Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ستتغير السياسة البريطانية في 2021 ؟

هل سنرى إيرلندا موحدة؟ أو اسكتلندا مستقلة؟ أو بداية النهاية لفيروس كوفيد؟ وهل انتهى الشجار بشأن بريكست؟

بعد بريكست، تلوّح نيكولا ستورجن الوزيرة الأولى في اسكتلندا باستفتاء حول إمكانية خروج بلادها من المملكة المتحدة (غيتي)

كيف ستكون السياسة في العام 2021؟ ليس كحالها سابقاً.

ستتلاشى مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد طول انتظار. ومن مصلحة معظم الأحزاب أن "يرسموا خطاً تحتها" وفق الكليشهة المعروفة، ويطووا صفحتها نهائياً، نظراً إلى أنها تسببت غالباً في المتاعب بالنسبة إلى السياسيين وباعتبار أن الجمهور في الحقيقة يشعر بالملل البالغ منها. والآن، سيأتي دور حزب العمال للتعرض لانقسامات بسبب بريكست، وفق ما رأينا في التصويت الذي شهده مجلس العموم أخيراً حول اتفاق التجارة الحرة.

ومن المتوقع أن ناخبي حزب العمال، على المستويات المختلفة، سواء كانوا أعضاءً أو نواباً، ممن أيدوا بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، أو في الأقل بعضهم أيد، سيتحولون إلى مؤيدين للالتحاق بالاتحاد من جديد، وسيطالبون الحزب بالتزام العودة إليه.

سيأمل كير ستارمر في أن يوّحد الحزب من خلال إعلانه التزاماً غامضاً بالبناء على "قاعدة" الصفقة الحالية لتطوير شراكة "أقوى" مع الاتحاد الأوروبي، ولا شيء أكثر من ذلك. وحتى إذا تحول الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى كارثة، وشهدنا بعض الفوضى التي ستحصل بشكل حتمي، وحدثت إغلاقات وخسارة وظائف، فالأرجح ألا يحرك ذلك في الناس الرغبة في خوض نقاشات على المستوى الوطني حول أوروبا.

وباعتبارها أشبه بالفيروس السياسي، ستتحوّر قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بطرق لا يمكن التنبؤ بها، وستظهر نسخ جديدة منها. ومثلاً، ستبرز بشكل أكبر في إطار الجدل المتعلق باستقلال اسكتلندا التي قد يطلقون عليها "سكيكست" (خروج اسكتلندا") Scexit.

ففي نهاية المطاف، يجب ألا ننسى أن كل الحجج التي أوردها الحزب الوطني الأسكتلندي في سياق نقاشه حول السيادة واستعادة السيطرة، تحمل الروح نفسها للمناقشات الخاصة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل، فإن نكهة الحملة المؤيدة لبقاء بريطانيا في الاتحاد حاضرة أيضاً في الطروحات المناهضة للحواجز التجارية، إذ تفيد بأننا معاً نكون في وضع أفضل مما نكون عليه منفردين. وعلى أية حال، يبدو أن (الوزيرة الأولى في اسكتلندا) نيكولا ستورجن  تتجه إلى تحقيق انتصار ساحق، يشكّل فوزاً الغاية منه بكل وضوح الحصول على تفويض لإجراء استفتاء ثان على الاستقلال. وإذا نطقت لندن بـ"لا" رافضة، ستكون هناك بالفعل أزمة دستورية حادة من شأنها أن تسبب انقسامات، وعلى الأرجح لن يكون من الممكن حلها عن طريق المحكمة العليا.

وعلى غرار ما حصل في إيرلندا قبل قرن، سيكون هناك كثيرون في اسكتلندا ممن سيشككون في شرعية حكومة "ويستمنستر" المركزية (في لندن)، وسيحاولون البحث عن سبل في مقاومة قرارتها، ولو عن طريق الاحتجاج السياسي السلمي والمقاومة والعصيان. ولابد من الإشارة إلى أن غالبية الإنجليز لن يعترضوا على انفصال اسكتلندا، بيد أن الخلاف سيكون مع الحكومة الاتحادية على نحو متشدد، التي ترفض مجرد الحديث مع ستورجن حول فكرة الاستقلال.

أما في إيرلندا، فيبدو أن احتمال ظهور إيرلندا موحدة (بشطريها الحاليين وهما جمهورية إيرلندا وإيرلندا الشمالية التي تشكّل جزءاً من المملكة المتحدة) مع حلول الذكرى المئوية للاستقلال في 2022، قد تراجع. وتضاءل التهديد الذي طالما تعرض له "اتفاق الجمعة العظيمة" (بين البروتستانت والكاثوليك في إيرلندا الشمالية)، من قِبَلِ مشروع قانون السوق الداخلية المطروح في مجلس العموم البريطاني، وأيضاً بسبب احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.

ومرد ذلك التضاؤل هو الضغوط الأميركية من جهة وتلك التي مارسها الاتحاد الأوروبي من جهة ثانية. واستطراداً، يعني ذلك كله تجنّب إجراء اقتراع آخر بشأن الحدود بين الجانبين وتفادي اندلاع أعمال عنف متجددة من قبل الجمهوريين. يتفاقم الاستياء في أوساط الوحدويين، لاسيما بسبب الحدود الاقتصادية الجديدة التي تفصل بين إيرلندا الشمالية وبين بريطانيا العظمى، غير أنهم خسروا الصراع حول تلك النقطة منذ زمن طويل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كخلاصة، تترك تلك المعطيات كلها الجزر البريطانية تحت وطأة كوفيد، بالطبع. وعلى الرغم من كل شيء، فهذا (الوباء) لم يجرِ تسييسه، في الأقل في ما يتعلق بالدعم الذي يحظى به المحافظون. ولا شك في أن فضيحة دومينيك كامينغز قد ألحقت ضرراً بشعبية رئيس الوزراء. وبات حزب العمال حالياً بقيادته الكفؤة أكثر صدقية منه في الماضي كحزب معارض، غير أن كوفيد لم يبرهن بعد على أنه سيكون عنصراً قادراً على تغيير قواعد اللعبة، كأن يكون ذلك مثلاً عبر إعطاء العمال تقدماً بفارق 10 نقاط في استطلاعات الرأي.

إلا أن ذلك قد يتغير في العام 2021، لسببين. أولاً، سيؤدي التوقف النهائي عن تقديم الدعم للأعمال التجارية (علاوة على تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتعطيل الناجم عنه)، إلى انكماش اقتصادي وارتفاع حاد في معدلات البطالة في أنحاء البلاد كافة. ومن المؤكد أنه سيؤدي إلى تقهقر شعبية الحزب الحاكم.

وثانياً، لاتزال هناك إمكانية كبيرة أمام الوزراء كي يرتكبوا عدداً من الأخطاء في عمليات توزيع لقاح كوفيد. وقد عُلقت آمال كبيرة على توزيعه بشكل سريع، إلى درجة أنه يكاد يكون من المؤكد أن تلك الآمال ستخيب، حتى لو كانت الأنظمة اللوجستية وإمدادات اللقاح كلها في وضع مثالي. ويوحي سجل الإنجاز الخاص بالاختبار والمعدات أن الأمور اللوجستية والمعدات تمثّل معاً النقطة الأضعف في مجمل الاستجابة الرسمية الضعيفة عموماً للأزمة. وفيما يُفسح الشتاء مكانه للربيع، وإذا استطاعت السلالة الجديدة من الفيروس أن ترسخ أقدامها في البلاد قبل أن توفر عمليات التلقيح الجماعي الحماية للجمهور، فحتماً سيؤدي الفشل إلى إثارة ردود فعل سياسية حقيقية. وسيشعر الناس أيضاً بدرجة عالية من الإعياء بسبب الإغلاق، في أعقاب عام طُبقت خلاله هذه القيود بشكل كاد يكون مستمراً. وسيكون هناك أناس في الجناح اليميني داخل حزب المحافظين أو شخصيات مثل نايجل فاراج [رئيس حزب "الاستقلال"]، ممن سيقدمون الحجج الداعية لإجراء تغيير جذري في سياسة الإغلاق.

وستقع حوادث غير متوقعة كالوباء نفسه، من شأنها أن تجبر الحكومة على الانحراف بعيداً عن المسار الذي رسمته لنفسها سلفاً. بيد أن الاحتمال الأقوى على الإطلاق يتمثّل في أن انتخابات ستُجرى في العام 2021، أقلها في اسكتلندا ولندن، ماسيؤدي إلى استعادة المعايير الديمقراطية إلى حد ما. في المقابل، تماماً كما هي تأثيرات المرض في ضحاياه، ستجد بريطانيا أن الخلاص من "كوفيد" في 2021 سيكون أكثر بطئاً وأشد إيلاماً مما توقعته.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل