تقدمت الحكومة الهولندية برئاسة مارك روتي باستقالتها، اليوم الجمعة، على خلفية "فضيحة إعانات الأطفال" المتمثلة في الكشف عن اتهامات بالاحتيال وجهت خطأ إلى آلاف معيلي الأسر، ما يهدد بـ"بلبلة سياسية" في البلاد وسط جهود مكافحة تفشي كورونا.
وتأتي القضية قبل شهرين من انتخابات تشريعية مقررة في الـ 17 من مارس (آذار)، وفي خضم الأزمة الوبائية التي جعلت هولندا ترزح تحت أشد القيود.
اتهامات خاطئة
وكانت السلطات الهولندية قد اتهمت بصورة خاطئة آلاف المعيلين بالاحتيال والمطالبة بإعانات الأطفال وسط إجبار عديدين على إرجاع مبالغ طائلة، وجعلهم يعانون أزمات مالية حادة.
والبعض استهدفتهم سلطات جباية الضرائب لكونهم يحملون جنسيتين، وهو ما ألقى الضوء مجدداً على الانتقادات القديمة ضد ما توصف بأنها "عنصرية منهجية" في هولندا.
وأوضح روتي، الذي يحكم منذ عام 2010، أنّ حكومته ستواصل عملها "سلطة تصريف الأعمال"، والإشراف على جهود مكافحة تفشي كورونا حتى منتصف مارس، موعد الانتخابات التشريعية.
استقالة الحكومة
وقال روتي، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لحكومته المكونة من أربعة أحزاب في لاهاي، "هذه مسؤوليتنا. إننا مجمعون على أنه ينبغي تحمل المسؤولية المشتركة حين يخفق النظام بأكمله"، مشيراً إلى أنّه تقدم "باستقالة الحكومة كاملة إلى الملك".
وبرر رئيس الحكومة قرار الاستقالة في ظل الأزمة الوبائية وارتفاع عدد الإصابات بالفيروس المتحوّر الذي اكتُشف بداية في المملكة المتحدة بقوله إنّ "معركتنا في وجه كورونا المستجد مستمرة". مضيفاً أن حكومته المستقيلة "ستقوم بما هو ضروري لمصلحة البلاد".
وتشير استطلاعات الرأي إلى احتمال تصدّر حزب مارك روتي، حزب الحرية والديمقراطية، الانتخابات المقبلة، وفوز رئيس الوزراء المستقيل بولاية رابعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان تحقيق برلماني قد كشف في ديسمبر (كانون الأول) قطع إعانات عن آلاف العائلات المتهمة بصورة خاطئة بارتكاب عمليات احتيال بين 2013 و2019.
فقد طُلِب من عائلات كثيرة إرجاع مبالغ تقدّر بعشرات آلاف اليورو استفادت منها على مدار سنوات. وتشير تقارير إعلامية إلى أن كثيراً من الأزواج انفصلوا في ظل الضيق الذي عانوه نتيجة ذلك.
وتصاعدت الضغوط على روتي للاستقالة إثر هذه القضية وسط التلويح بإمكانية حجب الثقة عن حكومته.
انطلاقة جديدة
وارتفعت الأصوات المعارضة بشكل أكبر عقب استقالة زعيم حزب العمال المعارض لوديويك أشر من منصبه الحزبي، كونه شغل منصب وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة روتي السابقة.
وقال زعيم اليمين المتطرّف الهولندي خيرت فيلدرز، المعروف بتصريحاته الحادة ضد الهجرة والإسلام، إنّ استقالة الحكومة "أمر صائب". وكتب في موقع تويتر "جرِّم أبرياء ودمّرت حياتهم. من غير المعقول استمرار الوزراء في مناصبهم، وكأنّ شيئاً لم يحدث".
وقال زعيم حزب الخضر جيسي كلافر، الذي كان بدوره دعا روتي إلى التنحي، إنّ الاستقالة قد تشكل "انطلاقة جديدة، نقطة تحوّل" بالنسبة إلى هولندا.
ضحايا الفضيحة
وقالت وسائل إعلام هولندية إنّ نحو 26 ألف شخص تأثروا بهذه الفضيحة. وجرى الكشف أيضاً عن قيام مسؤولين ضمن السلطات الضريبية بـ "تنميط عنصري" لنحو 11 ألف شخص بناء على حيازتهم جنسية مزدوجة، بمن في ذلك بعض من واجهوا اتهامات بالاحتيال.
وكانت الحكومة الهولندية قد أعلنت تعويضات لا تقل عن 30 ألف يورو لكل معيل أسري اتهم بصورة خاطئة، في خطوة لم تكن كافية لتهدئة الضجة عقب كشف الفضيحة.
وقدّم ضحايا شكوى قانونية الثلاثاء بحق ثلاثة وزراء ما زالوا في مناصبهم واثنين سابقين، أحدهما أشر.
منذ 2010، رأس روتي ثلاث حكومات ائتلافية، وفاز بانتخابات 2017 على الرغم من منافسة قوية من فيلدرز.