Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحلة التراث السعودي إلى "اليونسكو" لم تكن نزهة

صاحبت مسيرة صيانة الآثار في الدولة العربية الكبيرة معوقات ثقافية وقصص مغلوطة

يعد حي طريف بالدرعية ثاني المواقع التراثية التي انضمت لقائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2008 (غيتي)

آثار وتراث ومعالم؛ سعف نخلة في واحة نخيل، وجبل أنهكته السنين، كتابات ونقوش حجرية، وعيون عذبة، وأثل، وأخشاب، قطع نادرة لا تعرف؛ واكتشاف جديد، صولات وجولات ومواقع متفرقة، قرون وآلاف السنوات، أماكن مجهولة ووجهات يقصدها السياح من شتى بقاع الأرض، جميعها هي قائمة السعودية في كتاب التاريخ، إذ تشكل الآثار والمعالم التراثية أهمية بالغة لمعظم بلدان العالم للمحافظة على الإرث الثقافي والطبيعي لكل بلد، وتسعى القيادة السعودية، وبجهد وزارة الثقافة، إلى تعزيز الهوية الثقافية للبلاد، وتنص رؤية التحول الوطني 2030 التي أطلقتها الحكومة فيما يخص الثقافة على أنها من مقومات جودة الحياة، حيث توجد فيها المئات من المواقع التراثية، وبحسب "اليونسكو" فإن بعض المواقع لها قيمة عالمية استثنائية، ويجب أن تشكل جزءاً من التراث المشترك للبشرية.

القائمة السعودية في اليونسكو

هناك خمسة مواقع سعودية معتمدة ومسجلة في قائمة التراث العالمي المادي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وتضم القائمة 962 موقعاً تراثياً وطبيعياً حول العالم لـ157 دولة.

وتعد مدائن صالح أول موقع تراثي سعودي تم تسجيله عام 2008، ثم تلاه حي طريف "الدرعية" 2010، فجدة التاريخية 2014، ثم النقوش الصخرية في حائل عام 2015، وأخيراً واحة الأحساء 2018، وعلى الرغم من التأخر السعودي في التسجيل، فإن العمل جارٍ لترشيح عدد أكبر من المواقع والمعالم التراثية الطبيعية في البلاد.

 

 

تاريخ التراث السعودي

المعالم التراثية المميزة هي الوجهة الحقيقية للسياح دائماً، وهي محط أنظار السياح المهتمين بالحضارة والتاريخ، إذ تكمن قيمتها في رسوخها على مر العصور، تمر عليها أجيال وأجيال وتبقى هذه المواقع كما هي، لا رياح تحركها، ولا عواصف تزعزعها، ولا تشوب ملامحها التغيرات، هي ثابتة لا تتغير مع مرور الأزمان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صحراء ذهبية، ومعالم عديدة لم تستغل، مساحات كبيرة وإرث عظيم، يقول عنها عميد كلية السياحة والآثار في جامعة الملك سعود، عبد الله المنيف "كانت الصورة الذهنية عن السعودية في السابق سطحية لا تقدمها إلا في قالب نمطي مرتبط بالصحراء والبدائية، واليوم اختلفت الصورة تماماً نتيجة للعمل الجاد لتوظيف التراث والمناطق الأثرية، حتى أصبحت هذه المواقع محل اهتمام بشكل واسع".

وأضاف "السعودية تتميز بوجود منطقة مثل العلا، التي أصبحت أيقونة عالمية، وليس على مستوى المنطقة فقط". إلا أن الصورة المطلوبة لم تكتمل بعد، بحسب مراقبين، فتوثيق التاريخ يحتاج إلى حماية المعلومة من الاختلاق والتحريف الذي يعد من أكثر المشكلات التي نواجهها في عصرنا الحالي، فبحسب المنيف "جانب توثيق المعلومة المتعلقة بالتراث أمر مهم يجب العمل عليه بجوار صيانة التراث، فهناك العديد من القصص المزيفة والمختلقة على التاريخ"، فعلى سبيل المثال مدائن صالح "منطقة الحجر، أو ما يعرف بمدائن صالح، ومحلب الناقة، نسبت زوراً إلى النبي صالح، وفي حقيقة الأمر هذه القصة مزيفة لا أساس لها من الصحة"، فلا علاقة للموقع بالنبي، بحسب المنيف.

 

 

هذا الرواج للمعلومة المغلوطة أسهم في إيذاء القطع الأثرية في وقت سابق "قطع أثرية طالها الإتلاف بسبب الاعتقاد بارتباطها بقوم عصاة، وحيازتها، فضلاً عن الاستهتار بأهمية القطعة وندرتها".

يضيف "أتذكر قديماً في أحد المتاحف في الرياض كانت هناك تماثيل أثرية، وفجأة أتى بلاغ بأن المتحف يعرض الأصنام للزوار، وجاء التوجيه بسحب التماثيل وعدم عرضها في المتاحف، كنا نعاني كثيراً بسبب هذا الموضوع، ولكن الأمر اختلف اليوم أصبح هناك إدراك وفهم لأنواع الآثار"، وهو ما يجب أن يوازيه اهتمام بالمعلومة ومصدرها، بحسب الباحث.

الوجود البشري الأقدم

وكانت هيئة التراث السعودية قد أعلنت في سبتمبر (أيلول) الماضي، عن اكتشاف أثري جديد هو الأول من نوعه في الجزيرة العربية، ويخص آثار أقدام بشرية وفيلة وحيوانات مفترسة أخرى، يعود تاريخها لأكثر من 120 ألف سنة، وجدت حول بحيرة قديمة جافة في محافظة تيماء على أطراف مدينة تبوك.

وأوضحت نتائج المسح الأثري أن الآثار المكتشفة تعود لسبعة أشخاص وبعض الجِمال، بواقع 107 طبعات أثر، وأكثر من 40 طبعة لفيلة، وأخرى لحيوانات من فصائل الوعول والبقريات.

وأكدت النتائج اكتشاف 233 أحفورة لبقايا عظام تعود لحيوان الفيل والمها، وبعض آثار الأنياب التي تؤكد وجود حيوانات مفترسة.

وأكد الرئيس التنفيذي للهيئة الدكتور جاسر الحربش، أن الهيئة لديها قائمة من المواقع والآثار لا تقل أهمية عما أعلن عنه في سبتمبر، مضيفاً "لدينا اكتشافات أخرى ننتظر الوقت المناسب للإعلان عنها، إلا أن العرف العلمي يمنعني من أقدم لكم أية معلومة حيالها".

وقال إنه "يجب أن تسير الجامعات والمراكز البحثية المشاركة في عملية البحث والدراسة داخل هذه المواقع ضمن مسارات متوازية، حتى تثبت صدقية المعلومة الأولية حيالها"، حتى تتمكن الهيئة من الإعلان عن نتائج المجموعات بشكل متزامن.

آلية الترشيح والتسجيل في "اليونسكو"

ترشيح المواقع التراثية والآليات المتبعة في منظمة "اليونسكو" عملية ليست بالسهلة، وعلى الرغم من ذلك كله، فإن الأبواب مفتوحة لكل الدول الراغبة في ترشيح وتسجيل مواقعها.

يقول عبد الإله الطخيس، مدير مركز الأبحاث والتطوير في الجمعية السعودية للمحافظة على التراث "عملية التسجيل تتطلب إعداد خطط للحفاظ على المواقع تحت ضوابط دقيقة، بحيث يجب أن تدرج الدول مواقعها على القائمة المؤقتة لغرض التوثيق، من أجل إثبات الأهلية والاستحقاق للإدراج في القائمة".

 

 

هناك عشرة معايير معتمدة للتسجيل؛ ستة منها ثقافية، وأربعة طبيعية، وحتى تتم عملية التسجيل يجب أن يستوفي الموقع معياراً أو أكثر من المعايير العشرة. تقول رهاف قصاص، مدير التراث غير المادي بالجمعية ومعتمدة لدى اليونسكو "في حال وجود أحد هذه المعايير في المواقع، تقوم الدول برفع طلب لإضافة الموقع على قائمة الانتظار، وبعد مرور عام يتم تقديم ملف الترشيح بعد استكمال المتطلبات إلى منظمة اليونسكو حسب المواعيد المحددة".

 

 

اهتمام الدول بتسجيل المواقع له مغزى، ومشاهد الانتصار والنجاح في توثيقها تثير الفضول أكثر، وتقود إلى السؤال الأهم حول قيمة خطوة كهذه، وهو ما يجيب عنه الطخيس قائلاً "تكمن أهمية ذلك في تحقيق الاعتراف الدولي بوجود مواقع تراث عالمي، لتصبح ضمن شبكة المواقع المسجلة، وهذا يعد من أهم عوامل الجذب السياحي والاعتراف الثقافي، كما يسهم في الحفاظ على المواقع والمعالم التراثية حسب معايير عالمية".

المزيد من منوعات