Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المستقبل الاقتصادي لقطاع السفر المتضرر يتأرجح بين الأخضر والمفلس

بعض شركاته تواجه تهديداً وجودياً بسبب الجائحة والسياسات الحكومية الجديدة في خفض انبعاثات الكربون فهل يأتي الإنقاذ من لقاحات كورونا ؟

هل تُشفى الطائرات من شللها بفضل لقاحات كورونا؟ (أ ف ب)

قلّة من القطاعات الاقتصادية التي أضرت بها جائحة فيروس كورونا، بأكثر من قطاع شركات السفر الدولي.

فقد أعلنت شركة الخطوط الجوية الاقتصادية "إيزي جت" الثلاثاء الماضي خسارة قياسية خلال السنة المالية المنتهية في سبتمبر (أيلول). وتراجع عدد المسافرين عبر مطار "هيثرو" في أكتوبر (تشرين الأول) بنسبة 82 في المئة عنه قبل سنة. استطراداً، بات على مركز الطيران الأكبر في المملكة المتحدة أن يتعامل الآن مع تهديدات بإضرابات خلال عيد الميلاد.

يطرح هذا الضرر الاقتصادي سؤالاً بشأن مواجهة بعض شركات السفر تهديداً وجودياً. هل يواجه القطاع الأعرض انكماشاً دائماً، إذ سيسافر الناس بوتيرة أقل في خضم تلك الجائحة؟ وهل يمكن لمجموعة من لقاحات كوفيد الجديدة أن تنقذه من خلال تمكين الناس من السفر والعودة إلى أنماط ما قبل الأزمة، خلال الأشهر المقبلة؟

ما هو الأثر الذي سيكون للسياسات الجديدة التي تنص على خفض انبعاثات الكربون، مع استهداف حكومات كثيرة التوصّل إلى انبعاثات صفرية مع حلول منتصف القرن، إضافة إلى كل هذا التعطل الناجم عن الجائحة؟

لا شك في أن 2020 مثّل كارثة لقطاع السفر العالمي، مع توقف الملايين عن السفر إما بسبب الإغلاقات الوطنية، أو إجراءات الحجر، أو الخوف البسيط لدى الناس من العدوى.

فقد حذّرت منظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية في مايو (أيار) من تراجع عوائد السياحة بواقع تريليون دولار أميركي هذا العام.

وإذا أخذنا قطاع السفر والسياحة في شكل واسع جداً (بما في ذلك الفنادق والمنتجعات والمطاعم) المسؤول عن (عائدات تصل إلى) تسعة تريليونات دولار أميركي تقريباً من الناتج العالمي في 2018، ما يساوي 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للكوكب، تفسّر ضربة بهذا الحجم لماذا سيُسجّل العام الحالي بوصفه السنة الأسوأ على الإطلاق للاقتصاد العالمي.

في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت، توقعت "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" Organisation for Economic Co-operation and Development OECD تراجع السفر الدولي بنسبة 80 في المئة في 2020، ووصفت ذلك بأنه قريب من أكثر توقعاتها المعلنة في وقت سابق من العام تشاؤماً.

وتهدد الموجة الثانية من حالات كوفيد حول العالم في الخريف والشتاء، بمزيد من الضرر. إذ قفزت أسعار أسهم شركات الخطوط الجوية في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) حين أعلنت شركة "فايزر" أن لقاحها أثبت نجاحه في التجارب، وكسبت "إيزي جت" easyJet 40 في المئة، و"ريانير" 20 في المئة Ryanair، و"مجموعة الخطوط الجوية الدولية" IAG (مالكة "الخطوط الجوية البريطانية") 15 في المئة.

يبيّن ذلك أن المستثمرين والمضاربين رأوا إمكانية أن يحسّن اللقاح الآفاق الاقتصادية لتلك الشركات، من خلال السماح بمزيد من السفر.

في المقابل، تظل أسعار الأسهم المدرجة في البورصات لمعظم شركات الخطوط الجوية ومؤسسات تشغيل الرحلات البحرية والمطارات، عند مستويات أدنى بالمقارنة بما كانته في بداية العام.

في ذلك الصدد، يشير محلل قطاع الطيران جون ستريكلاند إلى إنه من "المبكر" الحسم بقدرة قطاع الخطوط الجوية على العودة الآن إلى وضع طبيعي. ويضيف، "لقد حصل بالفعل ضرر كثير. فقد شهدنا إلغاء شركات الخطوط الجوية خطط رحلاتها الدائمة، لاسيما في مجال الرحلات الطويلة. ولن تحصل عودة خارقة إلى الوضع الطبيعي الصيف المقبل".

يعتقد ستريكلاند بأن بعض الشركات ستفلس مع نفاد مالها في الأشهر المقبلة. وبحسب رأيه، "لن يتجاوز بعض شركات الخطوط الجوية الأزمة. إذ سيصغر حجم القطاع، وسيصبح عدد الشركات أقل".

في تطور متصل، صدر تقرير "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" OECD قبل إعلان كل من "موديرنا" و"فايزر"-"بيو إن تك" هذا الأسبوع عن لقاحيهما، لكنه أفاد عن توقعه بأن يكون التعافي بطيئاً حتى مع عودة السياحة في 2021، وأن لا تعود أرقام الزوار إلى مستويات ما قبل الجائحة قبل منتصف العقد الحالي من الزمن. وأضاف، "من المستبعد جداً عودة القطاع إلى العمل كالمعتاد، وسيكون قطاع السياحة مختلفاً جداً في 2021 عما كانه سنة 2019".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي سياق مواز، هناك أيضاً مشكلة المناخ. فقد ازدادت انبعاثات الكربون من الطائرات بما يتراوح بين 4 و5 في المئة سنوياً خلال العقد التالي للأزمة المالية العالمية في 2008.

في 2018 بلغت حصة القطاع من انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً 2.5 في المئة. قد تبدو النسبة صغيرة نسبياً، لكنها شكّلت ارتفاعاً من 2.3 في المئة في 2000. وإذ لا يبدو أن اختراقاً قريباً سيأتي في مجال الطيران الخالي تماماً من الانبعاثات، يتجه القطاع إلى أن يكون عاملاً متزايداً في أزمة تغير المناخ.

استطراداً، تفيد "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" OECD بأن الجائحة تمثّل فرصة لـ"تعزيز التحوّل" نحو مستقبل خال من انبعاثات الكربون في مجال السفر، وتشير إلى أن الاستدامة البيئية قد تتبوأ مكانة أبرز في خيارات السياح.

كذلك ترى إليزابيث بيكر، مؤلفة كتاب "الإفراط في حجوزات (السفر): الأعمال المتنامية في مجال السفر والسياحة"  Overbooked: The Exploding Business of Travel and Tourism، إلى إن التنظيم البيئي من قبل الحكومات من المرجح أيضاً أن يشكّل العوامل الاقتصادية المستقبلية للقطاع بعد الجائحة، ما قد يؤدي إلى ابتكارات في مجال السياسات كتخصيص "أيام لا تطير فيها الطائرات". وتضيف، "يظن بعضنا أن الجائحة غير منفصلة عن الطوارئ المناخية. يمكنكم تخيل إدارة [جو] بايدن الجديدة تقول "أعيدوا البناء في شكل أفضل".

وفي قائمة مصادر التفاؤل، يبرز التوسع المستمر للطبقة المتوسطة في البلدان النامية، التي يرى بعض المحللين إنها ستستمر في توجيه السياحة إلى الولايات المتحدة وأوروبا بعد الأزمة. في تلك الوجهة، يرى السيد ستريكلاند إنه "لا تزال أسواق كالصين (في طور النمو) حيث المجموعة السكانية متزايدة وذات ثروة اقتصادية، وكذلك بالنسبة إلى اقتصادات آسيوية أخرى، وقد يتفوق (في هذه الدول الطلب على السفر بموازاة) التخفيضات [في قطاع السياحة] التي نشهدها في أماكن مثل أوروبا والولايات المتحدة".

ماذا عن مكانة السفر في ثقافة الترفيه الغربية، أي التنقّل الفائق في السنوات الأخيرة إذ يسافر الناس جواً خلال إجازة نهاية الأسبوع أو بهدف حضور أعراس أو حفلات العزوبية في بلدان أخرى؟
تشير السيدة بيكر إلى أن الاستطلاعات تبين أن الناس يرغبون في القيام برحلات أقل للترفيه، على أن تكون مدة كل رحلة أطول.
وتتوقع "أن العادة المتمثلة في مجرد ركوب طائرة لتمضية أيام في برشلونة لن تتكرّر، أقله ليس الآن. لن يتكرّر الهوس".
إذا صح ذلك، سيواجه قطاع السفر، حتى مع النشر السريع للقاح فاعل [ضد كورونا]، إعادة هيكلة رئيسية [لقطاع السفر جواً] مع عدد كبير من التحديات في السنوات المقبلة.

© The Independent

المزيد من اقتصاد