Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حتى مع ركود شهر نوفمبر بريق أمل اقتصادي يلوح في بريطانيا

إن البريطانيين قد لا يعرفون المدة التي سيستغرقها الإقفال العام الأخير الجديد لكنهم يملكون نموذجاً يساعدهم في قياس التطورات الاقتصادية والتخطيط لها

أعلن بوريس جونسون إغلاقاً آخر في محاولة للجم موجة ثانية من فيروس كورونا (أ ف ب)

ها نحن نواجه الأمر نفسه مجدداً. فالإغلاق (الحجر) الجديد لإنجلترا يعيد ذكريات غير لطيفة عن الربيع – لكن من دون المكافأة المريحة المتمثلة بالطقس الجيد. وثمة راحة بسيطة في الإِشارة إلى أن سياسات مماثلة تطبق في معظم أرجاء أوروبا، أو الأمل في أن يدوم الحجر الحالي أربعة أسابيع فقط. نحن ببساطة لا نعرف.

لكن لدينا نموذجاً يساعدنا في قياس التطورات الاقتصادية والتخطيط لها: تجربة الربيع. ومن المرجح أن تكون في الأسابيع المقبلة أسوأ من السابق في بعض النواحي، وأفضل في نواح أخرى. لكن علينا أيضاً الاستعداد للمفاجآت.

الأخبار السيئة أولاً. يصيب هذا الحجر اقتصاداً أضعف بكثير، ففي بداية هذا العام، كان لا يزال صلباً، فقد شهد عقداً من الزمن من النمو غير المنقطع إلى هذا الحد أو ذاك. والآن استعدنا حوالى ثلثي خسائر الربيع، لكن هذا مجرد تقدير عام. وتُعَد بعض الأجزاء جيدة، والبعض الآخر ليس كذلك. ونتيجة ذلك أصبحت الأوضاع المالية لمعظم الشركات، إن لم تكن كلها، أضعف بكثير الآن – على غرار تلك (الأوضاع المتردية) المالية الشخصية لكثر منا.

إلى حد ما، حدّت مختلف البرامج الحكومية المخصصة لدعم كل من الشركات والوظائف من مدى الضرر. ويستمر دعم كهذا، لكن فجوات ستبرز حتماً وتسبب معاناة لشركات وأفراد.  

تستطيع السلطات تنفيذ إجراءات مالية عامة ونقدية لكن النتائج قد لا تكون مثمرة دائماً. فسوق العمل في خطر كبير، لاسيما في صفوف العاملين لحسابهم الخاص، الذين سيعانون وفق الخطط الحالية بسبب التخفيضات التي ستطاول نظام دعم الائتمان الشامل في وقت لاحق من هذا الشهر.

في شكل أعم، هناك شركات تمكنت من تجاوز الإغلاق الأول بشق النفس، وصمدت حتى الصيف، لكنها لم تتمكن من تعزيز أوضاعها المالية بما يكفي لتجاوز الحجر الحالي. وستعرف التي تخطت الإقفال العام الأول مرحلة إيجابية أخرى، لكن مع الأسف سيفوق الخاسرون الرابحين إذ إن بعضها لن يتمكن من الصمود، ولقد اختفت وظائف معينة إلى الأبد.

الآن، إلى الأخبار الجيدة. بداية، من المرجح أن لا يستمر هذا الحجر طويلاً كما حصل في الربيع، والأهم أن تجربة الفصل الأخير والصيف تعني أن الشركات تعرف ما عليها أن تفعله. مثلاً، اتسم قطاع الضيافة الذي عانى كثيراً وكذلك الجهات المزودة له بابتكار استثنائي على صعيد العثور على طرق للحفاظ على بعض النشاط. وسيُدفَع هذا الابتكار إلى العمل مجدداً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سينجم تحسن كبير آخر من إبقاء أبواب المدارس مفتوحة، فإلى جانب الحد من الضرر الذي يصيب الصحة النفسية - العقلية للطلاب والناس الذين يعتنون بهم الذي نتج من الإغلاقات في الربيع، هناك المنفعة الاقتصادية المباشرة الخاصة بسوق العمل.

وتتمثل إيجابية إضافية في أن القطاعات التي شهدت انهياراً في الأنشطة ستتجاوز هذا الحجر على الأرجح في شكل أفضل مقارنة بالسابق. والمثال الواضح سوق الإسكان التي عانت جموداً ثم شهدت انتعاشاً مذهلاً، رفع أسعار البيوت حوالى ستة في المئة مقارنة بها قبل سنة، مع بلوغ عدد الرهون العقارية الجديدة في سبتمبر (أيلول) أعلى مستوى له منذ عام 2007.

الإسكان مهم ليس فقط للأسباب الواضحة بل لأن الناس حين يغيرون بيوتهم يشترون حاجيات جديدة. هكذا يكون للنشاط الإسكاني أثر أوسع في طلب المستهلكين، الذي يعزّز أجزاء أخرى من الاقتصاد، ويمثل أيضاً أهم العوامل المقررة المنفردة في معظم الميزانيات العائلية الخاصة. 

الأسبوع الماضي، كشفت الجمعية الوطنية للبناء أن متوسط أسعار البيوت بلغ في أكتوبر (تشرين الأول) 227 ألفاً و826 جنيهاً إسترلينياً (حوالى 294 ألف دولار أميركي). مقارنة بـ215 ألفاً و897 جنيهاً في يناير (كانون الثاني) قبل أن تبدأ الأزمة. من المحق تماماً الشعور بالقلق حول القدرة على تحمل التكاليف، وثمة رأي سديد يجب الإدلاء به مفاده أن الانتعاش في أسعار البيوت تسبب بانقسام اجتماعي، لكن في الأجل القريب تدعم الأسعار الأعلى إنفاق المستهلكين، وإذا حاولتم استخراج اقتصاد من ركود، يُعَد مزيد من الإنفاق أفضل لذلك، فهو مسؤول عادة عن ثلثي الناتج المحلي الإجمالي البريطاني، لكنه تراجع إلى 62 في المئة منه في الصيف.

ثمة حقيقة أوسع نطاقاً هنا. يشعر الجميع بالمعاناة لدواع حقيقية. لكن الركود في الأسواق المالية، الماثل في انهيار أسعار الأسهم، يتناقض مع الانتعاش في سوق الإسكان. وقد يشعر المستثمرون المحترفون بالخوف، لكن مشتري المنازل العاديين يواصلون حياتهم بتفاؤل أكبر.

هذا كله يشير إلى أن أثر الحجر [اليوم] لن يكون، مع أخذ العوامل كلها في الاعتبار، كبيراً كما في الربيع، فهو قد يتسبب فقط بانكماش في الفصل الأخير من العام.

إذا تعلمنا شيئاً من الأشهر التسعة الماضية فهو أن المفاجآت واردة. وقد تكون سلبيتها الواضحة أن اللقاحات لن تنجح بما يكفي، لذلك قد يأتي الربيع والعالم لا يزال يتعايش مع المشكلات نفسها المتواصلة. أما الإيجابية فقد تكون انتعاشاً ضخماَ في الاستهلاك ليستمر بالتالي النمو خلال العام المقبل، لكن من حيث التعريف غير قابلة للتوقع. فلنتحلّ بالأمل ونحن في شهر قاتم حقاً خلال نوفمبر (تشرين الثاني).

© The Independent

المزيد من آراء