Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تستعد شركات الطيران لعودة نشاطها في 2021؟

تقديم اللقاحات يعجل بعودة الرحلات الجوية وانتعاش شهية المسافرين يسبق إجراءات السفر الجديدة

توقعت "إياتا" أن تصل خسائر شركات الطيران في العالم إلى 77 مليار دولار خلال النصف الثاني من عام 2020 (أ ف ب)

رجحت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن تمنع قيود السفر الدولية وانكماش النشاط الاقتصادي العالمي والتغيرات في سلوك المستهلكين الحذرين، العودة إلى مستويات الطلب على السفر التي سبقت تفشي جائحة فيروس كورونا. وبحسب المنظمة، لا تزال حركة النقل الجوي التجاري بطيئة الانتعاش، على الرغم من تخفيف إجراءات الإغلاق والقيود المحلية المفروضة على السفر في عدد من بلدان العالم، فمنذ سبتمبر (أيلول) 2020، لا يزال عدد الرحلات الجوية، أقل من 40 في المئة عن مستوى ما قبل الأزمة على المستوى العالمي. وعادةً ما يكون الانخفاض في الرحلات الجوية أكثر وضوحاً في الرحلات الطويلة. وبحسب تقرير "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" الذي نُشر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قد تؤدي التغيّرات في سلوك المستهلكين إلى تغييرات هيكلية في الطلب على النقل الجوي على المدى الطويل. ولم يستبعد التقرير حدوث انخفاض دائم في الطلب على السفر حتى بعد زوال كورونا، إما من خلال التحولات النمطية في تجارة الخدمات (على سبيل المثال، مؤتمرات الفيديو بدلاً من السفر التجاري) أو بدرجة أقل، من خلال استبدال النقل الجوي بوسائط نقل أخرى (مثل القطارات العالية السرعة).
وكان الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا"، رصد تراجعاً في طلب المسافرين في سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث انخفض بنسبة 88.8 في المئة مقارنةً  بسبتمبر 2019، مع تحسن طفيف عن الانخفاض المسجَل في أغسطس (آب) 2020 بنسبة 88.5 في المئة. كما توقعت "إياتا" في تقرير لها نشرته في أكتوبر، أن تصل خسائر شركات الطيران في العالم إلى 77 مليار دولار أميركي خلال النصف الثاني من عام 2020 (حوالي 13 مليار دولار شهرياً أو 300 ألف دولار في الدقيقة)، على الرغم من استئناف العمليات.
في هذا التحقيق، نتناول التحديات التي تواجه مستقبل صناعة الطيران والسفر في ظل الأزمة الاقتصادية التي وُلِدت من رحم كورونا وتسببت بانخفاض كبير في الطلب على السفر وخدمات شركات الطيران. كما سنرصد التغييرات الحاصلة في سلوك المسافرين بعد حقبة كورونا.

مؤتمرات الفيديو واستئناف السفر

اكتسبت صناعة مؤتمرات الفيديو العالمية زخماً أثناء تفشي فيروس كورونا. لأن المؤسسات والمنظمات الحكومية وجدت أنها تشكل حلاً نهائياً للتواصل مع العمال والعملاء والموظفين عن بُعد، وفي الوقت نفسه الحد من الاتصال المباشر بالناس وبالتالي احتواء عدوى الوباء. ومع بقاء الناس في كل أنحاء العالم عالقين في منازلهم مع انتشار الفيروس، اتجهوا إلى مكالمات الفيديو للدردشة مع الأصدقاء وأفراد الأسرة والزملاء والعملاء. كما استخدم مكالمات الفيديو، مدرسو المدارس والموسيقيون ومعلمو اليوغا، والجامعات في أنحاء العالم. كما برز عدد من الخدمات المجانية لتكون تحت تصرف هؤلاء، لاستخدامها في عقد مؤتمرات الفيديو، مثل "سكايب" و"سكايب الأعمال" و"مايكروسوفت تيم" و"بلوجينز" و"أمازون تشايم" و"سيسكو ويب أكس" و"غو تو ميتنغ" و"غوغل هانغ أوتس مييت" و"بيغ بلو بوتن"، وللاتصالات الشخصية كان هناك "فيسبوك ماسنجر" و"فيس تايم" وتطبيقات أخرى إبداعية مثل "تي ويتش". إلا أنه على الرغم من وجود كل هذه التطبيقات بقي تطبيق "زوم" الأكثر تداولاً وبشكل متزايد، بخاصة لاجتماعات الأعمال، وفقاً لبيانات شركة التحليلات "آب أني"، نقلاً عن شبكة  "سي أن بي سي" الأميركية. ويتربع "زوم" حالياً على قمة تصنيفات "أبل" للتطبيقات المجانية الأكثر شعبية في عشرات البلدان.
تدفق أكبر للمسافرين

حمد عبيدالله، الرئيس التنفيذي للعمليات التجارية في "فلاي دبي"، تحدث عن الخطوات التي اتخذتها الشركة للتعامل مع التحديات التي فرضتها جائحة كورونا، مشيراً إلى أنها "عمدت إلى تصميم رحلات مسافريها وفق أعلى المعايير العالمية للتقليل من مخاطر انتقال الوباء" من خلال ما وصفه بـ "شراكة ما بين فلاي دبي ومسافريها، كي يدرك الراكب أن الطريقة التي يسافر بها تغيرت اليوم وأن البروتوكولات التي وضعتها الشركة، تؤطر طريقةً جديدة للسفر عبر مجموعة خطوات بسيطة تبدأ قبل أن يقوم المسافر بالحجز وحتى وصوله إلى وجهته".

ولدى سؤال عبيدالله، عن توقعاته لعودة الطلب على السفر في عام 2021، والتحديات التي تواجه ذلك، أجاب "في البداية رأينا ركابنا يسافرون لرؤية عائلاتهم وأصدقائهم، ومع انفتاح عدد من البلدان على السياحة، نشهد الآن مزيداً من الركاب يسافرون لقضاء وقت الفراغ للاستمتاع بأول عطلة لهم هذا العام". وأضاف "في حين أن الوباء غيّر طريقة سفرنا، يمكننا أن نطمئن إلى تدابير السلامة المتخذة في مطار دبي وعلى متن رحلاتنا وصولاً إلى وجهات المسافرين، من خلال توفير بيئة آمنة للسفر مجدداً".
ويدرك الرئيس التنفيذي للعمليات التجارية في "فلاي دبي" أن هناك تحديات تنتظر الشركة في عام 2021، إلا أنه أعرب عن أمله في رؤية مزيد من الركاب.
وكانت الشركة اتجهت لاستخدام أسطولها من الطائرات في عمليات الشحن مع إغلاق مطارات العالم بوجه الرحلات الجوية مع تفشي فيروس كورونا، ففي الفترة ما بين 24 مارس (آذار) و1 يونيو (حزيران) 2020، قامت "فلاي دبي" بتشغيل 276 رحلة، إلى 26 دولة، باستخدام ست طائرات من طراز بوينغ 800-737 من الجيل التالي للناقلة والتي خصصت للعمل كرحلات شحن كاملة وفق معايير عالمية للسلامة وضعتها الصناعة ومنظمة الصحة العالمية، بحسب عبيدالله.

عام 2021 سيشهد انتعاشاً لقطاع السفر

رأى دانييل روسادو بايون، اختصاصي التسويق لمنطقة الخليج في قسم السياحة بالسفارة الإسبانية في أبوظبي، أن "التحدي الأكبر الذي يواجه قطاع السفر يكمن في القيود التي فرضتها جائحة كورونا، كما تشكل الثقة والسلامة تحدييين أساسيين أيضاً". وقال إن "التباين في قيود السفر ما بين دولة وأخرى شكّل عقبةً في وجه السفر". وأضاف "في بعض الأحيان يصل المسافر إلى وجهة ما ويُفاجَأ بفرض تلك الدولة حجراً منزلياً مدة أسبوعين وبالتالي هناك حالة من الإرباك مع تباين القيود المفروضة في دول العالم". وتوقع روسادو بايون أن تقود إزالة القيود المفروضة حالياً في أوروبا إلى تنشيط السفر. وحضّ على تعزيز ثقة المسافرين بقطاع السفر من خلال اعتماد إجراءات السلامة الصحية والتعقيم في جميع بلدان العالم حيث لا يزال القلق من تفشي عدوى الوباء خلال السفر مسيطراً على المسافرين.
واعتبر روسادو بايون أن "اللقاحات هي مفتاح تعزيز ثقة الناس مجدداً في قطاع السفر، إذ إن أخذ اللقاح سيعطي المسافر شعوراً بالراحة عند السفر، في حال كان هناك مسافر آخر يحمل فيروس كورونا". وقال إن "اللقاحات الثلاثة التي أُعلِن عنها لم تُرخَص جميعها للاستخدام، في حين أن بعضها يواجه تحديات تتعلق بطرق شحنها بدرجات حرارة معينة. كما أنه لا يزال غير معلوم متى ستحصل كل شعوب العالم عليها وهناك تساؤلات لا تزال قائمة على الرغم من التفاؤل". وتوقع أن يشهد عام 2021 عودة انتعاش قطاع السفر، مرجحاً أن يراقب المسافرون في الأشهر الثلاثة الأولى من العام المقبل، تقديم اللقاحات وإلى أين ستتجه القيود المفروضة في دول العالم ومن ثم ستتسارع وتيرة الطلب على السفر والسياحة لتعود إلى مستوياتها الطبيعية بحلول عام 2022.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


قطاع السفر سيكون الأسرع تعافياً

قال عميد كنعان، الباحث في الشأن الاقتصادي، إن "قطاعَي السفر والطيران الأكثر تأثراً بتداعيات جائحة كورونا، لكن باعتقادي سيكونان الأسرع في التعافي، ما سيشكّل المؤشر الرئيسي إلى عودة الحياة الطبيعية، واستئناف السفر والمؤتمرات والمعارض". وأضاف أن "استضافة دبي معرض جايتكس كان المؤشر الأول إلى عودة الحياة إلى طبيعتها وسرعة التعافي انطلاقاً من دبي التي اعتمدت تنويع اقتصادها، بما فيها صناعة المؤتمرات والمعارض، وأحداث على مدار العام". وزاد كنعان أن "جائحة كورونا فرضت ثقافة الاجتماعات والتواصل عن بُعد"، متوقعاً ألا تستمر، إذ يرى أن "لا غنى عن التلاقي والتواصل وجهاً لوجه ولقاء رجال الأعمال والمستثمرين والاجتماع بهم"، لافتاً إلى أن "الخبرات التي تخرج من اللقاءات والاجتماعات الشخصية تتجاوز بكثير التطبيقات التي توفر المحاثات عبر شاشات الكمبيوتر".
وعبّر عن تفاؤله بما وصفه "الانفراجة في قطاع السفر" والتي بدت واضحة في ديسمبر (كانون الأول) 2020، متوقعاً أن "ينتعش قطاع الطيران في عام 2021 بخاصة مع خروج لقاحات فعالة في مواجهة الوباء ومع بدء دول العالم بفك القيود عن السفر".

تجدد الطلب على الرحلات السياحية

من ناحية ثانية، قالت إليني فيليانا، مديرة وكالة "إنجل وينغس إنترناشيونال للسفر"، ومقرها دبي، "شعرنا أخيراً بانتعاش الطلب على السفر والسياحة بخاصة بعد الإعلان عن ثلاثة لقاحات واعدة لفيروس كورونا والبدء بتوزيع البعض منها في عدد من بلدان العالم، الأمر الذي يجعلني متفائلة جداً بعودة الحياة إلى طبيعتها". وأشارت إلى انتعاش الطلب على السفر، وقالت "نتلقى استفسارات بخصوص وجهات السفر، بخاصة من الفيليبين حيث يرغب الكثير  في العودة إلى دبي، بعدما منعتهم موجة إغلاق المطارات. كما هناك طلب على سفر الأعمال، وعطلة الأعياد".

لا غنى عن الاجتماعات وجهاً لوجه والتطبيقات باقية

من جانب آخر، أكد الدكتور بشير مختار، أستاذ الآداب في "الجامعة الفيدرالية دوتسي" في نيجيريا، أنه سيستمر في السفر بخاصة مع الإعلان عن توفر لقاحات لفيروس كورونا. واعتبر أنه لا ينبغي للجائحة أن تُوقف الناس عن السفر والتنقل في ظل كل الإجراءات المتاحة للحماية من العدوى. وأضاف "في حال أثبتت اللقاحات فعالياتها فستعود الحياة إلى طبيعتها ولن يكون هناك عقبة بوجه تنقلنا بحرية".
ولدى سؤاله عما إذا كان يعتقد أن الشركات ستستمر في خفض الإنفاق على التنقل والسفر عبر الاكتفاء بالمشاركة في الاجتماعات عن بُعد، عبر تطبيقات مثل "زوم" وغيرها بعد زوال الجائحة، أجاب "أعتقد بذلك حتى بعد زوال الوباء لأن التطبيقات عن بُعد تتيح الكفاءة وتوفر الوقت المُستغرق في السفر والتنقل، وبإمكان المرء عقد اجتماعه أو المشاركة فيه من مقر إقامته".

أما في خصوص أبرز التحديات التي تواجه قطاع الطيران لحقبة ما بعد كورونا، قال "أعتقد بأن قطاع الطيران سيتعرض لضربة قوية حتى بعد زوال كورونا إذ سيقلل الناس من السفر، ولن يقتنع الكثيرون باللقاحات وبقدرتها على القضاء على الفيروس. كما أن بعض الشركات ستتجه إلى خفض إنفاقها وسيكون استمرار في الاعتماد على التطبيقات التي توفر خدمة عقد الاجتماعات عن بُعد لخفض الكلفة وتقليل الحاجة إلى السفر كما في الماضي".

أما هاديا بن شوق، مسؤولة المبيعات التنفيذية في شركة "فايدور" لحلول التكنولوجيا، فقالت إنها تفضل السفر ومقابلة عملائها وجها لوجه بدلاً من التحدث إليهم عبر تطبيقات الاجتماعات عن بُعد، فهي تؤمن بأنها "أفضل من الحديث عبر شاشة الكمبيوتر". ولفتت إلى أن "العملاء عادةً ما يكونون أكثر تجاوباً في اللقاءات المباشرة"، وبالتالي تأمل في أن يواصل الناس السفر والتنقل بعد توفر اللقاحات.
كما اعتبرت أن "التحدي الذي يواجه قطاع السفر في المنظور القريب، يكمن في فحوص الإصابة بفيروس كورونا والمدة المستغرقة للحصول على النتيجة، وفي بعض الأحيان فرض الحجر لمدة 14 يوماً عند التنقل ما بين دولة وأخرى". وأضافت "اعتدنا  لسنوات طويلة على السفر بحرية وسلاسة، أما اليوم فأصبح يحتاج إلى الكثير من الترتيبات المسبقة".

وقال ألينجية براندون، من شركة "أيه إي سي للاستشارات المالية"، "أتيت من الكاميرون وأنا متحمس جداً لما سمعناه عن فعالية ثلاثة لقحات لفيروس كورونا، وبمجرد أخذ أحدهم بإمكاني التنقل والسفر مجدداً كما في الماضي". وأضاف أن "الحجر المنزلي الذي فرضه وباء كورونا جعل الكثير من الأعمال والشركات تعتمد على التطبيقات التي تتيح المحادثة والاجتماعات عن بُعد، فلم تكن هناك بدائل أخرى مع توقف السفر والطيران في العالم. الواقع على الأرض يشير إلى أن شركات عدة أدخلت تعديلات عل روتين نشاطها اليومي وكانت تطبيقات الاجتماعات عن بُعد مثل "زوم" وغيرها ذات كفاء عالية سهّلت استمرارية الأعمال، وبالتالي أخشى أن يستمر الاعتماد على هذه التطبيقات حتى بعد زوال الوباء، لكن على الرغم من ذلك لا أعتقد أنها ستؤثر في التفاعل الطبيعي، وقد يكون من الجيد الاستعانة بها من وقت إلى آخر".

المزيد من اقتصاد