Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسؤولو الاستخبارات يحذرون من الآتي بعد أعمال الشغب تأييدا لترمب

"ما عدنا نتكلم حتى عن أشخاص مضطربين نفسياً عندنا بل عمّن كنا نعتبرهم أشخاصاً عاديين لكنهم الآن مضطربون بلا أدنى شك"

تطلّب الأمر 159 عاماً، لكن علم المعركة الكونفيدرالي رفرف أخيراً في مبنى الكابيتول في الولايات المتحدة مساء الأربعاء فيما حطّم حشد من الرجال والنساء الذين ساروا وراءه النوافذ واعتدوا على الشرطة وبثّوا الرعب في نفوس أعضاء الكونغرس أملاً في منع مجلسي النواب والشيوخ من المصادقة على انتخاب جو بايدن في منصب الرئيس الـ46 للولايات المتحدة الأميركية.

منذ قيادة اللواء روبرت روس، الجيش البريطاني، لإحراق ما كان يُعرف حينها باسم واشنطن سيتي لم يحدث أن أرخت قوة معادية لفكرة الديمقراطية الأميركية نفسها بظلها القاتم في أروقة المبنى التشريعي للبلاد. لكن هذا الاجتياح لم يأتِ على أيدي جنود غرباء أقسموا على الولاء للملك جورج الثالث بل على أيدي أميركيين عازمين على العصيان والفتنة بناء على أوامر الرئيس دونالد ترمب. 

دفع مثيرو الشغب الذين رفعوا أعلاماً تتراوح بين علم "النجوم والأشرطة" رمز الكونفيدرالية إلى الأعلام الممهورة باسم الرئيس، النواب إلى الخروج من غرفهم بينما كانوا يشرعون في مناقشة اعتراضات الجمهوريين على فرز الأصوات الانتخابية لولاية أريزونا. وأقدموا على ذلك بعد مرور دقائق من قيام ترمب، الذي كان يتحدث أمام تجمّع أقيم تحت عنوان "أوقفوا السرقة" في الجانب الثاني من جادة بنسلفانيا، بحضّ حشود مناصريه على التدخل. 

قبل أن يتسنّى لقوات الشرطة والحرس الوطني من مقاطعة كولومبيا وميريلاند وفيرجينيا أن تنضمّ إلى قوة الشرطة الخاصة بمبنى الكابيتول ومكتب التحقيقات الفيدرالي وتستعيد السيطرة على المبنى، كانت قد سقطت قتيلة واعتقل أكثر من 15 شخصاً وأصيب كثير من أفراد شرطة الكابيتول. وعلى الرغم من إعلان مجلسي النواب والشيوخ عن نيتهما استئناف جلسة عدّ الأصوات، يخشى خبراء الأمن القومي الذين يدرسون قضايا الاستبداد والتطرف من أن يؤدي رفض الرئيس ترمب الاعتراف بهزيمته إلى زرع بذور مزيد من العنف تدوم إلى ما بعد رحيله بكثير.

 

كان هذا المشهد المرعب شبيهاً تماماً بما حاول النائب الجمهوري السابق دنفر ريغلمان تحذير زملائه منه في خطابه الأخير داخل مجلس النواب الشهر الماضي.

حثّ ريغلمان، مسؤول الاستخبارات السابق في القوات الجوية، زملاءه - وجميع الأميركيين - على "الاعتراف بأن الكثير من الجهات السيئة التي تنشر نظريات المؤامرة الكاذبة والخيالية تحت عناوين مثل كيو آنون وكراكن و"أوقفوا السرقة" وغيرها من العبارات الانفعالية واللغة المبطّنة لا تنشر معلومات قائمة على المعرفة بل تحرّكها دوافع مشكوك فيها ومطامع".

وفي مقابلة هاتفية مساء الأربعاء، قال ريغلمان إن أعمال الشغب نتيجة متوقّعة لتبنّي ترمب والعديد من مستشاريه نظريات مؤامرة مثل "كيو آنون".

وشرح أنه "عندما تجتمع الأفكار المتطرّفة للغاية مع أنظمة العقائد الدينية، فهذه وصفة تؤدي إلى وقوع كارثة. لحسن حظنا أن الأمور لم تشتعل هذه المرة".

وأردف ريغلمان إن الرئيس ترمب - الذي يقال إن مستشاريه كانوا على اتصال مع أشخاص مرتبطين بأعمال شغب يوم الأربعاء - وأعضاء الحزب الجمهوري الذين تبنّوا زعمه الذي لا يستند إلى أي دليل بأن فوز بايدن كان سببه "سرقة الانتخابات" يتحملون مسؤولية مشتركة لاندلاع هذا العنف.

وأضاف "إنه زمن مرعب وهم متواطئون فيه"، قبل أن يتابع ليقول إن على الكونغرس الجديد التفكير في وضع قانون إرهاب محلي يستهدف العقائد المتطرفة "أعتقد أن علينا تعيين مسؤول أعلى معني بالإرهاب المحلّي في وقت من الأوقات والقيام بتحرّك على نطاق الحكومة بأكملها لمكافحة التطرف والمعلومات الكاذبة على شبكة الإنترنت".

واعتبر المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية باتريك سكينر كذلك أنّ على الحكومة الفيدرالية أن تسلّح نفسها بالأدوات اللازمة لقمع مسيرة تطرّف لا تختلف عن تلك التي استخدمها زعماء المجموعات الإرهابية الإسلامية التي عمل في ما مضى على تفكيكها.

أضاف أنه على خلاف أولئك الأعداء الخارجيين، الجزء الأكبر من عملية الجرّ نحو التطرف التي تؤدي إلى العنف داخلياً سهلة الكشف ويترأسها كبار المسؤولين الحكوميين.

وقال سكينر الذي يعمل الآن محققاً في جهاز الشرطة في مسقط رأسه جورجيا "قبل التاسع من سبتمبر (أيلول) كانت معرفة ما يجري من أحاديث أمراً صعباً لكننا الآن نعلم بالتحديد ما يدور... ويأتي الكلام من داخل البيت الأبيض".

لأن ترمب وحلفاءه قضوا سنوات في الترويج لأنصاره بأنّ الديمقراطيين في السلطة سوف يوصلون البلاد إلى التهلكة، قدّم العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية تقييماً متشائماً حول المستقبل إن لم تتصرف الولايات المتحدة بقوة من أجل مكافحة التطرف اليميني كما فعلت مع التطرف الإسلامي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وزاد "إن أفضل السيناريوهات حالياً هي أن تقع بعض حوادث إطلاق النار الرهيبة باستخدام البنادق أو تفجيران صغيرين... إما قبل حفل التنصيب أو بعده، الذي يعتبره نصف البلاد سرقة. عندما يقول رئيس الولايات المتحدة الأميركية بصراحة 'إنهم يحاولون سرقة (الانتخابات)' أو 'علينا القتال دفاعاً عن حريتنا'، غالباً ما يلتحق الناس بالقوات المسلحة من أجل قضية كهذه".

وأردف سكينر قائلاً "ما عدنا نتكلم حتى عن أشخاص مضطربين نفسياً عندنا. أصبحنا نتكلم... عمّن كنا نعتبرهم أشخاصاً عاديين. لكنهم الآن مضطربون بلا أدنى شكّ. ومن يحرّضهم هو رئيس الولايات المتحدة وأعضاء مجلس الشيوخ، وبعضهم غير أغبياء ويعرفون تماماً ما يفعلونه".

كما لو أراد التأكيد على آراء سكينر، تجاهل الرئيس نفسه الدعوات من أجل شجب تصرفات أتباعه، واتجه إلى "تويتر" لتأكيد مزاعمه الكاذبة بشأن الانتخابات وتشجيع مناصريه على "تذكّر هذا اليوم" في المستقبل.

وغرّد "هذا ما يقع من أمور وأحداث حين يُنتزع فوز انتخابي ساحق بوقاحة وشراسة من أشخاص وطنيين عظيمين تعرضوا لمعاملة سيئة ومجحفة لوقت طويل جداً. عودوا إلى منازلكم بمحبّة وسلام. وتذكروا هذا اليوم للأبد!".

ومع أنّ إدارة "تويتر" سمحت له مدة طويلة بانتهاك قوانين الموقع لأن بياناته العلنية مادة إخبارية باعتباره رئيساً، ربما تخطّت الرسالة التي كتبها بعد أعمال الشغب خطاً أحمر. فمسحت [سترت] الشركة التغريدة وأعلنت عن إغلاق حساب ترمب الخاص على الموقع لـ 12 ساعة.

أعرب كولين كلارك، أحد كبار الباحثين في مركز صوفان (The Soufan Center) ومحلّل سابق في القوة الدولية للمساعدة الأمنية في أفغانستان عن خشيته من أن يكون ترمب "يؤسّس" لتحويل العنف الموجّه ضد حكومة ما عاد يترأّسها "إلى الوضع الطبيعي الجديد".

وفيما لم يتبقَّ على تنصيب بايدن خليفة لترمب سوى أسبوعين، حذّر كلارك من أن البلاد أمام "منعطف إضافي" في يوم تنصيب الرئيس، لأن ترمب لم يتوقف عن إخبار أتباعه بأن مختلف الحلول الجذرية سوف تُستخدم لتثبيت مزاعمه بشأن الانتخابات وضمان ولاية رئاسية ثانية له.

وقال "حين يُنصّب جو بايدن رئيساً، ينتهي وقته هو لأنه سوف يضطر إلى الخروج من البيت الأبيض شخصياً. وسوف يدركون أنّ كل الخدع التي حاول أن يستخدمها لذرّ الرماد في عيون الناس خلال الشهرين الماضيين (كانت) حيلاً لا غير". 

وتابع "كل من آمن به، و... الأشخاص الذين يقدمون المال... لصندوق الدفاع عنه سيشعرون بالغباء والغضب، وسوف يعبّرون عن سخطهم. ولن يوجّهوا سهام غضبهم عليه، بل على الشخص الذي قال عنه كل هذا الوقت إنه غير شرعي، أي جو بايدن والرموز المحيطة به". 

© The Independent

المزيد من تحلیل