Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"في عامنا الجديد علينا أن لا ننسى التزامنا مساعدة الروهينغا"

2020 إحدى أصعب السنوات لكن المملكة المتحدة خطت خطوة إضافية بإعلانها دعم تلك الأقلية المسلمة المنكوبة في ميانمار وعلى الحكومة ألا تتوقف عن ذلك

مأساة الاضطهاد الديني والإثني.. لاجئون من الروهينغا يقفون في طابور بعد نزولهم من سفينة تابعة للبحرية البنغالية في جزيرة باسان شار- بنغلاديش (ا ف ب عبر غيتي)

مع دخولنا عاماً جديداً يوحي بالأمل، يبقى عيد الميلاد الذي احتفلنا به نضراً في الذاكرة. وعلى الرغم من التحديات التي طرحتها فترة احتفالات الأعياد هذه السنة، إلا أنها ذكرتنا في الأقل، بمستوى الحرية الدينية المرموق السائد في المملكة المتحدة. وللأسف، لا تتكرر تلك الصورة الإيجابية في بلدان كثيرة. وثمة ما يرعب في الإحصاءات التي تشير إلى أن شخصاً من أصل ثلاثة في العالم، يعاني الاضطهاد الديني. ولا يوجد مثل معاصر عن جماعة تعاني التمييز [الديني]، أكثر فظاعة من حالة الروهينغا في ميانمار. إذ طُرِدَ قبل ثلاثة أعوام حوالى مليون شخص من مسلمي الروهينغا إلى خارج بلادهم، وانتهى الأمر بكثيرين منهم إلى العيش في بنغلاديش. وفي الآونة الأخيرة، نقلت الحكومة البنغالية 1600 شخص منهم إلى جزيرة "بهاسان تشار" القصية التي يمكنها استيعاب 10 آلاف شخص. وإزاء ذلك، برزت مخاوف عبرت عنها مجموعات حقوقية. وكذلك أرى أنا أيضاً وجوب إعادة النظر في قرار نقلهم إلى تلك الجزيرة. إذ يشير سير الأمور حاضراً إلى أن الغالبية الساحقة من اللاجئين توجد إما في منطقة "كوكس بازار" ببنغلاديش (نحو 860 ألف شخص)، أو في ولاية "راخين" بميانمار (نحو 600 ألف شخص).

في هذا الإطار، تتحمل المملكة المتحدة مسؤولية تجاه الروهينغا. إذ شكلت بورما مستعمرة بريطانية بين سنتي 1824 و1948. ومنذ ذلك الحين، حافظ البريطانيون على علاقات تجارية، وأخرى متنوعة، مع ذلك البلد الجميل. وكذلك اعترف رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون مثلاً، بوجود واجب أخلاقي في دعم الروهينغا. وبعد زيارته مخيمات اللاجئين حين كان وزيراً للخارجية في 2018، نقل إلى من تضطلع بدور الزعامة الفعلية هناك، أونغ سان سو كي، إنه ينبغي السماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم من دون خوف، ودعا أيضا إلى إشراف وكالة اللاجئين في الأمم على عملية إعادتهم.

وفي 2020، السنة الأصعب، مضت المملكة المتحدة مسافة إضافية في إظهار دعمها الروهينغا المنكوبين. واستطراداً، رحبت الحكومة البريطانية في يناير (كانون الثاني) الماضي بقرار "محكمة العدل الدولية" الذي قضى أن تزيد ميانمار جهودها في حماية الروهينغا. وكذلك لم يقتصر موقف الحكومة البريطانية على الكلام المعسول وإصدار البيانات المثالية. إذ كشف البريطانيون عن أنيابهم حين منعوا جنرالين كبيرين في جيش ميانمار، لهما علاقة بانتهاك حقوق الإنسان، من دخول المملكة المتحدة أو التعامل مع المصارف البريطانية (عبر قانون العقوبات المعروف بنظام "ماغنيتسكي"). بعد ذلك، في أكتوبر (تشرين الأول)، ساهمت المملكة المتحدة في استضافة مؤتمر للمانحين بمشاركة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي و"مفوضية اللاجئين" التابعة للأمم المتحدة. وقد وعد ذلك المؤتمر بتأمين 600 مليون دولار إضافي (432،7 مليون جنيه استرليني) من المساعدات المخصصة للروهينغا. ويضاف ذلك إلى ما مجموعه 2،8 مليار دولار (2 مليار جنيه استرليني) جرى التبرع بها من قِبَل بريطانيا والمجتمع الدولي منذ اندلاع العنف في ميانمار خلال أغسطس (آب) 2017.

ويأتي هذا الاهتمام الذي توليه الحكومة البريطانية لمهمة حماية حقوق أقلية مسلمة، كجزء من موقف أوسع، يقضي بتأمين الحرية للأقليات الدينية. في هذا السياق، رعت الحكومة تقريراً عن اضطهاد المسيحيين، أعده أسقف ترورو، ونُشر العام الفائت. وكشف التقرير المذكور أن حوالى 250 مسيحياً، كتقدير وسطي، يقتلون كل شهر بسبب إيمانهم. وكذلك تضمن التقرير سلسلة توصيات للحكومة البريطانية تدعوها إلى استخدام نفوذها الديبلومسي في الضغط على الحكومات الأجنبية بغية وقف مظاهر ذلك الاضطهاد.

واليوم مع بداية عامنا الجديد، أعتقد أنه ينبغي على الحكومة البريطانية والمجتمع الدولي التركيز على ثلاثة مناح، في سياق تأمين الدعم للروهينغا. يمكن الحديث عن الناحية الأولى في إطار ما حدث الشهر الفائت، مع إجراء انتخابات في ميانمار للمرة الثانية بعد عقود من الحكم العسكري. وقد خرج حزب أونغ سان سو كي في هذه الانتخابات منتصراً. وفيما مثل إجراء الانتخابات بحد ذاته تطوراً لافتاً في ذاك البلد، إلا أن التقصير الكبير في هذا الإطار ما زال متجسداً ببقاء الروهينغا محرومين من التصويت. وينبغي النظر في ذلك حين إجراء الانتخابات المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تتعلق الناحية الثانية بالأحوال الصعبة والمتردية في مخيمات اللاجئين، خصوصاً بالنسبة للشرائح الأكثر هشاشة كالنساء والأطفال. ثمة جيل كامل من الروهينغا الصغار السن، لا يتلقى التعليم المدرسي. وسيؤدي حرمانهم من ذلك إلى إفقادهم الأمل. ويضاف إلى ذلك ظهور تقارير تتحدث عن حالات اغتصاب واعتداءات جنسية في المخيمات. وقد تفاقم الأمر ليس بسبب فيروس "كوفيد- 19" وحده، بل أيضاً نتيجة أحوال الطقس الصعبة. وقبل سنة، عاثت الرياح الموسمية تخريباً في المخيمات الموجودة بجنوب بنغلاديش. وقبل ثلاثة أشهر، في علامة تشير إلى حالة اليأس التي يعيشونها، عُثِرَ على 300 شخص من اللاجئين الروهينغا إثر رسو مركبهم في إندونيسيا، وذلك بعد هروبهم من المخيمات وضياعهم في البحر لمدة ستة أشهر.

وتتمثل الناحية الثالثة التي ينبغي لبريطانيا والمجتمع الدولي التركيز عليها، في المساعدة التي يتوجب على المملكة المتحدة وغيرها من الدول تقديمها إلى مخيمات اللاجئين المكتظة ببنغلاديش، في مواجهة جائحة "كوفيد- 19". في هذا الإطار، تموّل المملكة المتحدة عمليات إنشاء مراكز للحجر الصحي والعلاج في مخيم "كوكس بازار"، تضم 600 سرير لعلاج اللاجئين الذين تصيبهم الجائحة. ويمثل الأمر خطوة متميزة في سياق مواجهة الفيروس في المخيمات المزدحمة. ويأتي كنموذج مصغر عن الجهود المطلوبة بهدف مواجهة الجائحة في بنغلاديش الذي أُعلِنَ فيه عن 370 ألف إصابة حتى الآن، بالترافق مع انتشار سريع للفيروس.

واستكمالاً لتلك الصورة، سعيتُ في وقت سابق من هذا الشهر، داخل مجلس اللوردات إلى الحصول على ضمانة من وزارة الخارجية (البريطانية) بشأن استمرار دعمها الإنساني، الذي يتضمن توزيع لقاح "كوفيد- 19" على مخيمات لاجئي الروهينغا. إذ عملت الحكومة البريطانية وشركات تصنيع الأدوية في المملكة المتحدة، في الخطوط الأمامية لعملية تطوير اللقاحات المضادة لكوفيد.

وفي هذا الإطار، بوسعنا أن نفاخر بدعم بريطانيا المديد والأساسي لـ"التحالف العالمي بشأن اللقاحات والتحصين" [اختصاراً، "غافي" Gavi]، الذي سيحرص على ضمان توزيع لقاحات "كوفيد- 19" بشكل عادل في جميع أنحاء العالم. وفي وقت سابق، جرت حملات تلقيح واسعة وناجحة في مخيم "كوكس بازار" ضد وباءي الـ"ديفتيريا" ("الخانوق") والكوليرا.

وبناء على ذلك، من المستطاع الإشارة إلى إن توفر البنية التحتية الأساسية في نشر اللقاحات وتوزيعها ومعرفة الأشياء المطلوبة لذلك، على الرغم من عدم وجود سلسلة التبريد التي يحتاجها اللقاح المضاد لكورونا. ونحن كأمة كريمة ومعطاءة، علينا الاستمرار في دعم من هم في أمس الحاجة إلينا عبر البحار، وبموازاة دعم شعبنا في بريطانيا. وصحيح أن الحكومة البريطانية علقَتْ سعيها الرامي إلى توجيه 0،7 في المئة من ميزانيتها إلى المساعدات الخارجية، إلا أن ذلك لا يعني تخلينا عن واجباتنا والتزاماتنا الأخلاقية تجاه المحتاجين في الخارج. إذ إن جميع المنظمات غير الربحية الموجودة على الأرض والعاملة مع الروهينغا، والتي حادثتُ ممثليها، عبرت عن موقف بالغ الإيجابية تجاه الدور الذي أدته مساعدات المملكة المتحدة حتى الآن. علينا أن نكون فخورين بهذا الأمر، حتى مع اضطرارنا في الوقت الحالي إلى تخفيض مؤقت لميزانية المساعدات إلى نسبة 0،5 في المئة. إذ سيستمر عملنا على الأرض في إحداث فوارق مهمة.

لقد شجعنا موسم الميلاد هذا العام على التفكير بالمُنهكين والضعفاء والبائسين والمهمشين. وعلينا جميعاً أن نخصص مساحة في تفكيرنا إلى الروهينغا، ونعيد الالتزام في 2021 بمناصرة قضيتهم.

(اللورد سارفراز رجل أعمال ومحسن. بات عضواً في مجلس اللوردات البريطاني في سبتمبر (أيلول) 2020)

© The Independent

المزيد من آراء