Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يواجه الجيش الوطني صعوبات لحسم المعركة في طرابلس؟

يرى خبراء أن المليشيات تحاول جره إلى داخل العاصمة لتكرار سيناريو بنغازي

لم يلتزم طرفا النزاع في العاصمة الليبية الإعلان المتتابع عن حجم الخسائر البشرية في الطرفين (رويترز)

بعد مرور أكثر من أسبوع على عملية قوات الجيش الوطني لدخول العاصمة طرابلس، التي أطلقها المشير خليفة حفتر في الرابع من أبريل (نيسان) الحالي، بات بعض من مراقبي الوضع في طرابلس يعتقد أن الجيش الوطني يواجه صعوبات لم تكن في حسبانه لحسم المعركة، لكن اللواء عبد الحاسي آمر غرفة عمليّات المنطقة الغربية في الجيش الوطني يؤكد عكس ذلك فـ"المعركة لإعادة السيطرة على العاصمة، وليست احتلالاً ضمن عملية عسكرية خاطفة".

ويعبر الحاسي، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، عن ثقته في أن الجيش يحقق تقدماً حثيثاً، وقال "عسكرياً نعتبر ما حققناه أنجازاً كبيراً بأقل الخسائر لذا يتوجب أن تنظروا إلى أننا نقاتل عصابات تتحصن بين الأهالي ومنازلهم" وأن "الجيش جاء لتحريرهم وليس لتدميرهم؟".

وفي لهجة استغراب قال الحاسي "المعرفة بجوانب المعارك تحتاج إلى  عسكريين فالخطط تتبدل بتبدل إستراتيجيات العصابات الإرهابية في العاصمة والمعركة معهم لإنقاذ عاصمتنا وليست لاحتلالها حتى نكتسحها في عملية خاطفة". 

وشهدت المنطقة الفاصلة بين عين زاره وبئر الأسطى ميلاد في تاجوارء شرق العاصمة، مواجهات ضارية منذ ظهر الجمعة 12 أبريل إثر تقدم قوات الجيش باتجاه تاجوراء، لكنها بحسب أحد قادة المعركة توقفت واضطر الجيش إلى سحب قواته، فـ"المنطقة كثيفة السكان ولا يمكننا المجازفة".

خسائر عسكرية وتهجير 

وعلى الرغم من مضي أسبوع على القتال الدائر بين الطرفين لا يلتزم طرفا القتال الإعلان المتتابع عن حجم الخسائر البشرية في الطرفين، على الرغم من المؤتمرات الصحافية اليومية التي يعقدها المتحدثون باسم قوات الجيش وقوات حكومة الوفاق، لكن الأمم المتحدة أكدت، الخميس 11 أبريل (نيسان)، سقوط 56 شخصاً في المواجهة الدائرة في العاصمة منذ بدايتها، بالإضافة إلى 13500 مدني هجروا من منازلهم جراء الاشتباكات. 

حكومة الوفاق في شرك الميليشيات  

مقابل الآراء التي تتحدث عن تفاجؤ قوات الجيش بالحشد المسلح الذي تمكنت حكومة الوفاق من جمعه خلال وقت قياسي، وبالمقاومة الشرسة التي تبديها تلك الحشود العسكرية، لا يرى منصور سلامة رئيس "الجمعية الليبية لدراسة السياسات" أن "الجيش تفاجأ بالأمر فهي القوات ذاتها تقريباً التي قاتلها في بنغازي ودرنة وفي الجنوب"، لكن المفاجئ برأي سلامة هو "تحول موقف حكومة الوفاق التي تستفيد من دعم الأمم المتحدة لها من التفاوض السياسي وسقوطها في شرك المليشيات"، مؤكداً أن تلك الحشود على مختلف توجهاتها حتى الراديكالية منها والمتطرفة كسبت شرعية للحرب الآن بعد أن تمكن الجيش في السنوات الماضية من تعريتها أمام الرأي العام الدولي. 

صعوبات 

لكن الخبير الأمني الليبي ناجي حريشه يرى أن الجيش يواجه بالفعل صعوبات في حسم المعركة في طرابلس، منها معرفة قادة الجيش بأن المليشيات في طرابلس تحاول جرهم إلى داخل العاصمة لتكرار سيناريو بنغازي، ويقول حريشه لـ "اندبندنت عربية" إن "الجيش يعرف ذلك جيداً ومعركة الأمس في تاجوراء التي انسحب الجيش منها دليل واضح على تيقظه بأنه يجر إلى منطقة آهلة بالسكان وإمكان تفخيخ مساكن وعمارات ومصالح عامة وتفجيرها وارد، عند بعض المليشيات التي تقاتل الجيش في طرابلس" مشيراً إلى أن الهدف إظهار قوات الجيش الوطني أمام الرأي العام كــ "مجرمين ومن ثم ضرورة تصنيف أعماله كجرائم حرب". 

ويعتبر حريشه أن معرفة قادة الجيش بمسارب العاصمة وطرقاتها خصوصاً في أحيائها الشرقية والجنوبية ليس بقدر معرفة تلك المليشيات، "ولذلك وقع الجيش في كمائن أكثر من مرة"، بل رجح في شكل كبير أن يكون القصف العشوائي والقذائف التي تسببت في أضرار بشرية ومادية، الخميس 11 أبريل، "كانت بذات الإستراتيجية التي شهدناها في بنغازي لإيهام الرأي العام بأن قنابل الجيش تتساقط على الأحياء المدنية"، مذكراً بأن "مليشيات موالية للقاعدة تعرف بميليشيا الرحبة تشارك في الحرب ضد الجيش حالياً اتهمها المبعوث الأممي بقصف المدنيين خلال هجومها على قاعدة معيتيقة في يناير (كانون الثاني) من العام 2018".

معركة تختلف عن غيرها

وعلى الرغم من نفي وزير داخلية حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، في تصريح سابق إلى "اندبندنت عربية"، علمه بمشاركة سرايا الدفاع عن بنغازي في القتال ضد الجيش في طرابلس، إلا أن آمر الميليشيا مصطفى الشركسي ظهر في فيديو تداولته وسائل التواصل الاجتماعي أثناء المعارك الجارية في طرابلس بعد أيام من إعلانه عن الانضمام إلى "قوات الحكومة في معركتها" وتعهد بـ"الثأر لشهداء قنفودة والصابري" في بنغازي.

بالإضافة إلى ما سبق من صعوبات، يرى حريشه أن المعركة في طرابلس تختلف عن غيرها من معارك الجيش السابقة، فقوات الحكومة تمتلك هي الأخرى إسناداً جوياً تمكن من استهداف خطوط إمداد الجيش في المناطق الخلفية والمواقع الثابتة في قاعدة الوطية وغريان جنوب غربي العاصمة. 

الجيش الوطني والحاجة إلى رأي دولي موحد 

يضيف سلامة، في حديث إلى" اندبندنت عربية"، أسباباً أخرى تواجه معركة الجيش في طرابلس، من بينها عدم تبلور رأي دولي موحد. لكنه يذهب إلى أن "الرأي الدولي في طريقه للتبلور" في إشارة إلى بيان الاتحاد الأوروبي الذي طالب القادة الأوروبيون بـ"بوقف التصعيد العسكري في طرابلس"، معبرين عن قلقهم إزاء "تورط عناصر إجرامية في القتال الدائر بمن فيهم الأفراد المدرجون على قائمة مجلس الأمن الدولي للإرهاب".

ويقول سلامة إن "تصريحات قادة دول كبرى تشير إلى سؤال مهم، وهو ماذا لو تراجع الجيش أو فشلت معركته في طرابلس، كيف سيتعامل حينها السراج مع عشرات المليشيات المختلفة التي عاشت العاصمة بسببها مواجهات وصراعات" معتبرين أن "طرابلس ستدخل في دوامة حرب طويلة ومدمرة". 

وتعتبر قوى مصراته المسلحة أبرز القوات التي تعتمد عليها الحكومة في حربها الحالية ضد الجيش، وكانت قد شجعت مليشيات من داخل طرابلس منتصف العام 2016 على طردها بسبب ولائها لحكومة الإنقاذ التابعة للمؤتمر الوطني السابق بسبب رفضها الاتفاق السياسي وقتها. 

مخاوف المجتمع الدولي 

سلامة يرجح أيضاً أن القيادة العامة للجيش الوطني تنتظر إدراك المجتمع الدولي للحالة التي يمكن أن تؤول إليها العاصمة في حال فشل معركته، وقال "أعتقد أن أسباباً عديدة ومتشابكة يعتمد عليها الجيش في معركته الحالية وتفرض عليه الانتظار قليلاً فالموافقة الدولية مهمة بالنسبة إليه خصوصاً أن حكومة الوفاق تركن إلى الاعتراف الدولي والأممي أيضاً". 

ويشير سلامة إلى جانب آخر يتمثل في ضعف أداء السياسة الداعمة للجيش كمجلس النواب والحكومة الموقتة، على الرغم من تأكيد المتحدث باسمه أحمد المسماري أن "عملية طرابلس تستهدف الإرهابين وهي منفصلة عن العملية السياسية التي تجري برعاية الأمم المتحدة"، إلا أن الخصوم استثمروا توقيت إطلاق العملية القريب من موعد عقد الملتقى الوطني الجامع، والتسويق لدى المجتمع الدولي، بأنه انقلاب على الجهود الأممية الرامية للتسوية السياسية، ما يتوجب على القادة السياسيين بذل جهود مضاعفة لإجلاء الصورة وتقديم ضمانات أكثر للبعثة الأممية تؤكد عدم سعي الجيش إلى التفرد بالحكم لاسيما من قبل النواب الممثلين في طرابلس والمناطق الغربية للبلاد.

المزيد من العالم العربي