Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ترمب هو الرئيس الوحيد الذي عفا عن شخصيات مثيرة للجدل؟

بعد موجة الغضب العارم التي أحدثها منح العفو الخاص لمايكل فلين من هي أبرز الشخصيات التي عفا عنها الرؤساء الأميركيون السابقون

الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب (أ ب) 

أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عفواً خاصاً عن مستشاره السابق للأمن القومي، الجنرال مايكل فلين، المتهم بالكذب على "مكتب التحقيقات الفيدرالي". وقد أثارت هذه الخطوة بشكل مفهوم موجة من الغضب العارم وصلت إلى حد إدانتها علناً من قبل رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، التي وصفتها بـ"فعل من أفعال الفساد الخطيرة، وإساءة استعمال كبير للسلطة". وسواء أكان هذا الوصف عادلاً أم لا، يكاد تصرف ترمب المثير للجدل ألا يكون فريداً من نوعه. فعلى مر العقود والقرون، كان لسلطة العفو التقليدية دور بارز في حياة الخير والسيء والبغيض من الناس.

وباعتباره امتداداً لـ"امتياز الرحمة الملكي" البريطاني القديم، كرس العفو الرئاسي في المادة الثانية، الفقرة الثانية، البند الأول من دستور الولايات المتحدة عام 1789، حيث يرد بشكل عام وغير دقيق ما يلي: "... كما تكون له سلطة إرجاء تنفيذ الأحكام والعفو عن جرائم ترتكب ضد الولايات المتحدة، ما عدا في حالات سحب الثقة (من الرئيس)".

وبحسب المحكمة العليا، تشمل هذه السلطة إمكانية تخفيف أحكام الإعدام إلى أحكام بالسجن وإطلاق سراح مبكر، فعفو عام. وهذه التخفيفات هي التي أمنت التغطية اللازمة للكونفيدراليين بعد الحرب الأهلية الأميركية (أبراهام لينكولن، وأندرو جونسون، وجيمي كارتر) ولمتعاطي المخدرات الصغار (جون ف. كينيدي) وعناصر كتيبة المحتالين في حرب فيتنام (كارتر)؛ وهي التي تسترت على الجنح والجرائم الافتراضية الكبرى التي لم تشمل توجيه اتهامات (جيرالد فورد)، ولكن هذا البند لا ينطبق إلا على الجرائم المرتكبة على الصعيد الفيدرالي، ولا يمت إلى محاكم الولايات بصلة، وهو أمر يتسم بأهمية خاصة بالنسبة إلى الرئيس ترمب. وحتى الآن، لم يختبر أي من الرؤساء الأميركيين قدرته على العفو عن نفسه بشكل قانوني، مع أن المنطق السليم ينقض ذلك. وبوجه عام، يجوز للعفو أن يرفض؛ لكن هذا الرفض لا يعني إلغاء الإدانة، من منطلق أن القبول برأي البعض (بالعفو أو إلغاء الإدانة)، هو اعتراف بالذنب؛ ومن دونه، ستكون السلطة مطلقة، ولن يكون هناك علاج سهل للإساءة الظاهرية التي يدعى بها في أغلب الأحيان.

وليس العفو الذي أصدره ترمب مؤخراً أول عفو يخص به خاصته أو مناصريه من الشخصيات الرفيعة. فقد سبقته خطوات مماثلة أخرى كما في حالة روجر ستون، أحد مديري حملته الانتخابية السابقين، الذي اتهم عام 2019 بالكذب على الكونغرس وتلاعبه بالشهود. فبعد الحكم عليه بالسجن لمدة 40 شهراً على الأقل، تدخل ترمب في يوليو (تموز) لتخفيف العقوبة عنه. حينها، أعلن القاضي أن ستون "تعرض للملاحقة القضائية لتستره على شخص الرئيس"، ما أثار سخط منافسي هذا الأخير الذين هاجموه شر هجوم.

وقد تشهد الفترة المتبقية من عهد ترمب مزيداً من قرارات العفو وتخفيف الأحكام. ومن بين الشخصيات الرفيعة التي عفا عنها الرئيس ترمب حتى الآن، الإعلامي البارز كونراد بلاك والخبير المالي مايكل ميلكن ومأمور مقاطعة أريزونا، جو أربايو، المعروف بتشدده في شؤون الهجرة والذي احتجز بتهمة انتهاك حرمة المحكمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

توازياً، أصدر ترمب قرار العفو عن البطلة النسوية والناشطة في حقوق المرأة سوزان ب. أنتوني التي ألقي القبض عليها بتهمة غريبة، وهي التصويت بصورة غير مشروعة وكامرأة في الانتخابات الرئاسية لعام 1872. آنذاك، رفضت أنتوني دفع غرامة قدرها 100 دولار كي لا يحسب عليها بأنها أقرت بالذنب. ولهذا السبب بالذات، أعرب عدد من محبيها عن "رفضهم" الرمزي للعفو، نيابةً عنها. وكانت النتيجة أن تمخضت عن محاولة الاحتفاء بمئوية إعلان حق المرأة في الاقتراع في أغسطس (آب) 1920 بعض النتائج العكسية. ومن السهل جداً تخمين ما كان ليكون رد فعل أنتوني إزاء دونالد ترمب، وهو رفض العفو الرئاسي.

وبالنسبة إلى معظم أسلاف ترمب، فقد لجأوا إلى العفو الخاص لتصفية الفضائح السياسية على نحو يطغى عليه بشكل مطلق الانتماء الحزبي. ولعل الأكثر شهرة بينهم، الرئيس فورد الذي تسلم مقاليد الحكم عام 1974 عقب استقالة ريتشارد نيكسون على خلفية فضيحة "ووترغيت". فقد سعى فورد على جناح السرعة، وبكل ما أوتي من صلاحيات لمنح نيكسون الحصانة التي تمنع محاكمته على الجرائم التي ربما ارتكبها خلال ولايته كرئيس، لا سيما تلك المتعلقة بـ"ووترغيت". وقد رأى البعض أن ما فعله فورد هو صفقة مشبوهة بكل ما للكلمة من معنى؛ أما هو فقد أصر على اعتباره جزءاً من عملية وطنية لتضميد الجراح، وعلى أن الأمر مرتبط كذلك بالحالة الصحية المتدهورة لنيكسون (الذي لم يمنعه مرضه من العيش 20 سنة إضافية).

وبطريقة مشابهة، عفا الرئيس بوش الأب عن عديد من المتورطين في قضية "إيران كونترا" تحت إدارة ريغان (التي شغل فيها منصب نائب الرئيس). وبدوره، عفا ريغان عن عدد من المعنيين في قضية "ووترغيت"، بمن فيهم المدعو "الحنجرة العميقة" على الرغم من أن معظم هؤلاء أمضوا فترة محكوميتهم بالطريقة المعتادة، في حين تلقى البعض منهم فقط المساعدة من نيكسون أو خلفائه. وفي ما يتعلق بالرئيس أوباما، فقد خفف عقوبة تشيلسي مانينغ التي دانتها المحكمة العسكرية بتهمة تسريب ملفات سرية إلى "ويكيليكس" (WikiLeaks).

يظهر أن هناك أيضاً تقليداً ما يقضي بالعفو عن شتى أنواع الغوغائيين والخونة والنصابين والمحتالين. وهذا التقليد لم ينفع بيل كلينتون على الإطلاق، بمعنى أن سُمعته لم تتحسن بعدما عفا عن شقيقه روجر الذي دخل السجن لحيازته الكوكايين، أو عن مارك ريتش، المتهرب من الضرائب والمانح الرئيس للديمقراطيين.

ومن بين أكثر قرارات العفو سماحةً القرار الذي أصدره هاري س. ترومان بحق البورتوريكي أوسكار كولازو الذي حاول اغتياله. فمهمة كولازو الانتحارية عام 1950 باءت بالفشل وأسفرت عن اعتقاله والحكم عليه بالإعدام، لكن ترومان خفف الحكم عنه من الإعدام إلى عقوبة السجن المؤبد، ليأتي كارتر من بعده ويخفف الحكم إلى إطلاق سراح فوري عام 1979.

يذكر أن كولازو توفي في بورتوريكو عام 1994.

والمعلوم أن العفو الرئاسي الأول صدر عن جورج واشنطن عام 1795، وقد كان فعلاً سياسياً بحتاً، حيث جرت بواسطته تبرئة فيليب فيغول وجون ميتشيل لتنظيمهما عصياناً مدنياً ضد فرض ضريبة جديدة على إنتاج الويسكي ومحاولتهما الهرب من تنفيذ حكم الشنق في حقهما بتهمة الخيانة. وعلى أثر ذلك، تمكنت الحكومة الفيدرالية الجديدة من فرض الضريبة إياها على الرغم من اعتبارها رجعية. وقد كان ذلك نموذجاً مبكراً عن تفاقم حالة التوتر في نظام تقوم سيادته على "نحن الشعب" بدلاً من الحكومة الشرعية. في تلك الفترة، أوضح واشنطن نواياه للكونغرس والأمة في خطاب حالة الاتحاد الذي عبر من خلاله عن الطريقة الصحيحة لاستخدام سلطة العفو كأي سلطة أخرى: "لقد تراجع المضللون عن أخطائهم. ولأجل هؤلاء، عليَّ أن أفكر دائماً بأنه من واجبي المقدس أن أمارس بثبات وجهد الصلاحيات الدستورية المنوطة إليّ. ومع ذلك، يتبين لي أن هذا لا يقل اتساقاً مع الخير العام، من مشاعري ورغبتي الخاصة بأن أتدخل في أنشطة الحكومة بكل اعتدال ورقة تسمح بهما الحكومة، وبكل اعتدال ورقة تسمح بهما العدالة الوطنية والكرامة والأمان".

أفلا ينطبق ذلك على مايك فلين؟

© The Independent

المزيد من آراء