Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قراءة تاريخية في دفاتر قمم العشرين الـ 14

سيطرت القضايا الاقتصادية على مخرجات السنوات الأولى قبل أن تصبح أكثر شمولاً في تناولها

واشنطن العاصمة الوحيدة التي استضافت قمتين للمجموعة (غيتي)

استضافت السعودية على مدار العام الحالي أكثر من مئة مؤتمر، شملت اجتماعات وزارية ومسؤولين رسميين وممثلي مجموعات التواصل، استعداداً لانطلاق "قمة القادة" في 21 و22 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لمناقشة وإعلان نتائج عام رئاسة السعودية لمجموعة العشرين.

وكما تأثرت خطة عمل بمكافحة جائحة كورونا ودعم الاقتصاد العالمي لا ينتظر العالم مخرجات نهائية بعيدة عن هذا المسار، وهو الأمر الذي بدأته المجموعة منذ القمة الاستثنائية الأولى للقادة في مارس (آذار) الماضي، لتخفيف أضرار الفيروس على الدول الأقل دخلاً، وبحث سبل مكافحة الجائحة.

هذا التأثر قرين المجموعة منذ بداياتها، إذ واكبت دائماً قضايا العالم اللحظية، كما سيتضح في هذه المتابعة التاريخية للقضايا التي طغت على أعمال المجموعة طيلة الـ13 سنة الماضية.

البداية الصعبة

لا تتمنى أي منظمة بداية شبيهة بتلك التي وجد مؤسسوها أنفسهم يتعاملون معها منذ اليوم الأول، وهي التي انطلقت كرد فعل على الأزمة المالية في 2008، التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي، ما تسبب في رفع مستوى الاجتماعات، لتشمل قادة الدول الأعضاء، وكذلك القضايا الاجتماعية والتنموية، إضافة إلى الاقتصادية والمالية.

 

وتضم المجموعة 19 دولة (الأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا، واليابان، والمكسيك، وكوريا الجنوبية، وروسيا، والسعودية، وجنوب أفريقيا، وتركيا، وبريطانيا، وأميركا)، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي الممثل الدائم لدول القارة العجوز.

قمتان في أميركا

عقدت حتى الآن 14 قمة سابقة، تمخضت عنها نتائج كثيرة، كانت أبرزها قمة أميركا في واشنطن نوفمبر 2008، التي أقرت "وضع خطة عمل مفصلة لتحسين النظام المالي، ووقف تدهور الأسواق المالية، وتوقيع اتفاقية لمعارضة الحمائية التجارية".

وفي السياق ذاته، استضافت أميركا قمة أخرى في بيتسبرغ في سبتمبر (أيلول) لعام 2009، جاءت أبرز نتائجها على النحو التالي "دعم الانتعاش العالمي، ومعالجة إفلاس المؤسسات المالية، وإصلاح المؤسسات العالمية المالية والاقتصادية، وتبادل الأعضاء سياساتهم الخمسية القادمة لبحث انعكاساتها على الوضع الدولي".

شبح الأزمة يطوف بين لندن وتورنتو

استمر هاجس أزمة كساد 2008 يلازم الدول الأعضاء لدورات تالية، ففي القمة الثالثة التي ترأستها المملكة المتحدة، والمنعقدة في لندن عام 2009، سيطرت الأزمة على المخرجات التي دعت إلى "التركيز على وسائل التحفيز المالي والنقدي لتجنب خطر الكساد العالمي، والعمل على إيجاد موارد إضافية لصندوق النقد وبنوك التنمية لمواجهة الأزمة المالية، وإنشاء مجلس الاستقرار المالي، والالتزام بمعارضة الحمائية التجارية".

أمر شبيه حصل في تورنتو العام الذي تلاه، ففي 2010 انتقلت رئاسة المجموعة إلى كندا لتعقدها في عاصمتها الاقتصادية، وتردد في نتائجها ما هو شبيه لما قالته لندن قبلها حول ضرورة "دعم النظام المالي وخفض عجز الاقتصادات لدول المجموعة، وتقليل نسب الديون السيادية للدول الأعضاء، وتوفير 350 مليار دولار لرأسمال بنوك التنمية المتعددة الأطراف، وتقييم اتساق سياسات الأعضاء مع أهداف النمو والتوازن العالمي، لضمان عدم تجدد الكساد الاقتصادي".

التعافي يبدأ من سيول

بعد انتقال الرئاسة إلى كوريا الجنوبية، التي اختارت استضافتها في العاصمة سيول نهاية عام 2010، فقد أتت النتائج أكثر إيجابيةً تعاين أخطاء الماضي من خارج الأزمة، وهي التي أقرت "وضع مبادئ توجيهية لمعالجة الخلل في إطار العمل لتحقيق نمو قوي مستديم، وتكليف صندوق النقد بتقييم أوضاع الدول الأعضاء التي وقعت فيها اختلالات كبيرة، وتحديد كل دولة عضو لإجراءاتها السياسية للمساهمة في تحقيق أهداف النمو المشتركة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما قمة كان الفرنسية في عام 2011، فقد كانت نموذجاً أكثر محدوديةً من سابقتها، فقد ركزت على عوامل إصلاح الاختلالات، لكن على النطاق الأوروبي في معظم ما دعت إليه "التركيز على تطوير خطة النمو وتحسين الفرص الوظيفية المتفاقمة في أوروبا، والتنفيذ العاجل للتدابير المعلنة من قادة اليورو، وتأييد إجراءات تصحيح الاختلالات، والعمل على معالجة القضايا الاجتماعية".

النمو ثم النمو

وتولت المكسيك في العام الذي تلاه رئاسة المجموعة التي أقامت قمتها في لاس كابوس، وبدت القمة في حينها أكثر قوةً وتطلعاً نحو النمو بعد التخفف من تبعات الأزمة، إذ قالت في بيانها الختامي إنه من الضروري "وضع تدابير لكل دولة لتعزيز الطلب والنمو والاستقرار العالمي، والتعهد بزيادة موارد صندوق النقد الدولي بنحو 456 مليار دولار، واعتماد سياسات دعم النمو العالمي واستعادة الثقة لمعالجة المخاطر قصيرة ومتوسطة الأجل".

تكررت مفردة "النمو" بشكل واسع في سان بطرسبورغ، ففي روسيا 2013 في عز الخلاف السياسي بين موسكو والعالم الغربي نجحت القمة في القفز فوق الخلافات والتركيز على ذات النقاط الداعية، لتعزيز النمو "وضع خطة عمل من أجل الإصلاحات لضمان تحقيق النمو، وتأكيد التزام تنفيذ الإصلاحات التنظيمية المالية المتفق عليها، وإقرار ضبط أوضاع المالية العامة لحماية المكتسبات وتعزيز النمو".

ضيوف غير معتادين

في سياق الإجراء الروتيني لتسلم وتسليم الرئاسات، لم يكن البيان الختامي الذي صدر من بريزبن الأسترالية في 2014 روتينياً، وهو الذي حمل ضيفاً جديداً لم يعتد المجتمعون تناوله، إذ حضرت القضية الصحية للمرة الأولى في المخرجات، عندما أعربت عن قلقها تجاه الآثار الإنسانية والاقتصادية الناجمة عن مرض إيبولا، وطالبت بتقديم "استراتيجيات نمو لرفع إجمالي النتاج المحلي للأعضاء بنسبة اثنين في المئة حتى عام 2018، وأقرت وجوب التعاون في كفاءة استخدام الطاقة".

قمة تركيا أيضاً حملت ضيفاً غير معتاد، ففي أنطاليا في العام الذي تلاه حضرت قضايا المرأة بشكل أكثر زخماً بعد أن باشرت "مجموعة عمل المرأة" أعمالها للمرة الأولى في ذلك الوقت لتدعو إلى "تعزيز العدالة في سوق العمل بين الجنسين"، إضافة إلى الإرهاب والسياسة عندما طالبت بضرورة "التركيز على القضايا السياسية إثر الهجمات الإرهابية في باريس، ومحاربة الإرهاب بجميع أشكاله بما يشمل الاقتصادي منه"، فضلاً عن استعراض ما تحقق من تنفيذ استراتيجيات النمو، والعمل على تشجيع الاستثمار وتعزيز احتوائية النمو، لكن الصين نجحت في العام التالي في إعادة التركيز على القضايا الاقتصادية بشكل صرف، وإبعاد القضايا ذات البعد السياسي المؤرق عن أجندة القمة، التي تضمنت "اعتماد استراتيجية خاصة للتنمية، وتقديم دعم إضافي لنمو قوي ومستديم ومتوازن، وتأكيد التزام الأعضاء بالسياسات الاقتصادية، والحفاظ على استقرار السوق المالي، وزيادة الاستثمار والعمل على تعزيز النمو العالمي".

لم يعودوا ضيوفاً

لم تطل الاستراحة، ففي 2017 بمدينة هامبورغ الألمانية، وعلى وقع احتجاجات ضخمة ضد إقامة القمة، عاد الضيوف ليصبحوا قضايا أساسية في جدول أعمال القمة، التي أشارت إلى الإرهاب والقضايا السياسية في بيانها الختامي "مواصلة جهود مكافحة الإرهاب ومراقبة تمويله، ومطالبة المجموعة بتقرير عن الكميات الزائدة من النفط، والاهتمام بالتنمية المستديمة، وضرورة تبادل الصفقات التجارية دون التمييز اتجاه الدول النامية".

أما بوينس أيرس فقد كانت أكثر مباشرةً، وهي التي أشارت في 2018 إلى أزمة الشرق الأوسط في حديثها عن قضايا الإرهاب "التشديد على ضرورة حل أزمات الشرق الأوسط، وتأكيد دعم أجندة التنمية المستديمة التي اتفق قادة العالم على تطبيق أهدافها بحلول عام 2030، وأكد القادة الحاجة لزيادة مكافحة تغير المناخ، وأهمية النهج التعددي في مجال التجارة وإصلاح منظمة التجارة العالمية".

اليابان... هدوء ما قبل العاصفة

أما قمة اليابان 2019 فقد دعت إلى أهداف اقتصادية بعيداً عن ضجيج السياسة والأزمات والأوبئة، عن طريق "توفير مناخ تجاري غير منحاز، وتأكيد التزام الدول بأسعار الصرف التي أعلنها وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية، والدعم للإصلاح الضروري في منظمة التجارة العالمية لتطوير مهامها"، إلا أن هذا الهدوء كان لالتقاط الأنفاس، قبل أن يعصف كورونا بالعالم عقب شهرين من ذلك البيان، ويعيد تحويل مسار قمة الرياض 2020 من البحث عن اقتناص فرص القرن الواحد والعشرين لجميع دول العالم، إلى البحث عن توفير لقاح لكل دول العالم، وبشكل عادل، في انتظار بيانه الختامي الذي لن يحيد غالباً عن معالجة مشكلات الأزمة الراهنة.

وتكمن أهمية مجموعة العشرين في تمثيل أعضائها لأكثر من 85 في المئة من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي، و75 في المئة من التجارة الدولية، و80 في المئة من الاستثمارات العالمية، في حين يشكل مواطنو الدول نحو 66 في المئة من سكان العالم.

المزيد من تقارير