Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تجدد حلفاءها بالتقارب مع إيطاليا

تستغل روما الظرف الذي تمر به العلاقات مع فرنسا لتطرح نفسها بديلاً أوروبياً استراتيجياً

أعطت زيارة وزير الخارجية الإيطالي انطباعاً حول تغير في توجهات الجزائر الخارجية (غيتي)

تشهد العلاقات الجزائرية - الإيطالية تقارباً لافتاً في ظل الزيارات المتبادلة لمسؤولي البلدين، وتصريحاتهم التي تكشف عن مستقبل "حيوي". 

وجاء وصول وزير خارجية روما، لويجي دي مايو، إلى الجزائر في ثاني زيارة له خلال أقل من سنة، وحديثه عن اتفاق على تنويع التعاون وتوسيعه ليشمل قطاعات أخرى غير المحروقات، ليؤكد وجود تحول في العلاقات الثنائية.

الحوار الاستراتيجي

أعطت زيارة دي مايو انطباعاً حول تغير في توجهات الجزائر الخارجية، بعد التوقيع على مذكرة تفاهم في شأن حوار استراتيجي بين البلدين يشمل العلاقات الثنائية والمسائل السياسية والأمن الشامل.

واعتبر المسؤول الإيطالي أن توقيع التفاهم يؤكد التزام البلدين بالعمل على تطوير التعاون الثنائي، مشيراً إلى عزمهما على تنظيم قمة بين الحكومتين ومنتدى اقتصادياً خلال عام 2021. وقال إن الجزائر وإيطاليا تمكنتا من تطوير شراكة صلبة في القطاعين الاقتصادي والتجاري، مذكراً بأن "الجزائر كانت العام 2019 أول شريك لإيطاليا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حين تعد إيطاليا ثالث شريك للجزائر". 

وأعرب عن أمل بلاده في تنويع التعاون مع الجزائر في ميادين أخرى، مثل الهياكل القاعدية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والابتكار التكنولوجي والطاقة والصناعات الزراعية والاتصالات السلكية واللاسلكية.

وصرح دي مايو، أن المحادثات التي جمعته مع نظيره الجزائري تناولت كذلك الوضع في حوض المتوسط المتميز بظاهرة الهجرة غير الشرعية، مشدداً على الأهمية التي توليها بلاده لهذه المشكلة، وعلى إرادتها تعزيز تعاونها مع الجزائر لمواجهتها.

من جانبه، أبرز وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، أن محادثاته مع نظيره الإيطالي تمحورت حول سبل تعزيز التعاون من خلال الاتفاق على إعادة بعث الحوار الثنائي، موضحاً أن العلاقات الخاصة بين البلدين مدعوة للتطور أكثر. 

وأشار إلى تطابق وجهات النظر بين البلدين حول جملة من القضايا، بخاصة الوضعين في ليبيا ومالي، وكذا المسائل التي تخص حوض المتوسط.

فضاء للتبادل المشترك

ويرى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، حبيب بريك الله، أن الزيارة تندرج في إطار تعزيز العلاقات الثنائية وإتمام ما تم الاتفاق حوله بداية السنة الحالية، ولعل أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك، هي ملفات الصحراء الغربية وليبيا ومالي. 

وقال إن الدور الرائد الذي تلعبه إيطاليا في الأزمة الليبية لا يخفى على أحد، وهو ملف يشكل تهديداً واضحاً للأمن القومي الجزائري والمنطقة ككل، موضحاً أن اللقاء الرابع رفيع المستوى المقرر بداية عام 2021، سيرسم أطر ومعالم العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية للبلدين ودول الجوار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبه، يعتبر الباحث في علم الاجتماع السياسي أسامة لبيد، أن زيارة دي مايو تأتي لتأكيد معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون المبرمة بين البلدين في 27 يناير (كانون الثاني) 2003. 

وأوضح أن الزيارة تؤكد عزم الطرفين على تشجيع كل النشاطات الرامية إلى خلق فضاء للتبادل المشترك، معتقداً أنه بالإضافة إلى الأوضاع في ليبيا ومالي، تعتبر قضية الصحراء الغربية والأحداث الأخيرة نقطة أساسية في حوار الطرفين، بخاصة بعد إعلان المجلس الجهوي لمنطقة "إميليا رومانيا" الإيطالية المنتخب حديثاً، تشكيل مجموعة الصداقة المشتركة مع الشعب الصحراوي، وإدراج الصحراء الغربية ضمن أولوياته في ما يخص مشاريع التعاون الدولي لهذه السنة، وكذا حثّ البرلمان الإيطالي الأمم المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على تعيين مبعوثه الجديد إلى الصحراء الغربية. 

الشركاء الموثوق فيهم

بحسب متابعين، تندرج الزيارة في سياق العلاقات الاستراتيجية التي تسعى الجزائر لبنائها مع الشركاء الموثوق بهم خارج الشراكة التقليدية، ضمن التوجه الجديد، على غرار روسيا والصين وتركيا والسعودية، بخاصة بعد تراجع تقارب الجزائر مع فرنسا، وبشكل أقل مع إسبانيا ودول عربية وأفريقية.

الحقوقي عابد نعمان يعتبر أن إيطاليا تسارع إلى المظلة الجزائرية مستغلة الظرف الذي تمر به العلاقات الجزائرية - الفرنسية، بحيث تسعى روما إلى طرح نفسها كبديل أوروبي استراتيجي مع دول جنوب البحر الأبيض المتوسط. 

وأضاف، "إذا تعمقنا أكثر في حديث وزير الخارجية الإيطالي فيمكن قراءة الرسائل التي جاء من أجلها، إذ انصب تركيزه على الموقع الاقتصادي، من خلال إشارته إلى برمجة قمة ثنائية رفيعة المستوى، وإعطاء أولوية للتعاون في مجالات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة الزراعية". كما ذكر الابتكار التكنولوجي والطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية، مما يعني الدخول في شراكة أمنية استراتيجية حيوية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير