Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصر إلى ذروة الموجة الثانية من الوباء والقلق يزداد من كورونا المتحور

قفزات في أعداد الإصابات والوفيات والسلطات تتمسك بالإجراءات الوقائية

"القرارات الخاصة بالإغلاق الجزئي في الموجة الأولى كانت من خلال اللجنة العلمية للوباء، ومن السابق لأوانه معرفة إذا كان هذا وارداً أم لا" (أ ف ب)

بمزيد من الترقب والحذر، تمضي مصر في معركة مواجهة الموجة الثانية من وباء كورونا، مسجلة قفزات في عدد الإصابات والوفيات خلال الأيام الأخيرة، وذلك في وقت يتصاعد فيه القلق في الأوساط الصحية من قدرة القطاع الطبي على الصمود أمام ذروة الوباء، المرجحة رسمياً أن تتواصل حتى منتصف فبراير (شباط) المقبل.

ووسط مناشدات البعض بإعادة إغلاق البلاد، ولو جزئياً كما في أشهر الموجة الأولى، وتطبيق الإجراءات الاحترازية بشكل صارم، فضلاً عن تعطيل الدراسة بالمدارس والجامعات، تقول السلطات الداعية مواطنيها إلى مزيد من الحذر واحترام الإرشادات الصحية فيما يتعلق بمسافات التباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامات، إن "الأمر، وعلى الرغم من صعوبته، لم يستدعِ بعد العودة لإجراءات الموجة الأولى"، وذلك في وقت يتخوف فيه مراقبون من خروج "الوضع عن السيطرة"، لا سيما مع تحور الفيروس واكتشاف سلالات جديدة منه أكثر انتشاراً وفتكاً.

وفي أحدث الإحصاءات الرسمية، التي تعلنها وزارة الصحة المصرية بشكل يومي، سجلت البلاد 1133 إصابة جديدة بفيروس كورونا الجمعة، 25 ديسمبر (كانون الأول)، ارتفاعاً من 1021 يوم الخميس، ومن 911 إصابة الأربعاء، كما سجلت 49 وفاة انخفاضاً من 51 في اليوم السابق له، وإجمالاً، وصل العدد الذي تم تسجيله في مصر بفيروس كورونا المستجد حتى الجمعة إلى 130126 حالة من ضمنها 108985 حالة تم شفاؤها و7309 وفاة.

الوضع "خطر ولكن"

وبعد نحو شهر من إعلان مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية، عوض تاج الدين، دخول البلاد رسمياً في الموجة الثانية من وباء كورونا، شهدت أرقام الإصابات والوفيات قفزات في أعدادها، وهو ما أعلن بشأنه وزير التعليم العالي، خالد عبد الغفار، قائلاً إن "نسبة الزيادة اليومية لإصابة كورونا ستصل إلى معدلات كبيرة، لا سيما خلال شهري يناير (كانون الثاني)، وفبراير المقبلين"، واصفاً في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي الأوضاع بـ"الصعبة جداً"، وهو ما يتطلب مزيداً من الحذر والالتزام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي بداية الموجة الثانية من الوباء، تراوحت أعداد الإصابات بين 200 و400 حالة يومياً، قبل أن تقفز الأعداد من الأربعاء الماضي متجاوزة في أحدث الإحصاءات 1130 إصابة، وسط تحذيرات ووزارة الصحة، من تجاوز الإصابات اليومية الـ1000 أو أكثر خلال الأيام المقبلة.

ووفق تصريحات عبد الغفار، السبت، في شأن تطورات الوضع الوبائي في مصر، فإن مرضى السكري والجهاز المناعي من أكثر الفئات عرضة للإصابة بالفيروس، مضيفاً أن معظم الأطفال تظهر عليهم عوارض بسيطة، مشيراً في الوقت ذاته إلى إعداد السلطات في البلاد نموذجاً افتراضياً لإيضاح أعداد مصابي كورونا غير المعلنة، مؤكداً أن ما يتم رصده من إصابات من قبل وزارة الصحة أقل بكثير من الموجودة في الواقع.

وشدد عبد الغفار على جاهزية الدولة لمواجهة الموجة الثانية من الوباء منذ أكثر من شهرين، لافتاً إلى استقبال 25 مستشفى جامعياً مصابي كورونا، وأوضح أن "المستشفيات الجامعية جاهزة بـ523 عناية مركزة، و413 جهاز تنفس صناعياً، فضلاً عن توفير أقسام بهذه المستشفيات خصوصاً بعزل الأطفال مصابي كورونا".

الإغلاق الجزئي

وفي شأن ترجيح عودة البلاد إلى حالة الإغلاق، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، نادر سعد، إن "القرارات الخاصة بالإغلاق الجزئي في الموجة الأولى كانت من خلال اللجنة العلمية لفيروس كورونا، ومن السابق لأوانه أن نعرف إذا كان هذا وارداً أم لا"، موضحاً أنه "ليس شرط الإجراءات التي تتخذها اللجنة أن تصب في صالح الإغلاق الجزئي، ولكن سيتم تطبيق الغرامة الفورية على مخالفي الإجراءات الاحترازية، وأن قيمة الغرامات الفورية سيكون لها أثر من الغرامة التي تحصل بشكل متأخر من ارتكاب المخالفة"، وعليه، وفق سعد، فقد تم إلغاء كل الاحتفالات برأس السنة بتوجيهات رئيس الوزراء، ولن تكون هناك أي احتفالات برأس السنة، وأوضح أن الموجة الثانية من الوباء تمثل من الخطورة جرس إنذار، مضيفاً أن الدور الأكبر في مواجهة كورونا يقع على عاتق المواطن نفسه، ومن حوله، مطالباً المواطنين بمساعدة الدولة على مواجهة الوباء.

ومع بداية الموجة الثانية من الوباء، حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من تزايد الإصابات بكورونا، قائلاً "الوباء ما زال مستمراً، وحرصنا يجب أن يستمر، وكذلك إجراءاتنا للحفاظ على أنفسنا". وأضاف السيسي في كلمة مسجلة وجهها إلى المصريين "خلال الموجة الأولى اتخذنا إجراءات كثيرة، واضطررنا إلى الإغلاق الجزئي، ولا نريد أن نصل إلى ذلك، مجدداً"، مطالباً بعدم الوجود في الأماكن المغلقة فترات طويلة، واحترام التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات.

بدوره، طالب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بضرورة تشديد العقوبات المقررة في القانون عند مخالفة الإجراءات الاحترازية، وطالب الوزارات المختلفة باتخاذ ما تراه من إجراءات مناسبة وفق ظروف وطبيعة عملها لتخفيف التزاحم في أماكن العمل، وإعطاء الأولوية في ذلك للعاملين من أصحاب الأمراض المزمنة.

إجراءات الدولة لمواجهة الموجة الثانية

وفي الوقت الذي يزداد فيه عدد الإصابات وانتشار حالات لتعدد الإصابات بين الأسر الواحدة، وكذلك الوفيات، أقرت السلطات الصحية في مصر خطة عمل في شأن الإجراءات المرجح تطبيقها تباعاً مع تطورات موجة الوباء الثانية، وفي اجتماعها بمجلس الوزراء، ذكرت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد أبرز الاستعدادات للموجة الثانية المحتملة، مشيرة إلى أنه تم تشغيل 27 غرفة عمليات فرعية مرتبطة بغرفة العمليات المركزية لمتابعة وسرعة الاستجابة للحالات، فضلاً عن تحديث وإصدار النسخة الرابعة من بروتوكول علاج كورونا ومتابعة الالتزام ببروتوكولات العلاج من خلال اللجنة العلمية، مع زيادة المخزون الاستراتيجي للأدوية الخاصة ببروتوكول علاج كورونا.

ووفق بيان لمجلس الوزراء المصري، أوضحت زايد أنه تمت زيادة مخزون المستلزمات الوقائية، وتدريب القوى البشرية على إصدارات البروتوكولات العلمية للتعامل مع الحالات ومكافحة العدوى، مع مضاعفة عمل منظومة المعامل على مستوى الجمهورية وزيادة القدرة التشغيلية بإجمالي 61 معملاً، وكذلك رفع كفاءة مستشفيات الفرز، والصدر، والحميات، والعزل، إلى جانب تطوير شبكة الغازات وزيادة إمداد المستشفيات بأجهزة الأشعة المقطعية، بالإضافة إلى التعاون مع منظمة الصحة العالمية، و"سينوفاك" لبدء تجهيز خط إنتاج بشركة "فاكسيرا" لنقل تكنولوجيا التصنيع للقاحات كورونا، مع الانتهاء من المرحلة الأولى من التجارب السريرية على لقاحين لشركة "سينوفارم" الصينية على 300 ألف مشارك.

وفي ما يتعلق بالاستهلاك اليومي للأكسجين السائل، أوضحت زايد أن معدل الاستهلاك ارتفع من 400 ألف لتر إلى 500 ألف لتر، وتم العمل على توفير هذا الفارق الذى يقدر بـ100 ألف لتر، من خلال التعاقد مع عدد من الشركات المنتجة لإمداد المستشفيات به على مستوى الجمهورية، مضيفة أنه يتم العمل على زيادة السعات التخزينية للأكسجين الطبي، والتنسيق مع شركات الأكسجين لتوفير طريقة نقل مناسبة عن طريق سيارات أكسجين متنقلة داخل كل محافظة لضمان توفيره في كل محافظة يومياً وعدم التأثر بأي ظروف انتقال بين المحافظات.

ووفق مصادر في وزارة الصحة المصرية، فإن استراتيجية الوزارة لمواجهة الموجة الثانية من الوباء في الوقت الراهن ترتكز على الحث بضرورة تطبيق الإجراءات الوقائية، والحد من التجمعات، وتعزيز البنية التحتية الطبية، وتوفير المستلزمات والسلع الاستراتيجية، فضلاً عن التوعية الإعلامية ومواجهة الشائعات.

وبحسب أحد المصادر، فقد نصحت السلطات الصحية، بتخفيض عدد العاملين في المصالح والمؤسسات الحكومية، والتعليق المؤقت للعمل في بعض الجهات مع توفير أجهزة قياس الحرارة، وتدبير الاحتياجات اللازمة من مواد التطهير، وتعميم الإرشادات داخل المقرات المختلفة للتوعية.

إحصاءات وأرقام

بحسب إحصاءات وزارة الصحة المصرية، في شأن تطورات الوضع الوبائي في البلاد، فإن النسبة الكبرى في الإصابة بالوباء، كانت للفئة العمرية من 35 إلى 50 عاماً، في وقت لم تتجاوز فيه نسبة الإصابات في الأطفال حتى خمس سنوات نسبة 0.5 في المئة.

وكشفت إحصاءات الوزارة عن أن الفئة العمرية من خمس إلى 15 عاماً نسبة إصابتها بالفيروس تصل إلى 1.4 في المئة، أما الفئة العمرية من 15 إلى 35 سنة، فهي من الأعلى إصابة بالفيروس، ووصلت نسبتها إلى 25.2 في المئة، بينما كان النصيب الأكبر للفئة العمرية من 35 إلى 50 عاماً، حيث وصلت نسبة الإصابة بها إلى 28.7 في المئة.

وذكرت إحصاءات وزارة الصحة أن نسب الإصابة في الفئة العمرية من 50 إلى 65 عاماً وصلت إلى 27.8 في المئة، أما الفئة العمرية من 65 فيما فوق وصلت نسبة الإصابة بها إلى 16 في المئة، وبحسب تصريحات سابقة لوزيرة الصحة هالة زايد، تصدرت محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية أعلى محافظات البلاد في معدلات الإصابة بالوباء.

الوضع الوبائي محل جدل

ترى شيرين غالب، نقيبة أطباء القاهرة، أن الوضع الوبائي في مصر، وعلى الرغم من خطورته في الأيام الراهنة، فإن التنبؤ بتطورات كورونا تبقى صعبة، لا سيما أن الأعداد المصابة والوفيات التي تعلن عنها السلطات تبقى أقل بكثير من الأرقام الحقيقة.

أضافت غالب "انخفاض درجات الحرارة وعدم تعرض الإنسان للشمس يؤثران سلباً على الجهاز المناعي لدى الإنسان، وعليه، توفر بيئة خصبة لانتشار الفيروسات بشكل عام وكورونا بشكل خاص"، موضحة أن سلالات كورونا في مصر حالياً أربع سلالات، وتابعت غالب "في وقت لا تزال التجمعات في مصر قائمة، سواء عبر الأفراح وسراديق العزاء، فعلى المواطنين الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وعلى الحكومة فرض عقوبات على مخالفيها لضمان تطبيقها"، مشيرة في الوقت ذاته، إلى أن كثرة السوائل والنوم بشكلٍ كافٍ، عوامل تساعد في زيادة مناعة الجسم، وأوضحت أنه من المتوقع زيادة العدوى بفيروسات الجهاز التنفسي، سواء بفيروس كورونا أو غيره في فصل الشتاء حالياً، لأن هذه الفيروسات تنشط في الأوقات الباردة.

بدوره، قال هشام عبد الفتاح، أحد أعضاء الفريق الطبي في مستشفيات العزل "بدأنا للتو في ارتفاع تصاعدي للوباء في الموجة الثانية، ومن المتوقع أن تستمر وتواصل تصاعدها حتى شهر فبراير المقبل"، معتبراً أن القلق يبقي من احتمال انتقال السلالات المتحورة من الوباء إلى مصر والتي وصفها بـ"الأشد خطراً والأكثر انتشاراً بين البشر".

وتابع عبد الفتاح "لم تصل بعد المستشفيات المخصصة للعزل إلى الحد الأقصى من قدراتها الاستيعابية، على مستوى الأسرة والرعايات المركزة، والتي من المتوقع الوصول إليها خلال الأسابيع المقبلة"، موضحاً أن الخوف يبقى على إصابات كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، ومشيراً في الوقت ذاته إلى خطورة انتشار الوباء بين فئة الشباب.

المزيد من تقارير