تداول عقود المياه الآجلة للمرة الأولى في بورصة وول ستريت

للمرة الأولى، سيتم تداول العقود الآجلة للمياه مثلما هو الحال مع عقود سلع أخرى كالذهب والنفط وغيرها في بورصة "وول ستريت" الأميركية في نيويورك.

الفارق الوحيد هو أن عقود المياه ستتم تسويتها مالياً فقط من دون توريد "مادي" للمياه. وذكرت وكالة بلومبيرغ أن هذه العقود ستفسح المجال لحماية مستهلكي المياه الكبار، مثل المزارعين، وكذلك قطاع الكهرباء من تقلبات أسعار المياه. وبذلك يتمكن المستهلكون من التحوط ضد أسعار المياه المرتفعة.

لكن ذلك سيسمح أيضاً للمستثمرين المتخصصين في المضاربة على أسعار السلع بتحقيق المكاسب من توقع شح المياه في مواسم معينة وبالتالي شراء العقود على أساس ارتفاع الأسعار. وسيستفيد المضاربون أيضاً من التسوية المالية فقط للعقود الآجلة، بمعنى أنه عندما يحين موعد العقد لن يضطر هؤلاء لاستقبال أطنان المياه فعلياً كما يحدث مع السلع الأخرى.

وستشمل العقود عقوداً ربع سنوية حتى عام 2022، يمثل كل منها 10 فدان - قدم (الفدان- القدم يساوي 1233.48 متر مكعب أو ما يساوي 3.26 مليون غالون) من المياه. وبحسب تقرير بلومبيرغ فإن العقود الآجلة للمياه ستكون مرتبطة بمؤشر "ناسداك فيليس كاليفورنيا للمياه"، الذي أُطلق في عام 2018، ويقيس متوسط السعر المرجح للمياه في أسواق كاليفورنيا الأربعة للمياه التي يبلغ حجم التعاملات بالسعر الفوري فيها 1.1 مليار دولار.

ستطرح العقود الآجلة للمياه في بورصة وول ستريت من قبل سوق السلع بشيكاغو، حسب ما هو معلن منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو الشهر الذي تسببت فيه حرائق الغابات والحرارة في أضرار جسيمة للساحل الغربي للولايات المتحدة نتيجة الجفاف وشح المياه واحتاج إطفاء الحرائق إلى كميات هائلة من المياه.

ولدى طرح مسألة العقود الآجلة للمياه في سبتمبر، قال رئيس مؤشر الأسهم ومنتجات الاستثمارات البديلة في مجموعة بورصة شيكاغو للسلع تيم ماكورت، "مع توقع أن يواجه سكان العالم نقصاً في المياه بحلول عام 2025، تشكل ندرة المياه مخاطر متزايدة للأعمال والتجمعات السكانية حول العالم، وبشكل خاص لسوق المياه في كاليفورنيا الذي يزيد عن مليار دولار".

وعلى الرغم من أن تداول العقود الآجلة للمياه قد يفيد كبار المزارعين وبعض الصناعات التي تعتمد على المياه، إلا أنه من غير الواضح كيف سيكون تأثير ذلك على أسعار المياه للمستهليكن العاديين. والمياه هي أكثر من سلعة أساسية، إذ توصف بأنها "شريان الحياة" ولا يمكن الاستغناء عنها. لكن العقود الآجلة التي يبدأ تداولها في البورصة لأول مرة هذا الأسبوع لا تتعلق بمياه الشرب ولا بتسعير خدمات توصيلها من قبل شركات الخدمات الأساسية.

ومن كبار المستثمرين الذين يستهدفون سوق العقود الآجلة للمياه بمجرد بدء التداول فيه مايكل بيري صاحب شركة "بيغ شورت". وكان بيري حدد المياه كأحد مستهدفاته الاستثمارية في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2008. وتوقع بيري وقتها أن الطلب على "شريان الحياة" سيواصل الارتفاع بينما يتراجع المعروض من هذا المورد الطبيعي الحيوي نتيجة الزيادة السكانية والتغيرات المناخية.

لكن كثيراً من المراقبين يرون أن الفلاحين والصناعات المعتمدة على المياه ستكون الأكثر تداولاً للعقود الآجلة من المستثمرين والمضاربين، على الأقل في الفترة الأولى من التداولات خلال العام القادم 2021.