالإقصاء كي لا تتعرض لسهام تدوينات "تويتر" اللاذعة، ومعه أيضاً يحكم على الجمهور بالحرمان من مشاهدة عمل معين بسبب الاتهامات الموجهة لبطله، مثلما حدث عندما تم حذف أفلام جوني ديب من نتفليكس، والفيلم الكلاسيكي "ذهب مع الريح" فبدا الأمر وكأن المؤسسات الفنية نفسها تتخلى ببساطة عن أفلام صنعت قيمة هوليوود الفنية وإرثها في الذاكرة الإبداعية العالمية.

 يلخص التركي في تعليقه ما يحدث بأنه "تربص عشوائي بالممثلين يجعل الأستديوهات تقاطع من دون تبيّن، فهناك خلط كبير حادث بين رفض سلوك متهم به الممثل والتعبير عن هذا الرفض بردود فعل مُبالغ فيها، مثل مقاطعة أعمال الفنان السابقة وهي أعمال لا يمتلكها وحده، لكنها عمل جماعي حتى لو كان عملاً فردياً فسلوك الفنان الشخصي لا علاقة له بعمله الفني".

واعتبر أن مثل تلك الأفكار قضت على مسيرة ممثل موهوب ومهم مثل كيفن سبيسي، وحالياً نتفليكس استبعدت شيا لابوف من ترشيحات جوائز التمثيل وهو أمر مثير للسخرية لأنه بطل الفيلم!

المزيد من فنون