Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تجريم "ختان النساء" في السودان لا يكفي المناضلات

اعتبرت ناشطات أن القوانين على أهميتها لا تقلل من العنف والرهان على توعية المجتمع لمناهضته

شكلت النساء في ثورة ديسمبر (كانون الأول)، الغالبية العظمى، وأسهمت بصورة واضحة في إسقاط النظام، لتعرضهن للضرر الأكبر من نظام البشير، جراء القوانين غير المُنصفة.

تتعرض المرأة السودانية للتعنيف المستمر، والعنف اللفظي والتحرش الجنسي على مواقع التواصل الاجتماعي على الرغم من فرض عقوبات على التحرش الإلكتروني، والعنف الجسدي داخل الأسرة وأحياناً في العمل.

قوانين جديدة

فرض وزير العدل نصر الدين عبد الباري أخيراً، قوانين جديدة تُجرم العنف على المرأة وتمنع الانتهاكات الجسدية، ولكن ما زالت صفحات الجرائم في الصحف تنشر أخباراً يومية توضح تعرض بعض النساء للعنف الذي وصل ببعضهن إلى الموت، إذ أجرى الوزير تعديلاً على المادة (152) والتي تتعلق بجلد النساء تحت تهمة ارتداء أزياء فاضحة، ومن ثم جرى سن قانون يجّرم الختان رسمياً، وهو الفعل الأكثر انتشاراً في السودان حيث تتعرض حوالي 80 في المئة من السيدات للانتهاك جراءه. ووصلت العقوبة إلى 3 سنوات مع دفع غرامة في حال ارتكاب الجُرم.

وقفات احتجاجية

على الرغم من التعديلات الأخيرة فإن المطالب ما زالت مستمرة، حيث عبر عدد من الناشطات النسويات في مجال حقوق المرأة عن عدم رضاهن التام عن أداء الحكومة الانتقالية بتنظيم وقفات احتجاجية بصورة دورية، آخرها كانت الاثنين الماضي أمام وزارة العدل.

ونظّمت مبادرة "نحن معاكِ" ومبادرة " ثورة المرأة السودانية" أمام وزارة العدل وقفة احتجاجية لمناهضة العنف ضد المرأة، وقدمت مذكرة بها مطالب تم تسليمها لوزير العدل.

ميساء حمزة ناشطة نسوية وعضو بـ"مبادرة ثورة المرأة"، قالت إن "إلغاء الحكومة لقانون النظام العام وتجريمها للختان يُعد خطوة في اتجاه التقليل من العنف والاضطهاد الذي يُمارس ضد المرأة في السودان ولكن لا يزال التمييز الجندري موجوداً، ويظهر ذلك في أحكام الوصايا القانونية والزواج والميراث وأماكن العمل، كما يُوجد في تعيينات حكام الولايات والمجلس التشريعي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن الوقفة الاحتجاجية قالت حمزة، "الوقفة كانت لمناهضة جميع أشكال العنف الجنسي ضد النساء، فالمرأة السودانية تُعاني من جرائم التحرش اليومي في الشارع والجامعات وأماكن العمل تحت نظر الكل، في غياب تام للأمن مما استوجب علينا أن نقف ونطالب بالنظر إلى معاناة النساء".

وفي سياق متصل في ما يتعلق بدور الناشطات النسويات في مناهضة العنف قالت حمزة، "دورنا كناشطات يتمثل في محاربة الظواهر السالبة في المجتمع ونشر الوعي بقضايا النساء وحقوقهن، ونتمنى وعي المؤسسات العدلية والتنفيذية بقضايا المرأة وعدم التقليل من أهميتها".

المُذّكرة

كانت المذكرة التي قدمتها مبادرة "ثورة المرأة السودانية" ومبادرة "كفى النسوية" شددت على حق السيدات المشاركة في صناعة القوانين التي تدير حياتهن حتى تتوافق مع مبادئ الدولة المدنية. وأُدرجت عدة مطالب تتمثل في إدراج التحرش الجنسي كجريمة مُستقلة في القانون، والمطالبة بتوضيح قوانين تُعرف الاغتصاب وعدم إدراجه تحت مواد (الزنا واللواط).

ميساء تقول "نُطالب بقوانين رادعة تحمي المرأة وتدين المجرمين ليزيد شعور النساء بالأمن والطمأنينة".

 العنف متواصل

الحكومة الانتقالية على رغم تقديمها مواد تناهض العنف ضد الختان وغيره، إلا أن المواد في نظر الحقوقيات ما زالت ناقصة وغير مكتملة الأركان ولا تؤهل لوقف العنف ضد النساء.

دكتورة إحسان فقيري رئيسة مبادرة "لا لقهر النساء"، قالت لـ"اندبندنت عربية"، إن "القوانين ما زالت ناقصة، وقانون تجريم الختان مثال لذلك، حيث تم منع الختان وتجريمه، إلا أنها لم تفرض عقوبات رادعة ضد مرتكب الجريمة، يجب أن تتم معاقبة الطبيب مرتكب الجريمة بسحب رخصته ومنعه من العمل لمدة معلومة. وزير العدل عبد الباري هو من الوزراء الذين يرغبون في التغيير، ولكن يبدو أنه يتعرض لضغوطات من جهات معينة، وهي واضحة للعيان".

وتضيف فقيري "عندما يتم تشريع مواد من دون تفصيلها لن تنفعنا في شيء، كالمادة التي تجرم الختان، وعملية إلغاء قانون النظام العام الذي يحتوي على مواد كاللبس الفاضح والعمل الفاضح، ما زالت المرأة تتعرض للتعنيف والتنمر في الشارع العام. أنا ضد قانون النظام العام، يجب توفير دور إيواء للمشردين ودعمهم مادياً وليس معاقبتهم تحت قانون النظام العام". وأضافت "قمنا بتسليم دكتور عبدالله حمدوك ترشيحات للولاة، من ضمنهم سيدات ولم تتم الموافقة عليهم، وهو نوع من العنف والإقصاء، على رغم أن 70 في المئة من السيدات شاركن في التغيير.يجب أن تتم إتاحة فرصة الحكم للسيدات بعد فشل الرجال في تجربة الحُكم منذ عام 1956، لم يسهم الرجال سوى في تخريب السودان، وتجفيف المستشفيات والمدارس".

مشاركة المجتمع في العُنف

على رغم المطالب والأصوات التي تنادي بإنهاء العنف ضد السيدات، إلا أنه متواصل بسبب المجتمع الذي لا يقدم يد العون للدولة، حيث تحكمه عادات وتقاليد صارمة ومؤذية للمرأة، مما يجعل النساء مستهدفات حتى وإن تم وضع قوانين تُجرم العنف ضدهم.

الباحثة الاجتماعية نهى مصطفى تقول إن "المجتمع سبب أساسي في تعنيف المرأة حتى إذا تم وضع قوانين تُجرم العنف ضد النساء والختان وغيره، إلا أن الأفراد يواصلون تعنيف المرأة، لذلك من الواجب عمل حملات توعية داخل الأسر السودانية، وتثقيفهم والحرص على إقناعهم بفداحة هذا الأمر".

في ذات السياق تقول المصطفى "إذا لم نقدم توعية للمجتمع، لن تنجح القوانين في الحد من ظاهرة العنف. حتى في ظل القوانين قد يرتكب البعض جرائم تحت مظلة العادات والتقاليد".

المزيد من تقارير