Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصنيف الأمم المتحدة القنب الهندي مادة علاجية يدعم مطالب قوننتها في المغرب

يمثل القرار الدولي فوزاً رمزياً لمناصري تغيير سياسة المخدرات

لم يمنع المغرب زراعة واستعمال القنب لأغراض علمية (غيتي)

مع تصويت المغرب لصالح إدراج نبتة القنب الهندي كمكوّن علاجي طبي، خلال اجتماع للجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة، يتجدد النقاش في البلاد حول مطلب قوننة استخدام تلك المادة المخدِرة.

 إعادة تصنيف القنب الهندي

وصوتت "لجنة المخدرات" على قرار يخص إعادة تصنيف "القنب الهندي"، حيث وافقت الدول الأعضاء الـ53 بالغالبية على حذف تلك النبتة ذات المفعول المخدر من الجدول رقم 4 المرفق بالاتفاقية الأممية للمخدرات لعام 1961، الذي يتضمن أنواع المخدرات التي تشكل إساءة استعمالها خطراً على الصحة والتي لا إيجابيات علاجية لها، الأمر الذي يُرتقَب أن يسهم في توسيع نطاق البحث العلمي حول الفوائد الطبية للقنب الهندي.
وكان المغرب العضو الوحيد في "لجنة المخدرات" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي صوّت لصالح إعادة تصنيف تلك النبتة، وكان واحداً فقط من بين دولتين أفريقيتين صوتتا مع ذلك القرار، فيما صوتت الجزائر والبحرين ومصر ضده.

توطئة للتقنين بالمغرب؟

من جهة أخرى، رأى مراقبون أن تصويت المغرب لمصلحة القرار ستكون له تداعيات بخصوص ملف المخدرات، حيث اعتبر منسق "الائتلاف المغربي للاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي"، شكيب الخياري أن "قرار لجنة المخدرات التابعة لهيئة الأمم المتحدة يُعدّ انتصاراً للحركة العالمية المدافعة عن رفع المنع عن زراعة واستعمال "حشيشة الكيف" لأغراض طبية".
وأكد أن "التوجه المغربي بالتصويت الإيجابي لفائدة القرار الأممي سيكون له انعكاس مباشر ومهم على السياسة المغربية في مجال التعامل مع مشكلة المخدرات، وسيؤدي حتماً إلى تقنين زراعة واستعمال حشيشة الكيف لأغراض طبية وصناعية"، لكنه اعتبر أن "سياسة الدولة في هذا المجال لن تبدأ مع هذا القرار، إذ إن المغرب كان عازماً على قوننة القنب منذ عام 2008، ما يسهّل إنجاز تجارب زراعة الحشيش الصناعي في مناطق مختلفة بالمغرب، من قبل المعهد الوطني للبحث الزراعي ومختبر الأبحاث والتحاليل التقنية والعلمية التابع للدرك الملكي، اللذين أعلنا في تقريرهما النهائي أن عملهما تم في أفق تقنين زراعة واستعمال الكيف الصناعي".
وأكد الخياري أن "المغرب لم يمنع زراعة واستعمال القنب لأغراض علمية، وهو ما نصّ عليه قرار ملكي بتاريخ 24 أبريل (نيسان) 1954 بشأن منع القنب الهندي"، مضيفاً أن "وزير الصحة السابق الحسين الوردي سبق وصرح أنه يجب قوننة استخدام القنب للأغراض الطبية".

ردود فعل دولية

وأكد خبراء بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن "التصويت لن يكون له تأثير فوري على تخفيف الضوابط الدولية، على اعتبار أنه ستظل للحكومات سلطة قضائية على كيفية تصنيف الحشيش، لكن العديد من البلدان تتطلع إلى الاتفاقيات العالمية للحصول على إرشادات. ويُعتبَر اعتراف الأمم المتحدة فوزاً رمزياً لمناصري تغيير سياسة المخدرات الذين يعتبرون أن القانون الدولي، عفا عليه الزمن".
من جانب آخر، صرح الباحث المستقل في السياسات الخاصة بالمخدرات، كنزي ريبوليت زمولي، أن "هذا انتصار تاريخي هائل بالنسبة لنا، لا يمكننا أن نأمل في المزيد، إن القنب الهندي كان يُستخدم عبر التاريخ لأغراض طبية، حيث واصل القرار تأكيد هذا الوضع".
واعتبر ديرك هيتيبريم، نائب رئيس شركة "كانوبي غروث" (Canopy Growth) الكندية الخاصة بالقنب الهندي، أن "التصويت يشكل خطوة كبيرة إلى الأمام، عبر تأكيده على التأثير الإيجابي للنبتة عند المرضى"، مبدياً أمله في أن "يؤدي الأمر إلى السماح  لمزيد من البلدان باعتماد آليات تجيز للمرضى المحتاجين الحصول على العلاج".

الموقف الجزائري

في المقابل، أثار التصويت الجزائري ضد قرار "لجنة المخدرات" استغراب مراقبين، من بينهم منسق "الائتلاف المغربي للاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي" شكيب الخياري، الذي أكد أنه "سبق للجزائر أن أصدرت قانوناً يسمح بزراعة واستغلال الكيف والكوكا والأفيون لأغراض طبية وعلمية، ويتعلق الأمر بالقانون رقم 18-04 المؤرَّخ في 25 ديسمبر (كانون الأول) 2004 الذي صدر مرسومه التنفيذي رقم 228 -07 مؤرخ في 30 يوليو (تموز) 2007، والذي يحدد كيفية منح الترخيص باستعمال المخدرات والمؤثرات العقلية لأغراض طبية أو علمية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


التجربة اللبنانية

ويُعدّ لبنان البلد العربي الأول (والوحيد حتى الآن) الذي قونن استعمال الحشيش، إذ أقرّ البرلمان اللبناني في أبريل (نيسان) الماضي الاستخدام الطبي والصناعي للقنب الهندي. ويأتي ذلك بعد تكليف شركة "ماكنزي" الدولية للاستشارات الإدارية والمالية، بالمشاركة في إعداد الخطة الوطنية الاقتصادية، التي هدف لبنان من خلالها إلى تقوية اقتصاده. وضمت خطة "ماكنزي" ضمن بنودها اقتراحاً بتقنين زراعة الحشيش للأغراض الطبية، بسبب احتمال أن يضخّ في الخزانة العامة للبلاد أرباحاً سنوية تبلغ قيمتها مليار دولار.
وشهد مجال زراعة وتصدير الحشيش انتعاشاً كبيراً في لبنان خلال الحرب الأهلية التي وقعت بين عامي 1975 و 1990، ليتم بعدها تجريم زراعة القنب الهندي وتجارته وتعاطيه، وفرض عقوبات مشددة، إلا أن ترويج الحشيش عاد وانتعش منذ اندلاع الأزمة السورية.

وضعية خاصة

وتُعدّ "كتامة" أهم منطقة لزراعة القنب الهندي منذ عقود في المغرب، وحاولت السلطات المغربية خلال بحثها عن سبل لحل أزمة تهريب المخدرات، اقتراح زراعات بديلة على مزارعي القنب، لكن ذلك التوجه أثبت فشله بسبب وعورة التضاريس في تلك المنطقة، وعدم قابلية التربة هناك لزراعات أخرى.
وقال الخياري إن "النضال من أجل قوننة القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية بدأ منذ عام 2007، حين تواجدت مع أحد أعضاء الائتلاف في كتامة، وبعد استماعنا لمشكلات السكان، وثَّقنا في دراسة كل ما قامت به الدولة والجهات الأجنبية المعنية من أجل حل إشكالية الحشيش وتنمية هذه المناطق، فوجدنا إقراراً رسمياً بفشل برنامج الزراعات البديلة، ما حدا بنا إلى البحث عن اقتراحات حلول في تجارب دولية، لنهتدي في الأخير إلى فكرة تقنين القنب لأغراض طبية وصناعية، أي أن ندافع عن خلق اقتصاد بديل من دون زراعة بديلة". ووصف الخياري وضعية قاطني "المناطق التاريخية للكيف" بالصعبة، بخاصة مع وعورة التضاريس وصعوبة الطقس، مؤكداً أن "الوضع القانوني يجعل آلاف الاشخاص يعيشون في حالة رعب وفرار من العدالة، ما يؤثر في وضعية الأبناء أيضاً، بسبب عدم تمكن أبائهم من استخراج وثائقهم الإدارية، خوفاً من الاعتقال. كما يجعلهم هذا الوضع رهائن لدى بارونات المخدرات في غياب تام لخيارات أخرى تضمن قوت أسرهم".

التقنين عبر العالم

وتُعد القارة الأوروبية أبرز منطقة في العالم من حيث تقنين الحشيش، حيث سمحت كل من ألمانيا وبريطانيا وإسبانيا والنمسا وفنلندا وإيطاليا وفرنسا وهولندا والبرتغال ورومانيا جمهورية التشيك وكرواتيا وسلوفينيا، بتجارة بعض المنتجات المشتقة من القنب الهندي لتسكين آلام بعض الأمراض. تليها دول أميركا اللاتينية، حيث قامت كولومبيا بإصدار مرسوم رئاسي، يسمح باستخدام القنب الهندي لأغراض العلاج، وسارت كل من المكسيك وتشيلي على خطاها لكن مع اعتماد مراقبة مشددة".
وفي الولايات المتحدة سمحت 23 ولاية باستخدام الحشيش لأغراض طبية، على الرغم من منع القانون الفيدرالي لزراعة وبيع وتعاطي القنب الهندي، فيما أقرت كندا قانوناً في عام 2001 يسمح باستخدام القنب لأغراض طبية.

المزيد من العالم العربي